حكم لبس المحرم قناعا طبيا للوقاية من الأمراض.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم لبس قناع الوجه الطبي (Face Shield) للرجل المُحرم؛ توقيًا من الإصابة بالأوبئة والأمراض، خصوصًا إذا ثبت خطرها وإمكان انتقالها عن طريق العدوى؟ علمًا بأن هذا القناع شفافٌ، ويُثَبَّتُ بحاملٍ أعلى الجبهة وعلى جانبي الرأس، ولا يكون ملاصقًا للوجه.
وأجابت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة:
إنه يجوز للرجل شرعًا حال كونه مُحرِمًا لُبس قناع الوجه الطبي المذكور المعروف بالـ(Face Shield)؛ توقيًا من الإصابة بالعدوى، وحفاظًا على النَّفس من التهلكة.
وأشارت الى انه لا فدية عليه في ذلك ولا حرج؛ وذلك لخروجه عما قرره الفقهاء فيما يكون ساترًا للرأس أو مغطيًا للوجه؛ فإنَّه ليس مما يُستعمل في تغطية الرأس عادةً، وليس بساترٍ عرفًا؛ إذ ليس بساترٍ ملامسٍ البشرة؛ كما اشترط فقهاء الحنفية فيما يكون غطاءً للوجه، وليس بساترٍ قُصد به الترفُّهُ بدفع الحر والبرد؛ كما اشترط فقهاء المالكية، وليس مما أعد لستر الوجه؛ كما اشترط فقهاء الشافعية والحنابلة.
هل يجوز للمحرم تغيير ملابس الإحرام أثناء مناسك الحج
قالت دار الإفتاء المصرية أن السنة في حق المحرم هي لبس ثوبين نظيفين؛ جديدين أو غسيلين، والأولى أن يكونا أبيضين؛ فإذا أصابهما الاتساخ بما هو نجس أو غيره، وعلم بذلك وقدر عليه؛ بادر بتغييرهما لتحصيل الأفضلية وخروجا من الخلاف، وإن طاف به دون تغيير فلا شيء عليه تقليدا لمن أجاز ذلك من الفقهاء.
وأوضحت الإفتاء في إجابتها على سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي، أن ملابسك إذا كانت متسخة بما هو نجس وعلمت بذلك بعد الانتهاء من الطواف، وقمت بتغييرها؛ فإن طوافك صحيح، وإن كان الأولى إعادة الطواف خروجا من الخلاف، وأخذا بالاحتياط.
واضاف: أما وإن كانت ملابسك متسخة بما هو ليس بنجس كتراب ونحوه؛ فطوافك صحيح أيضا، والأولى المبادرة بنزعها وتغييرها؛ لتحصيل السنة من كون ثياب الإحرام نظيفة بيضاء من جهة، وعدم الإضرار بالآخرين من جهة ثانية، وللحفاظ على نظافة المسجد الحرام وعدم تلويثه من جهة ثالثة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء حکم لبس
إقرأ أيضاً:
ما حكم البسملة لمن بدأ القراءة من وسط السورة؟.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم البسملة لمن بدأ القراءة من وسط السورة؟فقد ذهبتُ إلى المسجد وأردت أن أتلو بعض آياتٍ من القرآن خارج الصلاة، فشرعت في التلاوة من منتصف سورة الأنعام، فاستعذت بالله ثم شرعت في التلاوة مباشرةً دون الإتيان بالبسملة، فهل ما فعلته هذا صحيحٌ أو خطأ؟".
وقالت إنه يجوز لمن بدأ القراءةَ من وسط السورة، أو أي موضعٍ منها -غير أولها- خارج الصلاة، قراءة البسملة أو عدم قراءتها، ولا إثم على من تركها ولم يأتِ بها، والأولى أن يأتي بالبسملة استحبابًا، استجلابًا للبركة ومرضاةً لله تعالى، وتأسيًّا بما بدأ الله سبحانه وتعالى به كتابه.
حكم قراءة البسملة عند افتتاح التلاوة وفي أوائل السورالمقرَّرِ شرعًا أنَّ البسملةَ جزءُ آيةٍ من القرآن الكريم وليست أجنبيةً عنه، وردت في سورة النمل في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: 30]، وليست آية من سورة التوبة، وإنما الخلاف في غير ذلك. يُنْظَرُ: "رَدُّ المُحتار على الدُّرِّ المُختار" للعلَّامة ابن عابدين الحنفي (1/ 491، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (1/ 347، ط. مكتبة القاهرة).
وقراءتُها عند افتتاح التلاوة في أوائلِ السور مستحبٌّ، لا سيَّما وأنَّ جميعَ القُرَّاءِ درجوا على افتتاح سور القرآن بها عدا سورة براءة -التوبة-، كما جاء ذلك مُقرَّرًا في كتب القراءات وعلوم القرآن والفقه. يُنْظَرُ: "حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع" للإمام الشاطبي (ص: 9، ط. مكتبة دار الهدى)، و"سراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي" للعلَّامة ابن القاصح البغدادي (ص: 30، ط. مطبعة مصطفى البابي)، و"البرهان في علوم القرآن" للإمام بدر الدين الزركشي (1/ 460، ط. دار إحياء الكتب العربية ودار المعرفة).
