اقْتِصَادَاتُ الحَل التَفَاوُضِي فِي السُودِان
The Economics of a Negotiated Solution in Sudan
بروفيسور/ مكي مدني الشبلي
المدير التنفيذي – مركز مأمون بحيري، الخرطوم

على خلاف المآلات الاقتصادية الحالكة للخيار العسكري لإنهاء حرب السودان، فإن الحل التفاوضي يحمل في طياته مكاسب جمَّة مقارنة بالحل العسكري.

فالحل التفاوضي يمهِّد الطريق لاقتصاد إنتاجي شفاف وعادل في حين يفرز الحل العسكري اقتصاد ريعي واحتكاري يسوده العنف والتغبيش. ومن حيث التوزيع الجغرافي فإن الحل التفاوضي ينتج عنه نظام لامركزي قائم على التمييز الإيجابي بين الأقاليم الجغرافية في الوقت الذي يقود فيه الحل العسكري لنظام مركزي يحقق مصالح النخب بفرض التشرذم. أما من حيث تحقيق الاستقرار فإن الحل التفاوضي يقود لاستقرار مستدام يرتكز على المؤسسات في حين يؤدي الحل العسكري للهشاشة والعنف والفشل. وبالنظر لتوفر الدعم الدولي لإعادة الإعمار فإن الحل التفاوضي تصحبه مساعدات دولية مرتبطة بالإصلاح في حين يصاحب الحل العسكري دعم دولي انتهازي محدود ومشروط.

وفي في ظل دخول الحرب المدمرة في السودان عامها الثالث، يبرز غياب الرؤية الاقتصادية المتكاملة كأحد عوامل إطالة الصراع وتعويل الطرفين على الحل العسكري، حيث يتصارع الطرفان للسيطرة على الموارد والثروات دون مشروع اقتصادي وطني شامل. وأمام هذا الواقع، تملك القوى المدنية فرصة لتقديم بديل تفاوضي يعيد بناء الاقتصاد السوداني الذي عصفت به الحرب على أسس العدالة والتنمية والسلام.
ويرتكز هذا البديل التفاوضي على مبادئ مؤسسة قوامها جعل الاقتصاد في خدمة الإنسان السوداني، لا في خدمة السلطة بشراء السلاح، وفصل الاقتصاد عن الأجهزة العسكرية والأمنية، وتحقيق توزيع عادل للثروة يراعي التفاوت التنموي بين الأقاليم، وإدماج الاقتصاد غير الرسمي في منظومة شفافة ومنظمة، وبناء شراكات استراتيجية مع المجتمع الدولي على أساس الإصلاح والسيادة وتحقيق المصالح المشتركة المشروعة.

وترتكز الرؤية التفاوضية البديلة على إعادة هيكلة الاقتصاد بعد الحرب بتفكيك الشركات الأمنية والعسكرية وإدماجها تحت ولاية وزارة المالية، وإنشاء مفوضية وطنية للموارد الطبيعية والذهب، ووضع خطة خمسية لإعادة الإعمار تركّز على التعليم والصحة والبنية التحتية، وإصلاح النظام الضريبي والمالي بتبني نظام ضريبي تصاعدي عادل يشجع الإنتاج ويراعي استقلالية البنك المركزي وتعزيز الشفافية المالية وإنشاء صناديق تنمية للأقاليم المهمّشة. كما تشمل إعادة هيكلة الاقتصاد بعد الحرب دعم القطاع الخاص والاستثمار بتوفير بيئة قانونية آمنة ومحفزات في الزراعة والصناعة، وتكوين شراكات مع السودانيين في الخارج، وتسهيل إجراءات الاستثمار للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ويراقب عملية إعادة هيكلة الاقتصاد تفعيل أنظمة الحوكمة والمساءلة بتكوين مفوضية وطنية فاعلة لمكافحة الفساد، وإتاحة دور رقابي فاعل للمجتمع المدني، ورقمنة الإيرادات والمصروفات الحكومية.

ونظراً لمعاناة الاقتصاد السوداني من ويلات المقاطعة والعقوبات الدولية منذ سنة 1997 في عهد حكومة الإنقاذ واستمرت لأكثر من ثلاثين سنة، هناك ضرورة ليواكب الرؤية الاقتصادية لإعادة إعمار الإعمار سعي جاد لتحقيق نقلة نوعية في التموقع الدولي والإقليمي بانخراط مدروس في المؤسسات الدولية والإقليمية (البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، نادي باريس، البنك الإفريقي للتنمية، ومؤسسات التمويل العربية)، والدخول في شراكات تنموية مع دول الجوار الإقليمي، وتقديم رؤية موحدة للسلام والتنمية لجذب دعم المجتمع الدولي والإقليمي لإعادة الإعمار في السودان.

