كيف تديرُ الإمارات أدواتها في اليمن
تاريخ النشر: 11th, August 2025 GMT
الشخص المعني هو الصحفي الصهيوني جوناثان سباير، الذي نشرت له صحيفة "جيروزاليم بوست" تقريرًا خلال الأسبوع الماضي، كشف فيه عن تفاصيل سياسية وأمنية تتعلق بالأوضاع في عدن، واللافت أن سباير التقى خلال زيارته بعدد من مسؤولي "حكومة المرتزِقة" والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًّا؛ ما يؤكّـد أن هويته كانت معروفة ولم تكن هناك محاولة لإخفائها.
التقرير الصادر عن الصحيفة العبرية أشار إلى أن الزيارة تأتي في سياق بحث يافا المحتلّة [تل أبيب] عن أطراف يمنية يمكن التعامل معها كـ "شُركاءَ للغرب"، في مواجهة نفوذ من سمَّتهم "أنصار الله"، الذين يواصلون فرضَ الحظر على الملاحة المرتبطة بكيان العدوّ الإسرائيلي في البحر الأحمر وخليج عدن.
ضمن الزيارات التي قام بها جوناثان سباير، الذي وصل إلى عدن متنكرًا بصفة صحفي، التقى وزير دفاع الخونة محسن الداعري، الذي أبلغ ما يسمى بالصحفي الصهيوني أن الولايات المتحدة قد أوقفت هجماتها على من يعرفهم "بالحوثيين" دون تنسيق مسبق معهم.
وأشَارَ إلى أن واشنطن كانت قريبة من التخلي عنهم، وعندما بدأت أمريكا عدوانها على صنعاء، أوضح الداعري للصحفي الصهيوني أن واشنطن لم تتواصل معهم؛ ممَّـا يعني أنهم لم يحظَوا بأي اهتمام، ولم يُعتبروا جزءًا من الخطط، أَو يُعتمد عليهم، أَو حتى يُستفاد منهم، إلى درجة أن المرتزِقة شعروا، كما وصف، بالصدمة عندما أعلنت الولايات المتحدة توقُّفَ الهجمات العدوانية على اليمن، وأبدى استياءه العميق لعدم الاستفادة من الغارات الأمريكية لإطلاق عملية برية للعدوان على المحافظات الحرة.
سابقًا، كان العملاء يدّعون أنهم مع فلسطينَ وغزة، واليوم لم يتعاطف أحدٌ منهم أَو يقف مع غزة؛ لأَنَّ المطلوب اليوم، كما هو معروف، أن يتحَرّكوا ويعلنوا صهيونيتَهم بشكل مباشر ومعلن، ولا يوجد لديهم مجال للمزايدة أَو الحديث عن فلسطين.
أما ما يسمى المجلس الانتقالي، فقد أعلن الخيانةَ بشكل مباشر، ولم يراعِ إرادَة الشعب اليمني ومواقفه المعروفة دينيًّا وعربيًّا وإسلاميًّا، في الوقوف إلى جانب القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها قضية فلسطين.
التقرير السابق صادر عن قناة مرتبطة بأحد أجنحة المرتزِقة في تركيا، حَيثُ يعكس حقائق واضحة، لم تعد خافية على أحد، خَاصَّة الانتقالي وقيادته، أنهم يعلنون بشكل صريح دعمهم لكيان العدوّ الإسرائيلي، ولطالما كانت الإمارات حليفة لهذا الكيان المؤقت؛ فَـإنَّ ذلك يجعل الانتقالي في موضع الطاعة له؛ لأَنَّها هي من تتولى عملية تمويله وتسليحه، كما تقدم له الرواتب والميزانيات اللازمة؛ ممَّـا يمنحه القدرة على التحَرّك والتجنيد والاستقطاب.
ولهذا الإمارات تضخ ميزانيات شهرية لدعم مرتزِقة المخاء ومرتزِقة عدن، وتمتلك أجندات وأهدافًا تتوافقُ وتتزامنُ مع الأهداف الأمريكية والإسرائيلية، بل إن دورها يأتي كخدمةٍ لتلك الدول وتعزيزًا لمصالحهم.
هذا هو المجلسُ الانتقالي، الذي يُعتبَرُ أحدَ الأدوات الإماراتية في اليمن، حَيثُ يُشكل جزءًا جوهريًّا من المشروع الصهيوني، ويمثِّلُ الانتقالي ومرتزِقة الساحل ركيزة أَسَاسية في الاستراتيجية الإماراتية. لذلك، تقوم الإمارات بتمويلهم واستخدامهم للاختراق في اليمن، وتعزيز المشروع الإسرائيلي من خلال هذه الوسائل والأدوات.
اليمنيون في كُـلّ المحافظات شمالًا وجنوبًا ووسطًا، جميعُهم يرفُضُون الخيانة، ويرفُضُون العمالةَ للعدو الإسرائيلي، ومتمسكون بثوابت دينهم، وقد يختلف اليمنيون في قضايا كثيرة، إلا في قضية واحدة هي قضية فلسطين، والمقاطعة، والعداء للعدو الإسرائيلي.
هذا محل إجماع من جميع أبناء اليمن في كُـلّ المناطق والمحافظات، لكن المرتزِقة والأدوات منهم صاروا يتحدون مشاعر اليمنيين بشكل سافر، كما هو حال المرتزِق عيدروس الزبيدي، ومنهم من يحاول أن يخادع ويتخفى خلف عبارات وجمل لا تسمن ولا تغني من جوع؛ فالتبعيةُ واضحة، والنشاطُ لصالح الإمارات ولصالح العدوّ الإسرائيلي واضح، كما هو حال مرتزِقة الساحل.
لو لم يتحَرّك اليمنُ لدعم غزة، لما كانت الولايات المتحدة وَالكيان المؤقَّت قد عادت لاستغلال هذه الأدوات مجدّدًا؛ فقبل طوفان الأقصى، كانت الولاياتُ المتحدة تتعامل مع المِلف اليمني على أنه مِلَفُّ سعوديّ بحت؛ ممَّـا يعني أنها قد سلَّمت الأمر للسعوديّين، حَيثُ كانت أولوياتها تتركز على الجوانب الاستراتيجية والإدارة، وكانت السعوديّة والإمارات تتوليان إدارةَ تلك الأدوات.
لكن السعوديّة والإمارات قد أصابتهما حالةٌ من الإحباط واليأس من تلك الأدوات؛ إذ أثبتت فشلها على مدار تسع سنوات من الحرب والدعم والتمويل من قبلهما، ولم ينجحوا في تحقيق أية انتصارات لأسيادهم في الرياض وأبو ظبي، بل تعرضوا للهزائم والإخفاقات.
ومع ظهور (طوفان الأقصى)، وبعد الفشل والإخفاقات المعروفة لأمريكا و"إسرائيل"، والتي رصدها الجميع خلال الأشهر الماضية، اضطرت الولايات المتحدة للبحث عن أدوات قديمة عفا عليها الزمن سبق لها تجربتها.
في سياق السباق الجاري بين بعض أدوات الارتزاق للارتماء في أحضان العدوّ الإسرائيلي، نجد أن مستوى النفوذ الإماراتي قد بلغ ذروته، حَيثُ يتم تنفيذ التعليمات الإماراتية بواسطة ما يُعرف بالمجلس الانتقالي.
ووصل الأمر إلى منع أي تعبير عن التعاطف والتضامن مع غزة، سواء من خلال تنظيم مظاهرات، أَو رفع لافتات، أَو حتى بإضافة بعض الكلمات خلال خطبة الجمعة، وفي فترات سابقة، قام المواطنون من أبناء عدن بتعليق لافتات تؤيد غزة والشعب الفلسطيني، ولكن تم تمزيقها وإنزالها ليحل محلها صور لعيال زايد وعبارات الشكر لعيال زايد.
في مدينة عدن، التي تتبع للإمارات من خلال أذرعها في المجلس الانتقالي، يُحظر التحدث في المساجد أَو خلال خطب الجمعة، عن الأوضاع في غزة، وكذلك الدعوة لنصرة الأطفال والنساء هناك.
