اليمن… عنوان المقاومة وعصبها الحي: من البحر الأحمر إلى غزة، معركة وعي وصمود بوجه التحالف الصهيو-أمريكي
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
يمانيون../
منذ اندلاع العدوان الصهيوني على غزة في أكتوبر 2023، تحولت اليمن من دولة محاصرة إلى لاعب إقليمي وفاعل مؤثر في معادلة الصراع العربي-الصهيوني، بعد أن أصبحت أراضيها ومياهها الإقليمية وصواريخها عنوانًا متقدماً للمقاومة والصمود والعزة.
هذا ما أكده السياسي الأردني وعضو المكتب السياسي لحزب الشعب الديمقراطي، محمد زرقان، في حديثه لمنصة “عرب جورنال”، حين قال: “اليمن بات قلب العروبة النابض، وكلنا يمنيون من المحيط إلى الخليج، لأن اليمن اليوم يجسد كرامة الأمة وخط الدفاع الأول عن فلسطين.
الدعم اليمني لغزة: إسناد حقيقي يتجاوز الشعارات
واعتبر زرقان أن العمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية نصرة لغزة، لم تكن مجرد رد رمزي، بل ساهمت فعليًا في رفع معنويات المقاومين في الميدان، وبثت الروح الثورية في الشارع العربي الذي كان لسنوات يرزح تحت وطأة الصمت والتطبيع.
“إن ما قدمه اليمن، ليس فقط دعماً معنوياً، بل عملياً وملموساً على أرض الواقع، وبصواريخ ومسيرات غيّرت قواعد الاشتباك في البحر الأحمر والكيان المؤقت.”
ولفت إلى أن الاستنفار الغربي – من واشنطن إلى تل أبيب – لم يكن عبثاً، بل جاء نتيجة مباشرة للعمليات اليمنية التي أربكت الممرات الملاحية، وأثبتت أن باب المندب لم يعد تحت الهيمنة الغربية المطلقة.
باب المندب: من معبر تجاري إلى جبهة مقاومة
وأشار زرقان إلى أن ما يملكه اليمن من موقع جغرافي حيوي في البحر الأحمر، وقدرته على التأثير في حركة التجارة والطاقة، لو استُثمر بالشكل الصحيح، سيكون رافعة استراتيجية كبرى للمقاومة والمشروع العربي المناهض للهيمنة الغربية والصهيونية.
“تحول اليمن من متلقٍ للعدوان إلى طرف يفرض المعادلة، أظهر أن الإرادة السياسية المستقلة قادرة على صنع فارق كبير في ميزان القوى.”
وحدة الساحات: اليمن يعيد تشكيل المفهوم
وأكد أن اليمن بموقفه الصلب والداعم لغزة قدّم نموذجاً متقدماً في مفهوم “وحدة الساحات”، حيث لم يعد دعم فلسطين شعارًا نظريًا، بل أصبح فعلاً مقاومًا يوجع العدو ويكبّده خسائر باهظة.
وأضاف: “لقد استطاعت اليمن أن ترفع كلفة العدوان الصهيوني على غزة عبر بوابة البحر الأحمر، وأن ترسخ بأن الشعوب الحيّة قادرة على الرد متى توفرت القيادة والشجاعة.”
حرب إبادة في فلسطين… ومشروع أوسع من “الطوفان”
وحول التطورات في فلسطين المحتلة، شدد زرقان على أن ما يحدث في غزة والضفة ليس مجرد رد على عملية “طوفان الأقصى”، بل هو جزء من مشروع تطهيري صهيوني يستهدف الوجود الفلسطيني ككل.
“هي حرب إبادة ممنهجة، صامت عليها الأنظمة الغربية وتورطت بها أنظمة عربية، لكن اليمن اختارت الوقوف في الجهة الصحيحة من التاريخ.”
اليمن والمقاومة… تاريخ يتجدد بالسلاح والعقيدة
وفي سياق الأرقام، تُظهر بيانات جبهة الإسناد اليمنية منذ إعلان مشاركتها الفعلية في نوفمبر 2023، إطلاق أكثر من 1200 صاروخ ومسيرة نحو العمق الصهيوني، واستهداف أكثر من 240 قطعة بحرية معادية، وإسقاط 26 طائرة أمريكية من طراز MQ-9 في واحدة من أضخم عمليات الردع على مستوى المنطقة.
