تتميز مدينة بازل السويسرية بمزجها بين ملامح الحداثة الصارخة والتاريخ، حيث تتماهى ناطحات السحاب مع صروح الفن الكلاسيكي والمعاصر. ولا تقتصر أهمية بازل على كونها مدينة صناعية، بل تتخطى ذلك لتمثّل عاصمة معمارية وثقافية تنبض بالحياة وتدهش السياح بمتاحفها المتنوعة ومعارضها المبتكرة.

قاعة "جوجيلي هاله"

وتبدأ الجولة السياحية من قاعة "جوجيلي هاله"، والتي يطلق عليها سكان بازل قاعة "سانت جاكوبس هاله"، وتمتاز هذه القاعة بالكثير من التركيبات الخرسانية المكشوفة والخطوط الواضحة والسقف المتدلي وسط المساحات الخضراء الواقعة على الحافة الجنوبية الشرقية لمدينة بازل، ويعتبر هذا المبنى مثالا بارزا على أسلوب "الوحشية المعمارية" في سويسرا خلال حقبة السبعينيات من القرن المنصرم.

وتعتبر بازل بمثابة العاصمة المعمارية لسويسرا أيضا؛ حيث تفتخر المدينة بوجود أعمال لـ13 مهندسا من الحائزين جائزة "بريتزكر" المعمارية المرموقة، وتنتشر هذه الأعمال في المدينة وفي المنطقة المحيطة بها، كما توفر المدينة السويسرية أيضا لعشاق الفنون والثقافة مجموعة كبيرة من المتاحف المختلفة، والتي تضم بالطبع متحف العمارة السويسري.

تمتاز قاعة "جوجيلي هاله" بالتركيبات الخرسانية المكشوفة والخطوط الواضحة والسقف المتدلي وسط المساحات الخضراء (وكالة الأنباء الألمانية) أعلى مبنى في سويسرا

حتى أن أعلى مبنى في سويسرا لا يوجد في زيورخ أو العاصمة الاتحادية بيرن، بل في مدينة بازل الواقعة على نهر الراين، وهو عبارة عن برج "روش 2″، وقد تم تشييد هذا البرج المزدوج عام 2022 لشركة الأدوية العالمية، ويصل ارتفاعه إلى 205 أمتار، وحل محل برج روش الأول، باعتباره حامل الرقم القياسي قبل 3 سنوات لأعلى المباني في سويسرا.

إعلان

وقد صمم هذا البرج مكتب التصميم المعماري "هيرتزوغ آند دي مورون" الشهير، ويقع على مسافة أمتار قليلة من الكورنيش المطل على ضفاف نهر الراين، وبالقرب من أحياء العمال القديمة مباشرة.

وترتبط الصناعة والفن والعمارة في بازل ارتباطا وثيقا، وتعتبر هذه المدينة ثالث أكبر مدينة في سويسرا بعد زيورخ وجنيف، ويقطنها أكثر من 200 ألف نسمة وينحدرون من نحو 170 بلدا مختلفا. ويقع متحف "تينغويلي"، الذي صممه المهندس المعماري السويسري "ماريو بوتا" بجوار المقر الرئيسي لشركة الأدوية "روش" العملاقة، والتي تتولى أيضا إدارة المتحف.

ويحمل هذا المتحف اسم الفنان السويسري "جان تينغويلي" المنحدر من مدينة بازل، والذي اشتهر بابتكار منحوتات آلية ضخمة من الخردة ليس لها أي غرض على الإطلاق، ومن المؤكد أن هذا المتحف يستحق الزيارة.

يعد برج "روش 2" أعلى مبنى في مدينة بازل السويسرية حيث يصل ارتفاعه إلى 205 أمتار (وكالة الأنباء الألمانية)

ولا تقتصر المنافسة بين شركتي روش ونوفارتس على مجال الأدوية فحسب، بل إن مقر شركة نوفارتس يقع في مدينة بازل أيضا، وتشتهر بمكاتبها ومختبراتها الرائعة من الناحية المعمارية، وإلى جانب مكتب التصميم المعماري "هيرتزوغ آند دي مورون" يوجد في مدينة بازل العديد من الأسماء اللامعة الأخرى مثل "فرانك جيري" و"ريتشارد سيرا" و"سانا" وكذلك مكتب التصميم "دينر آند دينر".

