تفاهمات طهران مع وشنطن تتمخض عن وقف العمليات الأمريكية ضد الحوثي..
تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT
أثار إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول وقف العمليات العسكرية ضد ميليشيا الحوثي في اليمن، ردود فعل متباينة في الأوساط اليمنية والإقليمية، حيث رأى يمنيون أن هذا الإعلان لم يكن محض صدفة، بل جاء في سياق تفاهمات إقليمية ودولية تقودها طهران ضمن مفاوضاتها المستمرة مع واشنطن.
وتشير التحليلات إلى أن تعهّد الحوثيين بعدم استهداف خطوط الملاحة الدولية لم يكن قرارًا مستقلًا، بل جاء بإيعاز مباشر من إيران، التي استخدمت الجماعة كورقة ضغط في محادثاتها مع الإدارة الأمريكية، مستغلة التوترات الجيوسياسية لتأمين مكاسب تفاوضية.
وبينما اعتبر بعض المراقبين أن دور الحوثيين كذراع عسكرية لإيران في البحر الأحمر قد وصل إلى نهايته بعد استدعاء الوجود العسكري الأمريكي الكثيف في المنطقة، رأى آخرون أن وقف الضربات الأمريكية جاء في توقيت لافت، سبق التصعيد العسكري بين الهند وباكستان، ما يعزز الفرضية بأن واشنطن كانت تستهدف تأمين حضورها في المحيط الهندي.
وفي هذا السياق، أوضح رئيس مركز "نشوان الحميري للدراسات والإعلام"، عادل الأحمدي، أن وقف إطلاق النار لم يحدث فعليًّا، موضحًا أن "الاستهداف كان من طرف واحد فقط، هو الولايات المتحدة، وهذا ما يجب وضعه بعين الاعتبار حتى لا يتم تحريف الحقائق".
وأكد الأحمدي أن "الحوثيين رضخوا منذ اليوم الثاني من بدء الضربات الأمريكية، إلا أن واشنطن واصلت استهدافها للجماعة إلى أن جاء إعلان ترامب بتوقف العمليات، في توقيت حساس سبق تصاعد التوتر في شبه القارة الهندية بساعات قليلة".
وأشار الأحمدي إلى أن هذا التزامن يثير تساؤلات عدة، خاصة أن الوجود العسكري الأمريكي تعزز في المحيط الهندي، وأضاف: "الحوثيون قدموا اليمن وغزة قربانًا لطهران، وهم يتحركون بأوامر مباشرة من إيران، كأنهم أجهزة إلكترونية لا إرادة لها، ولو فنيت اليمن عن بكرة أبيها لما اهتموا، وإذا طُلب منهم الاستمرار فلن يطرف لهم جفن".
ولطالما تبنّت مليشيا الحوثي خطابًا يربط استهدافها لخطوط الملاحة ومهاجمة السفن التجارية بنصرة غزة، مؤكدة أنها لن توقف عملياتها حتى يتم رفع الحصار ووقف الحرب هناك، ومع ذلك، توقفت الهجمات بشكل مفاجئ، في حين ما تزال غزة تحت الحصار والقصف، ما يضع تساؤلات جدية حول مصداقية الخطاب الحوثي.
وفي هذا الإطار، يرى أحمد عبدربه أبو صريمة، المحلل العسكري والناشط السياسي، أن "الجماعات الأيديولوجية، ومن ضمنها الحوثيون، اعتادت على رفع شعارات مثل تحرير القدس ونصرة غزة، كوسيلة لاستعطاف الشارع وتحقيق أجندات لا علاقة لها بتلك القضايا".
وأضاف: "منذ 2004، والحوثيون يرفعون هذه الشعارات، بينما يخوضون حربًا ضد الدولة اليمنية، وينفذون مشروعًا إقليميًّا مرتبطًا بإيران".
وأوضح أبو صريمة أن الجماعة كانت توظف التصعيد في فلسطين لخدمة أهدافها، بالتوازي مع استخدام إيران للقضية الفلسطينية كورقة في مفاوضاتها النووية.
وقال: "مع وصول ترامب للرئاسة، أدركت طهران أن مرحلة المناورة انتهت، فدفعت بالحوثيين إلى التصعيد، لكن الضغوط الأمريكية والضربات المركزة وضعتهم في مأزق داخلي، تجلّى في أزمات وقود وغذاء، ومؤشرات فوضى وانهيار".
ويرى أبو صريمة أن "إيران اضطرت لتقديم تنازل استراتيجي مؤقت، وطلبت من الحوثيين وقف التصعيد، لتجنّب جر المعركة إلى الداخل الإيراني".
ولفت إلى أن "الحوثيين استسلموا دون أن يحققوا أي مكسب حقيقي لا لغزة ولا لفلسطين، وأصبحت القضية الفلسطينية مجرد شعار فارغ، بينما اليمن يُقدَّم قربانًا لمصالح طهران".
وقد شكّل إعلان ترامب المفاجئ بوقف الضربات العسكرية، صدمة في الأوساط اليمنية والإقليمية، ولا سيما أنه رافقه تصريح بالإفصاح عن "إعلان كبير" قبيل زيارته المرتقبة للشرق الأوسط، ما فتح باب التكهنات حول طبيعة ما سيتم الإعلان عنه.
وفي هذا السياق، عبّر الأكاديمي والمحلل السياسي علي العسلي عن دهشته من هذا التوقيت، قائلًا: "إنها مفاجأة حقيقية، والإشارة إلى إعلان كبير قبيل زيارة ترامب للمنطقة، يزيد من أهمية هذا التوقف المفاجئ".
وأضاف، قائلا: "أعتقد أن وقف العمليات ضد الحوثيين مرتبط بما سيتم الإعلان عنه، وربما يشير إلى تفاهمات شاملة، قد تشمل الاتفاق النووي، وربما تسويات في ملفات أخرى مثل غزة".
