أجمع محللون وخبراء على أن إسرائيل باتت في مواجهة معضلة أمنية مستجدة، إثر الضربات المتواصلة التي يوجهها الحوثيون من اليمن، مؤكدين أن هذه الضربات بعثت رسائل سياسية وعسكرية واضحة، في وقت تجد فيه تل أبيب نفسها وحيدة في هذه الجبهة بعد انكفاء واشنطن.

وجاءت الضربة الأخيرة عقب أيام من استهداف مطار بن غوريون، أحد أهم المنشآت الحيوية في إسرائيل، وهو الهجوم الذي تسبب بحالة من الذعر الواسع، وأدى إلى وقف الطيران واندفاع ملايين الإسرائيليين نحو الملاجئ، حسب وسائل إعلام إسرائيلية.

وأكدت تل أبيب أن منظومة "حيتس" الدفاعية الإسرائيلية نجحت في اعتراض الصاروخ القادم من اليمن، في حين فشلت منظومة "ثاد" الأميركية للمرة الثانية خلال أسبوع، مما أعاد الجدل حول فعالية هذه الأنظمة أمام الصواريخ الفرط صوتية التي أعلنت جماعة أنصار الله استخدامها.

الكاتب والباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر رأى أن الضربة جاءت لتؤكد أن الاتفاق المعلن بين الحوثيين والأميركيين، لا يشمل إسرائيل، بل يعزلها عن المظلة الأميركية، موضحا أن التوقيت السياسي للهجوم يسبق زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما يضفي عليه دلالة رمزية مضاعفة.

وأشار خلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث" إلى أن الرد الإسرائيلي عبر قصف أهداف يمنية، بما فيها ميناء الحديدة، لم يفلح في ردع الحوثيين أو إظهار قدرة تل أبيب على فرض معادلتها، بل إن الرد اليمني جاء كنسف رمزي لجدوى هذا القصف، ويكشف أن الجماعة لم ترتدع، بل ماضية في نهجها التصعيدي.

إعلان

وحيدة ومحرجة

فيما أشار الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى إلى أن إسرائيل باتت وحيدة ومحرجة في هذه الجبهة، موضحا أن صمتها كان ممكنا حين كانت الضربات الأميركية تستهدف الحوثيين، لكنها الآن مضطرة للرد بنفسها، دون غطاء أميركي.

وقال -خلال مشاركته في البرنامج ذاته- إن إسرائيل تواجه معضلة عسكرية، إذ لا تملك حلا ميدانيا فعالا لهذه الضربات، وليس لديها نية لحل سياسي في غزة لوقفها، ما يعني استمرارها في دائرة رد بلا نتيجة، تنعكس على الرأي العام الإسرائيلي المتذمر من حالة الاستنزاف.

وأضاف أن حكومة بنيامين نتنياهو تتعرض لتراجع ملحوظ في شعبيتها، منذ سقوط الصاروخ في مطار بن غوريون، حيث أظهرت استطلاعات الرأي انحدار تمثيل مركبات الحكومة، في مؤشر على الغضب الشعبي المتزايد من الأداء السياسي والعسكري.

وبينما طالب زعيم المعارضة يائير لابيد بتكثيف الضربات على اليمن وتعطيل البنية التحتية فيها، قال الخبير العسكري العميد إلياس حنا إن بنك الأهداف في اليمن مستهلك تقريبا، فمعظم المواقع الإستراتيجية قد دُمرت، لكن الحوثيين ليسوا قوة تقليدية، ولا ينطبق عليهم نموذج الدولة الرقمية.

ورأى أن إسرائيل عاجزة عن خوض حرب سيبرانية مع الحوثيين، الذين يعملون بأساليب بدائية لكنها فعالة، موضحا أن الحركة تحوّلت إلى "لاعب لا دولتي" يجابه إسرائيل من تحت الأرض، مستثمرا موارد محدودة بعائد عسكري كبير.

اختراق نوعي

وأوضح أن مجرد إطلاق الصاروخ، ووصوله إلى محيط مطار بن غوريون هو اختراق نوعي بحد ذاته، إذ لم يسقط فحسب، بل أحدث أضرارا اقتصادية واجتماعية وأربك صورة إسرائيل كقوة ردع مفترضة، في وقت تحاول فيه فرض هيمنتها الإقليمية.

وتعليقا على خروج واشنطن من المعركة، اعتبر شاكر أن ما يجري هو إخفاق مزدوج، إذ خرجت الولايات المتحدة من حملة عسكرية طويلة لحماية الاحتلال، في حين بقيت إسرائيل تحت القصف، في معادلة قال إنها تكشف عجز التحالف الأميركي الإسرائيلي عن ردع اليمنيين.

إعلان

ولفت إلى أن مدح ترامب للحوثيين واعترافه بشجاعتهم يمثل إحراجا شديدا لإسرائيل، إذ إن رئيسا أميركيا لطالما دعم الاحتلال، بات يمتدح خصومه، محذرا من أن هذا المزاج الأميركي قد ينسحب في المستقبل على المقاومة الفلسطينية.

كذلك يرى مصطفى أن الاتفاق الأميركي الحوثي مثّل ضربة قاسية لتل أبيب، لأنها تجد نفسها في مواجهة تهديدات لا تشملها التفاهمات الدولية، في وقت يتراكم فيه الإحباط من مواقف ترامب داخل الأوساط اليمينية الإسرائيلية.

