20 مايو، 2025

بغداد/المسلة: تستمر حكومة الإقليم في سياساتها الخارجية المستقلة عن بغداد وكأنها دولة مستقلة، وتعمّق هذا المسار خطوة جديدة على طريق تهميش بغداد، عبر توقيع اتفاقيات استراتيجية في قلب العاصمة الأمريكية دون تنسيق مع الحكومة الاتحادية.

وتؤكد حكومة كوردستان مجدداً أنها تتعامل مع العالم الخارجي ككيان مكتمل الأركان، إذ أعلن وزير الثروات الطبيعية بالوكالة كمال محمد من واشنطن عن إبرام اتفاقيتين مع شركات أمريكية لاستخراج الغاز والنفط، تحت عنوان “الشراكة”، مستخدمة حقول الطاقة في الإقليم لمشاريع كهرباء تشمل مناطق داخل العراق، بما يعزز الفهم الكردي الخاص لمفهوم “الدولة” داخل الدولة.

وتسعى أربيل إلى بناء شبكة علاقات متينة مع القوى الدولية الكبرى من بوابة الاقتصاد والطاقة، متجاوزة السلطة الاتحادية، لتثبت أنها تمتلك هامشاً واسعاً من المناورة الجيوسياسية.

وتستثمر في انشغال بغداد بصراعاتها الداخلية، وتراهن على دعم أمريكي طويل الأمد، لاسيما بعد وصف الولايات المتحدة بأنها “حليف استراتيجي” وفقاً لتصريحات الوزير الكردي.

وتكشف هذه التحركات عن هشاشة الاتفاقات المركزية بين بغداد وأربيل، خصوصاً بعد قرارات المحكمة الاتحادية الأخيرة بشأن شرعية تصدير النفط من الإقليم، والتي لم تُترجم بعد إلى سياسة موحدة للطاقة، ما يفتح الباب أمام مزيد من الانفصال المالي والقانوني، في ظل تراجع الدور الاتحادي كمظلة اقتصادية وسياسية جامعة.

وتصطدم هذه الاتفاقات مجدداً بإشكاليات السيادة وتوزيع الصلاحيات، إذ لم تصدر الحكومة العراقية أي موقف رسمي حتى الآن، في مشهد يكرّس الصمت كاعتراف ضمني بعجز بغداد أو قبولها بالأمر الواقع.

وتعود هذه الإشكالات إلى غياب قانون واضح للنفط والغاز، وتأجيله المستمر بسبب الخلافات بين الكتل السياسية، ليبقى المجال مفتوحاً أمام تفاهمات ثنائية خارج الإطار الوطني.

وتنعكس هذه السياسات الخارجية للإقليم على الواقع الداخلي بمزيد من الانقسام، إذ يرى كثير من العراقيين أن أربيل تتصرّف كعاصمة دولة مستقلة تُبرم الاتفاقات، وتستقبل الوفود، وتحدد أولوياتها بمعزل عن الدولة الأم.

وكتب الصحفي مصطفى سالم على منصة X: “لا حكومة اتحادية ولا بطيخ.. كلٌ يغني على ليلاه باسم الدستور”، في تعبير ساخر عن الانفصام المتواصل بين المركز والإقليم.

وتتسع الفجوة بين بغداد وأربيل كلما ازداد الفراغ الدستوري، وكلما اتجهت كوردستان شرقاً وغرباً لبناء شبكات دعم خاصة بها، وسط غياب إستراتيجية اتحادية حقيقية تُخضع جميع الأقاليم لسلطة القانون، لا لسلطة التفاهمات والمجاملات المؤقتة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

جديد الحرب التجارية.. وزير الخزانة الأميركي يتوقع إبرام اتفاقات إقليمية

الاقتصاد نيوز - متابعة

قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الأحد، إنه يتوقع إبرام عدد من الاتفاقات الإقليمية نتيجة محادثات تجارية حالية وسط فترة تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً.

وأضاف أن توقيت أي معدلات نهائية للرسوم الجمركية سيعتمد على ما إذا كانت الدول تتفاوض بحسن نية.

وذكر لبرنامج "ستيت أوف ذي يونيون" الذي تبثه شبكة "سي إن إن" أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تركز على أهم العلاقات التجارية للولايات المتحدة وعددها 18.

وتابع "أتوقع أننا سنبرم كثيراً من الاتفاقات الإقليمية".

وفي مسعى لتهدئة الحرب التجارية التي تهدد بإلحاق ضرر بالغ بالاقتصاد العالمي، اجتمع مسؤولين كباراً من أميركا والصين في جنيف ووصفت المحادثات التجارية بأنها كانت بناءة وأحرزت تقدماً.

وقد تسببت هذه المواجهة التجارية، إلى جانب قرار ترامب الشهر الماضي بفرض رسوم على عشرات الدول الأخرى، في اضطراب سلاسل الإمداد، واهتزاز الأسواق المالية، وزيادة المخاوف من ركود اقتصادي عالمي حاد.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • حكومة كوردستان توضح تفاصيل اتفاقيات الطاقة مع واشنطن: دون تنسيق مع بغداد
  • أمانة بغداد تضع اسم بغداد على منصة حوار المدن العربية الاوربية
  • صناديق الاقتراع تمتحن بقاء “إدارة الدولة”
  • المفوضية تعلن إكمال تحديث بيانات نحو مليون و300 ألف ناخب
  • جديد الحرب التجارية.. وزير الخزانة الأميركي يتوقع إبرام اتفاقات إقليمية
  • المحاصصة تفوز في أربيل: حكومة رغم لأنف المعارضة
  • القمة بيانات.. لكن هل يجد التطبيق طريقاً؟
  • أبو الغيط يعلن إعداد استراتيجية عربية شاملة للأمن الغذائي
  • أمير قطر يغادر بغداد دون خطاب في القمة العربية