5 مايو، 2025

بغداد/المسلة: تهرب القيادتان الكرديتان من استحقاق تشكيل حكومة إقليم كردستان، بينما تتسارع تحركاتهما نحو ترتيب قائمة انتخابية موحدة لمقاعد البرلمان الاتحادي، في مفارقة تفضح أولويات تبتعد عن الشأن المحلي وتتجه إلى مراكز القوة والنفوذ في بغداد.

ويتراجع ملف تشكيل الحكومة إلى أدنى سلم الاهتمام في أجندة الحزبين، فيما تحل الانتخابات العراقية في الواجهة، باعتبارها الميدان الحقيقي لتقاسم الحصص والمواقع السيادية.

ويغيب التوقيت الواضح لأي اجتماع لاحق بعد فشل لقاء دوكان بين طالباني وبارزاني، ليبقى المشهد رهين التأجيل وربما التجاهل المتعمد.

وتتعمق فجوة الثقة بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني مع كل استحقاق سياسي، فلا برامج مشتركة ولا رؤية موحدة، بل تفاهمات ظرفية تخضع لمعادلات الداخل العراقي وتقلبات الخارج الإقليمي. وتخضع ملفات الأمن والمال والتمثيل السياسي لمساومات لا تستند إلى مشروع كردي جامع، بل إلى منطق السيطرة على المدن والنفوذ على المؤسسات.

ويغادر بافل طالباني إلى واشنطن في توقيت لا يخلو من رمزية، إذ لا يظهر أن للزيارة جدول أعمال واضح يتعلق بالحكومة أو الشأن الداخلي، بل تأتي ضمن توجه إقليمي عام للبحث عن دعم دولي يحمي المكتسبات ويوازن العلاقات. ويتزامن ذلك مع فتور أمريكي واضح في التعاطي مع الملف الكردي، في ظل انشغال واشنطن بطبقات أعمق من النزاع في المنطقة.

ويعلّق بعض المحللين على التقارب الظاهري بين الحزبين بأنه تقارب “قائمة انتخابية” وليس تقاربا “حكوميا”، وهو تقارب لا يُبنى عليه استقرار سياسي أو إداري. ويعترف الباحث في الشأن السياسي كاظم ياور بغياب التدخلات الدولية الضاغطة، في إشارة إلى أن واشنطن وطهران لم تعودا تكترثان كثيراً بتركيبة الحكم في أربيل والسليمانية، طالما أن حكومة تصريف الأعمال مستمرة ولا تهدد المصالح القائمة.

وتنعكس هذه البرودة في الحراك السياسي على الشارع الكردي الذي يعاني من تراجع الخدمات وتذبذب الرواتب واتساع فجوة الثقة بالحكم، بينما يتحول صراع الحزبين من تنافس على إدارة الإقليم إلى سباق للحصول على مكاسب في بغداد.

وتحضر خلفيات الصراع التاريخية بين الحزبين في كل أزمة جديدة، من ملف الرئاسة العراقية إلى توزيع النفط والإيرادات وحتى العلاقات مع دول الجوار. ويتحول كل ملف عالق إلى أداة ابتزاز سياسي، تُدار وفق مزاج اللحظة وليس بناءً على توافق مؤسسي.

وتتجه الأنظار إلى ما ستفرزه الانتخابات المقبلة من معادلات جديدة، لكن دون كثير من الأمل بتغيير حقيقي، ما لم يُعاد تعريف المشروع السياسي الكردي برمته، كمسؤولية وطنية لا كأداة تفاوضية.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

أمانة بغداد تقود أكبر حملة إعمار : نصف مليون متر مربع تحت التنفيذ

22 مايو، 2025

بغداد/المسلة: توصل فرق دائرة المشاريع في أمانة بغداد تنفيذ سلسلة من الأعمال الخدمية التي لم تعد ترتبط بالمواسم والمناسبات فحسب، بل باتت تنبض بوتيرة مستمرة تعكس تغييراً في فلسفة الأداء البلدي، بعد سنوات من التذبذب وغياب الرؤية.

