زيارة ترامب للمملكة.. تحوّلات استراتيجية في السياسة والاقتصاد الإقليمي
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
سليمان السالم*
تتجه الأنظار في الشرق الأوسط نحو الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة، حيث يزور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المملكة اليوم، في مستهل جولة خليجية تشمل قطر والإمارات، وتعد أول زيارة خارجية له في ولايته الثانية كما حدث في ولايته الأولى حيث كانت المملكة أولى محطاته الخارجية.
وتأتي هذه الزيارة في ظل تحديات إقليمية ودولية متصاعدة، مما يضفي عليها أهمية خاصة على المستويين السياسي والاقتصادي في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات متسارعة على المستويين السياسي والاقتصادي.
أخبار قد تهمك ترمب والزيارة التاريخية 13 مايو 2025 - 4:02 صباحًا “رونالدو” حين يتكلم الصمت: من دمعة لاعب.. إلى رسالة لكل صامت.. 6 مايو 2025 - 4:30 صباحًاوستشهد الزيارة قمة لقادة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، بهدف تعزيز التنسيق السياسي والأمني بين الولايات المتحدة ودول الخليج حيث تسعى المملكة إلى تأكيد دورها القيادي في المنطقة، خاصة في ظل التوترات مع إيران والتحديات الأمنية في اليمن وسوريا.
فعلى الصعيد السياسي، تحمل الزيارة دلالات رمزية قوية فهي تعكس استمرار العلاقة الاستراتيجية بين المملكة والدوائر المؤثرة في الولايات المتحدة، كما تشير إلى إدراك سعودي لأهمية بناء علاقات متوازنة مع جميع مكونات القرار الأمريكي، خصوصًا في ظل الانقسام السياسي الداخلي في واشنطن.
إن هذه الزيارة قد تُقرأ كخطوة نحو إعادة ترتيب أوراق التحالفات، وفتح قنوات حوار حول ملفات إقليمية حساسة، مثل الملف الإيراني، الوضع في اليمن، الاستقرار في العراق وسوريا، ومستقبل التطبيع في المنطقة الذي كان من أولويات إدارة ترامب السابقة، إلا أن استمرار الحرب في غزة، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 52,000 شخص وتشريد 1.9 مليون، جعل من هذا الملف أكثر تعقيدًا فالمملكة تصر على وقف العدوان الإسرائيلي وتقديم خطوات ملموسة نحو إقامة دولة فلسطينية كشرط لأي تقدم في هذا المسار.
كذلك، فإن الزيارة ستبحث سبل تعزيز التعاون لمواجهة القضايا مع الصين، دون الإضرار بالمصالح الاقتصادية المشتركة مع بكين، خصوصًا في ظل تنافس النفوذ بين الولايات المتحدة والصين وروسيا في الشرق الأوسط.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تحمل الزيارة مؤشرات إيجابية، حيث ستسهم في فتح آفاق جديدة للتعاون بين دوائر الأعمال الأمريكية والقطاعين العام والخاص في المملكة، لا سيما في ظل المشاريع العملاقة التي أطلقتها السعودية ضمن “رؤية 2030″، مثل مشروع نيوم، والقطاعات المتطورة في التقنية، الطاقة المتجددة، والسياحة.
ترامب المعروف بخلفيته التجارية، قد يسعى لتعزيز الروابط الاقتصادية غير الرسمية، وإعادة تنشيط العلاقات التجارية والاستثمارية عبر القطاع الخاص، بما يخلق فرصًا للمملكة لتسويق مشاريعها الكبرى وجذب رؤوس أموال أمريكية وخليجية في آن واحد.
كما ستسهم الزيارة في إعادة الزخم للتعاون الاقتصادي الخليجي – الأمريكي، وتقديم صورة إيجابية عن الاستقرار والاستثمار الآمن في المنطقة، وهو أمر بالغ الأهمية في وقت يتسم بعدم اليقين الجيوسياسي.
وعلى الصعيد العربي الأوسع، قد تفتح زيارة ترامب الباب أمام إعادة صياغة مواقف بعض الدول تجاه القضايا الكبرى، خاصة إذا ترافق ذلك مع طرح رؤية جديدة للسلام الإقليمي أو تعزيز الجهود لمكافحة التطرف والإرهاب.
ومع ذلك، قد تكون الزيارة أيضًا مثار جدل في بعض الأوساط العربية التي ترى في سياسات ترامب السابقة انحيازًا مفرطًا لإسرائيل، أو تدخلاً في شؤون المنطقة؛ ومن هنا فإن المكاسب السياسية المحتملة ستعتمد بدرجة كبيرة على كيفية إدارة المملكة لهذا الحدث وتوجيه رسائله.
