التربية البطيئة.. فن تنشئة الأبناء بهدوء وثقة
تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT
بين إيقاع الحياة السريع وتغير متطلبات سوق العمل وتطور التكنولوجيا الرقمية باستمرار، تتأثر تربية الأطفال بشكل كبير ويزداد حجم الضغوط التي يمارسها بعض الآباء على أبنائهم، مما كان سببا في ظهور فلسفة جديدة في التربية وهي "التربية البطيئة".
ولكن ما نهج الأبوة البطيئة؟ وكيف يؤثر التباطؤ في التربية على حياة أبنائنا؟
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الطفولة المعذّبة في غزة: صور تنطق بالألمlist 2 of 2من المطبخ إلى مهارات الحياة.. لماذا يجب تعليم الأطفال فن الطهي؟end of list فلسفة معاكسة للأبوة المفرطة
بداية، تشير الاختصاصية النفسية، آنا ماثور في مقال لها على موقع "جود تو"، أن التربية البطيئة تعد نهجا يسعى إلى إبطاء وتيرة الحياة اليومية المحمومة، وتعزيز الأبوة والأمومة الواعية من خلال التراجع بعض الخطوات إلى الوراء والتخلي عن ضغط الجدولة الزائدة.
وأضافت أن التربية البطيئة تركز على جودة الوقت المخصص للأطفال بدلا من الكم، وتعطي الأولوية للعب غير المنظم مع التركيز على جودة التفاعلات الأسرية والرفاهية العاطفية للأطفال.
وبالرغم من أن التربية البطيئة ليست مفهوما حديثا، بل ربما كانت القاعدة في تنشئة الأجيال السابقة، فإنها ازدهرت مؤخرا كنهج بديل في التربية، قدمه المؤلف الكندي، كارل هونوري في كتابه الصادر عام 2008 بعنوان "تحت الضغط: إنقاذ أطفالنا من ثقافة الأبوة المفرطة"، حيث كتب: "التربية البطيئة تعني السماح لأطفالنا باكتشاف ذواتهم بدلا من أن نفرض عليهم ما نريد، تعني ترك الأمور تحدث بدلا من التدخل المفرط فيها وفرضها".
إعلانويوضح هونوري لموقع "مومنتس أداي" أن التربية البطيئة لا تعني التباطؤ أو إهمال الأبناء بقدر ما تعني القيام بكل شيء بالسرعة المناسبة وبشكل متوازن عن طريق تعزيز اللعب الحر الذي يقوده الأطفال دون جداول زمنية صارمة، والسماح لهم بالنمو بوتيرتهم الخاصة والتفاعل بشكل طبيعي مع العالم من حولهم.
تختلف عن التربية المتساهلةووفق موقع "بيرنتس"، فإن التربية البطيئة بالنسبة للآباء تعد فرصة لتخفيف الضغط النفسي وأخذ استراحة من متطلبات التربية الحديثة وضغوط الإنجازات العالية، وكذلك تحرير أنفسهم من ضغط المقارنات وإعادة اكتشاف متعة التواجد والتواصل مع أبنائهم.
ومع ذلك، يؤكد الخبراء على أهمية التمييز بين التربية البطيئة والتربية المتساهلة، فالتربية البطيئة تعطي الأولوية للتواصل وتضع حدودا مبنية على المحبة، أما التربية المتساهلة، فتفتقر إلى الهيكلية والانضباط، مما قد يشعر الأبناء بعدم الاستقرار وانعدام الأمان.
بخلاف أساليب التربية التقليدية التي ترفع من شأن التحصيل الأكاديمي، تُقدر التربية البطيئة التعلم التجريبي والإبداع والمرونة وتمنح الأطفال حرية الاستكشاف وارتكاب الأخطاء، لذلك يعتبر اللعب الحر جزءا لا يتجزأ من روتين الطفل في التربية البطيئة، ومن فوائدها:
اكتشاف العالم: تتيح التربية البطيئة للأطفال حرية اللعب المستقل أو التظاهري، أو الذهاب في نزهة في الطبيعة، مما يشبع فضولهم ويمنحهم حرية الاستكشاف والميل إلى الملاحظة وطرح المزيد من الأسئلة، وفي تقريرها لعام 2018 "قوة اللعب: دور طب الأطفال في تعزيز النمو لدى الأطفال"، سلطت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال الضوء على أهمية اللعب الحر في تنمية المهارات الاجتماعية والمعرفية والعاطفية ودوره في تعزيز مهارات القرن الـ21 اللازمة للنجاح، مثل حل المشكلات والتعاون والإبداع، وكذلك أشارت إلى دوره في إتقان مهارات إدارة المخاطر.
إعلانتعزيز الثقة بالنفس: يكتسب الأطفال الذين لا يتعرضون لضغوط تلبية التوقعات طوال الوقت مهارات المرونة وحل المشكلات، وتتعزز ثقتهم في أنفسهم، وهذا ما أشارت إليه دراسة أجراها باحثون في جامعة بيس الأميركية عام 2022، إذ توصلت الدراسة بعد مناقشة بيانات 151 طالبا من مختلف الجامعات الأميركية إلى أن توقعات الوالدين المرتفعة تُعرض الأطفال لخطر الخوف من الأحكام وتدني احترام الذات وعدم الثقة في النفس.
تطوير الاهتمامات: عندما يتوفر للأطفال المزيد من الوقت غير المنظم ويتولون زمام المبادرة، فإنهم يكونون أحرارا في استكشاف اهتماماتهم الحقيقية مثل الفن أو الموسيقى أو الرياضة، لمجرد المتعة ويشعرون بالدعم والفهم والاستمتاع.