عزلة ممتدة

وأوضح أن إسرائيل تواجه عزلة ممتدة لا تقتصر على اليمن، بل تشمل أيضا ملفات إيران وسوريا وحتى غزة، مشيرا إلى أن حكومة نتنياهو تفتقر القدرة على الربط بين الجبهات المتعددة، وهو ما يضعف قدرتها الإستراتيجية على المواجهة.

وأكد أن ضرب اليمن دون جدوى إستراتيجية يعكس أزمة عميقة في بنية الردع الإسرائيلية، خصوصا أن الجماعة أعلنت صراحة أن اتفاقها مع واشنطن لا يشمل وقف استهداف إسرائيل، لا برا ولا بحرا، ما يجعل تل أبيب عرضة لهجمات متكررة.

وأشار إلى أن هذا التصعيد انعكس مباشرة على المجتمع الإسرائيلي، الذي يشعر بالإرهاق من استمرار حالة الطوارئ، خاصة مع توقف الرحلات الجوية، وحصار عشرات آلاف الإسرائيليين داخل وخارج البلاد بسبب تعطل مطار بن غوريون.

وفي السياق ذاته، قال العميد حنا إن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تعاني من إنهاك واضح، بعد حرب طويلة فشلت في تحقيق أهدافها، لافتا إلى أن 12% من جنود الاحتياط يعانون من صدمة ما بعد الحرب، حسب تقارير إسرائيلية حديثة.

وأوضح أن الجيش الإسرائيلي يعجز عن تحقيق حسم عسكري في أي من الجبهات، بينما بات الردع الذي تستند إليه المؤسسة الأمنية مثقلا بالفشل، سواء في غزة أو في مواجهة الحوثيين، ما يُضعف مكانة إسرائيل إقليميا ويؤثر على هيبتها عالميا.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مطار بن غوریون أن إسرائیل تل أبیب إلى أن

إقرأ أيضاً:

التكتل الوطني للأحزاب يحمل الحوثيين مسؤولية تدمير العدوان الإسرائيلي المنشآت الحيوية في اليمن

أدان التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية العدوانَ الإسرائيلي على اليمن، واستهدافه المتكرر للمنشآت الحيوية اليمنية والأهداف الإنسانية المرتبطة بحياة اليمنيين، والتي طالت ميناء الحديدة، ومطار صنعاء، ومصانع الأسمنت في باجل وعمران، وكذا محطات الكهرباء.

 

وقال التكتل في بيان له إن تلك المنشآت خدمية متصلة بحياة الشعب اليمني، وممولة من أمواله، ولا صلة لها بممتلكات جماعة الحوثي الإرهابية.

 

وأكد أن هذا العدوان الغاشم والسلوك الوحشي للكيان الإسرائيلي يُمثّل انتهاكًا صارخًا للسيادة اليمنية، وللقانون الدولي، وكافة المواثيق الإنسانية الدولية، ويُعدّ امتدادًا للمجازر اليومية وجرائم الحرب الوحشية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي ضد شعبنا في فلسطين.

 

ودعا المجتمع الدولي إلى القيام بواجبه في إدانة هذه الاعتداءات الإسرائيلية، التي باتت تُهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم.

 

وحمل التكتل الوطني جماعة الحوثي مسؤوليتها عن التسبّب في حروب لا تنتهي، ابتدءًا من عام 2004، ولا تزال إلى هذه اللحظة تنتقل من حرب إلى أخرى، مستدعِيةً الخرابَ والدمارَ للشعب اليمني ومقدّراته، تنفيذًا للأجندة الإيرانية.

 

وطالب مجلس القيادة والحكومة باتخاذ موقف وطني حازم لإنقاذ اليمن من هذه المأساة، من خلال التحرك وبدء معركة الخلاص الوطني لاستعادة الدولة، وإنقاذ اليمن من جماعة التمرد والانقلاب الحوثية، التي تسببت في جلب الخراب والدمار لليمن أرضًا وإنسانًا.

 

وأكد التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية حرصه على أمن واستقرار المنطقة، بما في ذلك تأمين طرق الملاحة الدولية، فإنه يؤكد أن لا سبيل إلى ذلك إلا من خلال دعم مؤسسات الحكومة الشرعية اليمنية، ومساندة جيشها الوطني. وإن أي سبيل غير ذلك ما هو إلا تعقيد للأزمة وإطالةٌ في مداها.

 

 


مقالات مشابهة

  • الدويري: الاستهداف الإسرائيلي يركز على الأعيان المدنية في اليمن
  • صاروخ يمني يعطل حركة الطيران بـ«مطار بن غوريون».. وتل أبيب تردّ بغارات على اليمن
  • الجيش الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن تجاه الأراضي الإسرائيلية
  • السفير الأمريكي لدى إسرائيل: لسنا بحاجة الإذن من تل أبيب للاتفاق مع الحوثيين
  • إعلام إسرائيلي: ترامب ترك تل أبيب وحيدة في مواجهة الحوثيين
  • نتنياهو يفتح جبهة جديدة: اليمن تحت نيران التهديد الإسرائيلي
  • التكتل الوطني للأحزاب يحمل الحوثيين مسؤولية تدمير العدوان الإسرائيلي المنشآت الحيوية في اليمن
  • زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة.. رسالة تهديد واضحة من الحوثيين إلى ترامب || تفاصيل
  • قلق إسرائيلي من التحول الأمريكي بشأن اليمن.. والحوثيون يتوعدون السفن الإسرائيلية