وتشمل آليات تنفيذ الرؤية الاقتصادية التفاوضية لإنهاء الحرب تشكيل حكومة انتقالية مدنية ذات كفاءة عالية لفترة لا تقل عن خمسة أعوام، تشهد تنظيم مؤتمر اقتصادي قومي جامع بمشاركة واسعة، وتفعيل دور اللجان المجتمعية لتراقب تنفيذ خطط الإعمار والتنمية، وتعبئة الكفاءات السودانية في الداخل والخارج للمشاركة في بناء الاقتصاد الذي دمرته الحرب. ومن الضروري لآليات التنفيذ إدراك أن هذه الرؤية الاقتصادية ليست مجرد خطة اقتصادية، بل هي مشروع وطني للسلام والعدالة والمصالحة نحو تسوية سياسية مستدامة. ذلك أن اقتصاد السلام هو الطريق الحقيقي لبناء دولة سودانية عادلة، حديثة، ومنفتحة على مواطنيها والعالم.

وخلافاً لمخاوف طرفي الحرب من التبعات السالبة عليهما من الخيار التفاوضي لإنهاء الصراع، إلا أن الخيار التفاوضي يحمل في طياته مكاسب لجميع الأطراف. أما بالنسبة للجيش وحلفائه فعلى الرغم من فقدان السيطرة على الاقتصاد الموازي المتعلق بالذهب والتجارة وتراجع النفوذ السياسي التقليدي داخل الدولة فإن الخيار التفاوضي يتيح له العديد من الفرص المتمثلة في الحفاظ على كيان المؤسسة العسكرية كضامن للأمن الوطني، ودمج الشركات الاقتصادية التابعة للجيش ضمن الاقتصاد الرسمي بضمانات مدنية، والوصول إلى دعم دولي لإعادة هيكلة القوات المسلحة في سياق إصلاح شامل، وإعادة الانتشار في أدوار غير قتالية، خاصة في الإعمار والبنية التحتية.

أما بالنسبة للدعم السريع وحلفائه فبرغم فقدان السيطرة على طرق التهريب والمناطق الغنية بالموارد وضعف القبول الشعبي والسياسي بعد جرائم الحرب وصعوبة الدمج في مؤسسات الدولة بسبب البنية غير النظامية، فإن الخيار التفاوضي يوفر له عدداً من الفرص التي تشمل التحول إلى كيان سياسي أو قوة تابعة للقوات المسلحة السودانية في حال ترتيبات إدماج وضمانات بعدم الملاحقة مقابل تسليم السلاح والمشاركة في التسوية وإعادة تدوير النفوذ عبر تحالفات قبلية أو اقتصادية شرعية.

وبخصوص القوى المدنية فعلى الرغم من صعوبة فرض الإصلاحات الاقتصادية دون توافق أمني واحتمالية اضطرارها لقبول ترتيبات انتقالية مع عناصر عسكرية وتحدي تأمين السند التنفيذي في ظل غياب قوة حماية مدنية فعالة، فإن الحل التفاوضي لإنهاء الصراع يتيح للقوى المدنية العديد من الفرص التي تشمل تشكيل حكومة مدنية ذات مشروعية داخلية وخارجية وتنفيذ برنامج اقتصادي متكامل يعيد هيكلة الاقتصاد نحو العدالة والتنمية واستقطاب دعم دولي واسع لإعادة الإعمار وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية لتشمل الهامش والمجتمعات المتأثرة بالحرب في إطار عقد اجتماعي بين الدولة وعامة الشعب.

