هل تستيقظ منطقتنا أم تخضع للوهم الإمبراطوري؟
تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT
النظام العالمي يعاني من عجز وانغلاق يضعف آلياته في قيادة الواقع، فتبرز من الثغرات رجعية تعبر عن الهزيمة النفسية والاحتماء كما يحتمي الطفل الخائف من تسونامي بأمه. وما يجده الكتّاب أنه نزق وسوء إدارة في ترامب هو واقعيا رد فعل طبيعي على الواقع الجديد، سبقه في ذلك بوتين وما زال الواقع العربي يمثل حالة الفشل بنفس الانكفاء نحو الاستبداد الذي يفرض شرعية التغلب، لكن الجديد هو اعتبار ترامب أن النظام الدولي يقيد الولايات المتحدة، وأن الله اختاره ليجعل أمريكا أعظم.
هل ترامب يقود الولايات المتحدة إلى الدمار؟
قرأت ترجمة عن مقال لأستاذ العلاقات الدولية في هارفارد، ستيفن إم. والت"، وضع فيه ما قال إنها وصفة من خمس خطوات لتخريب السياسة الخارجية الأمريكية:
الخطوة 1: "عيّن مجموعة من الموالين والمنافقين"، وذكر فيها مواصفات قد تتوفر في النظم الاستبدادية في السلطات المتخلفة هنالك حيث يتكلم الرئيس فقط ويصفق الجميع ولا معترض بل الكل ممجد له وهو يقود عربة البلاد إلى الهاوية، ليس المطلوب الكفؤ، بالعكس المطلوب أناس يربطون مصيرهم بالرئيس وبلا مبادئ أو قيم، وعندما تتخلص القوة المستبدة ممن يعارضها فسينطبق عليها قول الصحفي الشهير والتر ليبمان "عندما يفكر الجميع بالطريقة نفسها، لا يفكر أحد كثيرا". وهذا يجعل من السهل لقائد مضلل أن يقود البلاد إلى الهاوية وسابقا نقص المعارضة الداخلية القوية هو ما سمح لستالين بتدمير الاقتصاد السوفييتي، ولماو بإطلاق "القفزة العظيمة للأمام"، ولهتلر بإعلان الحرب على أوروبا، كما سمح لجورج بوش بالتورط في العراق عام 2003.
نلاحظ أن من فعل هذا أتى بنوع من الشرعية، فماو أتى بالشرعية الثورية وهو مؤيد من شعبه ولم يجرؤ أحد أن يقف موقف المخالف بأي شيء، أما هتلر وجورج بوش أتى بالشرعية الديمقراطية وانحرفا بتأييد كما يحصل مع ترامب، هم تجاهلوا الأصوات المخالفة كما يحصل الآن مع ترامب وحتى بايدن في مسألة كفلسطين، والآن تتسع لمحاولة تحويل الاتفاقيات إلى نوع من الهيمنة مقابل الصداقة
الخطوة 2: افتعل أكبر عدد ممكن من النزاعات مع الدول: وهنا يشير الكاتب إلى حقيقة أن السياسة الدولية ليست فرض الإذعان وإنما تفاهمات وتماه حتى لو كانت قوية، فلا ينبغي أن تشكل مصدر خوف لحلفائها لأن العلاقات تقوم من أجل الأمن والاستقرار.
أقتبس: "أما ترامب، ففي أقل من ثلاثة أشهر، فقد أهان الحلفاء الأوروبيين، وهدد بالاستيلاء على أراضٍ من الدنمارك، ودخل في خلافات مع كولومبيا والمكسيك وكندا وغيرها. كما استخدم هو ونائبه جي. دي. فانس أساليب ترهيب علنية مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي، محاولين إجباره على التنازل عن حقوق المعادن مقابل المساعدة الأمريكية" انتهى.
الإدارة الأمريكية أجرت فك ارتباط والمنظمات الدولية كالوكالة الأمريكية للتنمية، ومنظمة الصحة العالمية، والواضح أن عدم اهتمام ترامب بالدول الفقيرة يقوض حاجة في كينونة النظام الرأسمالي للاستقرار وليس حبا بالفقراء، وأن منظومة الضرائب مع الأصدقاء تبدو ظاهرا مجحفة للولايات المتحدة لكن الحقيقة أنها تدر ربحا خياليا على الولايات المتحدة؛ لأن صناعتها بالتجزئة تعتمد على مصانع في هذه الدول قرب المادة الخام ورخص الأيدي العاملة وفرض الضرائب هو ضمنيا فرض الضرائب على الذات.
