التنوع البيولوجي بين مخاطر التغير المناخي والأنشطة البشرية
تاريخ النشر: 22nd, May 2025 GMT
على مدى العقود القليلة الماضية، عانى التنوع البيولوجي العالمي من أزمة، وبينما يحتفل العالم باليوم الدولي للتنوع البيولوجي في 22 مايو/أيار تحت شعار "الانسجام مع الطبيعة والتنمية المستدامة"، تبرز تحذيرات من فقدان نظم بيئية كثيرة فاقم من المخاطر على الكوكب.
وتشير منظمة الأمم المتحدة إلى أن الاتجاهات الراهنة السلبية في ما يتصل بالتنوع البيولوجي والنُظُم البيئية تُقوّض التقدم المُحرز في نحو 80% من الأهداف التي تم تقييمها ضمن 8 من أهداف التنمية المستدامة.
وتؤكد تقارير المنظمة، أن ثلاثة أرباع النُظُم البيئية الأرضية ونحو 66% من النُظُم البحرية طالها التغيير الجسيم بفعل النشاط البشري، كما أن ما يقارب مليون نوع من الحيوانات والنباتات يواجه خطر الانقراض.
ويُظهر تقرير الكوكب الحي الصادر عن الصندوق العالمي للحياة البريّة، أن أعداد الحيوانات البرية تراجعت بمعدل 69% منذ العام 1970، وخصوصا في المناطق الاستوائية.
وأدرج الصندوق العالمي للحياة البرية أكثر من 150 ألف نوع على القائمة الحمراء للأنواع المهدّدة بالانقراض، منها أكثر من 42 ألفا معرضة لخطر الانقراض في البريّة.
كما يؤكد تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة، أن ما يقارب من ثلث مخزونات الأسماك يتعرض للصيد الجائر، وأن ثلث أنواع الأسماك في المياه العذبة التي تم تقييمها تعتبر مهددة بالانقراض. ويشمل ذلك أيضا 26% من سلالات الماشية.
نظام حيوي
غالبا ما يُفهم التنوع البيولوجي بوصفه تنوعا في الكائنات النباتية والحيوانية والكائنات الدقيقة، من العوالق إلى الشعاب المرجانية، لكنه يشمل أيضا الفروق الجينية داخل كل نوع، كما هو الحال بين أصناف المحاصيل وسلالات الماشية، إضافة إلى تنوع النُظُم البيئية من البحيرات والغابات والصحارى والأراضي الزراعية، حيث تتشابك أنماط الحياة وتتفاعل بين الإنسان والنبات والحيوان.
يؤثر التغير المناخي بشكل كبير على التنوع البيولوجي، لكن الأنشطة البشرية التي يعمقها النمو السكاني وطغيان النزعة الاستهلاكية والتنافس على الموارد على حساب الطبيعة النمو السكاني فاقمت التعدي على النظم البيئية، ما تسبب في تدهور تنوعها البيولوجي الغني وتوازنها الدقيق، مما حد بدوره من قدرتها على تقديم خدمات حيوية للبشرية.
يعتمد كل جزء في النظام البيئي على الآخرين مثل لعبة تركيب الصور المقطوعة، ويعتمد أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بشكل معتدل أو كبير، على الطبيعة وخدماتها وتنوعها. من الغابات إلى المحيطات، فالتنوع البيولوجي هو أساس وجود الإنسان واستمراره.
كما تعتمد أنظمتنا الغذائية على غنى الطبيعة. يعتمد أكثر من 75% من المحاصيل الغذائية العالمية على الملقحات، مما يُسهم بمئات المليارات في الإنتاج الزراعي سنويًا، وسيكون للتغيير في درجة حرارة النظام البيئي تأثيرات قاسية على أشياء أخرى، مثل النباتات والحيوانات التي يمكن أن تنمو وتعيش هناك.
مخاطر وتحديات
ويعاني التنوع البيولوجي من عدة مخاطر رئيسية، محكومة بالأنشطة البشرية ومنها استخراج الوقود الأحفوريّ واستخدامه و بالتغيرات المناخية الناجمة أيضا عن الغازات الدفيئة التي تطلق في الغلاف الجوي وأدت إلى الاحترار العالمي، ومن أبرز هذه المخاطر:
ورغم أن التغير المناخي يفاقم التدهور البيئي ويقضي على الأنواع. يعتبر التنوع البيولوجي ضروريا للحد من تغير المناخ، فعندما تنتج الأنشطة البشرية غازات الدفيئة، يبقى نحو نصف الانبعاثات في الغلاف الجوي، بينما تمتص الأرض والمحيطات النصف الآخر، وتصبح هذه النظم البيئية، والتنوع البيولوجي الذي تحتويه، بالوعة طبيعية للكربون توفر ما يسمى بالحلول القائمة على الطبيعة لتغير المناخ.
وفي إطار الحد من التدهور في الأنواع والحفاظ على التنوع البيولوجي وضعت الأمم المتحدة في ديسمبر /كانون الأول 2022، خطة عالمية تعيد صياغة علاقة البشر بالطبيعة، باعتماد "إطار كونمينغ – مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي" الذي وضع 23 هدفا لعام 2030 و5 أهداف عالمية لعام 2050 من أجل وقف التدهور البيئي وعكس مساره خلال 25 عاما.