وعلى الرغم من الحل التفاوضي وما يصاحبه من رؤية اقتصادية يمثل بديلاً عملياً عن الحل العسكري وما يصاحبه من اقتصاد الحرب، إلا أنه يصطدم بتحدٍّ حاسم يتمثل في غياب القوة الصلبة لحمايته من الأطراف المسلحة. حيث لا يمكن لأي مشروع اقتصادي مدني أن يُنفَّذ بدون ترتيبات أمنية تضمن الاستقرار وتحمي المؤسسات من العرقلة أو الانهيار. وعليه صار لزاماً توفير مسارات تأمين هذه الرؤية من خلال أدوات مدنية-عسكرية واقعية تنأى عن الخيارات الصفرية التي يتبناها بعض المدنيين. ذلك أن أمن الاقتصاد لا يقل أهمية عن أمن الحدود. فالرؤية الاقتصادية المدنية للسودان تحتاج إلى ترتيبات أمنية واقعية يكون العسكريون طرفاً أصيلاً فيها، ولا تتطلب بالضرورة المواجهة بين العسكريين والمدنيين، بل تتأتى بالتفاوض الذكي والضمانات المؤسسية والوشائج الانتقالية. فالمسار المدني لن ينجح إلا إذا استطاع تحييد القوة العسكرية، أو كسبها، في سبيل بناء دولة مدنية حقيقية ذات مصداقية.

ويتطلب توفير أدوات الحماية فهماً واقعيَّاً للمشهد العسكري الذي أفرزته الحرب حيث يتضح تباين مكونات الجيش بين قيادات عليا منتفعة من شبكات اقتصادية، في مقابل قيادات وسطى وضباط شباب متطلعين للإصلاح والتعاون مع المدنيين. أما قوات الدعم السريع فتعتمد على اقتصاد موازٍ يصعب دمجه في الجيش دون نزع سلاح جوهري. وتعاني هي الأخرى من الطبقية حيث تستمتع القيادة العليا بعائدات الذهب والمعادن النفيسة، في حين تعتمد الفئات الدنيا على النهب والجبايات غير المشروعة. وفي المقابل فإن القوى المدنية تفتقر إلى الذراع المسلح، بيد أنها تملك أدوات الضغط الشعبي، والمشروعية السياسية، والدعم الدولي. وعلى هذه الخلفية تبرز عدة خيارات لتأمين الرؤية الاقتصادية والحل التفاوضي. وتشمل هذه الخيارات كسب قطاعات من الجيش ببناء تحالفات ضمنية مع القيادات الإصلاحية داخل القوات المسلحة عبر تقديم ضمانات مؤسسية ضمن الرؤية الاقتصادية، بما في ذلك دمج الشركات العسكرية في الاقتصاد الرسمي ووضع ترتيبات تقاعد وانتقال منصف للضباط وإشراك الجيش في لجان رقابة على تنفيذ خطة الإعمار. كما يمكن تبني استراتيجية الحياد العسكري ترمي لتفكيك التحالف بين القيادات العسكرية والمليشيات المؤدلجة عبر الضغط الدولي وكشف كلفة الحرب المادية والبشرية على القوات المسلحة عبر الإعلام والمجتمع المدني والمطالبة بإشراف أممي أو إقليمي على الأمن في المرحلة الانتقالية. ومن ناحية أخرى، يمكن دعم توفير الحماية للرؤية الاقتصادية المدنية بواسطة أدوات أخرى مثل إصلاح جهاز الشرطة وتفعيله كأداة مدنية لحماية العملية الاقتصادية وإنشاء وحدات رقابة اقتصادية مدنية بدعم دولي والاستعانة بخبرات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتأمين المدن والمنشآت. كما يمكن للحوافز الدولية لعب دور مساند في هذا الصدد عن طريق دعم دولي مشروط للقوات المسلحة في مقابل التزامها بالانتقال السلمي وإنشاء صندوق دولي لإعادة الإعمار مرتبط بخارطة طريق أمنية واضحة وضمانات أممية بعدم ملاحقة بعض العناصر العسكرية غير المتورطة في جرائم. وأخيراً يمكن أيضاً تشكيل لجنة اتصال مدني - عسكري برعاية إقليمية وإطلاق حوار أمني اقتصادي لمناقشة دور الجيش في حماية إعادة الإعمار وتأسيس مجلس وطني للانتقال الاقتصادي والأمني بمشاركة رمزية عسكرية عبر استنباط وشائج ذكية تحقق الوئام المدني-العسكري، وتحل محل نمط الشراكة السابقة بينهما.