الخطوة 3: "تجاهل قوة القومية". محاولة ترامب التأكيد على عظمة بلده واحتقار الآخرين سيثير بعد الصدمة في تقوية الكراهية في الدول الأخرى وسيزيد التحدي من قادة تلك الدول لإرضاء شعوبهم، ولعلنا لاحظنا دولا عدة تململت رغم أن شعبية رؤسائها في الحضيض لتتفاعل مع هذا الإخفاق.
الخطوة 4: انتهك الأعراف وتخلَّ عن الاتفاقات وتصرف بشكل غير متوقع. وبغض النظر عن رأي الكاتب وما طرحه، فالحقيقة أن هنالك فعلا محددات وإلا لن تبقى هنالك علاقات دولية وستعم الفوضى، ولا بد من الالتزام بها وإن ظن غير ذلك وربما هنالك إيجابية للتخلص من هيمنة طالت بلا فائدة.
أما آن الأوان أن يكون السادة سادة فعلا ويستمدون قوتهم من شعبهم ويستغلون اقتصادهم في إنشاء عملة تجارية وتعيد بلادنا مركز العالم الجديد بدل الأسى والفوضى، وهذا الفاصل بين الكرسي والشعب والذي يستغله بكفاءة الآخر، خصوصا بعد أن أصبح أقطاب الأمس الشيوعي والرأسمالي أكثر قربا من الفكر القيصري الإمبراطوري الذي يريد خيرات العالم له، عندها كل أعمالكم لن تكفي
الخطوة 5: "قوّض أسس القوة الأمريكية". ركز الكاتب على مراكز الدراسات والبحوث مستشهدا بالصين، وأن تقليص الدراسات والبحوث ومراكزها هو تراجع في الصدارة التقنية، حتى الجامعات كهارفارد عوقبت لممارستها الديمقراطية، وأقتبس "وحتى العلوم الإنسانية والاجتماعية لم تسلم. مهاجمة هذه المجالات يعوق قدرتنا على فهم مشكلاتنا الاجتماعية واقتراح حلول لها. عندما يسكت السياسيون الأصوات المعارضة، تزداد السياسات الحمقاء ويصعب تصحيحها. لهذا السبب يستهدف الطغاة دائما الجامعات والمراكز المستقلة عند سعيهم لترسيخ سلطتهم".
هل سيطول الانبهار أيتها الأمم النائمة
الحقيقة أن ما طرحه الكاتب وتبنيت شرحه بما اقتبست ووضحت أخرى هو نوع من الإحساس وليس استشرافا واضحا، فهو في حالة يندب ضياع المجد كما يفعل أي مثقف في الدول العربية وهو يندب ما وصلت إليه الأمة. الحقيقة أن انحلال القيود لن يبقي الأمور ثابتة حتى تغير الولايات المتحدة مزاجها وتقرر إصلاح ما فات أو لا تجد خسائر فيما ظنت أنه جنون، وهو في الحقيقة إسقاط تجربة شخصية وإيمان بالفردانية والقوة وهو مذهب الولايات المتحدة أصلا، فالرجل مجسّد أصل الأفكار التي قامت عليها بلاده والتي أتت به إلى الحكم، لكن السؤال: أما آن الأوان أن يكون السادة سادة فعلا ويستمدون قوتهم من شعبهم ويستغلون اقتصادهم في إنشاء عملة تجارية وتعيد بلادنا مركز العالم الجديد بدل الأسى والفوضى، وهذا الفاصل بين الكرسي والشعب والذي يستغله بكفاءة الآخر، خصوصا بعد أن أصبح أقطاب الأمس الشيوعي والرأسمالي أكثر قربا من الفكر القيصري الإمبراطوري الذي يريد خيرات العالم له، عندها كل أعمالكم لن تكفي.
