المسلة:
2025-08-12@14:17:09 GMT

الإمارات: حصان طروادة الخليجي

تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT

الإمارات: حصان طروادة الخليجي

9 مايو، 2025

بغداد/المسلة:

ناجي الغزي

منذ أكثر من عقد، تتصرف الإمارات العربية المتحدة كقوة إقليمية صاعدة بوجه إمبريالي مموَّه بالدبلوماسية والمال، بينما تنفذ سياسة خارجية تتسم بالاختراق، والتخريب، وتفكيك الدول الوطنية من الداخل. تسوّق نفسها كدولة استقرار، لكنها في الواقع تُعيد تشكيل الجغرافيا السياسية العربية بما يخدم طموحاتها السلطوية، وذلك عبر أدوات متعددة: التدخل العسكري، ودعم الانقلابات، وشراء الولاءات، وبناء نخب تابعة تخدم مصالحها، لا مصالح شعوبها.

النوايا الشيطانية لهذا المشروع تتجلى بوضوح في ملفات غزة، اليمن، السودان، مصر، والصراع المكتوم مع الجزائر ومن ثم العراق.

1. قطاع غزة: واستثمار الدم الفلسطيني

التحركات الإماراتية الأخيرة ضد خطة ما بعد الحرب في غزة، والتي وضعتها مصر وصادقت عليها الجامعة العربية، تكشف رغبة إماراتية صارخة في السيطرة على المشهد الفلسطيني. بدلاً من دعم الجهد العربي، عملت الإمارات على نسف الخطة عبر الضغط على إدارة ترامب، رافضةً أي تصور لا يتضمن إخراج حركة حماس بالقوة، ولو على حساب تهجير الفلسطينيين قسراً إلى سيناء. الأسوأ من ذلك، هو الترويج لمحمد دحلان، رجل الإمارات، كحاكم لمرحلة ما بعد الحرب، دون أي شرعية شعبية. هذا تدخل سافر في مصير قضية يفترض أنها “قضية الأمة”، وليس ورقة للمناورة السياسية.

2. اليمن: من دعم الشرعية إلى تفكيك الدولة

دخلت الإمارات الحرب في اليمن تحت شعار دعم “الشرعية”، لكنها سرعان ما انقلبت على ذلك، وسعت لتقسيم البلاد. دعمت المجلس الانتقالي الجنوبي بالسلاح والتمويل لتقويض الحكومة اليمنية، وبنت ميليشيات موازية للجيش، أبرزها “ألوية العمالقة” و”قوات الحزام الأمني”، وحوّلت ميناء عدن وجزيرة سقطرى إلى قواعد استراتيجية تخدم مصالحها الاقتصادية والأمنية. لم يكن الهدف إعادة الشرعية، بل الهيمنة على موانئ اليمن والتحكم بمضيق باب المندب وخطوط الملاحة.

3. السودان: دعم الانقلاب والانقضاض على الثورة

في السودان، وقفت الإمارات ضد الثورة الشعبية التي أسقطت عمر البشير، وسعت لإعادة بناء النظام عبر الجنرالين حميدتي والبرهان. مولت قوات الدعم السريع وقدّمت لها غطاءً سياسياً وإعلامياً، ثم دعمت الحرب الأهلية الجارية حالياً، ما تسبب بمقتل الآلاف وتشريد الملايين. لا يعني الإمارات استقرار السودان، بل بناء تحالفات تابعة في بلد غني بالموارد، وتحويل جيشه إلى أداة مرتزقة كما فعلت مع قوات سودانية نُقلت للقتال في اليمن وليبيا مقابل المال.

4. مصر: الهيمنة المالية وتهميش القرار السيادي

رغم تحالفها المعلن مع القاهرة، تعاملت الإمارات مع مصر كدولة بحاجة دائمة للدعم، وسعت لترويض القرار المصري عبر الدعم الاقتصادي المشروط. في المقابل، تستغل الإمارات الأزمات المالية في مصر لشراء أصول استراتيجية (موانئ، مصانع، أراضٍ)، وتحاول توجيه القرار السياسي المصري ليتماشى مع رؤيتها في ملفات ليبيا، فلسطين، والسودان. تحولت العلاقة من شراكة إلى هيمنة ناعمة، تمارسها أبوظبي باستخدام أدوات المال والضغط السياسي الأمريكي.

