هل يجوز اقتراض أموال لشراء الأضحية؟.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
شراء الأضحية توزيعها يقوي الروابط الاجتماعية، وأفضل ما يدخل السعادة على العبد خاصة عند توزيعها لحوم الأضحية على المحتاجين، كما أن لها فضل عظيم والأضحية مشروعة بالاتفاق، والأصل في مشروعيتها: قوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ ولكن قد يلجأ البعض إلى الاقتراض من أجل شراء الأضحية فما حكم الشرع في تلك الحالة؟
وفي إجابتها عن حكم الاستدانة من أجل شراء الأضحية، أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الأضحية سنة مؤكدة، والاستطاعة والقدرة شرط في التكليف على العموم، وشرط في الأضحية خصوصًا؛ بحيث إنه لا يطلب من المكلف تحصيلها ما دام ليس قادرًا عليها.
وأضافت دار الإفتاء، في فتوى عبر موقعها الإلكتروني، أنه يجوز للمكلف أن يستدين ليشتري الأضحية ما دام قد علم من نفسه القدرة على الوفاء بالدَّيْن، وأما إن علم من نفسه العجز عن الوفاء به لم يجز له فعل ذلك، وعلى كلِّ حالٍ فإن الأضحية تقع صحيحة مجزئة إذا تمت من مال الدَّيْن.
الإفتاء تستقبل وفدا من أئمة 6 دول إفريقية في ختام تدريبهم بأكاديمية الأزهر
حكم الحج عن المريض الذي لا يثبت على وسائل الانتقال.. الإفتاء تجيب
حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح
حكم لبس المحرم قناعا طبيا للوقاية من الأمراض.. الإفتاء تجيب
وذكرت الإفتاء آراء الفقهاء حول مسألة الاستطاعة والاقتراض لشراء الأضحية، موضحة أنه إذا كانت الاستطاعة والقدرة شرطًا في التكليف على العموم، فهي أيضًا شرط في الأضحية سواءٌ على القول بوجوبها أو باستحبابها؛ بحيث إنه لا يطلب من المكلف تحصيلها ما دام ليس قادرًا عليها.
ونوهت الإفتاء، بأن حدُّ القدرة والاستطاعة في خصوص الأضحية قد جعله فقهاء الحنفية: السعةَ والغنى؛ قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (5/ 64، ط. دار الكتب العلمية): [ومنها -أي من شروط وجوب الأضحية-: الغنى؛ لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «من وجد سعة فليضح»؛ شرط -عليه الصلاة والسلام- السعة؛ وهي الغنى، ولأنا أوجبناها بمطلق المال، ومن الجائز أن يستغرق الواجب جميع ماله، فيؤدي إلى الحرج، فلا بد من اعتبار الغنى؛ وهو أن يكون في ملكه مائتا درهم أو عشرون دينارًا أو شيء تبلغ قيمته ذلك، سوى مسكنه وما يتأثث به وكسوته وخادمه وفرسه وسلاحه وما لا يستغني عنه وهو نصاب صدقة الفطر] اهـ.
ومن أقوال الفقهاء أيضًا وذكرته دار الإفتاء:
وعبر عنه المالكية بكون الأضحية لا تجحف بحال المضحي؛ فقال الشيخ الخرشي في "شرح مختصر خليل" (3/ 33، ط. دار الفكر): [الضحية يشترط فيها أن لا تجحف بمال المضحي، فإن أجحفت بماله من غير تحديد فإنه لا يخاطب بها، والذي يفيده كلام بعضٍ أن المراد بالجحف: ما يخشى بصرفه في الضحية الحاجة إليه في أي زمن من عامِهِ] اهـ.
وأما الشافعية فعبروا بمطلق القدرة، ولكن ضبطوها بأن تكون الأضحية زائدة عن حاجته وحاجة مَن يعول؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 534، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وإنما تسن لمسلم قادر حر كله أو بعضه، (ويحافظ عليها القادر)، أما غيره: فلا تسن له] اهـ.
وجاء في "مغني المحتاج" للشيخ الخطيب الشربيني (6/ 123، ط. دار الكتب العلمية): [قال الزركشي: ولا بد أن تكون فاضلة عن حاجته وحاجة مَن يمونه على ما سبق في صدقة التطوع؛ لأنها نوع صدقة] اهـ.
قال الشيخ الخطيب معلقًا: [وظاهر هذا أنه يكفي أن تكون فاضلة عما يحتاجه في يومه وليلته وكسوة فصله كما مر في صدقة التطوع. وينبغي أن تكون فاضلة عن يوم العيد وأيام التشريق، فإنه وقتها، كما أن يوم العيد وليلة العيد وقت زكاة الفطر. واشترطوا فيها أن تكون فاضلة عن ذلك] اهـ.
ولكن من لم يكن قادرًا فأراد أن يستدين ليضحي لينال فضل الأضحية، فإن كان علم من نفسه الوفاء جاز له، وإن علم من نفسه العجز عن الوفاء لم يجز له إلا أن يعلم المقرض بحاله.
