تشهد منطقة جنوب آسيا تصعيدًا خطيرًا بين الهند وباكستان، يعيد إلى الأذهان أحلك فصول التوتر العسكري بين الجارتين النوويتين منذ ما يزيد عن عقدين فقد اندلعت مؤخرًا مواجهات عسكرية مباشرة، في واحدة من أخطر حلقات الصراع بين البلدين منذ مطلع الألفية، مع تبادل الضربات العسكرية وارتفاع حدة الخطاب السياسي والعسكري، وسط تحذيرات من الانزلاق نحو مواجهة شاملة قد تهدد الأمن الإقليمي والدولي.


وفي خضم هذه الأزمة، تتسارع ردود الأفعال الإقليمية والدولية، حيث دعت قوى كبرى ومنظمات دولية إلى التهدئة، أبرزها الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والصين وتركيا، في مسعى جماعي لنزع فتيل التوتر، وسط مخاوف من أن يتطور التصعيد الحالي إلى مواجهة مفتوحة بين قوتين نوويتين تملكان تاريخًا طويلًا من النزاع، خصوصًا حول إقليم كشمير.

 

أخطر مواجهة منذ عقود


شنت الهند عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "سيندور"، استهدفت خلالها تسعة مواقع داخل الأراضي الباكستانية، بما في ذلك مناطق في إقليم جامو وكشمير الخاضع لإدارة إسلام آباد ورغم تأكيد الحكومة الهندية أنها لم تستهدف منشآت عسكرية باكستانية، فإن رد فعل باكستان جاء سريعًا، حيث أعلنت عن سقوط قتلى من المدنيين جراء القصف، وأكدت أن الرد قادم في "الزمان والمكان المناسبين"، حسب المتحدث باسم الجيش الباكستاني، أحمد شودري.

 

رد باكستان


في أعقاب الهجمات، عقدت لجنة الأمن القومي الباكستانية اجتماعًا طارئًا في إسلام آباد، وأصدرت بيانًا يدين بشدة التحرك الهندي، معتبرة إياه "غير قانوني وغير مبرر"، داعية المجتمع الدولي إلى محاسبة الهند على ما وصفته بـ "الانتهاكات الصارخة للأعراف الدولية" كما شدد البيان على أهمية إدراك المجتمع الدولي لحجم المخاطر الناجمة عن مثل هذه العمليات، مطالبًا بموقف دولي حاسم لمنع التصعيد.

 

الاتحاد الأوروبي يدعو لضبط النفس والحوار


من جانبه، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ إزاء التصعيد العسكري بين الهند وباكستان، ودعا كلا الطرفين إلى اتخاذ "إجراءات فورية" لخفض التوتر، مع التشديد على أهمية التوصل إلى حل سلمي ودائم عبر التفاوض وقال المتحدث باسم الاتحاد، أنور العنوني، إن الطرفين مدعوان إلى ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد.

 

الأمم المتحدة


عبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، هو الآخر عن قلقه البالغ، ودعا إلى "أقصى درجات ضبط النفس" من الجانبين، مشيرًا إلى أن العالم لا يمكنه تحمل اندلاع مواجهة عسكرية بين الهند وباكستان. وكرر المتحدث باسم الأمين العام، ستيفان دوجاريك، دعوات التهدئة وتجنب التصعيد، محذرًا من عواقب أي انزلاق نحو الحرب.

 

الصين وتركيا


والصين، التي تعتبر جارة لكلا البلدين، أعربت عن أسفها للعملية العسكرية الهندية، محذرة من تعقيد الوضع الأمني، ودعت إلى الحفاظ على الهدوء وممارسة ضبط النفس، مجددة رفضها لجميع أشكال الإرهاب أما تركيا، فحذرت من مغبة التصعيد الأخير، مؤكدة أن التحرك العسكري الأخير من جانب الهند ينذر بـ "حرب شاملة" ودعمت أنقرة دعوة باكستان إلى إجراء تحقيق حول هجوم سابق في كشمير أدى إلى مقتل 26 شخصًا.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الهند باكستان كشمير تصعيد عسكري الاتحاد الاوروبي الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الصين تركيا الامن الدولي الحرب النووية الجيش الهندي الجيش الباكستاني خط السيطرة مواجهات عسكرية ردود فعل دولية جنوب آسيا بین الهند وباکستان

إقرأ أيضاً:

نهر السند شريان حياة في الهند وباكستان وبؤرة توتر بينهما

نهر السند من أطول الأنهار في العالم، واشتُق اسمه من عبارة "سيِندهو"، ومعناها في اللغتين السنسكريتية والتبتية "نهر" أو "مجرى مائي كبير"، كما ورد ذكره في "الريغفيدا"، أقدم نص ديني هندوسي، نحو عام 1500 قبل الميلاد.

