#سواليف
نحن معك يا #باكستان
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
في زمنٍ تهاوت فيه المواقف، وسقطت فيه الأقنعة، وارتبكت فيه البوصلة السياسية والأخلاقية، يطل علينا مشهد الصراع المتجدد بين الهند وباكستان، لا كصراعٍ حدودي فحسب، بل كمرآة مكشوفة لانقسام العالم بين من يدافع عن الكرامة ومن يتاجر بها، بين من يصطف مع الحق، ومن يعانق الباطل طمعًا أو جبنًا أو نفاقًا.
لم تكن باكستان دولةً مثالية، ولم تدّعِ ذلك، لكنها اليوم تمثل في عيون الأحرار آخر ما تبقى من صوت إسلامي يمتلك القوة والنية لمواجهة الغطرسة الهندية، المدعومة من قوى الاستكبار العالمي. الهند، بقيادة قومييها الهندوس المتطرفين، لا تريد سلامًا ولا استقرارًا، بل تسعى لابتلاع ما تبقى من كشمير، وتحويل المسلمين هناك إلى أقليات مسحوقة في وطنهم المحتل. إنها حرب صامتة تُشن منذ عقود، لكنها الآن تُدار بوجه سافر وسلاح فتاك، وسط صمت دولي مشين، وتواطؤ من أنظمة عربية استمرأت الانبطاح.
والسؤال المرّ: من سيقف مع باكستان في معركتها المصيرية؟
الغرب المتوحش، الذي طالما كافأ المعتدين وأدار ظهره للمظلومين، لن يسمح بانتصار دولة مسلمة تملك الإرادة النووية والقرار المستقل. فكما حاصروا
اليمن وقصفوا العراق، وخنقوا سوريا، فإنهم سيقفون بكل ما أوتوا من أدوات لمنع باكستان من فرض معادلة جديدة في جنوب آسيا.
لكن الأدهى من ذلك، أن تُصدم الأمة بمن يصطف من “أبنائها” إلى جانب العدو. نعم، هناك مؤشرات واضحة على أن بعض الأنظمة العربية المطبعة ستجد لنفسها موقعًا إلى جوار الهند، تحت لافتات المصالح، والشراكات الاقتصادية، والخطاب الزائف بـ”عدم التدخل”. وستصمت إيران، أو تحسب مواقفها على ميزان الطائفية البغيضة. بل قد تصطف – ويا للسخرية – في معسكر واحد مع إسرائيل، ضد باكستان التي كانت دومًا إلى جانب الشعوب المسلمة المقهورة.
الهند اليوم تجد الدعم من الولايات المتحدة الأمريكية التي ترى فيها حليفًا استراتيجيًا لمواجهة الصين، وفرنسا التي تربطها بها مصالح تسليحية ضخمة، وإسرائيل التي تنسّق معها أمنيًا وتكنولوجيًا، وبعض الدول العربية المطبّعة التي لا ترى إلا مصالحها الضيقة وتحالفاتها مع الغرب.
لكن في الجهة المقابلة، هناك شعوب لا تُشترى. هناك وعي شعبي عربي يزداد اتساعًا، يرى في باكستان اليوم رمزًا للصمود، وامتدادًا للقضايا الكبرى التي خذلتها الأنظمة، من فلسطين إلى البوسنة، ومن اليمن إلى كشمير.
وهناك دول لا تزال تحافظ على مواقفها المشرّفة رغم الضغوط، مثل تركيا التي أعلنت مرارًا دعمها لحقوق الكشميريين، وماليزيا التي لم تتردد في إدانة السياسات الهندية، وقطر التي تحتفظ بعلاقات قوية مع باكستان، والجزائر التي يُعرف عنها دعمها التقليدي لحركات التحرر، وأذربيجان التي عبّرت بوضوح عن تضامنها.
هذا الوعي لا يُخدع بالدعاية، ولا يُسكت بالصمت الرسمي. بل بدأ يعبّر عن موقفه بوضوح: “نحن مع باكستان، لأنها تدافع عن المظلومين، وتقف في وجه المشروع الصهيوني – الهندوسي – الغربي الممتد”.
ونحن نعلم يقينًا، أن الصين وروسيا وتركيا وبعض الأحرار من العرب، لن يقفوا متفرجين، بل سيدعمون باكستان بما تستطيع أيديهم. فالصراع ليس حدوديًا فقط، بل حضاري، أخلاقي، وإنساني بامتياز.
إنه اختبار آخر للمواقف، يُفرز بين من لا يزال حرًا، ومن اختار العبودية طوعًا.
في هذا الشرق الأوسط الجديد، لن تُقاس الدول بحجم اقتصاداتها، بل بمواقفها.
ومن يظن أن الصمت حياد، فهو شريك في الجريمة.
ومن يقف مع الظالم، سيسقط معه مهما طال الزمن.
وحدهم الأحرار، من يحجبون عار الهزيمة بمواقفهم النبيلة، ويعيدون إلى الأمة شيئًا من كرامتها المهدورة.
يا باكستان…
لسنا أغنياء سلاح، لكننا نملك سلاح الوعي والكلمة.
