صنع الله إبراهيم بين المحنة والاهتمام الرئاسي.. دلالات ومغزى
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
في لحظة استثنائية جمعت بين الأدب والسلطة، تصدر الروائي المصري الكبير صنع الله إبراهيم المشهد الثقافي والإعلامي، ليس من خلال رواية جديدة أو موقف سياسي لافت، وإنما عبر محنة صحية ألمّت به، قابلها اهتمام رئاسي أثار الكثير من الأسئلة حول العلاقة بين الدولة ورموزها الفكرية، خاصة أولئك الذين اتخذوا مواقف ناقدة على مدار سنوات طويلة.
كان صنع الله قد تعرض لسقوط في منزله، نُقل على إثره إلى مستشفى معهد ناصر، حيث تبين إصابته بكسر في عنق عظمة الفخذ، وهو ما استدعى تدخلاً جراحيًا دقيقًا لتركيب مفصل صناعي، وبحسب التقارير الطبية، فقد خرج من غرفة العمليات بحالة مستقرة، ويخضع حاليًا لبرنامج تأهيلي للعلاج في المستشفى، تمهيدًا لتعافيه.
لكنّ ما لفت الأنظار لم يكن فقط الجانب الطبي، بل البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية، والذي أفاد بمتابعة الرئيس عبد الفتاح السيسي الشخصية لحالة الكاتب الصحية، وبتوجيهه وزارة الصحة لتقديم الرعاية اللازمة له، هذه اللفتة الرئاسية، التي جاءت مفاجئة للبعض، حظيت بتقدير واسع من الأوساط الثقافية، وأعادت فتح نقاش قديم ومتجدد حول موقع المثقف في الدولة المصرية.
بين الأدب والسلطة: مسيرة حافلة بالصدامات
صنع الله إبراهيم ليس كاتبًا عاديًا في تاريخ الأدب العربي، بل هو صاحب مشروع فكري وأدبي نادر، يزاوج بين التوثيق والتخييل، وبين الجرأة السياسية والتحليل الاجتماعي، منذ صدور روايته الأولى "تلك الرائحة" عام 1966، بدا صوته مغايرًا، متمردًا على السائد، ناقدًا للأنظمة، رافضًا للمهادنة، وقد زادت حدة مواقفه في أعمال مثل "اللجنة"، "أمريكانلي"، و"ذات"، حيث مارَس نوعًا من المقاومة الرمزية للنظام السياسي والاجتماعي، مستخدمًا السرد كوسيلة لتفكيك البنى السلطوية.
من أبرز مواقفه السياسية، رفضه في عام 2003 تسلُّم جائزة الرواية العربية من وزارة الثقافة المصرية، في مؤتمر رسمي شهده كبار مسؤولي الدولة. يومها صعد إلى المنصة، وأعلن رفضه الجائزة احتجاجًا على ما وصفه بـ"الاستبداد والفساد والتبعية"، وهو الموقف الذي اعتبره كثيرون قمة في النبل والنزاهة الفكرية، فيما رأى فيه البعض خروجًا على تقاليد التقدير الأدبي.
الرئيس والمثقف: هل تغيرت المعادلة؟
في ضوء هذه الخلفية، يبدو الاهتمام الرئاسي بحالة صنع الله إبراهيم حدثًا ذا دلالة رمزية كبيرة، فالرئيس المصري يضع ثقله في متابعة حالة كاتب عُرف عنه انتقاده الجريء للسلطة، بل وعلاقته المتوترة بالدولة منذ سنوات، وقد فُسّر ذلك على أنه تأكيد على أن الدولة الجديدة، بما تحمله من توجهات نحو بناء الجمهورية الجديدة، تسعى لاحتواء المثقفين، وفتح باب المصالحة مع رموز الفكر، أياً كانت مواقفهم السابقة.
ردود الفعل الثقافية: تقديرٌ وتفاؤلٌ حذر
أثارت متابعة الرئيس لحالة صنع الله إبراهيم ارتياحًا في الوسط الثقافي، وكتب كثير من المثقفين عبر وسائل التواصل الاجتماعي معبرين عن تقديرهم لهذه الخطوة، وإعتراف بأهمية دور المثقف في بناء الدولة، ونشر المعرفة، ورفع الوعي.
المثقف الذي لا يموت
أزمة صنع الله إبراهيم الصحية، والاهتمام الرئاسي بها، تكشف عن لحظة فارقة في علاقة الدولة بالمثقف: لحظة ربما تكون بداية لتقدير أوسع وأعمق لدور الكلمة في تشكيل الوعي العام، وفي دعم مشروع الدولة الوطنية، إنها فرصة لإعادة النظر في سياسات الثقافة، وفي كيفية دعم المبدعين، لا بوصفهم أفرادًا، بل باعتبارهم ضمير الأمة وروحها الناقدة.
وفي كل الأحوال، يظل صنع الله إبراهيم حيًّا في وجدان القراء، لا برواياته فقط، بل بمواقفه التي ظلّت، حتى في شيخوخته، تذكّرنا بأن للمثقف دورًا يتجاوز الترف الفكري، ليكون شاهدًا على عصره، وناقدًا له.
و تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، بمتابعة الحالة الصحية للأديب الكبير بشكل مستمر، وتقديم الدعم الكامل له، فقد زار الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة، صباح اليوم، الكاتب والروائى الكبير صنع الله إبراهيم، بمستشفى معهد ناصر، للاطمئنان على حالته الصحية.