وقد ناقشنا ذلك في مقالات موسعة، إن التطبيع بعد الترامبية لم يعد إلا إضعافا وخسارة، الخسارة لمن يطبعون لأوهام لا يحققها الانتظار ويضعفون بسبب مكافحتهم لقيمهم وتراثهم ونخبتهم بما يسر الأعداء، لكنَّ الخيار اليوم وفرصته مفتوحة بين حلم العبد أن يشتري بدراهمه سيدا يعامله بلطف كما نفعل عمليا، أو يكون حرا سيدا عزيز قومه كما يجب أن تكونوا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات ترامب امريكا إمبراطورية ترامب مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الحقیقة أن
إقرأ أيضاً:
بنسبة 100%.. ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية على الأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة
يضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هوليوود في صدارة جولته القادمة من الرسوم الجمركية، مهددًا بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على جميع الأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، اتهم ترامب دولًا أخرى بـ «سرقة قدرات صناعة الأفلام» الأمريكية، وقال إنه فوض وزارة التجارة والممثل التجاري الأمريكي بالبدء فورًا في عملية تطبيق ضريبة الاستيراد الجديدة هذه على جميع الأفلام الأجنبية، لكن لم تُقدم تفاصيل أو مواعيد إضافية.
وأكد البيت الأبيض أنه لم يتم اتخاذ أي قرارات نهائية حتى يوم الاثنين.
صرح ترامب لاحقًا بأنه سيجتمع مع مسؤولي الصناعة لمناقشة الاقتراح، لكن لا يزال هناك الكثير من الغموض حول كيفية تطبيق ضريبة استيراد على الإنتاجات الدولية المعقدة.
في حال فرضها، يحذر الخبراء من أن مثل هذه الرسوم سترفع تكاليف صناعة الأفلام بشكل كبير اليوم.
قد يُعرّض هذا الغموض صانعي الأفلام للركود، تمامًا كما هو الحال مع الصناعات الأخرى التي وقعت مؤخرًا في مرمى نيران الحروب التجارية الدائرة اليوم.
وعلى عكس القطاعات الأخرى التي استُهدفت مؤخرًا بالرسوم الجمركية، تتجاوز الأفلام السلع المادية، مما يُثير تساؤلات حول تبعات الملكية الفكرية الأوسع نطاقًا. إليكم ما نعرفه.
لماذا يُهدد ترامب بفرض هذه الرسوم الجمركية الباهظة على الأفلام؟يُشير ترامب إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي، وهو تبريرٌ استخدمه بالمثل لفرض ضرائب استيراد على دول مُحددة ومجموعة من السلع الخاصة بقطاعات مُحددة.
في منشورٍ مساء الأحد على منصته الاجتماعية «تروث سوشيال»، زعم ترامب أن صناعة السينما الأمريكية «تشهد موتًا سريعًا» في ظلّ تقديم دول أخرى «شتى أنواع الحوافز» لجذب صناعة الأفلام بعيدًا عن الولايات المتحدة.
سبق أن أعرب ترامب عن قلقه بشأن انتقال إنتاج الأفلام إلى الخارج. وفي السنوات الأخيرة، واجه إنتاج الأفلام والتلفزيون الأمريكي صعوباتٍ بسبب الانتكاسات الناجمة عن جائحة كوفيد-19، وإضرابات نقابات هوليوود عام 2023، وحرائق الغابات الأخيرة في منطقة لوس أنجلوس. كما أثّرت برامج الحوافز طويلًا على أماكن تصوير الأفلام في الخارج وداخل الولايات المتحدة، حيث انتقل المزيد من الإنتاج من كاليفورنيا إلى ولايات مثل جورجيا ونيو مكسيكو، بالإضافة إلى دول مثل كندا.
لكن بخلاف القطاعات الأخرى التي استهدفتها الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب مؤخرًا، تعاني صناعة السينما الأمريكية حاليًا من عجز تجاري يصب في مصلحة الولايات المتحدة.
في دور السينما، تهيمن الأفلام الأمريكية على السوق المحلية بشكل كبير.
كما تُظهر بيانات جمعية الأفلام السينمائية أن الأفلام الأمريكية حققت صادرات بقيمة 22.6 مليار دولار، وفائضًا تجاريًا بقيمة 15.3 مليار دولار في عام 2023 - مع تقرير حديث أشار إلى أن هذه الأفلام "حققت ميزانًا تجاريًا إيجابيًا في جميع الأسواق الرئيسية في العالم" للولايات المتحدة.
