بريطانيا تتنازل عن جزر تشاجوس إلى موريشيوس| تفاصيل
تاريخ النشر: 22nd, May 2025 GMT
أعلنت محكمة بريطانية اليوم الخميس أن المملكة المتحدة يمكنها نقل السيادة على جزر تشاجوس المتنازع عليها وذات الموقع الاستراتيجي إلى موريشيوس، ملغيةً بذلك قرارًا صدر قبل ساعات من الموعد المقرر لتوقيع الاتفاقية.
بريطانيا تتنازل عن جزر تشاجوسوصرح قاضي المحكمة العليا مارتن تشامبرلين، بعد جلسة استماع يوم الخميس، بأنه يجب رفع أمر قضائي يمنع التسليم.
وأضاف أن "المصلحة العامة ومصالح المملكة المتحدة ستتضرر بشكل كبير" في حال حدوث أي تأخير إضافي.
ورحبت الحكومة البريطانية بالحكم، قائلةً إن "هذه الاتفاقية حيوية لحماية الشعب البريطاني وأمننا القومي".
ووافقت المملكة المتحدة على تسليم موريشيوس أرخبيل المحيط الهندي، الذي يضم قاعدة بحرية وقاذفات استراتيجية مهمة على أكبر الجزر، دييجو جارسيا وستستأجر المملكة المتحدة بعد ذلك القاعدة لمدة 99 عامًا على الأقل.
كان من المقرر أن يوقع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والزعيم الموريشيوسي نافين رامغولام على الاتفاقية في حفل افتراضي صباح الخميس.
لكن قاضٍ أصدر أمرًا قضائيًا في الساعات الأولى من صباح الخميس، يمنع الحكومة البريطانية من اتخاذ أي "خطوة حاسمة أو ملزمة قانونًا" لتسليم الجزر إلى حكومة أجنبية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نقل السيادة جزر تشاجوس موريشيوس الحكومة البريطانية الشعب البريطاني المحيط الهندي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر المملکة المتحدة
إقرأ أيضاً:
تحوّل حاد في الموقف البريطاني تجاه إسرائيل وسط أزمة غزة الإنسانية
رئيس مؤسسة المشروع البريطاني الفلسطيني: هناك إجراءات أوسع يمكن أن تتخذها بريطانيا ضد إسرائيل
شهدت المملكة المتحدة، الحليف التقليدي الراسخ لإسرائيل، تحوّلًا ملحوظًا في موقفها الدبلوماسي خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية، في ظل مواصلة الحكومة الإسرائيلية، بقيادة بنيامين نتنياهو، فرض قيود مشددة على وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
فقد علّقت بريطانيا محادثات اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، واستدعت سفيرتها تسيبي هوتوفلي إلى وزارة الخارجية. وأوضح وزير شؤون الشرق الأوسط، هاميش فالكونر، أنه سيُبلغها برفض الحكومة البريطانية "للتصعيد غير المتناسب تمامًا للنشاط العسكري في غزة".
كما أعلنت المملكة المتحدة فرض عقوبات جديدة على ثلاثة أفراد، من بينهم زعيمة المستوطنين المتطرفة دانييلا فايس، بالإضافة إلى بؤرتين استيطانيتين غير شرعيتين ومنظمتين ساهمتا في التحريض على العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. وتشمل العقوبات: دانييلا فايس، هارييل ليبي (مالك شركة ليبي للإنشاءات والبنية التحتية)، زوهار صباح، مزرعة كوكو، شركة ليبي، منظمة "نحالاه"، ومزرعة نيريا – وجميعهم متورطون في دعم العنف والأنشطة غير القانونية بحق الفلسطينيين.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي: "رأيت بعينيّ آثار عنف المستوطنين، والخوف الذي يعيشه ضحاياهم، والإفلات من العقاب الذي يحظى به الجناة". وأضاف: "فرض العقوبات على دانييلا فايس وآخرين يُظهر تصميمنا على محاسبة المستوطنين المتطرفين، في وقت تعاني فيه المجتمعات الفلسطينية من الترهيب والعنف". وختم قائلاً: "تقع على عاتق الحكومة الإسرائيلية مسؤولية التدخل ووقف هذه الانتهاكات. إن فشلها المستمر يعرض الفلسطينيين وحل الدولتين للخطر".
