حشرة الجحيم.. اكتشاف أقدم نملة عمرها 113 مليون سنة بالبرازيل
تاريخ النشر: 27th, April 2025 GMT
كشف باحثون من متحف علم الحيوان في جامعة ساو باولو بالبرازيل عن أقدم أحفورة نملة معروفة حتى الآن، تعود إلى 113 مليون سنة، لتسلط الضوء على فصل جديد ومبكر من تاريخ تطور هذه الحشرات الاجتماعية.
وفقا للدراسة، التي نشرت يوم 24 أبريل/نيسان الجاري في مجلة "كارنت بيولوجي"، تعود النملة المكتشفة إلى فصيلة منقرضة تعرف باسم "نمل الجحيم" (هايدوميرميسيني)، تميزت بفكيها الطويلين والمقوسين بشكل يشبه المنجل، وهو ما يشير إلى أن لديها أساليب افتراس متخصصة تختلف عن النمل المعاصر.
وقال الباحث الرئيسي في الدراسة "أندرسون ليبيكو" -باحث الدكتوراه في علم الحشرات في متحف علم الحيوان بجامعة ساو باولو- في تصريحات للجزيرة نت إن "هذا الاكتشاف لا يمثل فقط أقدم سجل جيولوجي لا جدال فيه للنمل، بل يكشف عن نوع جديد ينتمي إلى فصيلة نمل الجحيم المنقرضة، المعروفة بتكيفاتها الافتراسية الغريبة".
وأضاف: "رغم أن هذا النوع يمثل سلالة قديمة، فإنه يظهر ميزات تشريحية متطورة جدا تشير إلى سلوكيات صيد فريدة".
عثر الباحثون على الأحفورة الاستثنائية محفوظة في صخور من الحجر الجيري ضمن تشكيل "كراتو" الشهير شمال شرقي البرازيل، وهو موقع جيولوجي يعرف عالميا بقدرته على حفظ الأحافير الدقيقة بتفاصيل مذهلة.
إعلانووفقا للمؤلف الرئيسي، تكمن فرادة هذه الأحفورة في كونها الأولى من نوعها التي تكتشف في صخور الحجر الجيري بدلا من الكهرمان، الذي كان حتى وقت قريب المصدر الأساسي لمعظم أحافير نمل الجحيم المعروفة، خصوصا في ميانمار وفرنسا. وبهذا تفتح الأحفورة البرازيلية الباب لفهم أوسع لانتشار وتنوع النمل في العصور السحيقة.
وأوضح ليبيكو: "حتى الآن، كانت جميع نملات الجحيم التي نعرفها محفوظة في الكهرمان، لكن هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها واحدة متحجرة داخل الصخور. وهذا بحد ذاته إنجاز علمي مهم".
وأشار ليبيكو إلى أن الاكتشاف تم خلال فحص منهجي لإحدى أكبر مجموعات الحشرات الأحفورية في العالم، والمحفوظة حاليا في متحف علم الحيوان بجامعة ساو باولو.
دهشة العلماءاستخدم الباحثون تقنية التصوير المقطعي المحوسب ثلاثي الأبعاد، التي تعتمد على الأشعة السينية لرؤية البنية الداخلية للأحافير دون الإضرار بها.
وأظهرت النتائج أن النملة الجديدة ترتبط ارتباطا وثيقا بنملات الجحيم التي تم العثور عليها سابقا في الكهرمان البورمي، مما يدل على أن هذه الحشرات كانت منتشرة على نطاق واسع، وعبرت قارات عديدة خلال فترة العصر الطباشيري.
لكن ما أثار دهشة العلماء حقا، هو التعقيد الشديد في أجزاء فم هذه النملة. وعلى عكس معظم أنواع النمل الحديثة التي تمتلك فكوكا تتحرك جانبيا، فإن هذه النملة كانت تمتلك فكوكا تتجه إلى الأمام وتقع أمام العينين، مما يشير إلى نظام افتراس غير مسبوق.
"كنا نتوقع أن نرى صفات مميزة لنمل الجحيم، لكن الدهشة كانت في مدى التخصص والتطور في جهازها الفكي. إنها تمتلك بنية معقدة بشكل يثير تساؤلات حول مدى سرعة تطور النمل وقدرته على التكيف مع بيئات افتراسية مختلفة منذ بدايات ظهوره"، يضيف ليبيكو.
وتطرح هذه النتائج تساؤلات أوسع حول الضغوط البيئية والتطورية التي أدت إلى نشوء هذه السمات غير المألوفة لدى نمل الجحيم، حسب الباحث. كما تبرز أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل التصوير المقطعي ثلاثي الأبعاد لفهم أعمق للتاريخ الطبيعي لكوكب الأرض.