وبرغم كل هذه التحوطات فإن نجاح الخيار التفاوضي والرؤية الاقتصادية المدنية رهين بانسياب المساعدات الاقتصادية من المجتمع الدولي الذي يتنوع ما بين الدعم المالي المباشر، والإعفاءات من الديون، والمساعدة الفنية، والدعم السياسي الذي يفتح الأبواب للاستثمار والتعافي الاقتصادي. ذلك أن تجربة الحكومة الانتقالية قبل انقلاب أكتوبر 2021 قد أكدت استعداد المجتمع الدولي نظريَّاً وعمليَّاً لدعم السودان اقتصادياً، لكن هذا الدعم مرهون بتحقيق تسوية سياسية ذات مصداقية تقودها حكومة مدنية مستقلة قادرة على تنفيذ رؤية اقتصادية قائمة على الشفافية والإصلاح وخلق فرص حقيقية للنمو والعدالة الاجتماعية. وتتضمن هذه المساعدات من المجتمع الدولي ما يلي:

????التمويل المباشر والدعم الإنساني والتنموي التي تشمل المساعدات الطارئة بما في ذلك الغذاء، والماء، والرعاية الصحية، والتعليم في حالات الطوارئ التي تُقدَّم عبر منظمات الأمم المتحدة مثل برنامج الغذاء العالمي (WFP)، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP) ) والمنظمات غير الحكومية الدولية (NGOs). كما يشمل أيضاً دعم ميزانية الدولة عند التوصل إلى تسوية سياسية وتشكيل حكومة مدنية معترف بها، حيث يمكن للمؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تقديم دعم مباشر للميزانية لتغطية الرواتب والخدمات الأساسية. ويتضمن التمويل التنموي دعم المشروعات الزراعية والبنية التحتية، وبرامج الإنعاش الاقتصادي في المناطق المتأثرة بالنزاع.
???? إعادة هيكلة الديون والإعفاء منها حيث أحرز السودان قبل انقلاب 25 أكتوبر 2021 تقدماً كبيراً في مسار الاستفادة من مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (هيبيك – HIPC)، والتي أطلقها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وكان من المتوقع أن يصل السودان إلى "نقطة الإنجاز-Completion Point " ضمن مبادرة هيبيك في غضون ثلاث سنوات في يونيو 2024 من تاريخ وصوله إلى "نقطة اتخاذ القرار- Decision Point" التي بلغها في يونيو 2021. وقد حصل السودان على وعود بإعفاء ديون تتجاوز 50 مليار دولار عبر مبادرة هيبيك، وبدأت بالفعل إجراءات إعفاء جزء كبير من الديون المتراكمة، مما خفف العبء على الاقتصاد السوداني وفتح المجال أمام تمويلات جديدة. ولكن انقلاب أكتوبر العسكري أوقف هذا المسار، وجمّد معظم الفوائد التي كان السودان سيحصل عليها من المبادرة، إلى حين عودة الحكم المدني واستئناف الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي.
???? المساعدات الفنية وبناء القدرات وتشمل دعم بناء المؤسسات الاقتصادية المدنية، مثل وزارة المالية والبنك المركزي وديوان الضرائب، وتطوير نظم شفافة لإدارة الموارد (مثل الذهب والزراعة والموانئ)، وتدريب الكوادر المدنية على إدارة الاقتصاد الكلي، والتفاوض على الديون، وجذب الاستثمارات، والحوكمة المالية.
???? تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر المشروط برفع القيود والعقوبات عن السودان بعد تشكيل حكومة مدنية في إطار الحل التفاوضي والرؤية الاقتصادية مما سيفتح الباب للاستثمار في قطاعات الزراعة والطاقة المتجددة والتعدين والخدمات، ولعودة شركات النفط العالمية، والاستفادة من موقع السودان الجغرافي الاستراتيجي.
????الدعم السياسي والدبلوماسي المرتبط بالاقتصاد ويشمل ضمانات دولية لحماية الفترة الانتقالية، وإنشاء آلية رقابة مشتركة (مثل "أصدقاء السودان") لضمان الشفافية في استخدام المساعدات، وتسهيل اندماج السودان في الأسواق الإقليمية والدولية.

[email protected]

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الاقتصادیة المدنیة الرؤیة الاقتصادیة المجتمع الدولی هیکلة الاقتصاد لإعادة الإعمار الأمم المتحدة إعادة الإعمار الحل العسکری إعادة هیکلة تشکیل حکومة حکومة مدنیة دعم دولی فی حین

إقرأ أيضاً:

مقابر الحرب العشوائية.. مأساة وحكايات لم تُروَ في قلب الخرطوم

ينبش متطوعو الهلال الأحمر السوداني وخبراء الطب الشرعي مقابر عشوائية في حي الأزهري جنوب الخرطوم، كانت قد حفرتها عائلات لدفن أقاربهم الذين لقوا حتفهم خلال الحرب التي اندلعت في أبريل 2023، وسط غياب أجواء الأمان التي منعت الدفن في المقابر الرسمية.