يجري نهر السند جنوب آسيا مخترقا جبال الهيمالايا، ويبلغ تدفقه السنوي حوالي 243 مليار متر مكعب، أي ما يعادل تقريبا ضعف تدفق نهر النيل، و3 أضعاف مجموع تدفق نهري دجلة والفرات.

موقع نهر السند

يقع نهر السند جنوب آسيا، وهو من أطول أنهار العالم، إذ يمتد على حوالي 3200 كيلومتر، وتبلغ مساحة حوض تصريفه نحو مليون و165 ألف كيلومتر مربع، منها 453 ألف كيلومتر مربع تقع في سلاسل جبال الهيمالايا وهندو كوش وكاراكورام، بينما يمتد الباقي عبر سهول باكستان شبه الجافة.

ينبع النهر من إقليم التبت جنوب غربي الصين بالقرب من بحيرة مابام، على ارتفاع يناهز 5500 متر، ويتجه باتجاه الشمال الغربي مسافة 320 كيلومترا وصولا إلى إقليم كشمير.

روافد نهر السند في الجانب الهندي نهر زاسكار

ينبع من جبال الهيمالايا في منطقة لاداخ الهندية، ويجري في واد ضيق ثم يصب في نهر السند قرب مدينة "ليه"، ويعتبر من الروافد الجليدية المهمة.

نهر سورو

ينبع من منطقة التبت في الصين ويمر عبر منطقة كارجيل في لاداخ، وهو رافد جليدي يغذي نهر السند.

نهر تشيناب

ينبع من الهند ويصب في باكستان ويتكوّن من التقاء نهري شاندرا وبهاجا في ولاية هيماتشال براديش الهندية، ويمر عبر إقليم جامو وكشمير الهندي، وصولا إلى نهر السند مرورا بباكستان.

إعلان

روافد نهر السند من الجانب الباكستاني نهر شيوك

ينبع من نهر ريمو الجليدي في سلسلة جبال كاراكورام داخل لاداخ، ويمر عبر مناطق وعرة ثم يصب في نهر السند على الجانب الباكستاني.

نهر جلت

ينبع من منطقة غلغت بلتستان الجبلية في شمال باكستان، وهو من أهم روافد نهر السند الغربية.

نهر هونزا

ينبع من الأنهار الجليدية في وادي هونزا، الواقع شمال باكستان، ويتحد مع نهر جلت ثم يصل نهر السند.

نهر كورام

ينبع من أفغانستان، ويمر عبر إقليم خيبر بختونخوا في باكستان، ويغذي نهر السند.

نهر جومال

ينبع من جبال أفغانستان ويمر عبر إقليم وزيرستان الباكستاني، ثم يصب في نهر السند من الجنوب.

نهر كابُل

ينبع بالقرب من العاصمة الأفغانية كابل، ويمر عبر مدينة بيشاور الباكستانية قبل أن يلتقي بنهر السند قرب مدينة أتّوك، وهو من أهم روافد الضفة اليمنى.

سدود على نهر السند

نهر السند شريان مائي أساسي، لذلك بنيت عليه عدد من السدود من أجل التحكم في تدفق المياه وتوليد الطاقة وتخزين مياه الزراعة. ومن أهم تلك السدود:

سد ترابيلا

سد ترابي وصخري يقع في إقليم خیبر بختونخوا، تم افتتاحه رسميا في عام 1976، وهو الأكبر في باكستان، وله دور رئيسي في منع حدوث الفيضانات.

تبلغ المساحة الإجمالية لحوضه نحو 11 مليون فدان، وهو ما يجعل طاقته الاستيعابية تعادل حوالي 14 مليار متر مكعب.

ويصل ارتفاع السد إلى 143 مترا، وطوله إلى 2700 متر، وتبلغ قدرته على توليد الكهرباء نحو 4888 ميغاواط.