حكم قراءة البسملة في بداية القراءة من وسط السورة خارج الصلاة
من بدأ القراءة من وسط السورة أو من أيِّ موضعٍ غير أولها ولو بآيةٍ واحدة (وهو المسؤول عنه) خارج الصلاة، فقد نصَّ علماءُ القراءات على أنَّ القارئ مُخيَّرٌ بين الإتيان بالبسملة أو عدم الإتيان بها، قال الإمام الشاطبي في "حِرْز الأَمَانِي وَوَجْه التَّهانِي في القراءات السبع" (ص: 9): [وَلَا بُدَّ مِنْهَا فِي ابْتِدَائِكَ سُورَةً سِوَاهَا وَفي الأَجْزَاءِ خَيَّرَ مَنْ تَلَا] اهـ.
وقال العلَّامة شهاب الدين أبو شامة الدمشقي في "إبراز المعاني من حِرْز الأَمَانِي" (ص: 69، ط. دار الكتب العلمية): [كُلُّ آيةٍ يبتدأ بها غير أوائل السور خَيَّر المشايخ فيه فسوَّغوا البسملة فيه؛ لأنه موضع ابتداء في الجملة كما يُسَمَّى في ابتداء الوضوء والأكل والشرب، و "مَنْ تَلا" فاعل "خَيَّرَ"، و "تَلا" بمعنى: قرأ، كَنَّى بذلك عن أهل الأداء، ولو كان "خَيَّرَ" بِضمِّ الخاء وكسر الياء لكان حَسنًا أي: خُيِّرَ التالي وهو القارئ في ذلك. والله أعلم] اهـ.
ونصَّ على ذلك أيضًا الإمام ابن الجزري في متنه: "طَيِّبَة النَّشْرِ في القراءات العشر" (ص: 38، ط. دار الهدى) حيث قال:
[بَسْمَلَةٌ، وَالسَّكْتُ عَمَّنْ وَصَلَا وَفِي اْبتِدَا السُّورَةِ كُلٌّ بَسْمَلَا
سِوَى بَرَاءَةٍ فَلَا وَلَوْ وُصِلْ وَوَسَطًا خَيِّرْ وَفِيهَا يَحْتَمِلْ] اهـ.
قال الإمام ابن الجزري في "شرحه لطَيِّبَةِ النَّشْرِ" (ص: 48، ط. دار الكتب العلمية): [قوله: (وَوَسَطًا)، أي: وسط السورة، يعني ألفاظها وأجزاءها، هذا الموضع الثالث وهو أوساط السورة، فالقارئ فيه مُخيَّرٌ بين الإتيان بالبسملة فيه بعد الاستعاذة، وذلك سوى براءة، فإنه يحتمل التخيير فيها كغيرها، ويحتمل المنع من البسملة فيها] اهـ.
وقال في "النشر في القراءات العشر" (1/ 265، ط. المطبعة التجارية الكبرى): [يجوز في الابتداء بأوساط السور مطلقًا سوى (براءة) البسملة وعدمها لكل من القُرَّاء تخيَّرًا، وعلى اختيار البسملة جمهور العراقيين، وعلى اختيار عدمها جمهور المغاربة وأهل الأندلس] اهـ.
ويُؤيِّدُ الحنابلة ما ذهب إليه جمهور القُرَّاء من أنَّ القارئ للقرآن خارج الصلاة "مُخيَّرٌ" بين الإتيان بالبسملة أو عدم الإتيان بها حال بدء التلاوة من وسط السورة، حيث نصُّوا على عدم المنع من قراءة البسملة في وسط السورة كأولها.
قال العلَّامة شمس الدين ابن مفلح الحنبلي في "الآداب الشرعية والمنح المرعية" (2/ 326، ط. عالم الكتب): [وتستحب قراءة البسملة في أول كل سورة في الصلاة وغيرها نصَّ عليه وقال: لا يدعها، قيل له: فإن قرأ من بعض سورة يقرؤها؟ قال لا بأس، فإن قرأ في غير صلاة فإن شاء جَهَرَ بالبسملة وإن شاء لم يجهر] اهـ.
وذهب الشافعية في المعتمد من مذهبهم إلى استحباب البدء بالبسملة وعدم تركها حال بدء التلاوة من أول السورة أو وسطها خارج الصلاة.
قال الإمام شمس الدين الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (1/ 475، ط. دار الفكر): [لو قرأ خارج الصلاة استحب له الابتداء بالتعوذ والتسمية، سواء افتتح من أول سورة أم من أثنائها] اهـ.