وتمنى الوزير خلال زيارته بسرعة الشفاء العاجل لـ صنع الله إبراهيم، حيث إن الوزارة لا تنسى أبناءها من الرموز الثقافية والأدبية، الذين قدموا للوطن الكثير وأسهموا في تشكيل الوعي الثقافي والمعرفي للمجتمع.
وجاءت هذه الزيارة تعبيرًا عن التقدير العميق للمكانة الأدبية والفكرية التي يحتلها صنع الله إبراهيم، باعتباره أحد أبرز رموز الأدب العربي المعاصر.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صنع الله إبراهيم المشهد الثقافي موقف سياسي صنع الله إبراهیم الله إبراهیم ا
إقرأ أيضاً:
مصطفى بكري: اجتماع الرئيس السيسي بالقيادات الإعلامية يؤسس لمرحلة جديدة من دعم حرية الرأي
أكد الإعلامي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، أن تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اجتماعه بالقيادات الإعلامية على التزام الدولة الراسخ بإعلاء حرية الرأي والتعبير واحتضان كل الآراء الوطنية ضمن المنظومة الإعلامية، يعني أننا أمام مرحلة جديدة فيها تدعيم للرأي والرأي الآخر في إطار المنظومة الوطنية.
وكتب مصطفى بكري، في تغريدة عبر حسابه على منصة «إكس»: «فلتتوقف الأيدي المرتعشة والحكوميين أكثر من الحكومة»، مشددًا على أن الرأي الآخر والنقد الهادف مطلوبان لتصحيح الأخطاء، ولكن في إطار يحافظ على الكيان الوطني ويدعم مؤسسات الدولة في مواجهة التحديات.
وأشار عضو مجلس النواب إلى أهمية ما أكده الرئيس بضرورة وضع خارطة طريق شاملة لتطوير العمل الإعلامي، بما يضمن مواكبة التغييرات المتسارعة التي يشهدها العالم.
ودعا مصطفى بكري الحكومة والجهات المعنية إلى ترجمة توجيهات الرئيس بإتاحة البيانات والمعلومات للإعلام، حتى يمكن توظيفها بما يمكن الإعلام والصحافة من الرد على حروب الجيل الرابع، والادعاءات والأكاذيب التي تستهدف الدولة المصرية.
اجتماع الرئيس السيسي بالقيادات الإعلاميةكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد اجتمع، اليوم، مع كل من الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والمهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والمهندس عبد الصادق الشوربجي رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، والسيد أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس استهل الاجتماع بتوجيه التحية والتقدير لجميع العاملين في قطاع الإعلام، مشيدًا بالدور الحيوي الذي يضطلع به الإعلام المصري في بناء الشخصية الوطنية، وتشكيل وعي المواطنين، وتعريفهم بالمستجدات والتطورات على الساحتين المحلية والدولية، إلى جانب إبراز الإنجازات المحققة، والارتقاء بالذوق العام، وترسيخ القيم والثوابت المجتمعية.
وأكد الرئيس في هذا السياق التزام الدولة الراسخ بإعلاء حرية التعبير، واحتضان كافة الآراء الوطنية ضمن المنظومة الإعلامية المصرية، بما يعزز من التعددية والانفتاح الفكري.
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الرئيس وجه بوضع خارطة طريق شاملة لتطوير الإعلام المصري، وذلك بالاستعانة بكل الخبرات والكفاءات المتخصصة، بما يضمن مواكبة الإعلام الوطني للتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، ويُمكنه من أداء رسالته بما يتماشى مع توجهات الدولة المصرية الحديثة والجمهورية الجديدة، كما وجه الرئيس بأهمية اتاحة البيانات والمعلومات للإعلام، خاصة في أوقات الأزمات التي تحظى باهتمام الرأي العام، حتى يتم تناول الموضوعات بعيداً عن المغالاة في الطرح أو النقص في العرض.
وفي ذات السياق، شدد الرئيس على أهمية الاعتماد على الكوادر الشابة المؤهلة للعمل الإعلامي، وتنظيم برامج تثقيفية وتدريبية للعاملين في هذا المجال، مع التركيز على مفاهيم الأمن القومي، والانفتاح على مختلف الآراء، بما يرسخ مبدأ «الرأي والرأي الآخر» داخل المنظومة الإعلامية المصرية.
وذكر المُتحدث الرسمي أن الرئيس استمع خلال الاجتماع إلى عرض حول الجهود المبذولة لتطوير منظومة الإذاعة والتلفزيون المصري (ماسبيرو)، بما يشمل القنوات التابعة، إلى جانب عرض حول تحديث المؤسسات الصحفية القومية. وفي هذا الإطار، وافق الرئيس على صرف البدل النقدي المقترح من الحكومة للصحفيين، كما وجّه بحل مشكلة مكافأة نهاية الخدمة للعاملين في ماسبيرو.
اقرأ أيضاًبعد نفي القيادة الليبية مزاعم استقبال أبناء غزة.. مصطفى بكري: المشير حفتر رجل عروبي ولن يسمح بتصفية القضية
مصطفى بكري لـ نتنياهو: مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية
أيام الحسم قبل 25 يناير.. شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري «الحلقة 48»