تطوير مهارات التواصل: تعطي التربية البطيئة الأولوية للمحادثات المفتوحة والتأمل، مما يساعد الأطفال على الشعور براحة أكبر في مناقشة مشاعرهم وتطوير مهاراتهم في التواصل.
تعزيز الاستقلالية: توفر التربية البطيئة بيئة داعمة للمراهقين لتعلم مهارات اتخاذ القرار وتحمل المسؤوليات والتعامل مع الصعوبات في بيئة خالية من التوتر، على عكس الآباء المفرطين في الرعاية.
تعزيز الروابط العائلية: عندما يسمح الآباء لأطفالهم، بغض النظر عن أعمارهم، باختيار الأنشطة والتجارب التي يرغبون في ممارستها، فإن ذلك يُعزز بشكل طبيعي علاقة الوالدين بالطفل ويضع أساسا لعلاقة صحية ودائمة ويخلق ذكريات ذات معنى تدوم بمرور الوقت.
سلبيات التربية البطيئةبالرغم من الفوائد الكثيرة التي تحققها التربية البطيئة، فإنها قد لا تناسب الجميع كما هو الحال مع أي أسلوب تربوي، إذ قد يراها بعض الآباء نهجا متساهلا أو غير منظم، وبالأخص إذا كانوا يقدسون النجاح الملموس ويعتبرونه أمرا ضروريا أو يقدرون روح المنافسة والإنجاز المادي مثل الجوائز الرياضية والدرجات الممتازة.
يمكنك تطبيق فلسفة التربية البطيئة في التعامل مع أبنائك أو الاعتماد على بعض جوانبها من خلال هذه الممارسات:
دع أطفالك يستكشفون بوتيرتهم الخاصة: قد يُظهر طفلك مهارات في كرة القدم، لكن هذا لا يعني أنه مستعد للانضمام إلى فريق بعد، لذا تجنب الضغط عليه للمشاركة إلا إذا كان مهتما ومتحمسا للتجربة.
تقبل الملل: عندما يشعر طفلك بالملل لا تفكر في حلول فورية ولا تحاول إنقاذه بقائمة من الأنشطة المنسقة، ودعه يطلق العنان لإبداعه وذكائه وسيفاجئك بمدى قدرته على شغل وقته وابتكار ألعاب جديدة.
إعلانقلل وقت الشاشات: تقول المعالجة النفسية، الدكتورة نادية تيموريان لموقع "فازرلي"، إن الصحة الرقمية للأطفال تتطلب استخداما واعيا ومتوازنا للوسائط الرقمية، مع التركيز على التعلم والإبداع بدلا من الترفيه المستمر.
لا تثقل كاهل طفلك: التربية البطيئة لا تعني استبعاد كافة الأنشطة المنهجية، ولكن، حاول أن تفهم قدرات طفلك حتى لا تُحمله توقعات قد لا يكون مستعدا لها ولا تُجبره على التفوق في كل شيء، إذ ليس بالضرورة أن يكون كل شيء فرصة للتعلم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی التربیة بدلا من
إقرأ أيضاً:
نائب وزير التربية «العباب» يطلع فريق العقوبات الأممي على انتهاكات الحوثيين للعملية التعليمية
عقد نائب وزير التربية والتعليم الدكتور علي العباب، اليوم، لقاءً عبر تقنية الاتصال المرئي (زووم) مع فريق العقوبات التابع لمجلس الأمن الدولي، استعرض خلاله جملة من الانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الحوثي الإرهابية بحق قطاع التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وفي مقدمتها التلاعب بالمناهج الدراسية، وتجنيد الأطفال، وارتكاب جرائم جسيمة بحق الكوادر التعليمية.
وأشار الدكتور العباب إلى أن مليشيا الحوثي المدعومة من إيران أقدمت على تغييرات ممنهجة في المناهج الدراسية، تهدف إلى غرس مفاهيم طائفية متطرفة تتنافى مع قيم المجتمع اليمني وأهداف التعليم الوطني
كما أشار الدكتور العباب إلى أن المليشيا تستخدم المدارس كمنابر لنشر خطابات الكراهية والطائفية، وتخضع الطلبة لمحاضرات إلزامية مشبعة بالفكر المتطرف، فضلاً عن قيامها بتجنيد الأطفال والزج بهم في جبهات القتال دون السن القانونية، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية الخاصة بحقوق الطفل.
وتطرق العباب إلى معاناة المعلمين في مناطق سيطرة المليشيا، حيث عمدت الجماعة إلى استهداف الكوادر التربوية التي ترفض الانخراط في مشروعها الطائفي، من خلال القتل أو التهجير أو الإخفاء القسري أو الفصل التعسفي، الأمر الذي خلق بيئة تعليمية قمعية لا تتوفر فيها أبسط معايير الأمن والاستقرار.
وفيما يخص الطلاب، حذر نائب وزير التربية والتعليم من استمرار تهديد حياتهم بسبب الألغام التي تزرعها المليشيا بشكل عشوائي في الطرقات المؤدية إلى المدارس وفي محيط المنشآت التعليمية واستخددام المدارس ثكنات عسكرية، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا من الأطفال بين شهيد وجريح، إضافة إلى إصابات تسببت بإعاقات دائمة.
واختتم الدكتور العباب حديثه بمطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والإنسانية تجاه هذه الانتهاكات الخطيرة، والعمل على وقف ممارسات مليشيا الحوثي التي حولت التعليم من وسيلة للنهضة إلى أداة لنشر الطائفية والكراهية والتجنيد القسري.