طرود مفخخة وتجارب لوجستية: السلطات الألمانية تُحبط مخططًا تخريبيًا لصالح روسيا
تاريخ النشر: 15th, May 2025 GMT
ذكرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن السلطات الأمنية أحبطت على ما يبدو مخططًا تخريبيًا يُشتبه في ارتباطه بروسيا، وذلك عبر تنفيذ سلسلة من الاعتقالات طالت عدداً من الأشخاص الذين يُشتبه بتخطيطهم لهجمات داخل ألمانيا لصالح الكرملين. اعلان
وبحسب تحقيقات المجلة، أوقف مكتب المدعي العام الفيدرالي، ينس روميل، اثنين من المشتبه بهم خلال عطلة نهاية الأسبوع، بينما جرى توقيف مشتبه به ثالث مساء الثلاثاء، في عمليات نُفذت بمدن كونستانس وكولونيا، إضافة إلى سويسرا.
وتركزت التحقيقات على مخططات يُعتقد أنها تضمنت استخدام طرود مفخخة تنفجر أثناء عملية الشحن. ويتهم الادعاء الفيدرالي ثلاثة مواطنين أوكرانيين هم: فلاديسلاف ت.، ودانييل ب.، ويفين ب.، بالتحضير لعمليات تخريبية نيابة عن السلطات الروسية.
وتشير المعلومات إلى أن المشتبه بهم أبلغوا أطرافاً ثالثة عن استعدادهم لتنفيذ أعمال تخريب خطيرة تشمل إشعال حرائق متعمدة وتنفيذ تفجيرات. وقد تم وضع اثنين منهم قيد التوقيف الاحتياطي، في حين صدرت مذكرة توقيف بحق المتهم الثالث دون أن يُعتقل بعد.
ووفقاً لما توصل إليه المحققون، يُعتقد أن المجموعة بدأت بالفعل بإجراء تجارب أولية، من خلال تجهيز طرود مزودة بأجهزة تتبّع GPS وإرسالها إلى داخل أوكرانيا. وقد تولى يفيهن ب. شراء أجهزة التتبع من سويسرا، وأرسلها إلى دانييل ب. في كونستانس، الذي بدوره حولها إلى فلاديسلاف ت. في كولونيا، حيث أُرسلت الطرود لاحقاً إلى أوكرانيا.
ووفقًا لما نقلته "دير شبيغل"، كان الهدف من هذه الخطوة تتبع طرق النقل واختبارها. ومع ذلك، يؤكد المحققون أن الخطط كانت لا تزال في مراحلها الأولى من التنفيذ.
الحرب الهجينة والأدوات "غير المكلفة"يُطرح تساؤل بارز في ضوء المستجدات: هل المشتبه بهم يندرجون ضمن ما تصفه أدبيات الاستخبارات بـ"العملاء الذين يمكن الاستغناء عنهم"؟ هذه الفئة تُعد إحدى أدوات "الحرب الهجينة" التي تعتمدها أجهزة الاستخبارات الروسية ضمن استراتيجياتها التخريبية.
فبدلاً من توظيف عناصر محترفة خضعت لتدريب متقدم، تلجأ المخابرات الروسية إلى تجنيد أفراد عاديين لتنفيذ مهام محدودة لمرة واحدة.
وغالبًا ما تُسند إليهم أوامر مبسطة تصلهم عبر تطبيقات مراسلة مثل "تلغرام" أو "فايبر"، ولا تتطلب أي تأهيل أو تدريب. وتشمل هذه المهام عمليات حرق متعمدة، أو توزيع منشورات دعائية، أو نشر ملصقات تحمل رسائل سياسية أو تحريضية.
ما الفرق بين الحرب التقليدية والهجينة؟توضح أولها دانتشينكوفا، الخبيرة في الاتصالات الاستراتيجية والمؤسسة المشاركة لوكالة "كاليبرايتد" في أوكرانيا، وكذلك المؤسسة المشاركة لمنظمة غير حكومية تُدعى "PR Army"، في حديث إلى "يورونيوز"، أن الحرب الهجينة تقوم على الدمج بين العمليات العسكرية التقليدية وتكتيكات غير عسكرية تُستخدم لتحقيق أهداف استراتيجية، مع الحفاظ على إمكانية التنصل من المسؤولية.
وتشرح دانتشينكوفا أن الهدف من هذا النمط الحربي هو استغلال نقاط ضعف الخصم في مجالات متعددة لإحداث حالة من الغموض والارتباك. وتشمل هذه الأساليب: الهجمات السيبرانية، حملات التضليل الإعلامي، الإكراه الاقتصادي (مثل التحكم بإمدادات النفط والغاز)، الضغط الدبلوماسي، توظيف ملف الهجرة كسلاح سياسي كما حصل في بيلاروسيا، نشر الفساد، التدخل في الانتخابات، واستخدام القوات بالوكالة.