هذه الأرقام ليست مجرد إنجازات عسكرية، بل شهادة تاريخية على أن مشروع المقاومة ما زال حيًا، وأن هناك من يرفض الانصياع لقواعد الهيمنة الغربية، ويعيد الاعتبار لعقيدة التحرير والتصدي.
خلاصة:
اليمن اليوم لم يعد مجرد دولة في جنوب الجزيرة العربية، بل صار رمزًا عربيًا جامعًا، يمسك بندقية بيد، ويحمل في الأخرى مشروع أمة ترفض التصفية والخنوع. إنه اليمن الذي من رماده خرج طوفان جديد، يُعيد رسم خريطة الصراع على أسس الكرامة والسيادة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
الاستباحة المزدوجة.. تدمير اليمن ونهب ثرواته من قبل قوى الاحتلال الأمريكي-الصهيوني وأدواته الإقليمية
يمانيون | تقرير
منذ بداية العدوان على اليمن في مارس 2015، لم يكن الصراع مجرد نزاع عسكري أو صراع على السلطة المحلية، بل كان مشروعًا دوليًا ممنهجًا، يهدف إلى إخضاع اليمن بشكل كامل، وتفكيك أي إمكانية لتشكيل دولة يمنية مستقلة بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية-الصهيونية.
لقد عمل العدوان على تحطيم هيكل الدولة اليمنية وتفكيك بنيتها الاقتصادية والاجتماعية، مستهدفًا التفوق العسكري من خلال الاحتلال، بل تجاوز ذلك إلى مشروع احتلال اقتصادي، جيوسياسي، يهدف إلى السيطرة على الثروات الطبيعية بما فيها النفط والغاز والموارد الحيوية، بالإضافة إلى المضائق البحرية التي تعد شرايين حيوية للعالم.
تحول العدوان إلى مشروع احتلال اقتصادي شامل
ومنذ بداية العدوان، كانت التحركات على الأرض تشهد نوعًا من الفوضى المفتعلة، حيث استُهدفت البنية التحتية اليمنية بشكل ممنهج، وظلت التحديات الاقتصادية تتزايد بوتيرة سريعة، مما أدى إلى شلل كامل في معظم قطاعات الدولة.
إن المشهد في المحافظات التي تعيش تحت الاحتلال اليوم لا يعكس مجرد مرحلة انتقالية أو حكم ذاتي، بل يترجم صورة ميدانية حقيقية لاستباحة الموارد الوطنية من قبل قوى خارجية، التي تتحكم في مفاصل الدولة، بينما يعاني الشعب اليمني من أزمات إنسانية خانقة وحرمان من أبسط حقوقه الاقتصادية والخدمية.
أطراف المؤامرة: الولايات المتحدة وإسرائيل كقوى دافعة
فإذا كان العدوان على اليمن هو انعكاس لاستراتيجية السيطرة على منطقة حساسة، فإن من الضروري أن نقف أمام الأطراف الرئيسة التي قادت هذا المخطط التخريبي.
الولايات المتحدة الأمريكية وكيان الاحتلال الإسرائيلي كانتا ولا تزالان القوة الرئيسية وراء هذا الهجوم الاستراتيجي على اليمن، يعتبران أن بقاء اليمن في مساندته للقضايا العربية والإسلامية يشكل تهديدًا مباشرًا للمصالح الأمريكية-الصهيونية في المنطقة.
أما السعودية والإمارات، فإنهما تشكلان أدوات تنفيذية ووسائل تمويل لهذا المخطط الكبير.
وقد جاء العدوان على اليمن كأداة تنفيذ لخطط الهيمنة الأمريكية، حيث عملتا الدولتان الخليجيتان على إطلاق العدوان ودعمه، في خطوة واضحة لتفكيك اليمن من الداخل ومنع أي ظهور لدولة مستقلة لها قرار سيادي خارج هيمنتهما.
في الداخل اليمني، تقوم حكومة المرتزقة في عدن بتوفير “غطاء قانوني” لهذا الاحتلال، حيث تتحكم بصفقات النفط والغاز والموارد الطبيعية الأخرى، وتعمل على تقويض مناخ الاستقرار وتدمير المؤسسات الوطنية.