5. الجزائر: صراع خفي على النفوذ والهوية السياسية

رغم غياب التدخل العسكري المباشر، تنظر الإمارات إلى الجزائر كعقبة أمام مشروعها التوسعي، بسبب تمسك الجزائر باستقلال قرارها، ودعمها للقضية الفلسطينية، ورفضها التطبيع مع إسرائيل. حاولت الإمارات التسلل عبر المال والإعلام، ودعمت بعض الأصوات الانفصالية في منطقة القبائل، وموّلت حملات إعلامية ضد مؤسسات جزائرية سيادية. تصاعد هذا الصراع المكتوم مؤخراً مع تقارب الجزائر مع تركيا وقطر، ما أثار مخاوف الإمارات من بروز محور مغاربي يعارض مشروعها في المشرق.

6- العراق أمام الاستقطاب والاختراق الاماراتي

في العراق، تسعى الإمارات إلى اختراق البنية السياسية السنية أولاً، ومن ثم التأثير في القرار المركزي عبر أدوات محلية تدين لها بالولاء المالي والسياسي. طحنون بن زايد، بصفته مهندس السياسات الأمنية للإمارات، يدير هذا المشروع عبر بوابة “الاستقرار” التي تروج لها أبو ظبي كغطاء لتدخلها. لكن واقع الحال يشي بأن الغاية ليست استقرار العراق، بل تحويله إلى ساحة نفوذ إضافية في صراع المحاور الإقليمي، وامتداداً أمنياً للتطبيع الخليجي مع الكيان الصهيوني.

خلاصة المشروع الاماراتي

إن ما تفعله الإمارات اليوم لا يمكن تفسيره في إطار مصالح الدولة، بل في إطار مشروع سلطوي إقليمي يتقاطع مع مشاريع أكبر، ويعتمد على نسف المؤسسات الوطنية العربية وبناء بدائل خاضعة. من فلسطين إلى اليمن، ومن السودان إلى الجزائر ثم العراق، تترك الإمارات وراءها ندوباً دامية، وساحات محطمة، وتحالفات مفككة.

هذا المشروع لا يمكن مواجهته بالسكوت أو الحياد، بل يتطلب اصطفافاً عربياً صادقاً يستعيد للقرار العربي استقلاله، ويمنع المال من أن يتحول إلى سلاح دمار شامل للهوية والسيادة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

دولة الإمارات تدعو إلى إنهاء الصراع في السودان

جددت دولة الإمارات موقفها الراسخ المتمثل في دعم الشعب السوداني في سعيه نحو تحقيق السلام والاستقرار وضمان مستقبل كريم له، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الإماراتية "وام".

وجاء في بيان وزارة الخارجية الإماراتية: "منذ اندلاع الحرب الأهلية، قامت دولة الإمارات بتقديم الدعم المستمر للجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين، وضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي ارتكبتها كافة الأطراف المتحاربة، حيث تؤكد دولة الإمارات التزامها بدعم عملية يقودها المدنيون وتضع احتياجات الشعب السوداني فوق مصالح أي طرف".

وأضاف: "في هذا الصدد، تشير دولة الإمارات إلى تصاعد الادعاءات الزائفة ضمن حملة ممنهجة من قبل ما تسمى بـ"سلطة بورتسودان" أحد أطراف الحرب الأهلية والتي تعمل على تقويض الجهود الرامية إلى إنهاء النزاع واستعادة الاستقرار".

وتابع: "تشكل هذه المزاعم الباطلة المتزايدة جزءاً من نهج مقصود للتهرب من المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرين، والتنصل من تبعات أفعالهم، بهدف إطالة أمد الحرب وعرقلة أي مسار حقيقي للسلام".

وأكدت دولة الإمارات عزمها الراسخ على العمل عن كثب مع شركائها لتعزيز الحوار، وحشد الدعم الدولي، والمساهمة في المبادرات الهادفة إلى معالجة الأزمة الإنسانية، وإرساء الأسس لتحقيق سلام مستدام، بما يسهم في بناء مستقبل آمن ومستقر للسودان، يلبي تطلعات الشعب السوداني نحو السلام والتنمية.

مقالات مشابهة

  • كيف تديرُ الإمارات أدواتها في اليمن..؟!
  • سيف بن زايد: الشباب قلب الوطن النابض وسنده في الرخاء والتحديات
  • اليمن.. قرار حكومي بحظر استخدام العملات الأجنبية في المعاملات التجارية والخدمية
  • كيف تديرُ الإمارات أدواتها في اليمن
  • الإمارات: تصاعد التضليل من «سلطة بورتسودان»
  • عاجل.. قرار سيادي بإنشاء بورصة السودان العالمية للذهب
  • الإمارات تدعو إلى إنهاء الصراع في السودان
  • دولة الإمارات تدعو إلى إنهاء الصراع في السودان
  • بعد ايقاف الإمارات الشحن الجوي والبحري للموانئ السودانية.. رحلة البحث عن البدائل
  • حيلة إماراتية جديدة لتهريب الذهب من السودان