ولهذا فَـإنَّ هذه السياسات لا تمثِّلُ وجدانَ الشعب اليمني، بل تعبِّرُ عن إرادَة خارجية تُفرَضُ على حساب هُوية الناس ومبادئهم، وعلى حساب كرامتهم التي بقيت لهم رغم الجوع والفقر والعطش. أهل عدن، وسائر اليمن، لم يعد لديهم سوى مواقفهم النبيلة وانتمائهم العميق لدينهم وقضايا أمتهم، واليوم يُراد انتزاع حتى هذه القيم منهم بالقوة والترهيب.
إن منع اليمنيين من التعبير عن تضامنهم مع غزة هو انتزاع للكرامة، ومصادرة للمشاعر، وقمع للضمير، وقطع لما تبقى من رابط أخلاقي وإنساني وروحي مع قضية تمثل وجدان الأُمَّــة كلها.
الخطباء في عدن، أمثال هذا الخطيب، يُلاحَقون ويُعتقَلون وتُمارَس عليهم كُـلّ أشكال التضييق، مع أنهم، أَو بعضهم، من الجماعات السلفية. لكن السبب هو أنهم تحدثوا في خطبة الجمعة، عن غزة، وعن مأساة غزة، وعن واجب المسلم تجاه أخيه المسلم في فلسطين وغزة.
بالتالي، يعمل اليهود والأمريكان على الإكثار من إيجاد العملاء الخونة؛ لأَنَّ دورهم مهمٌّ للعمل كأذرع وخنادق متقدمة لخوض حروب اليهود ضد الأُمَّــة وأبنائها وشرقائها.
هذا الخطيب الشيخ محمد الكازمي، خطيب أحد المساجد في عدن، لم يسلم من الإمارات وأدواتها؛ فقد اقتحمت أدوات الإمارات المسجد الذي يقيم فيه، حَيثُ تفاجأ المصلون، فجر أحد الأيّام بعدد من العناصر المسلحة الملثمة التي هاجمت إمام وخطيب المسجد الشيخ الكازمي، واقتادوا الإمام بشكل مهين إلى مكان مجهول.
ما تعرض له الشيخ محمد الكازمي تعرض له الشيخ علي المحثوثي، فبعد صلاة الجمعة، التي ألقى فيها خطبة تحدث فيها عن نصرة فلسطين وغزة، هاجم الخونة العرب والعملاء المتعاونين مع اليهود على حساب أمتهم ودينهم، وعلى حساب الشعب الفلسطيني والمقدسات العربية والإسلامية.
لم يكاد يكمل الشيخ المحثوثي الصلاة حتى تعرض لهجوم من قبل عناصر تابعة للإمارات، ولكن في يوم الجمعة، كان هناك عدد كبير من الناس استطاعوا الدفاع عن شيخهم وتخليصه من بين أيدي هذه العصابة. هذا هو الحال في عدن، التي عُرِفَ أبناؤها ومساجدها ومدارسها ومؤسّساتها، بالوفاء لفلسطين والوقوف إلى جانبها.
يرفُضُ أبناءُ عدنَ وأبين وشبوة ولحج والضالع وكل المناطق اليمنية الخيانةَ والعمالة مع العدوّ الإسرائيلي؛ لذا، فَـإنَّ التصرفات التي يقوم بها العملاء وأدوات الإمارات تمثل إساءة وتجاوزًا لمبادئ ومواقف وتاريخ اليمنيين.
ويُعتبر أبناء المحافظات الجنوبية الأكثر وفاءً وولاءً للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني في عدن، حَيثُ استقبل رجال المقاومة الفلسطينية أَيَّـام حكم الرئيس علي ناصر محمد، وقد وجدوا دعمًا واحتضانًا لهم في عدن، لم يحصل مثلُه في امتداد الدول العربية والإسلامية، بعد خروجهم من بيروت عام 1982م، وهذا ما يعرفه ويعترفُ به قادةُ الحركات الفلسطينية.
هذا القيادي في حركة فتح، عبَّاس زكي، كان من قيادات المقاومة الفلسطينية التي أقامت في عدن واستُقبلت فيها؛ فتاريخ اليمن، وبالذات أبناء المحافظات الجنوبية في نصرة ومساندة فلسطين، هو تاريخ مشرف ناصع لا يمكن لأحد المزايدة عليه.