ومن هذه الأهداف التي يتعين تحقيقها في إطار العمل العالمي، استعادة 20% من النظم البيئية المتدهورة، والحد من دخول أو استقرار الأنواع الغريبة الغازية بنسبة 50%. ورغم عوامل القلق من تدهور التنوع البيولوجي تبرز نقاط إيجابية، منها العمل الدولي المشترك والاستغلال الواسع للتكنولوجيا في كشف مواطن الضرر وتلافيها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات بيئي التنوع البیولوجی م البیئیة أکثر من
إقرأ أيضاً:
إنقاذ «النحل الفرعوني».. محافظ أسيوط يأمر بإجراءات عاجلة لدعم التنوع البيولوجي بمحمية الوادي
قام اللواء دكتور هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، بجولة ميدانية شاملة بمحمية الوادي الأسيوطي بقرية الغريب التابعة لمركز ساحل سليم، والتي تُعد من أبرز المحميات الطبيعية في مصر، وتمتد على مساحة تتجاوز 8 آلاف فدان، بهدف الحفاظ على التنوع البيولوجي وصون الأنواع النباتية والحيوانية النادرة والمهددة بالانقراض.
رافقه خلال الجولة عبد اللطيف عبد المنعم رئيس مركز ومدينة ساحل سليم والدكتور سمير عبد التواب مدير الهيئة العامة للتنشيط السياحي وأحمد ابوعلي مدير إدارة السياحة بالمحافظة والدكتور إبراهيم نفادي باحث بيئي وخالد فياض باحث بيئي والمسئول عن الزيارات بالمحمية الطبيعية بالوادي الأسيوطي.
استهل محافظ أسيوط زيارته بتفقد معرض التحنيط، تلاها مشاهدة فيلم وثائقي تناول بشكل شامل نشأة المحمية ومكوناتها البيئية، حيث ألقى الضوء على ما تزخر به من ثروات طبيعية فريدة، وفي مقدمتها النحل المصري، المعروف بـ"النحل الفرعوني"، والذي يُعد من أندر وأثمن السلالات على مستوى العالم، لما يتميز به من خصائص علاجية وبيولوجية جعلته محور اهتمام الباحثين والعلماء على الصعيد الدولي.
وخلال الزيارة، استمع المحافظ إلى عرض علمي مفصل حول التنوع الحيوي للمحمية، والذي يضم 66 نوعًا من النباتات النادرة، و6 أنواع من الثدييات، وعدد من الزواحف والطيور الجارحة، من بينها الصقر شاهين والضب المصري، ما يعكس ثراء بيئيًا فريدًا يتطلب حماية وتخطيطًا علميًا دقيقًا.
في هذا السياق، وجه المحافظ بالتنسيق مع وزارة البيئة لإعداد دراسة بيئية متكاملة لحصر الأنواع الحيوانية وتحديد احتياجاتها الغذائية، مع التوسع في زراعة الأصناف النباتية اللازمة داخل نطاق المحمية لضمان استدامة النظام البيئي كما كلّف شركة مياه الشرب والصرف الصحي بتسيير سيارة مياه بصفة دورية لتزويد الأحواض بالمياه بشكل منتظم، دعمًا لاستقرار الحياة البرية.
وفي إطار الاهتمام الخاص بالنحل الفرعوني، شدد المحافظ على ضرورة تحديد مسارات انتشاره داخل المحمية وزراعتها بمحاصيل ملائمة تضمن تحسين غذائه وتكاثره، ووجه بتشكيل لجنة فنية مشتركة من مديرية الزراعة، ومركز البحوث الزراعية، وجهاز شؤون البيئة، لدراسة الوضع البيئي وتقديم توصيات علمية عاجلة بأفضل الزراعات الداعمة للتنوع الحيوي بالمحمية.
كما أصدر تعليماته إلى مديرية الطب البيطري بحصر الأنواع الحيوانية الموجودة وتوفير احتياجاتها الغذائية بما يتوافق مع خصائصها البيئية، مع التأكيد على الإسراع في تطهير البئر الجوفي داخل المحمية لتأمين مصدر مستدام للمياه النقية، وإعادة تشغيل وحدتي "البايوجاز" بما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد البيئية ويحقق عائدًا اقتصاديًا مستدامًا.
وأكد المحافظ على أهمية التوعية البيئية وضرورة دمجها ضمن الأنشطة التعليمية، موجهًا بالتنسيق مع مديرية التربية والتعليم لتنظيم زيارات مدرسية دورية إلى المحمية لرفع الوعي البيئي لدى الطلاب.
وفي إطار تحسين البنية التحتية والخدمات اللوجستية، شدد المحافظ على تطوير المدخل الرئيسي للمحمية من خلال تركيب لوحات إرشادية متدرجة على الطريق المؤدي إليها لتيسير حركة الزائرين وتعزيز مكانتها كوجهة بيئية وسياحية.
وفي ختام الجولة، أعرب المحافظ عن اعتزازه بالمقومات الفريدة التي تتمتع بها المحمية، مؤكدًا التزامه الكامل بتقديم الدعم اللازم لتحسين كفاءتها وتعظيم دورها في حفظ التراث البيولوجي وتحقيق أقصى استفادة منه للأجيال القادمة.