وأطلقت شعبة الأضوية المرورية حملات صيانة دورية للتقاطعات الحيوية في جانب الكرخ ضمن قاطع بلدية المنصور، حيث تم استبدال أضواء مرورية متهالكة منذ أكثر من عشر سنوات، وتفعيل أخرى ظلت معطلة رغم مناشدات الأهالي، في مناطق تشهد ازدحامات مرورية خانقة خصوصاً عند تقاطع شارع الصناعي ودوار المنصور.

وباشرت الفرق الهندسية لأمانة بغداد بأعمال إكساء جديدة لشارع الطوارئ في منطقة الحسينية، ضمن المشروع الأوسع الذي يشمل أكثر من 500 ألف متر مربع من شوارع جانب الرصافة، وهو ما يمثل أكبر عملية إكساء حضرية تشهدها العاصمة منذ 2013، حين توقف مشروع “نهضة بغداد” بسبب الأزمة المالية والسياسية آنذاك.

واستأنفت الأعمال المكثفة داخل نفق صلاح الدين بجانب الكرخ، حيث تُنفّذ عدة فقرات بالتزامن، تشمل العزل الأرضي، وتحسين الإضاءة الداخلية، ومعالجة التصدعات الخرسانية، في محاولة لإحياء النفق الذي تعرّض لإهمال مزمن منذ تفجيرات 2015، وأصبح مصدراً للفيضانات الموسمية كل شتاء.

وأجرى الامانة، زيارة ميدانية إلى قاطع الكرادة، ووقف على حجم التحديات البلدية في أكثر مناطق العاصمة كثافة سكانية واختناقاً عمرانياً، مشيراً إلى أنّ المشاريع الحالية تنسجم مع البرنامج الحكومي ، وتُنفّذ بتمويل مركزي وتخطيط مؤسسي بعيد عن المزاج السياسي.

وانعكست هذه الحركية الجديدة على الشارع البغدادي، إذ غرّد المدون محمد الدليمي قائلاً: “أشوف فرق العمل تشتغل ليلاً ونهاراً، تحية للي ما ينتظر موسم الانتخابات حتى يشتغل”، بينما كتب الصحفي مازن الركابي: “هل نشهد تحوّلاً حقيقياً في إدارة المدينة؟”.

وتُشير إحصائيات أمانة بغداد الأخيرة إلى أنّ عدد المشاريع الخدمية المنجزة خلال الربع الأول من عام 2025 تجاوز 170 مشروعاً، تنوعت بين إكساء طرق، وتأهيل حدائق، وصيانة شبكات مجاري، وهو رقم يتجاوز مجمل ما أُنجز خلال عام 2021 بأكمله.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • أمانة بغداد تقود أكبر حملة إعمار : نصف مليون متر مربع تحت التنفيذ
  • مقتل موظفَين بالسفارة الإسرائيلية بإطلاق نار في واشنطن
  • خطاب الدولة
  • الاتحادي الديمقراطي الأصل يدعو لتشكيل الحكومة المدنية سريعا
  • مصفاة النسيان: العراق يكتشف كنزًا نفطيًا في الصومال بعد عقود الإهمال
  • الاعلان عن تشكيل (إئتلاف الإعمار والتنمية) لخوض الانتخابات
  • مجلس النواب يطلق تحركات عاجلة لتشكيل الحكومة ودعم المدن المتضررة
  • الخولي دعا الحكومة إلى مراقبة أي محاولات لاستغلال ملف السجناء لتبرير التدخل في الشأن اللبناني
  • ترامب يرسم شرقًا أوسط جديد بلا بغداد
  • أربيل توقّع اتفاقيات استراتيجية مع واشنطن دون تنسيق مع بغداد