وأشار العسلي إلى أن وقف الحوثيين هجماتهم على الملاحة الدولية بتنسيق مع واشنطن، يُعدّ أحد المؤشرات على تحولات أوسع، وربما تمهيدًا لإدخال مساعدات إلى غزة، أو التوصل إلى اتفاق بشأنها.
ورغم أمله بأن تكون هذه الخطوة بداية لحلحلة ملفات المنطقة، أعرب العسلي عن خشيته من أن تسفر تلك التفاهمات عن اعتراف أمريكي بالحوثيين، ما قد يُفضي إلى تقسيم اليمن، أو سيطرة الجماعة عليه بالكامل، بما يمثل تخلّيًا عن الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًّا.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
أكبر غرامة في تاريخ الجامعات الأمريكية… ترامب يصعّد معركته مع جامعة كاليفورنيا
طالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الجمعة، جامعة كاليفورنيا بدفع غرامة مالية قدرها مليار دولار، في أحدث خطوة تصعيدية من إدارته ضد الجامعات الأميركية التي تتهمها بـ”معاداة السامية” بسبب طريقة تعاملها مع التظاهرات الطلابية المؤيدة لفلسطين خلال حرب غزة عام 2024.
وقالت إدارة جامعة كاليفورنيا، على لسان رئيسها جيمس ميليكين، إن طلب الغرامة وصل الجمعة، ويتم حالياً مراجعته من قبل المسؤولين، مشيرًا إلى أن المبلغ المطلوب “يعادل خمسة أضعاف الغرامة التي دفعتها جامعة كولومبيا لتسوية اتهامات مماثلة”، واصفًا إياه بأنه “قد يُدمّر بالكامل نظام الجامعة”.
من جهته، هاجم غافين نيوسوم، حاكم ولاية كاليفورنيا وعضو مجلس إدارة الجامعة، القرار بشدة، وقال خلال مؤتمر صحفي: “سنقاضيه… ما يفعله الرئيس هو ابتزاز سافر ومحاولة لإسكات الحرية الأكاديمية”.
وأضاف نيوسوم: “نظام جامعة كاليفورنيا أحد أعمدة الاقتصاد الأميركي، ونملك أكبر عدد من العلماء والمهندسين والحائزين على جوائز نوبل مقارنة بأي ولاية أميركية أخرى”.
إلى جانب الغرامة المقترحة، تطالب الحكومة الأميركية الجامعة بدفع 172 مليون دولار إضافية كتعويضات للطلاب اليهود وغيرهم ممن يزعم تضررهم من التمييز خلال الاحتجاجات.
كما فرضت إدارة ترامب تجميدًا لأكثر من نصف مليار دولار من المنح الفيدرالية المخصصة لجامعة كاليفورنيا، ضمن سلسلة من الضغوطات التي استخدمتها الإدارة ضد عدد من الجامعات، بما في ذلك كولومبيا وهارفرد، لإجبارها على الامتثال لشروط محددة تتعلق بالسياسات الأكاديمية والتوظيف.
ويُذكر أن جامعة كولومبيا كانت قد وافقت على تسوية تضمنت عدم الأخذ بالاعتبارات العرقية في القبول والتوظيف، وهي الخطوة التي أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الأكاديمية الأميركية.
وكانت عشرات الجامعات الأميركية قد شهدت احتجاجات طلابية واسعة عام 2024، رفضًا للحرب على غزة، تعرضت خلالها الاعتصامات لقمع عنيف من الشرطة، ما دفع بالرئيس جو بايدن حينها إلى الدعوة لـ”عودة النظام”.
وتُعد الجامعات الأميركية، لا سيما العامة منها مثل جامعة كاليفورنيا، مراكز قوة أكاديمية وثقافية ليبرالية، تواجه انتقادات متزايدة من تيار ترامب و”حركة اجعل أميركا عظيمة مجددًا”، التي تتهمها بـ”التحيّز اليساري” و”معاداة القيم القومية”.
كاليفورنيا ترفض دفع مليار دولار لإدارة ترامب وتصف الطلب بـ”الابتزاز السياسي”
رفض مكتب حاكم ولاية كاليفورنيا، غافن نيوسوم، طلب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA) دفع مليار دولار لتسوية نزاع مع السلطات الفيدرالية، واصفًا الأمر بأنه “ابتزاز سياسي”.
وقال مكتب نيوسوم عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس” إن ترامب حول وزارة العدل إلى أداة لشل قدرات أحد أفضل أنظمة الجامعات الحكومية في البلاد، من خلال تجميد تمويل الطب والعلوم حتى تدفع الجامعة المبلغ المطلوب، مؤكدًا أن كاليفورنيا “لن تخضع لهذا الابتزاز السياسي البشع”.
ووفقًا لشبكة CNN، استنادًا إلى مسودة اتفاق ومصادر مطلعة، تطالب إدارة ترامب جامعة كاليفورنيا بدفع المبلغ على عدة دفعات، مع إنشاء صندوق تعويضات بقيمة 172 مليون دولار للأشخاص المتضررين من انتهاكات قانون الحقوق المدنية الذي يحظر التمييز في العمل، وبالمقابل، ستستأنف التمويلات الفيدرالية للجامعة وتستعيد حقها في الحصول على المنح والعقود.
وأشارت الشبكة إلى أن البيت الأبيض جمد الأسبوع الماضي تمويلًا للجامعة بقيمة 584 مليون دولار، في وقت تخضع فيه جامعة كاليفورنيا لتحقيق من وزارة العدل الأمريكية في إطار حملة اتحادية ضد معاداة السامية في الحرم الجامعي.