القواعد العسكرية الإماراتية: نقاط ارتكاز لمشروع التفكيك
وبينما كان العدوان العسكري يهدف إلى السيطرة على الأراضي وفرض الهيمنة على الدولة اليمنية، كان جزء أساسي من المخطط يتضمن إنشاء وتوسعة قواعد عسكرية دائمة على الأراضي اليمنية من قبل قوى الاحتلال.
الإمارات كانت في مقدمة هذه القوى، حيث عملت على إنشاء قواعد عسكرية في العديد من المناطق اليمنية، خاصة في سواحل البحر الأحمر وجزيرة سقطرى.
أحد أبرز هذه القواعد هو قاعدة جبل زقر، التي تم تحويلها إلى نقطة ارتكاز عسكرية دائمة، بمشاركة قوات أمريكية وصهيونية.
تقارير ميدانية أكدت أن هناك مدرجًا بطول 2.1 كيلومتر في القاعدة، مخصصًا لاستقبال الطائرات العسكرية الثقيلة.
هذا الوجود العسكري ليس مجرد خطوة وقتية أو مرحلة مؤقتة، بل هو مشروع طويل الأمد يهدف إلى إحكام السيطرة على الخطوط الملاحية والمواقع الاستراتيجية في المنطقة.
تدمير الأصول الاقتصادية: تحويل المنشآت الحيوية إلى قواعد عسكرية
واحدة من أبرز الأمثلة على الاستراتيجية الاقتصادية العسكرية كانت تحويل منشأة بلحاف للغاز المسال في شبوة إلى قاعدة عسكرية.
بلحاف كانت تمثل واحدة من أهم الأصول الاقتصادية لليمن، حيث كانت تمثل شريانًا أساسيًا في الاقتصاد الوطني، إلا أن الاحتلال حولها إلى نقطة انطلاق للقوات العسكرية بدلاً من الاستفادة من إنتاجها الغازي.
هذه العملية أدت إلى تعطيل كامل لإنتاج الغاز الطبيعي، حيث تقدر خسائر الاقتصاد الوطني جراء ذلك بـ 2.7 تريليون ريال يمني.
وهو رقم مهول يعكس مدى تعمد قوى الاحتلال لتدمير الأصول الاقتصادية اليمنية وتعطيل عجلة التنمية في البلاد.
الحماية المباشرة من القوى الكبرى: أمريكا وبريطانيا
ولم يكن الاحتلال العسكري للموارد اليمنية محصورًا في الأدوات الإقليمية فقط، بل تم تأمينه بحضور عسكري مباشر من القوى الكبرى.
في عام 2021، وصلت القوات البريطانية إلى المهرة عبر خمس طائرات حربية، تحت ذريعة تعقب “الإرهابيين”، لكن الهدف الحقيقي من هذه الخطوة كان تثبيت الوجود العسكري السعودي والإماراتي في المحافظة التي تطل على المحيط الهندي.
وفي نفس الإطار، وفي خطوة مشابهة، وصل وفد عسكري أمريكي إلى حضرموت لتأمين حركة النفط المنهوب والمساهمة في حماية المنشآت النفطية، بعد فشل وكلائها المحليين في أداء المهمة.
هذا الوجود العسكري الأمريكي البريطاني يضمن استمرار تدفق النفط والغاز من اليمن لصالح قوى الاحتلال.
النهب المنظم: النفط والغاز كمصادر رئيسية للسرقة
ومن أبرز أوجه العدوان هو النهب الممنهج للثروات النفطية،حيث تشير الأرقام إلى أن كميات ضخمة من النفط الخام كانت تُنهب شهريًا من حقول المسيلة بحضرموت ومن شبوة ومأرب، ووصل إجمالي النفط المنهوب شهريًا إلى أكثر من 2.6 مليون برميل.
إن التكلفة التراكمية لهذا النهب تشكل كارثة مالية على الشعب اليمني، فقد بلغت قيمة عائدات النفط والغاز المنهوبة من قوى العدوان خلال ست سنوات أكثر من 19 ترليون ريال يمني.
هذا المبلغ الضخم، الذي يعادل نحو 31.6 مليار دولار (بسعر صرف 600 ريال للدولار)، هو إجمالي الخسائر التي كان يمكن أن تحول دون تفاقم الأزمة الإنسانية.