ولقد أسهمت الصناعة في تشكيل صورة مدينة بازل، والتي لا تزال مهملة إلى حد ما، وتتمتع المدينة بتاريخ طويل باعتبارها مركزا لصناعات النسيج والأصباغ والكيميائيات، ولا تزال هذه الصناعات حاضرة إلى اليوم، ولا تزال الصورة الذهنية للمدينة مرتبطة بالطرق السريعة الرمادية ومداخن المصانع، مما يدفع الكثير من السياح إلى مواصلة رحلتهم إلى الجنوب للوصول إلى إيطاليا.

إعلان نهر الراين نظيف وآمن للسباحة

أصبحت مياه نهر الراين نظيفة جدا، لدرجة أنه يمكن السباحة بدون أي قلق. وأشار "إيف بارات" إلى أنه يتم فحص جودة المياه بصورة منتظمة خلال موسم السباحة في 3 مواقع مختلفة، وأضاف الكيميائي في إدارة الصحة في كانتون بازل شتات قائلا، "تشير القياسات إلى أنه يمكن الاستحمام في مياه نهر الراين بدون أي قلق عندما تكون المياه صافية".

وهناك العديد من المواقع المخصصة للسباحة، وأحدها يقع بجانب متحف "تينغويلي" وحمامات الراين، ويمكن للسياح استعارة أكياس مقاومة للماء، تعرف باسم "فيكلفيش" مجانا من مكتب المعلومات السياحية في "بارفوسر بلاتس" عند الرغبة في الانجراف مع تيار النهر.

يقع متحف "تينغويلي" بجوار المقر الرئيسي لشركة الأدوية "روش" العملاقة التي تتولى إدارته (وكالة الأنباء الألمانية) أجواء العصور الوسطى

ويتفاجأ السياح عند زيارة وسط المدينة لأول مرة من الأجواء الساحرة للعصور الوسطى حول ساحة السوق وساحة "بارفروسر بلاتس"، وتجتمع حكومة بازل وبرلمانها في مبنى البلدية المميز باللون الأحمر، والذي يلفت الأنظار إليها بلوحاته الخارجية.

ومن شرفة "بفالتس" بالكاتدرائية القريبة ينعم السياح بإطلالة رائعة على مدينة بازل الصغرى أو "كلاين بازل" الواقعة على الضفة اليمنى لنهر الراين، حيث ينعطف النهر شرقا نحو بحيرة "كونستانس".

ويقع متحف بازل التاريخي على تلة الكاتدرائية أيضا في كنيسة "بارفوسر"، ويسلط هذا المتحف الضوء على هوية المدينة من المنظور الثقافي، وتقع المدينة عند نقطة التقاء حدود سويسرا وألمانيا وفرنسا.

تتميز مدينة بازل السويسرية بعبق التاريخ الذي يفوح من شوارعها ومبانيها العتيقة رغم حداثتها (وكالة الأنباء الألمانية)

ويقع متحف الفنون الرائع على مسافة بضع دقائق سيرا على الأقدام، ويتكون هذا المتحف من مبنى قديم ومبنى آخر جديد مرتبط به تحت الأرض، وقد تكلف هذا المتحف 100 مليون فرنك سويسري، ويعرض هذا المتحف لوحات الفنانين العالميين مثل "هولباين" و"رامبرانت" و"بروننز"، ومرورا برواد الحداثة مثل "جوجان" و"فان جوخ" و"بيكاسو"، ووصولا إلى فناني البوب آرت مثل "روي ليشتنشتاين" و"آندي وارهول"، وعادة ما يتم عرض هذه الأعمال بدعم من شركات الأدوية والبنوك.

الرومانسية الصناعية

كما تعتبر بازل مقصدا لعشاق "الرومانسية الصناعية"، حيث يمكنهم التوجه إلى منطقة "دراي شبيتز" الواقعة على أطراف المدينة، والتي كانت في السابق مستودعا جمركيا حرا للمنتجات الصناعية في بازل.

