صحيفة الاتحاد:
2025-07-03@17:34:10 GMT

المتاحف.. مرايا الحضارات وذاكرة الإنسانية

تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT

الاتحاد (أبوظبي)
في عالم يتسارع إيقاعه نحو المستقبل، تقف المتاحف شامخة كحصونٍ للذاكرة، تحفظ في جنباتها تاريخ الشعوب وإرث الحضارات. وفي الثامن عشر من مايو من كل عام، يحتفي العالم بـ«اليوم العالمي للمتاحف»، الذي أقره المجلس الدولي للمتاحف (ICOM) منذ عام 1977، ليذكّر بأهمية هذه المؤسسات الثقافية باعتبارها مراكز حيوية للتعليم والتبادل الثقافي والحوار بين الأجيال.

يأتي هذا اليوم ليؤكد أن المتاحف لم تعُد مجرد مخازن للآثار والتحف، بل تحوّلت إلى فضاءات نابضة بالحياة، تجمع بين الماضي والحاضر، وتمنح المجتمعات أدوات لفهم ذواتها والعالم من حولها. ومع التحديات البيئية والاجتماعية والرقمية، التي تواجه العالم اليوم، أصبح دور المتاحف أكثر إلحاحاً في تعزيز الوعي بالتنمية المستدامة، وحماية التراث الثقافي كإرث مشترك للبشرية.
وتحرص المؤسسات الثقافية في مختلف دول العالم، وفي مقدمتها دولة الإمارات، على إحياء هذا اليوم عبر مبادرات ومعارض وفعاليات خاصة، تعزّز من مكانة المتاحف كمحرك للتنمية الثقافية، ومنصة للحوار الحضاري، وجسر يربط الأجيال بالهوية والانتماء.

أخبار ذات صلة جائزة ابن بطوطة.. جسر ثقافي بين الأمس والغد «البيئة الاجتماعية».. ركيزةٌ لتمكين المواهب

وفي تصريحات خاصة لـ«الاتحاد» قال الدكتور بيتر ماجي، مدير متحف زايد الوطني: «بينما نحتفي باليوم العالمي للمتاحف تحت شعار «مستقبل المتاحف في مجتمعات سريعة التغيّر»، أتأمل في الدور المتنامي، الذي تؤديه المتاحف الوطنية في عالمنا سريع التحوّل. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة -حيث يمكن اتباع تاريخ الوجود البشري على هذه الأرض لما يقارب 300 ألف عام، وحيث تُشكّل التنمية والتقدّم محوراً لكل ما نقوم به- يغدو هذا الدور أكثر أهمية من أي وقت مضى. المتحف الوطني ليس مجرد مكان لحفظ القطع الأثرية، بل هو مؤسسة حيّة ومنصّة للتواصل الثقافي. ومع نمو مُدننا، وتنوّع مجتمعاتنا، وتغيّر أساليب تفاعلنا مع الثقافة، تصبح المتاحف الوطنية مطالبة بالتكيّف مع هذا الواقع المتجدد دون أن تتخلى عن مهمتها الجوهرية المتمثلة في صون الماضي، وتفسيره، ومشاركته مع الأجيال الحاضرة والمستقبلية».
ويضيف: «في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تتجذّر التقاليد في عمق الحياة اليومية، ويتسارع الابتكار بخطى غير مسبوقة، تقف المتاحف عند مفترق طرق مهم. فهي تملك موقعاً فريداً يؤهلها لمساعدة المجتمعات على التكيّف مع التغير، ليس فقط من خلال تقديم السياق والاستمرارية، بل أيضاً عبر الإلهام واستشراف المستقبل. وسواء عبر التحول الرقمي، أو اعتماد نماذج جديدة للمعارض، أو توسيع الشراكات المجتمعية، علينا أن نعيد التفكير في كيفية قيام مؤسساتنا بدورها في خدمة المجتمع. وفي متحف زايد الوطني، نحن ننطلق من رؤية الوالد المؤسّس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، التي لا تزال قيمه الراسخة تُشكّل الدافع الأساسي لإنشاء متحف وطني يخدم أبناء هذه الأرض. وبصفته مؤسسة ثقافية بارزة، يكرّم متحف زايد الوطني التزام الشيخ زايد بالتعليم، والهوية، والتقدم».
ويتابع مدير متحف زايد الوطني قائلاً: «خلال رحلتنا، طرحنا على أنفسنا تساؤلات جوهرية: كيف يمكن لمجموعاتنا ومقتنياتنا أن تُخاطب الجيل الجديد؟ كيف نصل إلى فئات قد لا تسنح لها فرصة زيارة المتحف؟ كيف نصبح أكثر انفتاحاً وشمولاً واستجابة لاحتياجات المجتمع من حولنا؟ نعمل في متحف زايد الوطني على التواصل مع مجتمعنا بكل وعي. ومن خلال برامج التفاعل المجتمعي، والشراكات مع جهات عدة مثل مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم، والمدارس والجامعات، نسعى إلى بناء جسور جديدة من التواصل والارتباط. ونحن نرى المتحف كمساحة مدنية نابضة بالحياة، تلتقي فيها الثقافة والتعليم وأنماط الحياة اليومية».
وأكد الدكتور بيتر ماجي أنه ينبغي على المتاحف الوطنية أن تؤدي دوراً فاعلاً في تعزيز فهمنا للتاريخ والإرث الثقافي الذي تمثّله. ومن خلال دعم البحث العلمي، وتبني شراكات بحثية مبتكرة، يصبح السرد المتحفي أكثر حيوية وتجدداً، ويواكب التقنيات والأساليب البحثية الحديثة والمبتكرة.
وأشار إلى «أنه في متحف زايد الوطني، تنطلق مهمتنا البحثية من رؤية واضحة تهدف إلى ترسيخ مكانتنا كمؤسسة عالمية المستوى. وهذه الرؤية ألهمتنا في اكتشافات بارزة، من بينها الكشف عن نص غير مرئي سابقاً على إحدى صفحات «المصحف الأزرق» من خلال فريق من الباحثين المتخصصين. كما أعدنا إحياء جانب من تاريخنا البحري العريق من خلال مشروع إعادة بناء «قارب ماجان» من العصر البرونزي، الذي تم تنفيذه بالشراكة مع جامعة زايد وجامعة نيويورك أبوظبي». 
مساحة نابضة بالحياة
واختتم مدير متحف زايد الوطني قائلاً: «في عالم سريع التغيّر، من الضروري أن تتطور المتاحف الوطنية بما يواكب احتياجات المجتمعات التي تنتمي إليها. فلكي نتمكن من رواية قصة هذه الأرض لا بد أن نصل إلى جمهورنا بطرق تعبّر عنهم وتلامس اهتماماتهم وتجاربهم. انطلاقاً من إرث الشيخ زايد، لا يقتصر دور متحف زايد الوطني على صون الماضي فقط، بل يشكّل مساحة نابضة بالحياة تتيح للأجيال القادمة فرصة التعرّف على مسيرة دولة الإمارات والمشاركة في رسم ملامح مستقبلها».

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: المتاحف الثقافة متحف زايد الوطني اليوم العالمي للمتاحف متحف زاید الوطنی المتاحف الوطنیة من خلال

إقرأ أيضاً:

تحذيرات من التداعيات الإنسانية لتقليص الدعم الدولي للشعب اليمني

حذر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي من خطورة تداعيات تقليص المنح والمساعدات الخارجية لليمن في الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية والاقتصادية بصورة غير مسبوقة خلال المرحلة الراهنة.


وطالب المركز في تقرير حديث صادر عنه، حول تداعيات التراجع في المنح والمساعدات المقدمة لليمن، بضرورة تقديم الدعم الطارئ والضروري لليمن والتحول التدريجي نحو العمل التنموي المستدام، مشيرًا إلى الآثار الخطيرة التي خلفها تراجع الدعم على النازحين والفئات الضعيفة في المجتمع وكذلك على الأوضاع الصحية والمعيشية لملايين اليمنيين.


ودعا المركز إلى ضرورة تغطية فجوة التمويل الراهنة سواء ضمن خطة الاستجابة الإنسانية التي أعدتها الأمم المتحدة للعام 2025، أو من خلال دعم البرامج التنموية الأخرى ومواصلة الجهود الدولية للتخفيف من واحدة من أسوأ الازمات الإنسانية في العالم.


واستعرض التقرير الصادر عن المركز مستجدات تقليص الدعم الدولي المقدم لليمن لاسيما الدعم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والذي مثل نسبة مهمة خلال فترة الحرب التي تشهدها اليمن على مدى عشرة أعوام وساهم بصورة واضحة في تخفيف الأزمة الإنسانية والمعيشية للشعب اليمني.


وأوضح المركز أن النصف الأول من العام 2025 شهد تراجعا غير مسبوق في حجم التمويل المخصص لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، حيث لم تتجاوز نسبة التغطية 9% من إجمالي المتطلبات حتى منتصف مايو، في وقت يتزايد فيه عدد المحتاجين للمساعدات إلى أكثر من 19.5 مليون شخص، مما يعكس حجم الفجوة التمويلية التي تواجهها المنظومة الإنسانية.


وتناول التقرير الصادر عن مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي، أبرز التحولات التي طرأت على خارطة التمويل الدولي لليمن، مشيرا إلى أن هذا التراجع الحاد في التمويل ترك أثرًا بالغًا على سير العمليات الإنسانية في مختلف القطاعات الحيوية، مثل الأمن الغذائي، والرعاية الصحية، والتعليم، وخدمات الحماية، كما أدى إلى توقف العديد من المشاريع الإغاثية والخدمية، وحرمان ملايين اليمنيين من الخدمات الأساسية، لا سيما في المناطق التي تأوي أعدادا كبيرة من النازحين.


وسلط التقرير الضوء على التأثيرات الكبيرة الناتجة عن قرار الولايات المتحدة الأمريكية تعليق جزء كبير من مساعداتها الإنسانية مطلع العام الجاري، حيث لم تتجاوز مساهمتها 16 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ 768 مليون دولار خلال العام 2024، الأمر الذي أدى إلى فجوة واسعة في تمويل البرامج الحيوية، وتدهور في أداء المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال الإنساني، خاصة في محافظة مأرب التي تضم أكبر تجمع للنازحين داخليًا.


وأشار التقرير إلى أن إجمالي المساعدات الدولية المقدمة لليمن منذ عام 2015 تجاوز 29 مليار دولار، بينها أكثر من 6.4 مليار دولار قدمتها الولايات المتحدة، عبر برامج متعددة دعمت قطاعات أساسية كالغذاء، والصحة، والتعليم، والمياه، في ظل الانهيار المستمر لمؤسسات الدولة.


وتتضمن التقرير تحليلا معمقًا لتداعيات تراجع التمويل على مستوى المعيشة في اليمن، موضحا كيف أسهمت هذه التطورات في تفاقم معدلات الجوع، وتوقف المرافق الصحية، وتراجع خدمات الحماية، إلى جانب الانعكاسات الاقتصادية، بما في ذلك انخفاض قيمة الريال اليمني بنسبة تجاوزت 25% خلال فترة قصيرة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتراجع فرص العمل، الأمر الذي زاد من هشاشة الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد.


ودعا المركز من خلال التقرير إلى ضرورة تبني خطة انسحاب تدريجي ومنظم للمساعدات الإنسانية، تتزامن مع تعزيز مسارات التنمية المحلية، واستئناف تصدير النفط والغاز، وضمان صرف رواتب الموظفين، وتحفيز الاستثمارات، مشددًا على أهمية تعزيز الشفافية، وتوسيع قاعدة الشراكات مع المنظمات المحلية، وتبني نهج متكامل يربط بين الاستجابة الإنسانية والتنمية وبناء السلام.


وأكد المركز أن هذا التقرير يأتي في سياق جهوده المستمرة للمساهمة في النقاش العام حول مستقبل العمل الإنساني في اليمن، وتهدف إلى تقديم توصيات عملية مبنية على معطيات واقعية لصنّاع القرار والجهات المانحة، بما يسهم في تعزيز الاستجابة الإنسانية، وتفادي مزيد من التدهور الاقتصادي والإنساني.


مقالات مشابهة

  • سعود بن صقر: التعليم أساس بناء الحضارات وركيزة لتحقيق التنمية الشاملة
  • عبدالله بن زايد ووزير خارجية غانا يبحثان هاتفياً العلاقات الثنائية
  • محمد بن زايد ورئيس وزراء اليونان يبحثان العلاقات والتطورات الإقليمية
  • متحف للري بالعاصمة الإدارية.. توثيق لتراث إدارة المياه وحماية للمنشآت التاريخية
  • محمد بن زايد يستقبل وفد مكتب شؤون حجاج الإمارات ويشيد بجهودهم
  • حكاوي ماتريوشكا.. حيث تتحول القصص إلى مرايا للأمل والعمق الإنساني
  • تحذيرات من التداعيات الإنسانية لتقليص الدعم الدولي للشعب اليمني
  • كود لكل قطعة..سويلم يتابع إجراءات تأسيس متحف للري بالعاصمة الإدارية
  • عبدالله بن زايد يؤكد دعم الإمارات لدور «وكالة الطاقة الذرية» المحوري
  • عبدالله بن زايد يؤكد خلال اتصال هاتفي مع غروسي دعم الإمارات للدور المحوري لوكالة الطاقة الذرية