تصاعد لافت للهجمات والعمليات الانتقامية التي ينفذها مسلحي القبائل ضد ميليشيا الحوثي الإيرانية في عدة محافظات يمنية ردًا على الانتهاكات والجرائم التي تمارسها هذه الجماعة المصنفة عالميًا بأنها منظمة "إرهابية".

في أطراف مدينة الحزم، مركز محافظة الجوف، باغتت قوة قبلية من قبائل الشولان دورية عسكرية تابعة للميليشيات الحوثية، كانت تسير في طريق رئيس، وأسفر الهجوم عن مقتل وجرحى عدد من المسلحين الذين كانوا على متن الدورية العسكرية.

رسالة امتعاض وسخط وجهها أبناء القبائل للميليشيات الحوثية ردًا على الجريمة التي ارتكبتها الميليشيات بحق أحد أبناء قبيلة الشولان الذي قتل برصاص ميليشيات الحوثي في نقطة تفتيش تابعة لهم شرق مدينة الحزم.

تعزيزات ضخمة حشدها الحوثيين كعادتهم مع أي انتفاضة قبلية في وجههم، حيث دفعت بعشرات الآليات العسكرية من أطقم ومدرعات إلى منطقة قبائل الشولان وتحديدًا إلى قرب حصن مقهد شرق منطقة معيمرة التي شهدت اشتباكات سابقة بين مسلحين القبائل والميليشيات الحوثية.

وخلال اليومين الماضيين شهدت ضواحي الحزم اشتباكات عنيفة بين رجال قبائل الشولان والميليشيات الحوثية التي تحاول فرض سيطرتها على المنطقة. وسط توقعات بتصاعد التوترات بين الطرفين عقب الحشد المتواصل وإعلان القبائل النفير العام لمواجهة الميليشيات.

معارك متفرقة تشهدها مدينة الحزم ومناطق متفرقة من الجوف الواقعة بين القبائل والميليشيات الحوثية التي تحكم قبضتها بالنار والحديد على المحافظة. قالتصعيد القبلي اللافت في مركز المحافظة يعد حالة "تهديدًا جديًا" في قلب مناطق نفوذ المليشيات بالجوف، بحسب ما أفادت به مصادر قبلية في الجوف.

وأشارت المصادر أن القبائل في امتعاض متزايد ضد الميليشيات الحوثية التي تمارس أبشع الجرائم والانتهاكات بحق المواطنين وابناء المحافظة. موضحًا أن الميليشيات تحاول جاهدة تركيع القبائل بكل قوتها وأسلحتها الثقيلة، وهذا برز بشكل كبير انتفاضات سابقة في حجور حجة وأبناء قبائل البيضاء وإب وعمران وصعدة وريمة وغيرها من المحافظات التي تعرضت مناطقهم وأبنائهم للتنكيل والتشريد على يد هذه الجماعة الإرهابية.

ومنذ مارس 2020، وجدت مليشيات الحوثي نفسها في مواجهة انتفاضات شبه شهرية للقبائل في الجوف، وهذه الانتفاضات المتكررة حملت طابعًا واحدًا في المواجهات والتمرد على حالة القهر والبطش التي تفرضها مليشيات الحوثي، غير أن قبائل الجوف التي قادت انتفاضات منفصلة ومتصلة منذ عام 2021، قدمت نموذجًا مختلفًا في المقاومة وكسر قبضة الانقلاب الحديدية.

وبحسب مراقبون: " تخوض قبائل الجوف حرب استنزاف من خلال أسلوب الهجمات المباغتة وعمليات كر وفر، حيث استهدفت القادة الميدانيين للانقلابيين دون أي مبالاة بردود الفعل الحوثية". الاستنزف في عناصر وعتاد الميليشيات دفعهم إلى انتهاج أسلوب الاستعمار المعروف بـ "فرق تسد" حيث سارعت إلى إعادة نشر النعرات القبلية والثآرات وإحياء الخلافات القديمة لأجل إشغال القبائل الصراعات الداخلية".

وأكدت المصادر أن مليشيا الحوثي تعمل على تغذية النزاعات والثارات القبلية في إطار مخططاتها لإحكام سيطرتها على محافظة الجوف، وبرز هذا المخطط في المواجهات الأخيرة أندلعت بين قبيلتي "آل جخره - بني نوف" و"آل الفاضلي" غرب منطقة ملاحا بمديرية المصلوب.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: المیلیشیات الحوثیة

إقرأ أيضاً:

تأمين حضرموت إلى المهرة: ضربة أمنية قاصمة لخطوط تهريب الحوثي

يشكّل تأمين مناطق وادي وصحراء حضرموت، وصولًا إلى محافظة المهرة وسواحلها ومنفذها الحدودي مع سلطنة عُمان، تحولًا استراتيجيًا مهمًّا في خريطة الحرب والتهريب في اليمن. فهذه المناطق، التي كانت لسنوات بمثابة شريان حيوي لتهريب السلاح والأسلحة الثقيلة والخبراء لصالح الحوثيين، باتت اليوم مُحكمة الحراسة، ما شكل ضربة موجعة لقدرات الجماعة على الإمداد والتجنيد.

لطالما استخدمت المهرة — بفضل امتداد سواحلها التي تُقارب 560 كيلومترًا على بحر العرب — كممر رئيسي لتدفق الأسلحة الإيرانية إلى اليمن، عبر شحنات بحرية تُفرّغ على سواحل المحافظة أو تُنقل براً عبر صحراء حضرموت والربع الخالي وصولًا إلى شمال اليمن. 