وبفضل الهدوء النسبي الذي شهدته العاصمة منذ إخراج قوات الدعم السريع في يونيو الماضي، تمكنت الفرق المختصة من استخراج رفات نحو ألفي شخص من المقابر العشوائية، ونقلها إلى مقبرة الأندلس التي تبعد حوالي 10 كيلومترات.

وقال هشام زين العابدين، رئيس قطاع الطب الشرعي في الخرطوم، إن فريقه عثر على 307 قبراً عشوائياً في حي الأزهري وحده، معظمها أمام المنازل والمساجد والمدارس، حيث لم تُقم أسر الضحايا مراسم دفن أو جنازات لائقة بسبب القتال العنيف.

وأوضحت جواهر آدم، إحدى الأمهات التي فقدت ابنتها البالغة من العمر 12 عاماً جراء قصف غير محدد المصدر، أنها وأسر أخرى دفنت أطفالها في أماكن مؤقتة لقلة الخيارات، لكنها الآن تشعر ببعض الراحة بعد نقل الرفات ودفنها بشكل كريم.

وأسفرت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، فيما تشير تقديرات إلى وفاة ما لا يقل عن 150 ألف شخص خلال العام الأول من الصراع، وفق تصريحات مبعوث أميركي سابق.

ورصدت كلية لندن للصحة العامة والطب الاستوائي زيادة بنسبة 50% في معدلات الوفيات في الخرطوم خلال 14 شهراً من الحرب، حيث بلغت 61 ألف وفاة، منها 26 ألفاً بسبب العنف المباشر.

ولا تزال آلاف العائلات تجهل مصير أبنائها المفقودين، حيث أحصت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أكثر من 8 آلاف مفقود في السودان خلال العام الماضي، مع توقعات بأن يكون العدد أكبر بكثير.

ويؤكد المسؤولون المحليون أن إزالة الرفات من المقابر العشوائية ستتيح استكمال مشروع بناء مدرسة كانت تعيقها تلك المقابر، ما يمثل بارقة أمل لسكان الحي الذين يعانون من تداعيات الحرب وتدمير البنية التحتية.

يشار إلى أن الخرطوم كانت تضم نحو 9 ملايين نسمة قبل النزاع، نزح منهم أكثر من 3.5 ملايين بسبب القتال، فيما تتوقع الأمم المتحدة عودة نحو مليوني نازح قبل نهاية العام، رهناً بتحسن الأوضاع الأمنية والخدمية في العاصمة.

السودان.. “قوات الدعم السريع” تنفي قصف مطار نيالا وتتوعد مروجي الأكاذيب

نفت قوات الدعم السريع في السودان، السبت، بشكل قاطع مزاعم تعرض مطار نيالا لقصف من قبل الجيش السوداني، مؤكدة أن المدينة ومطارها تتمتعان بحماية وتأمين كاملين من جميع الجهات.

وفي بيان رسمي، وصفت دائرة الإعلام بقوات الدعم السريع تلك المزاعم بأنها “حملة تضليل ممنهجة” تقودها قنوات فضائية ومنصات تواصل اجتماعي مرتبطة بفلول النظام السابق، تهدف إلى تغطية هزائمهم العسكرية في جبهات كردفان.

وأكد البيان أن قوات الدعم السريع تحمي نيالا بمنظومات دفاع جوي متطورة، تمكّنت من صد وإفشال كل المحاولات السابقة لاختراق أجواء المدينة، مشيراً إلى تدمير أي طائرة أو مسيرة حاولت الاعتداء على المنطقة.

كما نفى البيان ما تردد عن وجود مقاتلين أجانب من كولومبيا ضمن صفوف قوات الدعم السريع، مؤكداً أن القوة الحقيقية تأتي من أبناء السودان الذين يحملون إرادة وطنية قوية لمواجهة “فلول النظام والمرتزقة”.

وفي الوقت نفسه، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني بالاستعانة بميليشيات أجنبية في مناطق عدة من البلاد.

وهددت قوات الدعم السريع مروجي الأكاذيب داخل وخارج السودان بـ”أمطار غزيرة” ستغمر مراكز قوتهم العسكرية والاقتصادية، في إشارة إلى مواجهات محتملة.