إن زيارة دونالد ترامب للمملكة العربية السعودية ليست مجرد حدث بروتوكولي، بل محطة قد تؤثر في التوازنات الإقليمية والدولية في وقت حساس .. إلا أن زيارته قد تُسهم في تمهيد الأرض لتحولات قادمة في علاقة الخليج مع الولايات المتحدة، وتمنح المملكة فرصة لتعزيز حضورها كلاعب رئيسي في صياغة مستقبل المنطقة سياسيًا واقتصاديًا.
و من الأهمية الاشارة الى ان زيارة الرئيس ترامب إلى المملكة تحمل في طياتها فرصًا وتحديات على حد سواء؛ فمن جهة يمكن أن تسهم في تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الولايات المتحدة ودول الخليج، ومن جهة أخرى، قد تواجه انتقادات إذا لم تتناول القضايا الإنسانية والسياسية الحساسة في المنطقة؛ وتبقى كيفية إدارة هذه الزيارة وتوجيه رسائلها عاملًا حاسمًا في تحديد مدى نجاحها وتأثيرها على مستقبل العلاقات الإقليمية والدولية.
*إعلامي سعودي
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: زيارة ترامب للمملكة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقال مقالات الولایات المتحدة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
هل قام ترامب بتوجيه الضربات لإيران دون استشارة الحلفاء؟
أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شن ضربات جوية دقيقة على منشآت نووية داخل إيران، بشكل منفرد استياء العديد من العواصم الأوروبية.
وكشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية عن مصادر مطلعة، أن ترامب أعطى أوامره للقوات الجوية باستخدام قاذفات الشبح القادرة على التخفي لمهاجمة مواقع نووية إيرانية حيوية، دون أن يقدم إخطارًا رسميًا لحلفاء بلاده في حلف شمال الأطلسي.
وعلى الرغم من أن ترامب ألمح خلال قمة مجموعة السبع التي انعقدت مؤخرًا في كندا إلى إمكانية اللجوء إلى خيار عسكري ضد طهران، إلا أن القادة الأوروبيين كانوا يعتقدون أن القرار لم يحسم بعد، ما جعل الضربة تبدو بالنسبة لهم وكأنها تجاوز دبلوماسي.
وأشارت التقارير إلى أن الغارات نفذت في الساعات الأولى من فجر الثاني والعشرين من شهر حزيران / يونيو الجاري، واستهدفت منشآت نووية رئيسية في مدن نطنز وفوردو وأصفهان، ووفقًا لتقديرات أولية، فإن الهجمات تسببت في أضرار جسيمة في البنية التحتية لمواقع التخصيب، في محاولة أمريكية لتعطيل أو تقويض قدرة إيران على استكمال برنامجها النووي.
في المقابل، نقلت قناة "سكاي نيوز" عن مسؤولين بريطانيين في مقر رئاسة الحكومة بلندن أن المملكة المتحدة كانت على علم مسبق بالعملية، ما يعزز الانطباع بأن التنسيق اقتصر على أطراف معينة دون غيرها، وهو ما أثار غضبًا مكتومًا لدى بعض الحكومات الأوروبية التي شعرت بأنها استُبعدت عمدًا من دائرة صنع القرار.
ودافع الرئيس ترامب عن القرار بقوله إن "الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب مع إيران"، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن "كل الخيارات ستكون مطروحة" إذا لم توقف طهران ما وصفه بـ"الأنشطة النووية المقلقة".
وأضاف أن هذه الضربات رسالة تحذير واضحة لكل من يسعى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
ويذكر أن الرد الإيراني لم يتأخر، إذ خرج نائب وزير الخارجية الإيراني، بتصريحات أكد فيها أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي، وأنها تحتفظ بكامل حقها في الدفاع عن نفسها قبل أن تستهدف بلادة قاعدة العديد الأمريكية في قطر، وأضاف أن باب الدبلوماسية يجب أن يظل مفتوحًا، لكنه حمّل واشنطن المسؤولية الكاملة عن تعقيد المشهد الإقليمي وتقويض فرص الحوار.
وعلى الصعيد الدولي، صدرت ردود أفعال قوية، حيث أدانت موسكو العملية ووصفتها بانتهاك واضح لسيادة دولة مستقلة، وخرق صريح لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي، كما دعت روسيا الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إرسال فرق تفتيش عاجلة لتقييم الأضرار وتحديد ما إذا كانت المواقع المستهدفة تحتوي على مواد مشعة يمكن أن تشكل خطرًا على البيئة أو الأمن الإقليمي.
كما صدرت إدانات مماثلة من بكين وهافانا، حيث عبرت الحكومتان عن قلقهما البالغ من انزلاق المنطقة إلى مواجهة عسكرية شاملة، داعيتين إلى التهدئة والعودة إلى طاولة المفاوضات، فيما التزمت دول عربية وإقليمية الصمت حتى الآن تجاه هذا التطور.