سد ديمر باشا

سد كبير قيد الإنشاء يقع بين منطقتي غلغت ودمير بين إقليم خيبر بختونخوا ومنطقة غلغت-بلتستان.

سد مانغلا

يقع على نهر جيلوم، أحد روافد نهر السند الشرقية. ويستخدم من أجل توليد الطاقة الكهرومائية وتخزين مياه ري الأراضي الزراعية.

يمتد على مساحة حوالي 7.4 ملايين فدان، وتصل قدرة توليد الكهرباء فيه إلى نحو 1150 ميغاواط.

أخطار طبيعية

ساهم بناء السدود على نهر السند في تغيير مجراه الطبيعي، وهو ما قلل من تدفق المياه إلى المناطق السفلى، وأدى إلى جفاف بعض الأراضي الزراعية وتدهور التنوع البيولوجي ونزوح السكان من مناطق عدة.

إعلان

ومن أبرز المخاطر الطبيعية التي تواجه النهر تغير المناخ وذوبان الأنهار الجليدية، إذ تعتمد كمية كبيرة من مياه النهر على الجليد الذائب من جبال كشمير، الذي أصبح يذوب بوتيرة متسارعة، مما يؤدي إلى فيضانات مفاجئة على المدى القصير.

إضافة إلى ذلك تعاني مناطق داخل حوض النهر من مناخ قاس وندرة في الأمطار، مما يهدد الغطاء النباتي وينذر بهجرة السكان.

تواجه مياه النهر خطر التلوث الصناعي والصرف الصحي، مما يضر بالنظام البيئي بشكل كبير، ويهدد كثيرا من الكائنات الحية بالانقراض مثل دلفين نهر السند.

خلاف سياسي

نشأ خلاف حول مياه نهر السند بين باكستان والهند، وتعود بدايات هذا الخلاف إلى فترة حُكم بريطانيا شبه القارة الهندية، إذ أُنشئت قنوات مائية واسعة، وأعيد إحياء وتنظيم القنوات القديمة.

وبعد الانسحاب البريطاني من شبه القارة عام 1947، وقيام دولتي الهند وباكستان الغربية (سميت لاحقا باكستان)، حدث انقسام بشأن نظام المياه، إذ كانت منشآت التحكم الرئيسية تقع في نيودلهي، بينما كانت القنوات المائية تمر عبر باكستان.

وقد بدأت الهند مطلع أبريل/نيسان 1948 بمنع المياه عن القنوات في باكستان، حتى وُقعت اتفاقية مشتركة في مايو/أيار من العام نفسه، نصت على تزويد الهند الأجزاء الباكستانية من الحوض بالمياه مقابل دفعات سنوية.

وتهدف معاهدة مياه نهر السند إلى إدارة واستغلال موارده بشكل سلمي بين الدولتين، وقد قسّمت مياهه ومياه روافده بين الدولتين، واشترطت إنشاء "لجنة السند الدائمة"، التي تضم مفوضا عن كل بلد، وتجتمع سنويا، بهدف ضمان استمرار قنوات الاتصال والعمل على حل أي قضايا تتعلق بتنفيذ الاتفاقية، وحددت آلية تسوية النزاعات.

مقالات مشابهة

  • الهند وباكستان تواصلان التصعيد بعملية عسكرية جديدة ومواجهات عبر الحدود
  • نهر السند شريان حياة في الهند وباكستان وبؤرة توتر بينهما
  • الصين تحث الهند وباكستان على ضبط النفس وحل الأزمة بطرق سلمية
  • توتر متصاعد: صاروخ من اليمن يستهدف إسرائيل
  • توتر متصاعد بين الهند وباكستان.. هجمات بطائرات مسيّرة ومحاولات تسلل على الحدود
  • شيخ الأزهر يدعو الهند وباكستان لضبط النفس وتغليب الحوار ووقف التصعيد
  • شيخ الأزهر يدعو الهند وباكستان لضبط النفس والعودة إلى طاولة المفاوضات
  • اشتباكات ليلية على خط السيطرة بين الهند وباكستان.. وسط توتر متصاعد
  • نُذر حرب شاملة.. ودعوات دولية للتهدئة.. تصعيد خطير بين الهند وباكستان يهدد بـ«كارثة نووية»
  • العالم يدعو إلى ضبط النفس ونزع فتيل الأزمة بين الهند وباكستان