وتأتي هذه التصريحات على خلفية إعلان الجيش السوداني، الأربعاء الماضي، عن تدمير طائرة إماراتية كانت تقل “مرتزقة كولومبيين”، ما أسفر عن مقتل 40 مسلحاً على الأقل في ضربة جوية على مطار تحت سيطرة قوات الدعم السريع. ونفت الإمارات بشكل قاطع هذه الأنباء، واصفة إياها بـ”الكاذبة” و”حملة تضليل” لا تستند إلى أي دليل، مؤكدة عدم وجود أي صور أو أدلة توثق الحادثة.

وطالبت قوات الدعم السريع وسائل الإعلام بالتحقق من صحة الأخبار والاعتماد على المصادر الرسمية، مشددة على استمرارها في حماية حياة سكان نيالا وأسواقهم وحدائقهم، مع تعزيز وتحديث قدرات الدفاع الجوي لمواجهة أي اعتداء.

المصرف التجاري يرفع سقف السحب النقدي من حساب بطاقات الدفع الإلكتروني إلى ٦٠٠ ألف ليرة أسبوعياً لتخفيف الازدحام والعبء على المواطنين

بهدف تخفيف الازدحام والعبء على المواطنين، المصرف التجاري السوري يرفع سقف السحب النقدي من حساب بطاقات الدفع الإلكتروني إلى ٦٠٠ ألف

ليرة سورية أسبوعياً من أجهزة الصراف الآلي (ATM).

بالإضافة إلى إمكانية السحب من نقاط البيع pos المتواجدة في فروع ومكاتب المصرف بسقف سحب ٥٠٠ الف ليرة سورية اسبوعياً.

السودان يسجل 5060 إصابة بكوليرا و225 وفاة وسط تفشي الوباء في مناطق النزوح

أعلنت المنسقية العامة للنازحين في دارفور غربي السودان ارتفاع عدد حالات الإصابة بوباء الكوليرا إلى 5060 حالة، مع تسجيل 225 حالة وفاة، وسط تفشي واسع للوباء في مناطق جديدة وخاصة في جبل مرة ومخيمات النازحين.

وأشار المتحدث باسم المنسقية آدم رجال إلى أن وتيرة تفشي الكوليرا غير مسبوقة وتشهد زيادة مقلقة في أعداد الإصابات اليومية، خصوصاً في مراكز النزوح بمخيمات طويلة ونيالا.

في السياق نفسه، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن تسجيل نحو 100 ألف حالة إصابة بالكوليرا في السودان منذ يوليو 2024، محذرة من تفاقم الأزمة بسبب استمرار الحرب الأهلية التي أدت إلى نزوح واسع وانتشار سوء التغذية والأمراض.

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم في مؤتمر صحفي بجنيف إن العنف المستمر في السودان تسبب في مجاعة ومعاناة واسعة، مشيراً إلى أن كل الولايات السودانية أبلغت عن تفشي الوباء.

وأضاف تيدروس أن هناك حملات تطعيم ضد الكوليرا جارية في عدة ولايات، لكنه حذر من الفيضانات الأخيرة التي تزيد من مخاطر تفاقم سوء التغذية وانتشار أمراض أخرى مثل الملاريا وحمى الضنك.

وفي ظل الأزمة، أورد المسؤول الأممي تقارير من مدينة الفاشر تفيد بأن السكان يلجأون إلى أكل علف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة، في حين يعاني ملايين السودانيين من الجوع. كما حذرت المنظمة من أن حوالي 770 ألف طفل دون سن الخامسة قد يعانون من سوء التغذية الحاد خلال العام الجاري.

مقالات مشابهة

  • هل يتكرر السيناريو الليبي الكارثي في السودان؟
  • الإمارات تدعو إلى إنهاء الصراع في السودان
  • دولة الإمارات تدعو إلى إنهاء الصراع في السودان
  • مقابر الحرب العشوائية.. مأساة وحكايات لم تُروَ في قلب الخرطوم
  • دول أوروبية: مستمرون في تقديم الدعم العسكري والاقتصادي لأوكرانيا
  • قواعد اشتباك جديدة : الإمارات تنقل الحرب إلى ميدان الاقتصاد.
  • الإمارات.. قواعد اشتباك جديدة في الحرب مع السودان
  • «الصحة العالمية»: تفَشي الجوع والمرض في السودان جراء الحرب
  • ـ”الكتائب الثورية” .. إقامة أول مباراة كرة قدم في استاد الخرطوم الدولي منذ اندلاع الحرب
  • الحرب الاقتصادية بدأت: الإمارات تتخذ إجراءً آخر ضد السودان.. إليكم التفاصيل