ركن الفنون.. إمتاع بصري ومساحة نابضة بالإبداع
تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
بين الجداريات والفنون التشكيلية والرسم الحي والنحت و«الديجيتال» وورش العمل، وبمشاركة 29 فناناً وأكثر من 15 نوعاً من الفنون، يشكل «ركن الفنون» في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025 المتواصل إلى 5 مايو، رحلة بصرية تُمتع الزوار، ضمن صور منظورة تحول المعلومات إلى شكل مرئي جميل، تعبر عن أفكار أصحابها، وتدعو المتلقي إلى مناقشة هذه الأعمال الثرية، والوقوف على أبعداها ومضامينها.
وأكد فنانون مشاركون في الحدث الثقافي الدولي أن هذه المنصة فتحت لهم نافذة على الزوار من مختلف الجنسيات، وساهمت في التعريف بإبداعاتهم، وأتاحت للمهتمين بالفنون والثقافة فرصة التواصل وتبادل الخبرات، والاطلاع على الكثير من الإبداعات الفنية، وسط أجواء إيجابية ترتقي إلى طموح الفعالية الكبيرة التي تستقطب سنوياً آلاف الزوار، وتسجل حضوراً بارزاً على قائمة المعارض العالمية. حوَّل «ركن الفنون» المنطقة إلى مساحة نابضة بالحياة، تتجلى فيها إبداعات بصرية تستقطب عشاق الفنون وجمهور المعرض، ويضم هذا الفضاء مجموعة متنوعة من الأعمال، ينتجها فنانون محترفون وناشئون شباب لتشكل بانوراما ثرية لإبداعات المواهب، كما يوفر الركن فرصة رائعة للتواصل مع الفنانين وناشري الإبداعات البصرية والمهتمين بهذا المجال إبداعاً وتذوقاً، ويشتمل الركن على الرسوم المصورة لمجموعة من أبرز الرسامين، الذين يقدمون عروضاً حية وتجارب ممتعة للجمهور، لتؤكد في مجملها أن صناعة الترفيه والفنون مهما تنوعت وتباينت الوسائط، ليست بمعزل عن البصيرة التي يتيحها الكتاب.
تباينت الأفكار الإبداعية والأدوات لدى الفنانين، فهناك من يرسم بالأكرليك، ومن يستخدم أوراق الذهب أو الخيوط أوالجبس أوالموزاييك أو التصوير وسواها من الأدوات.. لإيصال أفكارهم في قوالب جمالية، منهم الفنان حمد الشامسي، الذي يتقن الرسم الواقعي والفن الرقمي والتذهيب التقليدي بأوراق الذهب 24، استلهم أعماله من البيئة والثقافة الإماراتية، حيث يوظف رموزاً تراثية كأشجار الغاف والعمارة القديمة بأسلوب معاصر يعكس الهوية والذاكرة، بينما تعمل الفنانة الإماراتية دلال الجابري، المتخصصة في الفن الرقمي، على الجمع بين الإبداع والبعد الثقافي لتحويل الأفكار إلى أعمال فنية نابضة بالحياة، بينما يستلهم محمد الحمادي، وهو فنان التشكيلي إماراتي متخصص في فن التشكيل بالجبس، أعماله من التراث الإماراتي، مستخدماً أقمشة السدو، ليعكس الهوية الثقافية، أما كلثم بنت محمد، الفنانة الإماراتية متعددة التخصصات- رسم وتصميم الأزياء والتصوير الفوتوغرافي والتصميم الجرافيكي وفن الكولاج- فإنها تمزج في أعمالها بين هذه الفنون لتقدم رؤية إبداعية متكاملة، حيث إنها تحتفي بأبوظبي من خلال أعمالها، وتعمل على مجموعة من المغناطيس والتذكارات والملصقات التي تستقطب هواة جمع هذا النوع من التذكارات بهدف الترويج لأبوظبي، وتعزيز مكانتها وجهة سياحية.
أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: معرض أبوظبي الدولي للكتاب
إقرأ أيضاً:
محمود الرمحي: «السعديات» ملتقى الفنون والثقافة والروحانيات
فاطمة عطفة
«هنا في السعديات يجتمع الفن والثقافة والعلوم والروحانيات، من أجل التعايش والتطور الإنساني الإدراكي والأخلاقي، إنها مكان لتربية الأسرة وتطوير الذوق العام والخاص، ورفع وتيرة العلم والمعرفة للمستقبل».
