هل تخلّت واشنطن عن العراق؟
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
بقلم : تيمور الشرهاني ..
تبدو السياسة الأمريكية الحالية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، بعيدة عن اتخاذ أي موقف عدائي مباشر تجاه العراق أو حكومته. فمنذ تولي ترامب السلطة، لم تصدر عن إدارته تصريحات رسمية تشير إلى معارضة واضحة للطبقة الحاكمة في بغداد. كما أن الساحة السياسية والعسكرية لا تحمل أي دلائل على وجود نية أمريكية للتدخل في العراق بالقوة، مما يعكس وضع العراق خارج قائمة الأولويات الاستراتيجية للإدارة الأمريكية في المرحلة الحالية.
ففي هذا السياق، يبرز ما يتم تداوله داخل الكونغرس الأمريكي من مسودات قرارات، مثل مشروع النائب الجمهوري جو ويلسون بعنوان “تحرير العراق من النفوذ الإيراني”. هذه المبادرة، رغم حملها لعنوان مثير، لا تتعدى كونها مقترحاً برلمانياً يفتقر إلى أي صفة تنفيذية. وحتى إذا تمكنت المسودة من الحصول على دعم الأغلبية داخل الكونغرس، فإن تنفيذها يظل مرهوناً بقرار السلطة التنفيذية، التي غالباً ما تضع اعتبارات استراتيجية أكبر في حساباتها، وقد تؤجل أو تتجاهل مثل هذه القرارات تماماً.
أما على صعيد التوترات الأمريكية مع إيران، فإن الموقف الأمريكي يبدو أقرب إلى استعراض القوة والضغط السياسي منه إلى التحضير لأي مواجهة عسكرية شاملة. فالمعطيات على الأرض تشير إلى أن حجم الوجود العسكري الأمريكي الحالي في المنطقة لا يرقى إلى مستوى التحشيد اللازم لشن حرب كبرى، خاصة إذا ما قارناه بالتحشيد الأمريكي في حرب الخليج الأولى عام 1991 أو الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
هنا يتضح من المواقف والتحركات الأمريكية الأخيرة أن واشنطن تتبنى نهجاً جديداً في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط. هذا النهج يركز على تعزيز النفوذ الأمريكي في المنطقة من دون الدخول في نزاعات عسكرية مكلفة. العراق، في هذا السياق، يبدو ملفاً ثانوياً مقارنة بملفات أخرى مثل التنافس مع الصين، أو احتواء روسيا، أو حتى إدارة العلاقة المتوترة مع إيران.
لذا فأن الإدارة الأمريكية الحالية، رغم الضغوط الداخلية والخارجية، لم تضع العراق على رأس أجندتها، بل اختارت التعامل مع قضاياه من خلال أدوات سياسية واقتصادية ودبلوماسية، بعيداً عن خيار التصعيد العسكري. وفي الوقت الذي تتعالى فيه أصوات بعض السياسيين داخل الكونغرس لتغيير هذا النهج، فإن القرار النهائي يظل بيد البيت الأبيض، الذي يبدو منشغلاً بأولويات أخرى أكثر إلحاحاً على الصعيد الدولي.
تيمور الشرهانيالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
كتائب حزب الله العراقي تهدد باستهداف القوات الأمريكية
هددت جماعة "كتائب حزب الله" العراقية، أحد أبرز الفصائل المسلحة الموالية لإيران، باستئناف عملياتها ضد المصالح والقواعد العسكرية الأمريكية في العراق، إذا لم تلتزم واشنطن بالانسحاب الكامل وفقاً للجدول الزمني الذي أعلنته الحكومة العراقية خلال جولات التفاوض مع الجانب الأميركي.
ويأتي هذا التهديد بعد أشهر من الهدوء النسبي، تراجعت فيه الهجمات ضد القوات الأمريكية، في إطار هدنة غير معلنة أعقبت سلسلة من عمليات الاغتيال الأمريكية التي استهدفت قيادات ميدانية بارزة في فصائل مسلحة.
وكانت بغداد وواشنطن قد اتفقتا، أواخر أيلول/سبتمبر 2023، على إنهاء مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" في العراق بحلول نهاية أيلول/سبتمبر 2025، عقب مفاوضات مطولة استجابت لمطالب متصاعدة من القوى السياسية والفصائل المرتبطة بطهران، الداعية إلى إنهاء الوجود العسكري الأجنبي في البلاد.
تحذير مباشر من "كتائب حزب الله"
وفي بيان حاد، قال المسؤول الأمني لـ"كتائب حزب الله"، أبو علي العسكري، إن الجماعة تراقب عن كثب تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الحكومة العراقية والجانب الأمريكي، مشيراً إلى أن "الانسحاب الكامل من مواقع العمليات المشتركة، وقاعدة عين الأسد، ومعسكر فيكتوريا (الملاصق لمطار بغداد الدولي)، إضافة إلى سحب الطائرات التجسسية والحربية من الأجواء العراقية، يشكل أولوية".
وهدد العسكري بأنه "إذا استمرت واشنطن في المماطلة، فستُجبر على الخروج تحت وابل من الضربات الشديدة".
ولم يصدر أي رد رسمي من الولايات المتحدة على هذا التهديد، كما لم تعلق الحكومة العراقية عليه، وسط دعوات من قوى سياسية داخلية إلى ضبط النفس وتفادي أي تصعيد قد يزعزع الأمن والاستقرار الاقتصادي في البلاد.
قلق من تقويض مسار الحوار العسكري
وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد استعداد الجانبين العراقي والأمريكي لإطلاق جولة تفاوضية جديدة هي الأولى منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وتتناول هذه الجولة مستقبل وجود قوات التحالف الدولي في العراق، والخطوات العملية لتنفيذ الانسحاب المرتقب، بالإضافة إلى إعادة هيكلة العلاقة الأمنية والعسكرية بين البلدين.
ويحذر مراقبون من أن التصعيد الكلامي من قبل "كتائب حزب الله" قد يُضعف فرص التفاهم في هذه المرحلة الدقيقة، وقد يدفع واشنطن إلى إعادة النظر في حساباتها العسكرية داخل العراق، لاسيما إذا تحول التهديد إلى واقع ميداني.
ويُذكر أن نحو 2500 جندي أمريكي ما زالوا ينتشرون في العراق ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة منذ عام 2014 لمحاربة تنظيم "داعش".
وتتوزع هذه القوات على ثلاث قواعد رئيسية: قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، وقاعدة حرير في إقليم كردستان قرب أربيل، ومعسكر فيكتوريا قرب مطار بغداد الدولي.
ولا تقتصر قوات التحالف على الجنود الأمريكيين فقط، إذ تشارك فيها أيضًا قوات من دول أخرى مثل فرنسا وأستراليا وبريطانيا، إلى جانب أفراد من بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، التي تقدم الدعم الفني والاستشاري للقوات العراقية.
ويرى مراقبون أن أي تصعيد جديد على الأرض من قبل الفصائل المسلحة قد يُعقّد جهود التهدئة، ويعرقل عملية الانتقال المرتقبة نحو مرحلة ما بعد التحالف الدولي، في ظل هشاشة الوضعين السياسي والأمني في العراق.