وذهب أكثر الحنفية إلى أنَّ من بدأ القراءة من وسط السورة يكفيه أن يبدأ قراءته بالاستعاذة فقط دون البسملة، لا سيَّما وأنَّهم يرون في المعتمد من المذهب عندهم أنَّ البسملة ما جُعِلَت إلا للفصلِ بين السور، وليست بآيةٍ تامَّةٍ من سور القرآن إلا من سورة النمل فقط، لذلك رأوا أنَّ من بدأ تلاوة القرآن من أول السورة فإتيانه بالبسملة حَسَنٌ، مراعاةً للخلاف الوارد في كَوْنِ البسملة آية من أول كُلِّ سورة أم لا.
قال العلَّامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" (ص: 260-261، ط. دار الكتب العلمية): [يُسَنُّ لمن قرأ سورةً تامّةً أن يتعوَّذَ ويُسَمِّي قبلها، واختلف فيما إذا قرأ آيةً، والأكثر على أنه يتعوَّذ فقط... لا خلاف أنَّه لو سمَّى لكان حسنًا لشبهة الخلاف في كَوْنِهَا آيةً من كل سورة، ثم هل يخص هذا بما إذا قرأ السورة من أولها أو يشمل ما إذا قرأ من أوسطها آياتٍ مثلًا؟ وظاهر تعليلهم كون الإتيان بها لشبهة الخلاف في كونها آيةً من كل سورة يفيد الأول كذا بحثه بعض الأفاضل] اهـ.
وأما المالكية: فقد تعرضوا لقراءة البسملة في أثناء سورة براءة لا أولها والذي ينسحب على باقي سور القرآن الكريم، والمفهوم من كلامهم أنَّهم لم ينصوا على خصوص المسألة، إلا أنَّ بعضهم يذكر قولي العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي القائل بالكراهة، والعلامة الشمس الرملي الشافعي القائل بالندب بدون ترجيح، وكأن الأمر عندهم على التخيير بين الكراهة والندب؛ بينما رجَّح الشيخ الأمير الأخذ بقول الرملي بندب قراءتها في أثناء السورة.
قال الشيخ الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/ 3-4، ط. دار الفكر): [وتحرم في ابتداء براءة عند ابن حجر، وقال الرملي بالكراهة، وأما في أثنائها فتكره عند الأول وتندب عند الثاني، ولم أر لأهل مذهبنا شيئا في ذلك، وليس لها حالة وجوب إلا بالنذر، ولا يقال: إن البسملة واجبة عند الذكاة مع الذكر والقدرة؛ لأنا نقول الواجب مطلقُ ذكر الله لا خصوص البسملة كما عليه المحققون] اهـ.
وقال الشيخ الأمير في "المجموع" ومعه "ضوء الشموع شرح المجموع في الفقه المالكي" (1/ 18، ط. دار يوسف بن تاشفين): [وتحرم في المحرمات على الأظهر، وفي ابتداء براءة عند ابن حجر، وقال الرملي بالكراهة، وأما في أثنائها فتكره عند الأول وتندب عند الثاني، ولا أعلم نصًّا لأصحابنا، والظاهر موافقة الرملي] اهـ.
وأَمَرَ الشرع الحنيف بذكر الله عز وجل قبل كُلِّ عمل، استجلابًا للبركة ومرضاةً لله تعالى، وأفضل الذكر البِدْءُ بما بدأ الله تعالى به أشرف كتبه المُنزَّلة وهو "القرآن الكريم" فقد بُدِأَ بالبسملة، فيستحب ابتداء بها سائر الأعمال.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِذِكْرِ اللَّهِ أَقْطَعُ» رواه الدارقطني.
قال العلَّامة الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (5/ 2071، ط. دار الفكر): [«كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ»، أي: ذي شأنٍ واعتبارٍ يُرْجَى منه حُسْنُ مآلٍ في النهاية، «البال» الحالُ والشأن، و«أَمْرٍ ذِي بَال»، أي: شريفٍ يُحْتَفَلُ به ويُهتم به، والبال في غير هذا القلب، وقال غيره: إنما قال: ذو بال؛ لأنه من حيث إنه يشغل القلب كأنه ملكه وكأنه صاحب بال... «أقْطَعُ» أي: مقطوع البركة على وجه المبالغة أي: أقطع من كُلِّ مقطوع... وفي رواية فهو «أبتر» أي: ذاهب البركة] اهـ.
الخلاصة
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فيجوز لمن بدأ القراءةَ من وسط السورة، أو أي موضعٍ منها -غير أولها- خارج الصلاة، قراءة البسملة أو عدم قراءتها، ولا إثم على من تركها ولم يأتِ بها، والأولى أن يأتي بالبسملة استحبابًا، استجلابًا للبركة ومرضاةً لله تعالى، وتأسيًّا بما بدأ الله سبحانه وتعالى به كتابه.