لسنا أصحاب قرار، لكننا أصحاب قضية.
وسنقولها بملء الصوت: نحن معكِ، لأنك تقاتلين من أجلنا جميعًا.
نحن معك يا باكستان
لأنك جبهة الصد، وحصن الكرامة، وصوت الذين لا صوت لهم.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف باكستان نحن معک نحن مع
إقرأ أيضاً:
سبيس إكس تطلق مهمة تاريخية لمحطة الفضاء الدولية
أطلقت شركة "سبيس إكس" فجر اليوم الأربعاء، المهمة الرابعة لشركة "أكسيوم سبيس" الأميركية لمحطة الفضاء الدولية، على متن مركبة "دراجون" الفضائية الجديدة، والتي تحمل اسم جريس (النعمة)، إيذانا بانطلاق فصل جديد من التعاون الدولي في الفضاء.
وكما هو متعارف عليه في رحلات الفضاء، مُنح طاقم الرحلة شرف تسمية الكبسولة الجديدة، وقد اختاروا لها اسم "جريس".
وانطلقت الرحلة التي توصف بـ"التاريخية" اليوم الأربعاء 25 يونيو/حزيران من مركز كينيدي للفضاء التابع لوكالة ناسا بولاية فلوريدا، في تمام الساعة 02:31 صباحا بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة (06:31 بتوقيت غرينتش)، بعد تأجيل استمر أسبوعين بسبب رياح علوية، إضافة إلى تسرب مستمر منذ 5 سنوات في وحدة "زفيزدا" الروسية بمحطة الفضاء، وقد تابعت ناسا التسرب الأخير عن كثب قبل أن تعطي الضوء الأخضر لإطلاق المهمة بعد استقرار الضغط داخل الوحدة.
وهذه الرحلة ليست كغيرها من المهمات، بل تمثل علامة فارقة في سجل استكشاف الفضاء لعدة أسباب، أولها أنها أول مهمة مأهولة إلى المحطة يشارك بها رواد من الهند وبولندا والمجر، حيث لم يسبق لأي رائد من هذه الدول الثلاث أن سافر إلى محطة الفضاء الدولية.
والآن، وبفضل هذه الرحلة، سيصبح كل من شوبانشو شوكلا (الهند)، وسلاووش أوزنانسكي فيشنيفسكي (بولندا)، وتيبور كابو (المجر)، جزءا من المجتمع الفضائي الدولي العامل في المدار الأرضي المنخفض.
كما تحظى الرحلة بقيادة نسائية، إذ تتولى القيادة بيغي ويتسون، رائدة الفضاء الأميركية المخضرمة التي تُعد أكثر أميركية بقاء في الفضاء بإجمالي سيصل بعد الرحلة الجديدة إلى نحو 700 يوم، وتشغل ويتسون الآن منصب مديرة رحلات الفضاء البشرية في شركة "أكسيوم سبيس"، المنظمة للمهمة.
إعلانأما السبب الثالث، لوصفها بـ"المهمة التاريخية"، هو أنها ستشهد أكبر عدد من التجارب العلمية في مهمة خاصة، حيث سيجري الطاقم أكثر من 60 تجربة علمية وتكنولوجية خلال أسبوعين من الإقامة على متن المحطة، تشمل أبحاثا في الطب، علم المواد، الذكاء الاصطناعي، والصحة الفضائية، وهذه هي أكبر حزمة تجارب تنفذها مهمة من تنظيم شركة خاصة حتى الآن.
أضف لذلك أن هذه المهمة تمثل دفعة كبيرة لبرامج الفضاء الوطنية في كل من الهند وبولندا والمجر، حيث يسهم الطاقم المشارك بها في مشاريع بحثية بدعم من وكالة الفضاء الأوروبية، وبرامج وطنية.
وشملت إجراءات ما قبل إطلاق تلك الرحلة التاريخية، التوجه مساء الثلاثاء بسيارات تسلا موديل "إكس" إلى منصة الإطلاق، حيث تم تثبيتهم داخل الكبسولة وإغلاق الباب، وبعد عمليات التزويد بالوقود، انطلقت 9 محركات ميرلين في صاروخ "فالكون 9" لتدفع "جريس" نحو السماء المزدانة بالنجوم.
وانفصلت المرحلة الأولى بعد دقيقتين ونصف، ثم عادت للهبوط بدقة على منصة الهبوط التابعة لـ"سبيس إكس"، أما المرحلة الثانية فاستمرت في حمل "دراجون" إلى المدار، لتبدأ "جريس" مهمتها الجديدة في الفضاء.
ويتوقع أن تلتحم المركبة بمحطة الفضاء صباح الخميس 26 يونيو/حزيران، على أن يقيم الطاقم لمدة أسبوعين في المدار ضمن الطاقم رقم 73 لمحطة الفضاء الدولية.
ومن المخطط أن تعود "جريس" إلى الأرض في النصف الثاني من يوليو/تموز، عبر هبوط مائي في المحيط الهادي، وهي ثاني مرة تتم فيها استعادة طاقم قبالة السواحل الغربية بعد نقل مكان الهبوط من سواحل فلوريدا لأسباب تتعلق بسلامة العودة.