وهذه الكميات تمثل نهبًا مكشوفًا للثروة الوطنية التي كان من الممكن استخدامها لتمويل الرواتب والخدمات الأساسية.
وفي حال كانت هذه العائدات قد استُثمرت بشكل صحيح، لكان بالإمكان دفع رواتب الموظفين في الشمال والجنوب وتمويل مشاريع التنمية في كافة أنحاء البلاد.
شبكات التهريب والشركات المستفيدة: منظومة الفساد الدولية
عملية النهب لم تكن لتتم دون وجود شبكة معقدة من الشركات الدولية والموانئ التي تسهل التهريب.
حيث كان موانئ الضبة والنشيمة وقنا تستخدم بشكل أساسي لتهريب النفط الخام اليمني.
وقد وثقت التقارير العسكرية أن هذه الموانئ كانت تحت سيطرة الشركات الإماراتية والأمريكية التي كانت تعمل مع “حكومة المرتزقة” في عدن لتهريب النفط بشكل غير قانوني.
من الشركات المتورطة في هذا النهج نجد:
أدنوك (الإماراتية) كالفالي للبترول (كندا) توتال هنتهذه الشركات، وغيرها، ساعدت في تسهيل عمليات النهب التي كانت تؤدي إلى تهريب مليارات الدولارات من النفط والغاز اليمني.
الاستنزاف البحري: تهديد البيئة في سقطرى والمهرة
إلى جانب النهب الاقتصادي، تتبع قوات الاحتلال سياسة استنزاف الموارد الطبيعية والبيئية في اليمن، خاصة في أرخبيل سقطرى والمهرة.
سقطرى، التي تُعتبر من أكثر المناطق تنوعًا بيئيًا في العالم، شهدت عمليات صيد غير قانونية لأسماك القرش من قبل شركات صيد إماراتية مثل “برامي”.
حيث تم اصطياد أسماك القرش من أجل تجارتها بزعانفها التي تُستخدم في الصناعات الدوائية والتجميلية.
كما كشفت المصادر المحلية عن وصول سفن إماراتية إلى سقطرى، محملة بحاويات كثيرة تُستخدم لتهريب الأسلحة، ويُحتمل أن هذه الأسلحة تم نقلها إلى قوى إقليمية أخرى مثل “قوات الدعم السريع” في السودان، مما يبرز الطابع العسكري والاستغلالي للاحتلال الإماراتي في سقطرى.
الامتيازات التعدينية: السيطرة على الموارد المستقبلية
يمتلك اليمن احتياطيات ضخمة من المعادن والصخور الصناعية ذات المواصفات العالية، مثل الجرانيت، والجابرو، والرخام، والاسكوريا (المقدرة بحوالي 1.7 بليون متر مكعب).
إن السيطرة العسكرية واللوجستية على محافظات مثل حضرموت والمهرة، التي تتركز فيها الثروة النفطية والمعدنية ، تهدف إلى رهن مستقبل الأجيال القادمة.
ويتمثل القلق البالغ في أن هذا الاحتلال يهدف إلى فرض صفقات استكشاف وامتيازات طويلة الأجل للمعادن النادرة والثروات الأخرى من خلال عقود غير شرعية تبرم تحت غطاء حكومة المرتزقة.
الحق في استرداد الثروة والكرامة
إن العمليات العسكرية والاقتصادية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية في صنعاء ضد موانئ تصدير النفط المنهوب تمثل مرحلة جديدة وحاسمة في معركة استرداد السيادة والحقوق.
هذه العمليات لم تكن مجرد رد فعل عسكري، بل هي بمثابة تأكيد على حق الشعب اليمني في استعادة ثرواته المسلوبة، وضمان تحكمه الكامل في موارده الطبيعية التي باتت أداة في يد القوى الأجنبية لفرض هيمنتها على البلاد.
من خلال استهداف موانئ النفط والمنشآت الاقتصادية التي كانت تحت سيطرة الاحتلال، تواصل صنعاء التأكيد على عزمها الراسخ في إزالة الاحتلال بكل أشكاله، وإعادة بناء الدولة الوطنية الحرة ذات السيادة.