إعلانويشير المؤلف الرئيسي للدراسة إلى أن هذا الاكتشاف لا يعيد رسم خريطة تطور النمل فحسب، بل يسلط الضوء على الإمكانات الهائلة للبحث الأحفوري في أميركا الجنوبية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
اكتشاف قلعة عسكرية جديدة من عصر الدولة الحديثة على طريق حورس الحربي بسيناء
كشفت البعثة الأثرية المصرية العاملة بموقع تل الخروبة الأثري بمنطقة الشيخ زويد شمال سيناء عن قلعة عسكرية من عصر الدولة الحديثة، تُعد واحدة من أكبر وأهم القلاع المكتشفة على طريق حورس الحربي، وتقع بالقرب من ساحل البحر المتوسط.
يُعد هذا الكشف الأثري إضافة جديدة تؤكد روعة التخطيط العسكري لملوك الدولة الحديثة، الذين شيدوا سلسلة من القلاع والتحصينات الدفاعية لحماية حدود مصر الشرقية وتأمين أهم الطرق الاستراتيجية التي ربطت مصر القديمة بفلسطين.
وأشار السيد شريف فتحي وزير السياحة والآثار، إلى أن هذا الكشف يُعد تجسيد ملموس لعبقرية المصري القديم في بناء منظومة دفاعية متكاملة لحماية أرض مصر، ويروي فصولًا جديدة من تاريخنا العسكري العريق، ويعزز من مكانة سيناء كأرض تحمل شواهد حضارية فريدة على مر العصور.
وأوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن الكشف عن هذه القلعة الضخمة يُعد خطوة مهمة في إعادة بناء الصورة الكاملة لشبكة التحصينات المصرية على الحدود الشرقية خلال الدولة الحديثة، مضيفاً أن كل قلعة نكتشفها تضيف لبنة جديدة لفهمنا للتنظيم العسكري والدفاعي لمصر الفرعونية، وتؤكد أن الحضارة المصرية لم تقتصر على المعابد والمقابر فقط، بل كانت دولة مؤسسات قوية قادرة على حماية أرضها وحدودها.
وأضاف أن أعمال الحفائر أسفرت عن الكشف عن جزء من السور الجنوبي للقلعة بطول نحو 105 أمتار وعرض 2.5 متر، يتوسطه مدخل فرعي بعرض 2.20 متر، بالإضافة إلى أحد عشر برجًا دفاعيًا تم الكشف عنهم حتى الآن. كما تم الكشف عن البرج الشمالي الغربي وجزء من السورين الشمالي والغربي، حيث واجهت البعثة تحديات كبيرة بسبب الكثبان الرملية المتحركة التي غطّت أجزاء واسعة من الموقع.
ومن جانبة قال الاستاذ محمد عبد البديع رئيس قطاع الآثار المصرية، أن البعثة كشفت أيضاً عن سور زجزاجي بطول 75 مترًا في الجانب الغربي من القلعة، يقسمها من الشمال إلى الجنوب ويحيط بمنطقة سكنية خُصصت للجنود، وهو تصميم معماري مميز في عصر الدولة الحديثة يعكس قدرة المعماري المصري القديم على التكيف مع البيئة القاسية.
وتم العثور كذلك على كسرات وأوانٍ فخارية متنوعة، بينها ودائع أساس أسفل أحد الأبراج ترجع إلى النصف الأول من عصر الأسرة الثامنة عشرة، بالإضافة إلى يد إناء مختومة باسم الملك تحتمس الأول. كما وُجدت كميات من أحجار بركانية يُرجح أنها نُقلت عبر البحر من براكين جزر اليونان، إلى جانب فرن كبير لإعداد الخبز وبجواره كميات من العجين المتحجر، ما يؤكد أن القلعة كانت مركزًا متكاملًا للحياة اليومية للجنود.
وأوضح الدكتور هشام حسين مدير عام الإدارة العامة لآثار سيناء، أن الدراسات الأولية أثبتت أن القلعة شهدت عدة مراحل من الترميم والتعديل عبر العصور، منها تعديل في تصميم المدخل الجنوبي أكثر من مرة، في حين تأمل البعثة استكمال أعمال الحفائر للكشف عن بقية الأسوار والمنشآت المرتبطة بها، ومن المتوقع العثور على الميناء العسكري الذي كان يخدم القلعة في المنطقة القريبة من الساحل.
وأضاف أن مساحة القلعة الجديدة تبلغ نحو 8000 متر مربع، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف مساحة القلعة التي تم اكتشافها بالموقع نفسه في ثمانينيات القرن الماضي، والتي تقع على بعد نحو 700 متر جنوب غرب القلعة الحالية. وتُعد هذه القلعة إضافة جديدة لسلسلة من القلاع العسكرية المكتشفة على طريق حورس الحربي، من أبرزها تل حبوة، وتل البرج، والتل الأبيض، وجميعها تعود إلى عصر الدولة الحديثة.