بهذه الكلمات يضيء الكاتب والمهندس الإماراتي محمود الرمحي على ما تمثله المنطقة الثقافية بالسعديات، باعتبارها «أحد أكبر تجمعات المؤسسات الثقافية في العالم، حيث يلتقي فيها معلمو الأمس بمبدعي اليوم ومبتكري المستقبل، احتفاءً بإنجازات دولة الإمارات العربية والمنطقة والعالم».
وفي روايته «قبل البدء» يشير الرمحي إلى ما تمتاز به أبوظبي من جمال عمراني، وذلك على لسان بطل الرواية «حوران»، الذي يطل على كورنيش أبوظبي فيشاهد جماليات العمارة وإبداعاتها، ويهمس بإعجاب كبير: «يا لها من مدينة عظيمة».
وفي حديثه لـ «الاتحاد»، يؤكد المهندس الرمحي على أهمية جزيرة السعديات بشكل عام، مشيراً إلى أنها هي في حد ذاتها مشروع ثقافي ضخم وسكني وعلمي وجامعي، ويضيف: «في السعديات واحدة من أرقى الجامعات العالمية هي جامعة «نيويورك أبوظبي» أيضاً، ومعالم السعديات مشروع استثماري لتطوير المفهوم الاجتماعي بالعلاقة الطبيعية بالبحر في تصاميم ومبانٍ معمارية استثنائية، وخاصة المتاحف في المنطقة الثقافية، وبيت العائلة الإبراهيمية، وما يجسده من أفكار تعايشية وتبادلية بالمفهوم الإنساني المعاصر، والتناغم بين الثقافات الروحانية والعلمية والمؤسسات في مفهوم حديث إنساني مستقبلي، حيث إن الفن والثقافة والعلوم الإنسانية والعلوم الروحانية تتعايش معاً في مضمون سقف تربوي أسري متطور يساعد المجتمع والفرد على رفع الذوق العام، ورفع إدراكه للتغيرات الاجتماعية الثقافية العلمية المتسارعة بهذا الزمن، لتتمكن من وضع رؤية مستقبلية لها علاقة بالبيئة والمجتمع والطبيعة والعلوم والثقافة الشرقية والغربية وثقافات الشعوب والحضارات للتعليم».
الوظيفة الدلالية
حول علاقة الشكل المعماري بالمضمون من حيث الوظيفة الدلالية لبناء المتاحف، يقول المهندس الرمحي: «متحف اللوفر أبوظبي الذي تم افتتاحه عام 2017، وهو من تصميم المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل، كانت فكرة تصميمه المطروحة من قبل المصمم هي وضع تصور معماري يتماشى مع البيئة المحلية في أبوظبي وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، لوضع تناغم ما بين مفهوم البحر والظلال البحرية، ومفهوم الصحراء والبيئة، ومفهوم النجوم والطبيعة، حيث نجد في التصميم المعماري القبة التي تغطي المتحف وتأخذ تفاصيلها الهندسية بشكل مباشر وغير مباشر من التراث الشرقي، لكنها مركبة بثلاثة أبعاد تحمي المبنى من درجات الحرارة العالية، وتكون ظلالاً كاملة لمتحف اللوفر، بحيث تقلل من درجات الحرارة بين 3 إلى 6 درجات، لكنها في الوقت نفسه لا تغلق المساحات أمام الإنارة، بل تجعل ضوء الشمس يدخل إلى المسطحات تحت القبة بشكل غير مباشر، فلا يؤثر لا على نظر الإنسان ولا على حرارة الجسد».
ويضيف المهندس الرمحي أن هذا له دلالة في جميع الثقافات الشرقية والعالمية، لكن الإضاءة بشكل ما لها علاقة مباشرة مع حركة الشمس ما بين الشروق والغروب؛ لأنها تصنع زاوية وظلالاً في مناطق متعددة، موضحاً أن هذه دلالة عميقة على فكر المعماري المصمم لموضوع المكان والزمن، أي القرن الواحد والعشرين، كما أنها تعمل على توازن بيئي لزوار المتحف، وتعطي حياة زمنية للمكان الواقع تحت القبة إلى حركة ودوران الشمس وأيضاً القمر في حالة البدر، وبهذه الحالة يتحول الفراغ والحيز تحت القبة بنوع من العمل الفني الذي لا يمكن أن يتم إلا في منطقة السعديات.