ويُعزّز هذا الطرح إيهور سولوفي، رئيس المركز الأوكراني للاتصالات الاستراتيجية وأمن المعلومات، مشيرًا إلى أن الحرب الهجينة تعتمد على ترسانة متنوعة من الأدوات، من بينها بشكل أساسي التضليل الإعلامي.
Relatedبوتين يشكر قوات كوريا الشمالية على تفانيها في القتال إلى جانب روسيا في كورسكبولندا: روسيا تقف وراء الحريق الضخم الذي دمر مركزا تجاريا في وارسو عام 2024لدعم الحرب في أوكرانيا.. إيران تستعد لتسليم راجمات صواريخ قصيرة المدى إلى روسياويُقارن سولوفي بين الحربين التقليدية والهجينة انطلاقًا من تجربته الوطنية. فبرأيه، تلعب العمليات المعلوماتية، وعمليات "العلم الكاذب"، وأساليب غير عسكرية أخرى، دورًا مركزيًا في الحرب الهجينة.
ويقدّم مثالًا توضيحيًا: عام 2022، استخدمت روسيا الأسلحة التقليدية للسيطرة على مدينة ماريوبول، بما في ذلك المدفعية والمدرعات والطيران والمشاة، ضمن عملية عسكرية كلاسيكية. في المقابل، اعتمدت في عام 2014 أساليب الحرب الهجينة للسيطرة على دونيتسك، حيث أدّت العمليات الإعلامية والدعائية إلى انقسام في صفوف السكان المحليين وانقلاب بعضهم على الحكومة المركزية.
ويضيف أن "القوات الخاصة الروسية والمرتزقة، بدعم من متعاونين محليين، أطاحوا بالسلطات الشرعية في المدينة بالقوة". لكن، وعلى خلاف الغزو الشامل، حرصت روسيا على طمس أي دليل يربطها بتلك الأحداث، مستخدمة معلومات كاذبة ومضلّلة لإخفاء تورطها.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل سوريا قطر السعودية فرنسا دونالد ترامب إسرائيل سوريا قطر السعودية فرنسا موسكو اعتقال ألمانيا روسيا أوكرانيا الغزو الروسي لأوكرانيا دونالد ترامب إسرائيل سوريا قطر السعودية فرنسا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أحمد الشرع قطاع غزة تقاليد غزة روسيا الحرب الهجینة
إقرأ أيضاً:
هجوم روسيا الصيفي في أوكرانيا يترنّح: زخم ميداني دون مكاسب استراتيجية
القوات الروسية تسير نحو تحطيم رقمها القياسي في عدد العمليات الهجومية خلال شهر حزيران/يونيو، إلا أن الكثافة النارية لم تُترجم إلى مكاسب استراتيجية ملموسة، بحسب صحيفة "التلغراف" البريطانية. اعلان
رغم تصعيد غير مسبوق للهجمات على جبهات متعددة، تشير البيانات إلى أن الهجوم الصيفي الروسي في أوكرانيا بدأ يفقد زخمه بعد أسابيع قليلة من انطلاقه، دون تحقيق اختراقات حاسمة على الأرض، وفقًا لتحليل أجرته صحيفة "التلغراف" البريطانية.
وبحسب الصحيفة، فإن القوات الروسية تسير نحو تحطيم رقمها القياسي في عدد العمليات الهجومية خلال شهر حزيران/يونيو، إلا أن الكثافة النارية لم تُترجم إلى مكاسب استراتيجية ملموسة، إذ أخفقت موسكو في التقدّم ميدانيًا رغم التخطيط المطوّل خلال الشتاء وتجميعها لعدد كبير من الجنود وتحسين التنسيق بين الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة.
من خاركيف إلى دونيتسك: اختراقات محدودةامتد الهجوم الروسي من شمال شرق أوكرانيا في منطقتي سومي وخاركيف إلى جبهات دونيتسك ودنيبروبتروفسك. وفي شهر مايو، سجلت القوات الروسية أسرع معدل تقدم منذ نوفمبر الماضي، بمتوسط 5.5 ميل مربع يوميًا، أي ضعف المعدل في أبريل، بحسب "ديب ستيت" الأوكراني لرصد التحولات الميدانية.
وتركزت النجاحات المحدودة في منطقة دونيتسك، خصوصًا بين بوكروفسك وكوستيانتينيفكا، إلا أن الزخم بدأ يتلاشى بعد أسابيع من القتال، كما أكدت المحللة أنجيليكا إيفانز من معهد دراسة الحرب (ISW) للصحيفة: "القدرة على إطلاق مرحلة جديدة مفقودة حاليًا لدى الروس. ما يحدث اليوم هو استمرار لما بدأ في الربيع".