وتناقلت الصحف البريطانية صباح اليوم أنباءً عن نية رئيس الوزراء كير ستارمر فرض عقوبات إضافية على وزراء كبار في حكومة نتنياهو، وسط تصاعد الضغوط لاتخاذ موقف بريطاني أكثر حزمًا. ومن المتوقع أن تشمل القائمة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وآخرين.
لماذا الآن؟
ورغم أن وسائل الإعلام البريطانية تشير إلى تحوّل في لهجة لندن تجاه إسرائيل، إلا أن كريس دويل، مدير مجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني، يرى أن هذا التغيّر لم يكن مفاجئًا، بل بدأ يتشكل منذ أشهر. وقال: "اللهجة أصبحت أكثر حدة مؤخرًا، وهناك تنسيق بريطاني مع فرنسا وكندا، كما في البيان الثلاثي المشترك الأخير. من الواضح أن صبر بريطانيا تجاه التصرفات الإسرائيلية في غزة قد نفد".
وأضاف دويل في - حواره مع جريدة عمان- أن السبب الرئيسي لهذا التحوّل هو المنع الكامل لإدخال المساعدات منذ الثاني من مارس 2025. فقبل ذلك، كانت إسرائيل تسمح بدخول محدود لها، لكنها أوقفتها تمامًا منذ أوائل مارس. وهو ما أشار إليه أيضا وزير شؤون الشرق الأوسط، هاميش فالكونر "سأوضح للسفيرة هوتوفلي أن الحصار المفروض على المساعدات الإنسانية لمدة 11 أسبوعًا كان قاسيًا ولا يمكن تبريره".
ويرى دويل أن اللهجة التصعيدية تهدف إلى الضغط على إسرائيل لاتخاذ خطوات محددة طال انتظارها. "لقد طالبنا بذلك منذ بداية مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، بل قبل السابع من أكتوبر بكثير".
وأشار دويل أيضًا إلى أن غياب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن إسرائيل خلال جولته الخليجية قد شجّع بريطانيا وفرنسا وكندا على رفع نبرتهم.
الاعتراف بدولة فلسطين؟
وفي السياق نفسه، قال أندرو وايتلي، رئيس مؤسسة "المشروع البريطاني الفلسطيني" في تصريحات لجريدة عمان "نحن نرى أن الخطوة الصحيحة التالية – إلى جانب تعليق صفقات الأسلحة – هي الاعتراف بدولة فلسطين. وعلينا تنسيق ذلك مع فرنسا قبل قمة نيويورك المقبلة، التي ترعاها السعودية، وتُعقد في يونيو، وقد تكون هي المحرك وراء هذا التغيّر البريطاني".
وأضاف وايتلي أن هناك إجراءات أوسع يمكن أن تتخذها بريطانيا، "وكان يمكنها أن تذهب أبعد من ذلك بكثير.. اتخاذ خطوات تنفيذية إضافية سيجعل الموقف البريطاني أكثر اتساقًا"، مشيرا إلى التعاون الاستخباراتي البريطاني مع جيش الدفاع الإسرائيلي.
وفي السياق نفسه أضاف كريس دويل "أن هذه العقوبات لا تكفي لإنهاء الحصار والقصف والإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني".
لكن ما جدوى هذه العقوبات فعليًا؟
يشير موقع الحكومة البريطانية إلى أنه لم يحدث أي تعليق فعلي لحجم التبادل التجاري مع إسرائيل. ووصف وايتلي هذه الإجراءات بأنها "لا تُذكر"، موضحًا أن تعليق مفاوضات التجارة الحرة يتعلق بمحادثات لم تُحرز تقدمًا ملموسًا، ولم تُلغَ الاتفاقية القائمة، ولم تُعلّق خارطة طريق 2030 التي تهدف إلى تعميق التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين.
ورغم ترحيب مؤسسته بالموقف البريطاني الجديد، شدّد وايتلي على أن الإجراءات الحالية "متواضعة نسبيًا".