ما بعد الحداثة
ينتقل د. الرمحي إلى الحديث عن بناء متحف «غوغنهايم» أبوظبي، يقول: «عندما ينتهي إنشاء المتحف سيكون أكبر متاحف غوغنهايم في العالم، مشيراً إلى أن متاحف «غوغنهايم متوزعة في العالم، أشهرها في نيويورك وإسبانيا، لكن متحف أبوظبي بالسعديات هو الأكبر بتصميم المعماري الأميركي «فرانك جيري»، وهو من أشهر المعماريين المعاصرين الذين يمثلون ما بعد الحداثة، وكتب عنه عدة كتب، وأول كتاب كتبه فليب جانسون، حيث يقول إن متحف «غوغنهايم» بالسعديات سيكون له دور كبير عند انتهاء إنشائه، وسوف يساهم في رقي الذوق والرأي العام والأفكار، على المستوى المحلي والعالمي من حيث نظرتهم للفن الحديث المعاصر، ووجه الفن في المرحة القادمة، ليأخذ دوره الثقافي والإعلامي والتعليمي بمفهوم الذوق العام للمجتمعات، حيث تناغم الأشكال والأفكار والكتل الخارجية وعلاقتها بالفراغ - السماء والتي تمتاز فيها أبوظبي بالشتاء والصيف، حيث تظهر خلفية زرقاء أقرب إلى البياض، والمبنى يعطي الفكرة الفلسفية لمتحف «غوغنهايم».
قصة ملحمية
يؤكد المهندس محمود الرمحي أن متحف «زايد الوطني» هو قصة ملحمية للإمارات العربية المتحدة، وبالأخص لمدينة أبوظبي بكل ما تمتاز به من تاريخ غني بالقيم الراسخة التي تتمثل في شخصية الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.
ويضيف الرمحي أن هذا المتحف يتحدث عن تاريخ الدولة والمنطقة من العصور الحجرية إلى العصر الحالي بشكل عام، وبتركيز خاص على دولة الإمارات، وعلى الثقافة ونشر المفاهيم والعادات والتقاليد والأخلاق السامية والمفاهيم الراقية بالتعايش مع الذات ومع الطبيعة، وتقديم نموذج إنساني معاصر للحركة الفنية والحركة الثقافية والاجتماعية المعاصرة لزوار متحف زايد الوطني، وهو من تصميم المهندس نورمان فوستر، وهو معماري من أصول بريطانية، ويعتبر واحداً من رموز مصممي العمارة الحديثة، وقدم للإنسانية مجموعة ضخمة من الأعمال الفنية في مدينة مصدر.
تاريخ قديم
يرى المهندس الرمحي أن السعديات ستكون، حاضراً ومستقبلاً، مركزاً محلياً عربياً إقليمياً وعالمياً، وهي جزيرة طبيعية مرتبطة بالتاريخ الإماراتي وتاريخ مدينة أبوظبي، وقد سكنها الإنسان من عصور قديمة، وأرضها مرتفعة وفيها مناطق طبيعية كأخوار تنبت فيها نباتات بحرية، وهي أيضاً مكان تاريخي لبعض السلاحف، وتم اختيارها لموقعها المهم وبيئتها الجميلة، وسهولة الوصول إليها من أماكن عدة، إضافة إلى شكلها المتميز ولأنها ستكون مركزاً ثقافياً وسكنياً وعلمياً بشكل عام، مؤكداً أن مدينة أبوظبي تشكل منارة ثقافة وعلم في الخليج العربي، ومركزاً مهماً في الشرق الأوسط والعالم، ولا يمكن أن ننسى «البيت الإبراهيمي»، وهو مكان للعالم أجمع وللثقافة والعبادة، ومكان خاص للتفاهم المتبادل والتعايش والتناغم والسلام بين الشعوب.