في العام الماضي، شكلت الأسواق الدولية أكثر من 70% من إجمالي إيرادات شباك التذاكر في هوليوود، وفقًا لما ذكرته هيون كيم، الأستاذة المساعدة في الاستراتيجية بجامعة كورنيل. وحذرت من أن الرسوم الجمركية والإجراءات الانتقامية المحتملة من الدول الأخرى التي تؤثر على هذه الصناعة قد تؤدي إلى خسائر في الأرباح بمليارات الدولارات وآلاف الوظائف.
صرح التحالف الدولي لموظفي المسارح، الذي يمثل العاملين في مجال الترفيه خلف الكواليس في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا، في بيان يوم الاثنين أن ترامب «أدرك عن صواب» «التهديد المُلحّ من المنافسة الدولية» الذي تواجهه صناعة السينما والتلفزيون الأمريكية اليوم.
لكن الاتحاد قال إنه بدلاً من ذلك أوصى الإدارة بتطبيق حافز ضريبي فيدرالي للإنتاج وأحكام أخرى «لتكافؤ الفرص» مع عدم الإضرار بالصناعة ككل.
كيف يُمكن تطبيق ضريبة على الأفلام الأجنبية؟تشير آن كوبوزا، المحامية ومحاضرة قانون الأعمال في كلية ليفي للأعمال بجامعة سانتا كلارا، إلى أن «الرسوم الجمركية التقليدية تُطبق على الواردات المادية العابرة للحدود، لكن إنتاج الأفلام يشمل في المقام الأول الخدمات الرقمية - التصوير والمونتاج وأعمال ما بعد الإنتاج التي تتم إلكترونيًا».
وأضافت كوبوزا أن إنتاج الأفلام أشبه بخدمة تطبيقية يمكن فرض ضرائب عليها، وليس فرض رسوم جمركية عليها.
لكن الضرائب تتطلب موافقة الكونجرس، وهو ما قد يُمثل تحديًا حتى مع وجود أغلبية جمهورية.
صناعة الأفلام عملية معقدة للغاية، ودولية الطابع. من الشائع أن تشمل الأفلام الكبيرة والصغيرة، على حد سواء، الإنتاج في الولايات المتحدة ودول أخرى. على سبيل المثال، تُصوَّر الأفلام ذات الميزانيات الضخمة، مثل فيلم "المهمة المستحيلة: الحساب الأخير"، حول العالم.
كثيرًا ما تُصوِّر الاستوديوهات الأمريكية في الخارج لأن الحوافز الضريبية قد تُخفِّض تكاليف الإنتاج. لكن كيم قال إن فرض تعريفة جمركية شاملة قد يُثبِّط ذلك أو يُحدِّ من الخيارات، مما يُضرُّ بأفلام هوليوود والصناعة العالمية التي تُساهم في إنتاجها.
وأضاف ستيفن شيفمان، الخبير المخضرم في صناعة الأفلام والأستاذ المساعد في جامعة جورج تاون: "عندما تُطبِّق هذه القواعد الشاملة، فإنك تُفوِّت بعض التفاصيل الدقيقة لكيفية عمل الإنتاج". أحيانًا، يكفي الذهاب إلى موقع التصوير، لأن مجرد محاولة إنتاج فيلم في استوديو صوتي أمرٌ مكلفٌ للغاية.
يشير شيفمان إلى أفلام شهيرة صُوّرت خارج الولايات المتحدة، مثل سلسلة أفلام "هاري بوتر" من إنتاج شركة وارنر براذرز، والتي صُوّرت بالكامل تقريبًا في المملكة المتحدة. ويضيف: "كانت تكلفة إنتاج هذه الأفلام ستتضاعف تقريبًا في ظل هذه التعريفة المقترحة".
اقرأ أيضاًترامب: إعلان وشيك عن هدنة محتملة وتبادل محتجزين فى غزة
ترامب: تعرضنا للاستغلال التجاري من قبل الجميع طوال 50 عاما
ترامب يفاجئ الجميع: لا أستبعد تأجيل حظر «تيك توك» مجددًا