وبالتالي، الإمارات تحاول الآن أن تسرقَ وتسيء إلى هذا الموقف وإلى هذا التاريخ والضمير الحي، لكن أبناء عدن وبقية محافظات الجنوب هم أكثر وعيًا وإيمانًا بقيم ومبادئ الآباء والأجداد، وهذه المرحلة المخزية التي يتصدّرها أدواتُ الإمارات ستُمحَى وستُدفن تحت أقدام أبناء وبنات ورجال ونساء عدن والجنوب وبقية المحافظات.
عباس القاعدي| المسيرة نت:
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: الولایات المتحدة على حساب فی عدن
إقرأ أيضاً:
اشتباكات بين قوتين تابعتين للمجلس الانتقالي غرب عدن
اندلعت الجمعة، اشتباكات مسلحة بين قوتين عسكريتين مواليتين للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات في محافظة لحج جنوبي اليمن.
وبدأت الاشتباكات بين قوات مشتركة من ألوية العمالقة والحزام الأمني وأخرى من قوات اللواء التاسع صاعقة، التي تعرضت نقاط انتشار لها في منطقة رأس عمران غرب العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، جنوبا، للهجوم ضمن حملة عسكرية للسيطرة على جميع الحواجز الأمنية والعسكرية الممتدة عبر لحج وصولا إلى عدن، وفق ما ذكره مصدر مطلع لـ"عربي21".
وقال المصدر إن قوات العمالقة والحزام الأمني والشرطة العسكرية بدأت بحملة عسكرية تستهدف رفع جميع الحواجز والنقاط الأمنية والعسكرية على طول الطريق الساحلي الممتد من محافظة لحج وصولا إلى عدن، على إثرها اندلعت الاشتباكات مع قوات اللواء التاسع صاعقة وهو لواء انشق حديثا عن القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المنادي بانفصال جنوب البلاد عن شماله ـ وينتشر في منطقة رأس عمران الساحلية غرب عدن.
وأضاف المصدر أن القوة المشتركة من العمالقة والحزام الأمني والعاصفة والشرطة العسكرية وكلها تشكيلات تابعة للمجلس الانتقالي تمكنت من السيطرة على معسكر اللواء التاسع صاعقة بعد رفض قائده فاروق الكعلولي قرار إقالته، من قبل المجلس الانتقالي، وتسليم المعسكر لخلفه الجديد.
وتابع المصدر بأن هذه القوات سيطرت أيضا على الحواجز التابعة للواء في منطقة رأس عمران، والتي طالما شكلت مصدر ابتزاز للمواطنين وجني للجبايات بشكل غير قانوني فضلا عن احتجاز شخصيات حكومية واجتماعية وناشطين مدنيين.
وكان المجلس الانتقالي قد أصدر قرارا بإقالة الكعلولي من قيادة اللواء التاسع وتعيين بكيل إدريس الكعلولي خلفاً له، في إطار ترتيبات لإعادة هيكلة التشكيلات العسكرية المنتشرة في مناطق غرب عدن.
وبحسب المصدر فإن قوات الكعلولي انسحبت باتجاه المناطق القبلية المحيطة بعد معارك دارت بينها وقوات العمالقة والشرطة العسكرية والحزام الأمني بلحج.
فيما لم يقدم المصدر تفاصيل إضافية عن حصيلة الاشتباكات بين الطرفين
وذكر المصدر اليمني المطلع أن الحملة العسكرية التي بدأت على طول الطريق الساحلي الرابط بين تعز ولحج وعدن، جاءت بناء على توجيهات عضو مجلس القيادة الرئاسي، أبوزرعة المحرمي، قائد ألوية العمالقة، بهدف "تأمين الطريق الساحلي وإزالة نقاط الجبايات غير القانونية إضافة إلى مكافحة التهريب".
ويحتدم الصراع في محافظة لحج 50 كلم شمال عدن، الذي تتقاسم الحكومة اليمنية السيطرة عليها مع المجلس الانتقالي، بالإضافة إلى الحضور اللافت لوحدات من ألوية العمالقة المنتشرة في الشريط الساحلي الممتد من مدينة عدن وحتى مديرية المضاربة القريبة من باب المندب، حيث ممر الملاحة الدولي.