ويؤكد دويل أن "تعليق مفاوضات التجارة الحرة" يعني ببساطة إمكانية فرض مزيد من العقوبات لاحقًا، وعدم رغبة بريطانيا في تطوير علاقة أوثق ضمن الاتفاقية المقررة لعام 2030، التي كانت من بنات أفكار ريشي سوناك".
وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية التجارة الحرة المقترحة بين بريطانيا وإسرائيل بدأت مفاوضاتها في 20 يوليو 2022، وتُعد ثالث اتفاقية تغطي التبادل التجاري بين البلدين، وتهدف إلى توسيع نطاق التعاون ليشمل الخدمات والتجارة الرقمية، محلًّا لاتفاقية "الاستمرارية التجارية" السابقة.
ما هو حجم التجارة بين بريطانيا وإسرائيل؟
تشير آخر الإحصاءات التي نشرتها الحكومة البريطانية قبل ثلاثة أسابيع إلى أن إجمالي التبادل التجاري في السلع والخدمات بين المملكة المتحدة وإسرائيل بلغ 5.8 مليار جنيه إسترليني حتى نهاية الربع الرابع من عام 2024، مسجلًا انخفاضًا بنسبة 8.5% (ما يعادل 536 مليون جنيه) مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.
وبلغت صادرات المملكة المتحدة إلى إسرائيل 3.2 مليار جنيه (بانخفاض 4.9% أو 166 مليونًا).
بينما بلغت وارداتها من إسرائيل 2.5 مليار جنيه (بانخفاض 12.7% أو 370 مليونًا).
واحتلت إسرائيل المرتبة 44 بين شركاء المملكة المتحدة التجاريين، بما يمثل 0.3% فقط من إجمالي التجارة البريطانية.
أما في عام 2023، فقد بلغ رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الصادر من المملكة المتحدة إلى إسرائيل سالب 6.6 مليار جنيه إسترليني، ما يمثل –0.4% من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الصادر.
مزيد من الضغط
خلال مناقشات محتدمة في مجلس العموم، طالب نواب من مختلف الأطياف السياسية - بمن فيهم نواب من حزب العمال، المحافظين، الخضر، الديمقراطيين الليبراليين، والحزب الوطني الاسكتلندي - حكومة العمال باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد إسرائيل استجابةً للأزمة الإنسانية في غزة. ومع تحذير الأمم المتحدة من أن المساعدات لا تزال لا تصل إلى المنطقة، وتقرير يفيد بأن 14,000 طفل في غزة قد لا يتبقى لهم سوى ساعات قليلة للبقاء على قيد الحياة، تصاعد الضغط على وزير الخارجية ديفيد لامي لفرض عقوبات ووقف مبيعات الأسلحة لحكومة نتنياهو. وتساءلت النائبة عن حزب العمال، ميلاني وارد، عما إذا كان لا بد من حدوث المزيد قبل أن ترسم المملكة المتحدة خطًا أحمر، مؤكدة أن "غزة لم يعد لديها وقت".
النداءات لاتخاذ إجراءات حاسمة استندت إلى التزامات سابقة أدلى بها زعيم حزب العمال، السير كير ستارمر، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني. وقد جادل المنتقدون بأن رد الحكومة البريطانية الحالي غير كافٍ، مطالبين بإجراءات فورية وملموسة. وقد لقي موقف حكومة العمال ترحيبًا من شخصيات معارضة في إسرائيل، من بينهم رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت، الذي دعا إلى الاستمرار في الإدانة الدولية القوية لسياسات نتنياهو.
رغم أن الإجراءات البريطانية لا تزال في إطارها الرمزي ولم تمس جوهر العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع إسرائيل، فإن الرسائل السياسية التي تحملها هذه الخطوات تبقى بالغة الدلالة. فبريطانيا التي لطالما تبنّت موقفًا داعمًا لإسرائيل، اختارت اليوم أن تُعلن – ولو بحذر – رفضها للتجاوزات التي ترتكب في غزة والضفة الغربية.
هذا التحول لا يعكس فقط ضغوطًا داخلية وإعلامية متصاعدة، بل يعبر أيضًا عن إدراك أوروبي متزايد بأن سياسة الإفلات من العقاب قد وصلت إلى نقطة حرجة تهدد الأمن الإقليمي ومصداقية الغرب على الساحة الدولية.