إعادة تموضع سياسي أم ضغط دبلوماسي؟.. روسيا تقترح العودة لطاولة المفاوضات مع أوكرانيا بـ«إسطنبول»
تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT
البلاد – موسكو
في مشهد يعيد إلى الأذهان محاولات التهدئة التي جرت في ذروة الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، طرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مجددًا فكرة العودة إلى طاولة المفاوضات مع أوكرانيا، مقترحًا إسطنبول كمقر لاستضافة الجولة الثانية من المحادثات، بعد اللقاء الذي جرى هناك في منتصف مايو الجاري.
تصريحات لافروف، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره التركي هاكان فيدان في موسكو، لم تأتِ في فراغ. فهي تعكس محاولات موسكو إعادة طرح نفسها كطرف منفتح على الحلول السياسية بعد أشهر من التصعيد العسكري، في وقت تواجه فيه روسيا ضغوطاً دولية متزايدة على المستويين العسكري والاقتصادي.
الحديث عن أن “إسطنبول جيدة جدًا” يحمل في طياته أكثر من دلالة. فمن ناحية، تشير إلى استمرارية الدور التركي كقناة اتصال شبه وحيدة بين الطرفين. ومن ناحية أخرى، فإن اختيار تركيا يعكس تفضيل روسيا لصيغة تفاوضية خارج الإطار الغربي المباشر (مثل باريس أو برلين)، في ظل انعدام الثقة بين موسكو والدول الأوروبية الداعمة لكييف.
تركيا على الخط: الوسيط الإقليمي الثابت
رد وزير الخارجية التركي جاء مؤكدًا لهذا الدور. فقد عبّر فيدان عن استعداد أنقرة لاستضافة أي جولة تفاوضية في أي وقت، واصفًا ذلك بأنه “واجب تركي” من أجل السلام الإقليمي والعالمي.
تتبنى تركيا هذا الدور منذ الأيام الأولى للحرب، إذ حرص الرئيس رجب طيب أردوغان على الحفاظ على توازن دقيق بين الطرفين، ما منح أنقرة موقعًا فريدًا في الوساطة. لكن السؤال الآن: هل تملك تركيا فعلاً أوراق الضغط الكافية لتحريك عجلة التفاوض من جديد؟.
في الوقت الذي أبدت فيه موسكو مرونة ظاهرية، لا يزال الموقف الأوكراني غامضًا، إذ لم يصدر أي تعليق رسمي من كييف بشأن مقترح لافروف. بل إن السياق العام يوحي بأن أوكرانيا لا ترى حاليًا أي مكسب سياسي من العودة إلى التفاوض في ظل استمرار الدعم الغربي، والمكاسب الميدانية الجزئية التي تسعى لتحقيقها قبل أي حوار.
تأتي دعوة لافروف بعد أيام من إعلان الكرملين أن لا تفاهم حتى الآن حول موعد أو مكان أي جولة مقبلة، ما يعكس وجود تباعد في النوايا أكثر منه في الإجراءات.
تجدر الإشارة إلى أن المفاوضات التي جرت في 16 مايو في إسطنبول بين وفدي روسيا وأوكرانيا، رغم هدوئها النسبي، لم تسفر عن اختراق حقيقي باستثناء اتفاق مبدئي على تبادل أسرى بـ”صيغة ألف مقابل ألف”. ومع ذلك، رأى الجانب الروسي أنها خطوة إيجابية نحو استمرار الاتصالات، ما يشير إلى رغبة موسكو على الأقل في استخدام المسار التفاوضي كأداة سياسية موازية للميدان.
ويعكس اقتراح لافروف، في توقيته ومضمونه، محاولة روسية للعودة إلى المسار السياسي من موقع القادر على المناورة لا المنكفئ. لكنه أيضًا يأتي في ظل قناعة متزايدة داخل موسكو أن الحرب وحدها لن تحقق مكاسب استراتيجية دائمة، خاصة في ظل الاستنزاف المتصاعد، لكن العودة إلى طاولة التفاوض تتطلب أكثر من مجرد موافقة على المكان؛ إنها ترتبط بمدى استعداد الطرفين – وخاصة أوكرانيا – لقبول تسويات لا تزال بعيدة عن الإجماع. وحتى ذلك الحين، تبقى إسطنبول منصة محتملة، لكنها ليست بالضرورة جسراً مضموناً نحو السلام.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
روسيا تدعو 22 دولة وأمين عام الجامعة العربية لحضور قمة موسكو
أعلن مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، أن روسيا وجهت دعوة إلى قادة 22 دولة والأمين العام لجامعة الدول العربية لحضور القمة الروسية العربية الأولى في موسكو.
وذكر أوشاكوف في تصريح نقلته وكالة الأنباء الروسية "سبوتنك" اليوم /الثلاثاء/، أن قائمة المشاركين ستكون معروفة بحدود الاثنين أو الثلاثاء، مشيرا إلى أن الدعوات وجهت لجميع قادة الدول (العربية) الـ22، وإلى الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وأشار أوشاكوف إلى أن العمل جار على خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لحل الوضع في قطاع غزة، وأن العديد من المدعوين إلى موسكو لحضور القمة الروسية العربية الأولى المرتقب انعقادها منتصف الشهر الجاري "مرتبطون" بهذا العمل.
وقال: "لا تزال تشكيلة (المشاركين في القمة الروسية العربية) متقلبة، نظرا للعمل النشط الجاري حاليا على خطة ترامب بشأن غزة. العديد من المشاركين في قمتنا مرتبطون مباشرة بهذا العمل".
ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في شهر مايو القادة والأمين العام لجامعة الدول العربية للمشاركة في القمة الروسية العربية الأولى، التي تعتزم روسيا عقدها في 15 أكتوبر الجاري.
وقال بوتين في برقية نشرت على موقع الكرملين: "السادة رؤساء الدول والحكومات الأعزاء.. أحييكم بحرارة بمناسبة افتتاح القمة الرابعة والثلاثين لجامعة الدول العربية، إننا عازمون على الاستمرار في تطوير الحوار البنّاء مع جامعة الدول العربية والعلاقات الودية مع جميع أعضائها".
وتابع: "في هذا الصدد، أود أن أدعو جميع قادة الدول الأعضاء في جامعتكم، وكذلك الأمين العام للجامعة، للمشاركة في القمة الروسية العربية الأولى التي نعتزم عقدها في 15 أكتوبر.