يعرض متحف الفنون لوحات لفنانين عالميين مثل هولباين ورامبرانت وبروننز مرورا برواد الحداثة مثل جوجان وفان جوخ (وكالة الأنباء الألمانية)

ولكنها اليوم تضم توليفة متنوعة من الأستوديوهات والجامعات ومكاتب التصميم المعمارية والمتاحف في مباني المصانع القديمة ومسارات السكك الحديدية المهجورة، ومنها على سبيل المثال "بيت الفنون الإلكترونية"، والذي يهتم بأشكال التأثير الاجتماعي لوسائل الميديا الجديدة وأشكال الفنون الرقمية، وقد تم افتتاح متحف "كونستهاوس بازل لاند" للفن المعاصر في عام 2024، وكثيرا ما تفوت هذه المعالم السياحية الزوار، الذين يمرون سريعا جانب بازل على الطرق السريعة.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وکالة الأنباء الألمانیة الواقعة على نهر الراین هذا المتحف فی سویسرا

إقرأ أيضاً:

يوروفيجن تنطلق من بازل وسط احتجاجات على مشاركة إسرائيل

انطلقت مسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن" في شوارع مدينة بازل السويسرية أمس الأحد بموكب احتفالي تحت أشعة الشمس، ليبدأ بذلك أسبوع من الاحتفالات قبل الحفلة النهائية. وقد شهدت الفعاليات احتجاجات ضد مشاركة إسرائيل في المسابقة.

وتستضيف المدينة السويسرية النسخة الـ69 من أكبر حدث موسيقي يُبث مباشرة على الهواء في العالم، ويتابعه نحو 160 مليون مشاهد.

وفي حين تهيمن إيقاعات البوب الأوروبية والعروض الموسيقية المذهلة والأغاني الحماسية على الحدث الموسيقي، فإن "يوروفيجن" ليست بمنأى عن السياق السياسي في العالم.

وعند انطلاق الموكب الاحتفالي من أمام مبنى بلدية بازل التاريخي، لوّحت مجموعة من المشاركين بعشرات الأعلام الفلسطينية، ورُفع أحد الأعلام إلى جانب لافتة كتب عليها: "إسرائيل: افتحوا حدود غزة. دعوا المساعدات تدخل".

وقد أوقفت الشرطة متظاهرا كان يلوّح بعلم.

ورفع أحد الأشخاص لافتة كُتب عليها: "لا تصفيق للإبادة الجماعية"، بينما كُتب على أخرى "نغني وغزة تحترق".

إيماءة "قطع العنق"

وعند مغادرة مرشّحة إسرائيل هذا العام يوفال رافائيل مبنى البلدية، رحبت المغنية بالحشود، وأرسلت القبلات لهم، ووقفت أمام المصورين وهي تلوح بالعلم الإسرائيلي.

إعلان

وأعلنت هيئة البث العامة الإسرائيلية "كان" أنها تقدمت بشكوى إلى الشرطة السويسرية ضد متظاهر قام بإيماءة تشير إلى "قطع العنق" تجاه يوفال رافائيل وبصق على الوفد الإسرائيلي، في حين قالت الشرطة السويسرية إنها "على علم بالحادث" وإنها "سترفع تقريرا" للسلطات المعنية.

وقالت بيلبون بيرجيت ألتالر، وهي امرأة من مدينة بازل كانت من بين المتظاهرين، "لطالما استخدمت إسرائيل مسابقة ‘يوروفيجن’ كمنصة دعائية. ومن المخزي أن مدينة بازل، على سبيل المثال، لا تفعل شيئا" وأضافت "من المهم أن تشهد ‘يوروفيجن’ تغييرا".

وتستضيف سويسرا هذا الحدث الموسيقي بعد فوز الفنان السويسري نيمو بمسابقة "يوروفيجن" 2024 في مالمو بالسويد مع أغنيته "ذي كود"، وقد انضم نيمو إلى الدعوات المطالبة باستبعاد إسرائيل.

وقال لموقع "هافينغتون بوست" الإخباري "أؤيد الدعوة إلى استبعاد إسرائيل من مسابقة الأغنية الأوروبية".

وأضاف أن "تصرفات إسرائيل تتناقض بشكل أساسي مع القيم التي تؤكد مسابقة ‘يوروفيجن’ دعمها، وهي السلام والوحدة واحترام حقوق الإنسان".

وأشارت أجهزة الطوارئ في بازل إلى أن الموكب الذي وصل إلى ساحة ميسيبلاتز "جرى من دون أي مشاكل كبيرة".

وقالت الشرطة في بيان مقتضب "تمّكنت عناصر الشرطة بفضل وجودهم في المكان، من توقيف نحو 150 شخصا في ساحة ميسيبلاتز، وبالتالي تجنّب أي تعطيل للحدث الرسمي".

"قلب أوروبا"

وشارك المرشّحون من 37 دولة في الموكب الذي طغت عليه الملابس الملوّنة والمبهرجة، وقال كونرادين كرامر رئيس كانتون بازل "لقد حانت اللحظة التي كنا ننتظرها. المسرح جاهز. الإثارة واضحة، والمدينة بأكملها تنبض بطاقة فريدة وقوية".

وتابع مازحا "إن مسابقة ‘يوروفيجن’ هي الاختراع السويسري الأكثر ثورية بعد سكين الجيب والسحّاب وطبق موسلي".

وأضاف قبل الإعلان رسميا عن انطلاق "يوروفيجن" 2025 أن "مدينة بازل الواقعة في قلب أوروبا هي المكان المثالي لجمع الناس من خلال الموسيقى".

إعلان

ونُقل الفنانون بواسطة ترام وحافلات قديمة على "سجادة فيروزية" هي الأطول في تاريخ مسابقة "يوروفيجن" بواقع 1.3 كيلومتر.

وانطلق الموكب الذي ضمّ عازفي آلات إيقاعية وفرقا راقصة وموسيقية ومنسقي موسيقى التكنو، عابرا نهر الراين عبر جسر ميتلير قبل أن ينتهي بمنطقة المشجعين في "قرية يوروفيجن".

السويد والنمسا الأوفر حظا

وستشهد حفلتا الدور نصف النهائي اللتان تقامان الثلاثاء والخميس استبعاد 11 دولة، لتبقى 26 دولة تتنافس في الحفلة النهائية المرتقبة السبت.

وتشير التوقعات إلى أن السويد هي الأوفر حظا للفوز باللقب هذه السنة، وتمثلها فرقة "كاي" (KAJ)، التي تغني عن متعة الساونا والشواء بطريقة فكاهية وجذابة.

أما ثاني الأسماء المُتوقّع فوزها، فهي النمساوي "جاي جاي" (JJ) مع أغنية "وايستد لاف" التي تتشابه مع أغنية "ذي كود" بالتناوب بين الغناء والإيقاعات الحديثة.

وتشكل فرنسا تليها إسرائيل وبلجيكا وهولندا وفنلندا، الدول التي تتصدّر لائحة توقعات المراهنين.

مقالات مشابهة

  • حاكم الشارقة يفتتح حارة الزبارة القديمة وشيص التراثية في مدينة خورفكان
  • سلطان يفتتح حارة الزبارة القديمة وشيص التراثية في مدينة خورفكان
  • يوروفيجن تنطلق من بازل وسط احتجاجات على مشاركة إسرائيل
  • مصدر: قريبا افتتاح المتحف الآتوني بـ المنيا
  • دخول مجاني .. تل بسطا يحتفل بـ اليوم العالمى للمتاحف
  • ألوان النوبة وروح النيل.. كيف أصبحت غرب سهيل المصرية وجهة سياحية عالمية؟
  • أمين الأعلى للآثار يزور متحف الفن الإسلامي لمتابعة سير العمل وتطوير الأداء
  • مجسمات تحكي تاريخا.. ورشة فنية بـ متحف الفن الإسلامي
  • رئيس شركة «والت ديزني» لـ«الاتحاد»: أبوظبي وجهة مثالية لـ«عالم ديزني»