وأضافت تقارير استخباراتية ومحلية أن منفذي "شحن" و"صرفيت" في المهرة اعتبرا من أهم المنافذ الحدودية التي استُخدمت في تهريب السلاح والذخائر للجماعة. كما أن الطريق الصحراوي البري (عبر وادي حضرموت وصحرائها) كانت حلقة لربط هذه الشحنات بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي، مرت بمدن ومناطق تحت نفوذ الجماعة أو ممرات تهريب خفيّة.

ما يبرز أهمية هذا التحوّل الأمني هو ما جرى مطلع شهر يوليو الماضي، عندما نجحت قوة أمنية في المهرة باعتقال القيادي الحوثي المصنف إرهابياً، محمد أحمد علي الزايدي، أثناء محاولته العبور إلى سلطنة عُمان. هذه الحادثة لا تُعد مجرّد اعتقال فردي، بل تُعتبر كشفًا صارخًا لمسار التهريب الذي كانت تستغله الميليشيا بحرية شبه تامة: قائد حوثي يتنقّل من صنعاء عبر طرق برّية وبحرية مفترَضة حتى ساحل المهرة، ثم يعتزم دخول عُمان — دليل على وجود شبكة طويلة ومعقّدة من التواطؤ والممرات الخفية.

فضلاً عن ذلك، تُشير مصادر أمنية إلى ضبط مئات عمليات تهريب خلال السنوات الماضية عبر سواحل ومنافذ المهرة، شملت أسلحة، ذخائر، تجهيزات عسكرية وحتى مكونات لطائرات مسيّرة. الأمر الذي يعكس اعتماد الحوثي على المهرة كـ"بوابة تهريب" رئيسية.

في ضوء التهديدات المستمرة لمحاولات التهريب البحرّي والبري، عمدت جهات أمنية وعسكرية إلى نشر قوات محلية وجنوبية، بالإضافة إلى تشكيل وحدات "درع الوطن"، لتأمين المنافذ والطرقات الصحراوية الساحلية بين حضرموت والمهرة.

هذا الانتشار الأمني والاِستراتيجي ساهم — بحسب مراقبين — في خنق الشريان اللوجستي الذي كان يمد الحوثيين بالسلاح والخبراء والذخائر عبر المهرة. وهذا التحوّل انعكس بشكل ملموس في تراجع وضُعف شبكات التهريب المرتبطة بالجماعة.

إذ لم تعد المهرة "ثغرة" سهلة التسلّل: انعفت الظروف — أمنياً، استخباراتياً، وعسكرياً — لصالح تأمين الحدود والسواحل، ما حرّم على مهربي الأسلحة التنقّل كما في السابق.

ورغم محاولات الحصار والضبط، تستمر مسارات التهريب البحري – غالبًا عبر بحر العرب أو عبر طرق أعالي القرن الإفريقي – لإيصال الأسلحة إلى اليمن. قوات بحرية دولية ومنظّمات استخباراتية رصدت خلال السنوات الماضية عدة شحنات مهربة عُدت من إيران إلى الحوثيين، تضمنت أسلحة متطورة، ذخائر، وطائرات مسيّرة. 

لكن ما يميّز الوضع الراهن هو أن السيطرة المحلية على المهرة وصلاحياتها الأمنية قد حدّت إلى حد كبير من إمكانية دخول هذه الشحنات إلى اليمن عبر الساحل الشرقي، ما يعني أن أي محاولة تهريب تحتاج إلى مسارات بديلة — أكثر تعقيداً وأقل أمانًا — وهو ما يضعف قدرة الحوثيين على الاعتماد على مهربين بحرّيّين وسراً على طرقهم التقليدية.

إن انتشار القوات الجنوبية ووحدات “درع الوطن” وتأمين الشريط الممتد من حضرموت إلى المهرة ليست مجرد عملية أمنية محلية — بل تمثّل ضربة استراتيجية للميليشيا الحوثية ولشبكات التهريب التي دعمتها لعقد من الزمن.

بهذا الإجراء، تتحول المهرة من "ثغرة" أمنية إلى معقل محمي، ويصبح من الصعب على الجماعة الاعتماد على خطوط إمداد بحرية أو برّية كما في السابق. وهذا من شأنه أن يؤثر مباشرة على قدراتها العسكرية واللوجستية، ويضعها في مأزق حقيقي أمام الضغط المتصاعد.

مقالات مشابهة

  • الحوثي - القاعدة- الإخوان.. ثلاثي شر يستهدف أمن واستقرار أبين
  • سجن صحفي فرنسي يثير ردا من ماكرون وتفاعلات بالجزائر
  • نائب اميركي: الكونغرس مستعد لدعم العراق مقابل وقف مساندة الميليشيات واحترام أمن كوردستان
  • قتلى وجرحى باشتباكات بين الجيش والحوثيين جنوب شرق اليمن
  • مقتل فنان الدعم السريع إبراهيم إدريس صاحب الأغنية الشهيرة “كروزر الحوامة” في معارك كردفان وصفحات المليشيا تنعيه وتصفه بالبطل
  • تأمين حضرموت إلى المهرة: ضربة أمنية قاصمة لخطوط تهريب الحوثي
  • تواصل انتشال جثامين الشهدا في غزة.. وعدوان متصاعد على الضفة
  • اتحاد العاصمة يعود بفوز ثمين من تيزي وزو
  • العرادة: خطر مليشيات الحوثي الإرهابية لم يعد مقتصراً على اليمن
  • تأخير لقاء اتحاد الحراش وشبيبة القبائل في الكأس