الإهمال المميت: شبح الأمراض يلوح في الأفق مع تراجع تلقيح الأطفال
تاريخ النشر: 26th, May 2025 GMT
لم يبقَ قطاع لم يتأثر بفعل الأزمات المتلاحقة التي حلّت بلبنان منذ العام 2019. ومن أبرز ما تأثر سلبياً بطبيعة الحال، تلقيح الأطفال، الذي يشهد إهمالاً من شأنه أن يشكّل تهديداً خطيراً يطال مستقبل الأجيال الصاعدة. ومع تراجع معدّلات التطعيم، يُفتح الباب على مصراعيه أمام عودة أمراض، ربما اعتقدنا أنها أصبحت جزءًا من الماضي.
لطالما اعتبر لبنان نموذجًا في مجال الرعاية الصحية الأولية، إلا أن الأرقام الصادرة عن منظمات دولية ومحلية تشير إلى انخفاض يدعو إلى القلق في نسبة الأطفال الذين يتلقون اللقاحات الأساسية. فبعدما كانت البلاد تسجل نسبًا مرتفعة تتجاوز 95% في تغطية التطعيم، باتت هذه النسبة اليوم أقل بكثير.
الأسباب وراء هذا التراجع متعددة، وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تدفع بالعديد من الأسر إلى ترتيب أولوياتها بشكل مختلف، ليصبح تأمين الغذاء والدواء الأساسي أهم من التفكير في مواعيد التطعيم الوقائية، خاصة مع ارتفاع تكاليفها في المراكز الصحية.
جائحة كورونا ألقت بظلالها الثقيلة على هذا الملف أيضًا. فبين الخوف من العدوى في المراكز الصحية والانشغال بمتابعة مستجدات الجائحة، تأخر العديد من الأهالي في تطعيم أطفالهم، فضلاً عن أن لبنان شهد موجة هجرة لكفاءات طبية، مما أثر سلبًا على قدرة النظام الصحي على تقديم الخدمات بالشكل المطلوب.
وفي هذا الإطار، حذرت الأمم المتحدة العام الماضي من أن معدلات تطعيم الأطفال تشهد ركوداً في كل أنحاء العالم ولم تسترجع بعد مستوياتها المسجلة قبل جائحة كورونا.
فبالمقارنة مع ما قبل الجائحة، فإن 2,7 مليون طفل إضافي لم يتم تطعيمهم بعد، أو لم يحصلوا على كامل اللقاحات اللازمة، في عام 2023.
إذاً، الأزمة الاقتصادية ليست بمفردها السبب وراء هذه الكارثة الصحية، فالجهل وعدم كفاية الثقافة الطبية، ولو بحدّها الأدنى، يشكلان دفعاً للعديد من الأهالي إلى عدم تلقيح أطفالهم بشكل منتظم.
وعلى الرغم من التحذير المدوّي الذي أطلقته اليونيسف من أن التراجع الحاد في معدلات التطعيم الروتينية يعرض الأطفال للأمراض المميتة المحتملة، مثل الحصبة، لا يزال الواقع مهمشاً لناحية أن تداعيات هذا الإهمال تتجاوز مجرد خطر إصابة الطفل الفردي بالمرض.
فتراجع المناعة الجماعية يفتح الباب أمام تفشي أمراض مثل الحصبة وشلل الأطفال، التي يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة وإعاقات دائمة وحتى الوفاة. ويهدد هذا الوضع المكاسب الصحية التي حققها لبنان على مدى عقود، ويعرض الأطفال لخطر أمراض كان من الممكن تجنبها بسهولة.
وزارة الصحة العامة تبذل جهودًا لمواجهة هذا التحدي، وخاصة مع إطلاق الوزير السابق في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، الدكتور فراس الأبيض، حملة للتوعية على أهمية التوعية لتلقيح الأطفال ضد الحصبة وحذر من وجود بؤر مصابة، مشيراً إلى أن اللقاح مجاني ومن مسؤولية الأهل عدم إهمال صحة أطفالهم، في محاولة للوصول إلى أكبر شريحة من الأطفال. إلا أن هذه الجهود تبقى محدودة في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي يعيشها البلاد.
في المحصّلة، تبقى بأهمية التطعيم وتقديم الدعم للأسر المحتاجة وتأمين اللقاحات بشكل مستمر، خطوات ضرورية لحماية أطفال لبنان ومستقبلهم الصحي. فلبنان اليوم أمام مسؤولية تاريخية، تكمن في إبعاد شبح الأمراض المعدية عن أطفاله، والتحرك الفوري هو الخيار الوحيد لتجنب كارثة صحية محققة.
المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة كارثة مناخية تلوح في الأفق.. جليد القطب الشمالي يتراجع Lebanon 24 كارثة مناخية تلوح في الأفق.. جليد القطب الشمالي يتراجع
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: جدید یلوح فی لبنان فی الأفق
إقرأ أيضاً:
الصحة العالمية توجه نصائح وإرشادات للحجاج لتجنب الأمراض والمخاطر الصحية خلال موسم الحج
عقدت منظمة الصحة العالمية، اليوم الأحد الموافق 25 مايو 2025، مؤتمرًا صحفيًا موسعًا بمناسبة اقتراب موسم الحج، وذلك لتقديم إرشادات ونصائح هامة حول كيفية استعداد الحجاج لأداء المناسك بشكل آمن، والوقاية من الأمراض المعدية والأمراض المنقولة عبر الأغذية والمياه، في ظل ارتفاع درجات الحرارة والازدحام الشديد المتوقع خلال موسم الحج.
الصحة العالمية تحذر من الإجهاد الحراري وتوصي بترطيب الجسمقال الدكتور أمجد الخولي، رئيس فريق متابعة اللوائح الصحية الدولية بمنظمة الصحة العالمية، إن الحجاج يواجهون خلال رحلتهم الإجهاد الحراري الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة، مشددًا على أهمية معرفة المناسك وكيفية أدائها بشكل سليم لتجنب الإرهاق البدني.
وزير الصحة يكشف تفاصيل تدشين أكبر مركز بلاغات إسعافية في الشرق الأوسط(فيديو) وزير الصحة: الإسعاف المصري شهد نقلة نوعية بدعم رئاسي مباشر (فيديو)وأضاف الخولي أنه من الضروري أن يحصل الحاج على قسط كافٍ من النوم والراحة، مع ممارسة الرياضة قبل السفر للحج لضمان أداء المناسك بمرونة وسلاسة.
كما أوصى بضرورة شرب 3 إلى 4 لترات من المياه يوميًا، سواء قبل أو أثناء أو بعد أداء المناسك، والالتزام بتعليمات الأطباء، محذرًا من أعراض الجفاف مثل جفاف الفم، الشعور بالتعب، وفقدان الوعي، مع أهمية استخدام محاليل معالجة الجفاف إذا لزم الأمر.
نصائح خاصة لمرضى الأمراض المزمنةأكد الدكتور أمجد الخولي على أهمية مراجعة الأطباء قبل السفر للحج، خاصة للحجاج المصابين بأمراض مزمنة، مثل أمراض القلب والسكري والضغط، مع ضرورة التوجه إلى المراكز الصحية فور الشعور بأي توّعك أو تعب خلال أداء المناسك.
ضرورة تجنب أشعة الشمس المباشرة والاهتمام بالملابس المناسبة
شدد الخولي على أهمية تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس، والجلوس في أماكن ظليلة، مع ارتداء ملابس خفيفة وفاتحة اللون، خاصة بالنسبة للسيدات، حيث تمتص الملابس الداكنة الحرارة بشكل أكبر.
كما نصح بغسل الوجه بالماء البارد بشكل متكرر لتجنب ضربات الشمس، واللجوء الفوري إلى المراكز الطبية عند الشعور بأي أعراض إجهاد حراري.
نصائح حول سلامة الغذاء خلال الحجمن جانبها، أوضحت الدكتورة إيفا إنعام الزين، المسؤولة التقنية لبرنامج سلامة الغذاء بمنظمة الصحة العالمية، أهمية الالتزام بإجراءات النظافة الشخصية، بما في ذلك غسل اليدين وتنظيف الأواني المستخدمة في الطعام، وضبط درجة الحرارة المحيطة بالطعام، وتجنب تناول الأطعمة المعرضة للتلوث أو التي ظلت خارج الثلاجة لأكثر من ساعة واحدة.
وأكدت على ضرورة التخلص من الأطعمة التي تعرضت للحرارة المرتفعة لفترة طويلة لتجنب التسمم الغذائي.
التوعية بالوقاية من الأمراض المعدية والالتزام بالإرشادات الصحيةمن جانبها، أكدت الدكتورة شيرين النصيري، المسؤولة الطبية للوقاية من مخاطر العدوى والتأهب لها، أن الزحام خلال موسم الحج يزيد من احتمالية انتشار الأمراض التنفسية والأمراض المعدية الأخرى، مشددة على أهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية لتقليل خطر الإصابة.
مشاركة واسعة من خبراء الصحة في المؤتمرشارك في المؤتمر الصحفي كل من:
الدكتور أمجد الخولي رئيس فريق متابعة اللوائح الصحية الدولية بمنظمة الصحة العالميةالدكتورة إيفا إنعام الزين المسؤولة التقنية لبرنامج سلامة الغذاءالدكتورة شيرين النصيري المسؤولة الطبية للوقاية من مخاطر العدوى والتأهب لهاالدكتورة نسرين عبد اللطيف، مسؤولة العلاقات الاجتماعيةدعوات للتعاون المشترك لإنجاح موسم الحجاختتمت منظمة الصحة العالمية المؤتمر بالتأكيد على أهمية التعاون المشترك بين جميع الجهات المعنية لضمان موسم حج آمن وصحي، مع التوعية المستمرة للحجاج بالالتزام بالإرشادات الصحية لتجنب الأمراض والإجهاد الحراري، وتحقيق أفضل تجربة روحانية ممكنة في هذا الموسم المبارك.