في سومي، توقفت القوات الروسية بشكل شبه كامل رغم محاولاتها للسيطرة على بلدة يونكيفكا القريبة من الطريق المؤدي إلى مركز المدينة. ويؤكد الخبير العسكري الأوكراني بافلو ناروجني أن سقوط البلدة قد يفتح الطريق للمدفعية الروسية نحو سومي نفسها، واصفًا ذلك بأنه "كارثة محتملة".
لكن القوات الأوكرانية نجحت في وقف التقدّم الروسي في المنطقة واستعادت بعض المواقع.
ويقول ضابط أوكراني رفيع يخوض القتال في محور كوبيانسك: "الهجوم الروسي قد تعثّر عمومًا. لديهم تفوق عددي في الجنود والطائرات المسيّرة، لكن مشاتهم غير مدربين إطلاقًا".
Relatedصواريخُ ومسيّرات.. لغة الحوار بين أوكرانيا وروسيا وترامب يرى أن بوتين يبحث عن مخرج35 ألف طفل أوكراني في عداد المختطفين... وأهالٍ يواجهون الخطر لاستعادتهم من روسياعودة مؤثرة لأسرى الحرب الأوكرانيين بعد الإفراج عنهم ضمن عملية تبادل جديدة مع روسياخطة بوتين: حزام عازل أم توسيع رقعة الحرب؟رغم أن الهدف المعلن للهجوم الروسي في سومي هو إنشاء منطقة عازلة على الحدود لمنع تسلل الطائرات المسيّرة الأوكرانية، فإن تصريحات الرئيس فلاديمير بوتين أوحت بنيّة أبعد، إذ قال خلال منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي: "مدينة سومي هي التالية. لسنا مضطرين لأخذها، لكني لا أستبعد ذلك"، ما أعاد المخاوف من توسع الهجوم الروسي.
وفي تصريح بارز يوم الخميس، أكد القائد العام للجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي أن القوات الروسية توقفت عن التقدم في سومي، وأن الخطوط الأمامية قد استقرت.
جبهات موازية: الضغط على دونيتسك ودنيبروفي موازاة ذلك، تسعى روسيا لاختراق منطقة دنيبروبتروفسك والاستمرار في السيطرة الكاملة على إقليم دونباس، حيث تحاول الاستيلاء على كوستيانتينيفكا، المركز اللوجستي الحيوي للجيش الأوكراني، تمهيدًا للهجوم على كراماتورسك وسلوفيانسك.
لكن تحقيق ذلك يبدو بعيد المنال في ظل ضعف أداء القوات الروسية وتراجع قدراتها، إذ أشار ضابط أوكراني إلى أن "السيطرة على كراماتورسك تتطلب 100 ألف جندي إضافي، بينما تطلبت السيطرة على أوديفييفكا 40 ألفًا، وباخموت 70 ألفًا، مع وجود مرتزقة فاغنر المحترفين".
الاستنزاف والإنهاك بدل الحسمرغم تفوقهم العددي في بعض المحاور بنسبة 20 إلى 1، فشلت القوات الروسية في السيطرة على كوستيانتينيفكا، إذ صرح قائد أوكراني لـ "نيويورك تايمز" أن الروس يشنّون حتى 15 هجومًا أسبوعيًا في المنطقة، لكن الدفاع الأوكراني ما زال صامدًا.
أما الخبير العسكري نيك رينولدز من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، فأوضح أن الروس "غير قادرين على مواصلة الضغط بسبب نقص الذخائر والمدرعات القابلة للإصلاح".
وفي بوكروفسك، تستمر المعارك بوتيرة عالية لكن بلا نتائج واضحة. وفي توريتسك، تباطأ التقدّم بسبب القتال في المناطق الحضرية.
منجم الليثيومفي تطور لافت، استولت القوات الروسية هذا الأسبوع على منجم لليثيوم قرب قرية شيفتشينكو غرب دونيتسك. ويُعد هذا المنجم من أغنى احتياطيات أوكرانيا من الليثيوم، ما يشكّل ضربة موجعة لخطط كييف التنموية طويلة الأمد.
حرب استنزاف طويلة المدىيرى خبراء أن روسيا اختارت نشر قواتها على امتداد الجبهات، في تكتيك يهدف إلى إنهاك الجيش الأوكراني بدل تحقيق اختراقات سريعة. ويقول رينولدز إن موسكو تسعى لـ"انهيار منظّم" للجيش الأوكراني بفعل الضغط المستمر، وهي بذلك تبني على ما تسميه "نظرية النصر العملياتية".
وتختتم المحللة أنجيليكا إيفانز: "ما نشهده هو استراتيجية لإجبار السكان على الرحيل، تمهيدًا للاستيلاء على المدن لاحقًا. الهدف الحقيقي هو السيطرة على كامل أوكرانيا، وليس فقط المناطق الأربع التي أعلنت روسيا ضمها في عام 2022".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة