مأساة غزة..القصف، النزوح، الجوع
تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT
آخر تحديث: 1 ماي 2025 - 1:09 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- يتفاقم المشهد الإنساني في قطاع غزة بفعل «ثلاثية الموت»: القصف، والنزوح، والجوع، في حين تستعد إسرائيل لتوسيع عملياتها البرية في القطاع.وأفادت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، بأن حركة «حماس» عرضت في الآونة الأخيرة صفقة تقضي بإطلاق سراح ما بين 5 إلى 10 أسرى مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار يستمر عدة أشهر، يتبعه وقف دائم وإتمام انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة مقابل الإفراج عن بقية الأسرى.
وفي المقابل، تشبث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بمطالبه، وعلى رأسها مغادرة قادة حماس للقطاع ونزع سلاحها.وترجح «واشنطن بوست»، أن تمضي إسرائيل نحو توسيع عملياتها البرية في القطاع قريباً، وتوقعت أن تشهد إسرائيل استدعاءً مكثفاً لقوات الاحتياط خلال الفترة المقبلة، بهدف التحضير لغزو أكبر للقطاع.ووفقاً للصحيفة الأمريكية، فإن نقاشات داخلية بين نتانياهو والحكومة وقيادة الجيش تُظهر خلافات حول حجم القوات المطلوبة ومدى جاهزيتها، وسط قلق من ردود فعل جنود الاحتياط، خاصة إذا طالت فترة الاستدعاء في ظل استمرار الحرب منذ حوالي 19 شهراً، وتزايد الدعوات الداخلية لإنهاء القتال من أجل استعادة الأسرى.ولقي 20 فلسطينياً حتفهم في غارات إسرائيلية على 3 منازل وخيمة للنازحين في مخيم النصيرات بالمحافظة الوسطى. وفي مدينة خان يونس جنوبي القطاع، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة من الغارات، تزامناً مع قصف مدفعي عشوائي استهدف مناطق حيوية مثل شارع جلال وشارع السكة.وفي مدينة غزة، جرى انتشال جثمان فلسطيني من ذوي الاحتياجات الخاصة في حي الزيتون، كما قضى اثنان في حي الشجاعية شرقي المدينة، بينما أسفر قصف على جباليا البلد شمالاً عن سقوط ثلاثة ضحايا. حتى البحر لم يسلم، إذ استهدفت الزوارق الحربية صياداً قرب شاطئ غزة، بينما كان يحاول تأمين قوت يومه.وفي مشهد يعكس حجم المعاناة، شهدت محافظات القطاع أمس، تصعيداً ميدانياً بالتزامن مع عاصفة رملية قوية اجتاحت مختلف أنحاء القطاع، ما زاد من مآسي آلاف النازحين الذين يعيشون في خيام مهترئة مهددة بالاقتلاع بفعل الرياح العاتية والانخفاض الشديد في درجات الحرارة.ونقلت «القاهرة الإخبارية» عن مراسلها في غزة، قوله إن المشهد الإنساني يتفاقم بفعل «ثلاثية الموت»: القصف، والنزوح، والجوع، وهي ملامح يومية باتت ترسم الواقع القاسي الذي يعيشه الفلسطينيون في القطاع المحاصر.في ظل هذا التصعيد، يتسارع تدهور الأوضاع الإنسانية، حيث توقفت بشكل شبه تام المطابخ المجتمعية والتكيات التي كانت تقدم وجبات يومية للنازحين، بسبب انقطاع الإمدادات ونقص التمويل.وتشير التقديرات إلى أن 70 % من سكان القطاع باتوا عاجزين عن تأمين وجبة غذائية واحدة يومياً، في ظل انعدام مقومات الحياة الأساسية، وتضييق الخناق على المعابر، واستمرار تدمير البنية التحتية والخدمات الطبية.يحدث كل ذلك، فيما تستمر موجات النزوح في غزة، حيث يُجبر النازحون على التنقل من منطقة إلى أخرى بحثاً عن الأمان، دون جدوى، وفي ظل العاصفة الرملية الحالية، أصبحت الخيام المؤقتة لا توفر الحد الأدنى من الحماية، ما يجعل حياة الآلاف مهددة في كل لحظة.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
الطفل أحمد.. جائع ومبتور اليد في مستشفى بلا أدوية بغزة
على أحد أسرّة مستشفى الشفاء بمدينة غزة، يرقد الطفل الفلسطيني أحمد عدوان (4 أعوام)، مثقلا بوجعين لا يقوى جسده الصغير على تحملهما، بين ألم البتر وألم الجوع، وسط حرب إبادة جماعية تشنّها إسرائيل على القطاع بدعم أمريكي.
أحمد، الذي نزح إلى مدرسة "القاهرة" بمدينة غزة برفقة عائلته بعد تدمير منزلهم، استيقظ صباح 26 يوليو/ تموز المنصرم جائعا، ولم تجد والدته ما تقدمه له من طعام، فنصحته باللعب مع أقرانه لينسى جوعه قليلا.
لكن غارة جوية إسرائيلية مفاجئة استهدفت المدرسة التي تؤوي آلاف النازحين أنهت لحظة اللهو البريئة.
فلم يكن الطفل ووالدته يعلمان أن لحظة لعب بريئة داخل المدرسة ستنتهي ببتر ذراعه أمام عيني والدته، إثر الغارة.
وخلال حرب الإبادة المستمرة، لجأ مئات آلاف الفلسطينيين إلى مدارس تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين "أونروا" أو وزارة التربية في غزة، بعد أن دُمّرت منازلهم أو أُجبروا على مغادرتها إثر أوامر الإخلاء التي أصدرها الجيش الإسرائيلي.
وتحوّلت تلك المدارس إلى ملاجئ مزدحمة تفتقد أدنى مقومات الحياة، حيث لا تتوفّر المياه النظيفة، ولا الغذاء الكافي، ولا الرعاية الصحية، وسط ظروف معيشية مأساوية تتفاقم يوما بعد يوم.
وعقب إصابته، خضع أحمد لعملية جراحية نُقل بعدها إلى قسم الجراحة في مستشفى الشفاء، حيث يرقد اليوم على سرير المرض، يغفو تارة على أنين الجرحى، ويصحو تارة أخرى على صرخات الألم.
** ألم الجوع يلاحق أحمد
في هذا المشهد الثقيل على الطفولة تبدو ملامح المعاناة جلية، حيث ضماد أبيض يغطي كتفه المبتور، وأنبوب مغذٍّ يتدلى من ذراعه الأخرى، في محاولة طبية لتعويض ما فقده من غذاء ورعاية.
واليوم، يخوض أحمد صراعا صامتا مع جراحه المفتوحة وحرمانه من الغذاء والرعاية، في وقت تقف فيه مستشفيات غزة عاجزة عن توفير المستلزمات الطبية اللازمة لإنقاذه، بفعل الحصار الإسرائيلي الخانق.
ومع النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، ومنع السفر للعلاج خارج القطاع، تقول عائلة أحمد إن ابنها يحتاج إلى تدخل جراحي وإعادة تأهيل لا يمكن توفيرهما في غزة حاليا.
والأسبوع الماضي، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن "ثلث فلسطينيي غزة لم يأكلوا منذ عدة أيام"، بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع.
وقال مدير الاستعداد للطوارئ والاستجابة في البرنامج الأممي روس سميث، في بيان: "وصلت أزمة الجوع في غزة إلى مستويات غير مسبوقة من اليأس، حيث لا يأكل ثلث السكان لعدة أيام متتالية".
وحسب أحدث معطيات وزارة الصحة في غزة، بلغ عدد وفيات المجاعة وسوء التغذية حتى الخميس نحو 154 فلسطينيا، بينهم 89 طفلا، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
** استهداف مباشر
والدة أحمد قالت لمراسل الأناضول إن طفلها استيقظ من النوم وطلب أن يأكل، لكن لم يكن هناك طعام، فوجهته للعب مع أقرانه لينسى قليلا الجوع.
وأوضحت أنه عندما كان يلهو مع الأطفال أمام أحد الفصول التي نزحوا إليها داخل المدرسة، تم استهدافهم بالصاروخ بشكل مباشر.
وذكرت أن الغبار كان كثيفا جراء الصاروخ، فهرعت إلى مكان الاستهداف، ووجدت طفلها ويده مبتورة، وسرعان ما تم نقله إلى المستشفى.
وأضافت: "نحن جالسون ولم نفعل شيئا، لكن لا يوجد أمن ولا أمان ولا طعام".
وأشارت إلى أن طفلها يحتاج إلى طعام ودواء غير متوفرين، وأنها تعتمد على طعام التكيات من العدس والفاصولياء، وهو ليس متوفرا دائما.
وتتمنى أم أحمد أن يعود طفلها كما كان سابقا، يلعب ويجري ويمرح.
ووفقًا لتقديرات برنامج الأغذية العالمي، يواجه ربع الفلسطينيين في غزة ظروفا أشبه بالمجاعة، حيث يعاني 100 ألف سيدة وطفل من سوء التغذية الحاد.
** حصار القطاع الصحي
قال أحد الأطباء المشرفين على علاج الطفل أحمد للأناضول: "أي مريض بحاجة إلى أدوية ومضادات حيوية ومحاليل وعناية وحفاضات ومستلزمات طبية"، مشيرا إلى شحّها في المستشفيات جراء الحصار.
وأضاف مفضلا عدم ذكر اسمه: "أحمد يعاني من بتر من كتف اليد، وحالته صعبة، ويحتاج إلى أدوية رئوية جراء تعرضه لاستنشاق الغاز والغبار الناتج عن الصاروخ".
ولمرات عديدة، حذرت الوزارة من خطورة الشح الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والمكملات الغذائية، مناشدة الجهات المعنية ضرورة إدخالها.
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تواصل إسرائيل إغلاق معابر القطاع أمام دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، ما تسبب بتدهور في القطاع الصحي، وتفشي المجاعة، حيث وصلت مؤشراتها إلى مستويات "كارثية".
ورغم "سماح" إسرائيل، منذ الأحد، بدخول عشرات الشاحنات الإنسانية إلى قطاع غزة، الذي يحتاج إلى أكثر من 500 شاحنة يوميا كحد أدنى منقذ للحياة، فإنها سهّلت عمليات سرقتها ووفرت الحماية لها، وفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 207 آلاف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.