وقد روى النسائي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالدَّيْنِ»، قال رجل: يا رسول الله، أتعدل الدَّيْن بالكفر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « نَعَمْ».
وروى أبو داود عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قَالَ إِنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللهِ أَنْ يَلْقَاهُ بِهَا عَبْدٌ بَعْدَ الْكَبَائِرِ الَّتِي نَهَى اللهُ عَنْهَا أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَدَعُ لَهُ قَضَاءً»، وعلى كلٍّ فإن الأضحية تقع صحيحة مجزئة إذا تمت من مال الدين.
قال الإمام عبد الباقي الزرقاني في "شرح مختصر خليل" (3/ 57، ط. دار الكتب العلمية): [وهل يلزم الفقير تسلف ثمنها -وهو قول ابن رشد، وبه جزم ابن ناجي على المدونة- أو لا -وهي طريقة ابن بشير، وهي ظاهر كلام ابن الحاجب-؟ خلافٌ محله حيث كان يرجو القضاء] اهـ.
وقال الإمام البهوتي في "كشاف القناع" (3/ 21): [ومن عدم ما يضحي به اقترض، وضحى مع القدرة على الوفاء] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شراء الأضحية الأضحية الإفتاء دار الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم شراء الأضحیة دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
حكم مرور الطريق من أماكن غير مخصصة للمشاة؟ دار الإفتاء تجيب
قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن عبور الطريق ليس أمرًا عشوائيًا أو متروكًا للصدفة، بل له ضوابط شرعية وأخلاقية تحفظ النفس وتمنع الضرر، مشددًا على أن الالتزام بالأماكن المخصصة لعبور المشاة واجب على المار، تمامًا كما أن للسائق واجبات تجاه العابرين.
حكم عبور المشاة من أماكن غير مخصصةوأضاف شلبي، ردًا على سؤال حول حكم عبور المشاة من أماكن غير مخصصة، أن القانون وشرع الله يحكمان علاقات الناس جميعًا، وعلى كل طرف أن يلتزم بحقوقه وواجباته، موضحًا أن ترك النفق أو الكوبري المخصص للعبور لمجرد أن المسافة أبعد أو الوقت أطول يُعد تصرفًا خاطئًا، لأن هذه الأماكن وضعت لحماية الأرواح.
وأكد أمين الفتوى، أنه إذا لم يكن هناك مكان مخصص لعبور المشاة، فعلى الشخص أن يتحرى بحكمة ويتأكد من خلو الطريق قبل العبور، حتى لا يعرض نفسه أو الآخرين للخطر، مشيرًا إلى أن الذكاء والفطنة مطلوبان في مثل هذه المواقف.
وتابع: "هي واجبات مشتركة بين الجميع؛ على السائق أن يحافظ على أرواح المارة، وعلى المار أن يلتزم بالأماكن المخصصة أو يتأكد من أمان الطريق إذا تعذر ذلك، لأننا جميعًا قد نكون سائقين أو عابرين للطريق في أوقات مختلفة، وما أرضاه لنفسي يجب أن أحرص عليه للآخرين".حكم صيام يوم المولد النبوي والأيام البيض من شهر ربيع.. دار الإفتاء توضح
ما حكم شراء شقة بالتقسيط عن طريق البنك؟.. الإفتاء تجيب
أكد الدكتور محمود شلبي، أن عدم الالتزام بقواعد المرور وأحكامه أمر محرم شرعًا، بالإضافة إلى كونه مخالفة قانونية، مشددًا على أن المسألة ليست شكلية أو إجرائية فحسب، بل تتعلق بحماية أرواح الناس وأموالهم، وهو من صميم مقاصد الشريعة الإسلامية.
خمسة مقاصد كلية كبرىوأوضح شلبي، أن الشريعة وضعت أحكامها لتحقيق خمسة مقاصد كلية كبرى: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ المال، وحفظ العرض، مشيرًا إلى أن قوانين المرور تحقق مقصدين أساسيين منها وهما حفظ النفس وحفظ المال.
وقال: "قوانين المرور لم تُوضع لإرهاق الناس، بل لضبط العلاقات بينهم وضمان سلامتهم، وأي إخلال بهذه القوانين قد يؤدي إلى إزهاق الأرواح أو إتلاف الممتلكات".
يهدد سلامة الجميعوضرب مثالًا بالتحدث في الهاتف أثناء القيادة، مؤكدًا أنه يشتت الانتباه ويعرض حياة الآخرين للخطر، وكذلك السير عكس الاتجاه الذي يفاجئ قائدي المركبات ويهدد سلامة الجميع.
وأضاف أمين الفتوى: "كل وسيلة أو إجراء أو قانون يحقق مقصدًا من مقاصد الشريعة فهو واجب الالتزام، وأي اجتهاد فقهي يهدر هذه المقاصد فهو اجتهاد خاطئ".
الالتزام بقوانين المروروشدد على أن الالتزام بقوانين المرور واجب شرعي قبل أن يكون التزامًا قانونيًا، وأن مخالفتها إثم ومعصية لأنها تهدر مقاصد حفظ النفس والمال التي جاءت الشريعة لصيانتها.