مناصر لفلسطين.. تعرف على زهران ممداني المرشح لمنصب عمدة نيويورك
تاريخ النشر: 14th, June 2025 GMT
واشنطن – مع انطلاق التصويت المبكر اليوم السبت لاختيار عمدة مدينة نيويورك، يبرز اسم زهران كوامي ممداني بوصفه مرشحا استثنائيا لا يكتفي بتحدّي الأسماء التقليدية في الحزب الديمقراطي، بل يسعى إلى إعادة تعريف العلاقة بين السياسة والشارع الأميركي.
فمنذ إعلانه الترشح في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحوّلت حملته الانتخابية إلى ما يشبه حراكا اجتماعيا ينطلق من القاعدة الشعبية، ويستقطب الناخبين الذين يشعرون بأن مدينتهم لم تعد قابلة للعيش.
كما يراه محللون اختبارا حقيقيا لقوة التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي في واحدة من أكثر مدن العالم تأثيرا.
تقدّمي مناصر لفلسطينوُلد زهران ممداني ونشأ في أوغندا لأب أكاديمي من أصول هندية هو المؤرخ محمود ممداني، وأم هندية هي المخرجة السينمائية الشهيرة ميرا نايير. وانتقل مع أسرته في سن السابعة إلى نيويورك، حيث نشأ في بيئة متعددة الثقافات، ومشحونة بأسئلة الهوية والانتماء والعدالة.
تأثر ممداني بتجربة والده الفكرية وأعمال والدته الفنية، ليوجّه لاحقا بوصلته نحو القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تمس الفئات المهمشة. فقد انخرط مبكرا في العمل الميداني، ونشط في الحملات التي تطالب بإصلاح قوانين السكن وإلغاء ديون الطلاب، قبل أن يُنتخب عام 2020 عضوا في الجمعية التشريعية لولاية نيويورك عن منطقة أستوريا.
إعلانينتمي زهران ممداني إلى التيار الديمقراطي الاشتراكي، وهو الجناح اليساري داخل الحزب الديمقراطي الذي يعتبر السيناتور بيرني ساندرز من أبرز وجوهه.
وينتقد بشدة سياسات الاحتلال الإسرائيلي ويصف الحرب على قطاع غزة بـ"الإبادة الجماعية"، مما يضعه في مرمى انتقادات المحافظين ويؤثر على مصيره في الانتخابات في ظل وجود 16% من الناخبين اليهود بالمدينة.
ففي عام 2021، كان أحد الأصوات القليلة في الجمعية التشريعية التي طالبت بوقف تمويل الشرطة التي تتعاون مع الجيش الإسرائيلي، كما شارك في فعاليات مناصرة لفلسطين في نيويورك، وصوّت لاحقا ضد تشريعات يرى أنها تقيّد حرية التعبير الداعمة لحركة المقاطعة "بي دي إس".
ودعا ممداني في أعقاب الحرب على قطاع غزة عام 2021 إلى "وقف غير مشروط للعنف الإسرائيلي ضد المدنيين". وقال إن "العدالة لا يمكن أن تتحقق في نيويورك في وقت نغض فيه الطرف عن الظلم في فلسطين".
وأكسبته هذه المواقف شعبية واسعة بين الناخبين المسلمين في نيويورك، لكنها في المقابل أثارت انتقادات شديدة من جماعات ضغط مؤيدة لإسرائيل.
It’s not the wealthy who are leaving New York City—it’s the working class.
That’s why we’re going to use every single tool at our disposal to make this city one that people can actually afford.
And that starts with freezing the rent. pic.twitter.com/97KnAhyP5g
— Zohran Kwame Mamdani (@ZohranKMamdani) May 30, 2025
برنامجه السياسييخوض ممداني السباق على منصب العمدة تحت شعار "نيويورك التي يمكنك تحمّلها"، ويضع ملف غلاء المعيشة في صلب حملته، ويركّز برنامجه على ثلاث أولويات:
وقف ارتفاع الإيجارات. توفير نقل عام مجاني. فرض ضرائب على الشركات الكبرى لتمويل الخدمات الأساسية.ويرى ممداني أن أزمة السكن في المدينة لم تعد مسألة ظرفية، إذ تجاوز متوسط إيجار شقة من غرفة واحدة عتبة 3500 دولار شهريا، مما يجعل مئات الآلاف من السكان مهددين بفقدان مساكنهم.
إعلانويحذّر، في تصريحاته، من أن نيويورك أصبحت مدينة تعمل لأجل الأغنياء، في وقت يُطلب فيه من بقية السكان أن يقاوموا للبقاء.
زخم شعبييخوض زهران ممداني سباقه نحو منصب العمدة في سياق سياسي معقّد تتداخل فيه اعتبارات المؤسسة الحزبية ومراكز النفوذ التقليدية؛ فمن بين أبرز منافسيه في الانتخابات التمهيدية الحاكم السابق أندرو كوومو، الذي يحظى بدعم من بعض القطاعات النافذة في الحزب الديمقراطي، ويملك خبرة تنفيذية واسعة راكمها خلال سنوات عمله في المنصب.
ويرى المرشح الفلسطيني الأميركي السابق لمجلس مدينة نيويورك زياد رمضان أن ممداني يمتلك زخما شعبيا غير مسبوق. ويقول رمضان للجزيرة نت إن "الناس تعبوا من السياسيين التقليديين، وزهران وعدهم بسياسات ملموسة، لهذا يلتفون حوله".
ويضيف أن ممداني "قد يكون نقطة تحوّل تاريخية شبيهة بما قام به باراك أوباما، الذي استطاع جلب نسبة تصويت غير مسبوقة إلى صناديق الاقتراع بفعل الإلهام وليس بفعل الولاء الحزبي".
لكن رمضان يُحذّر من قوة ما يصفها بـ"الآلة الحزبية" التي تتحكم في الإعلام والتمويل والنقابات. ويقول "لكي يفوز مرشح تقدمي عليه أن يحدث صدمة شعبية تفرض نفسها على الحزب. وزهران (ممداني) اقترب من تحقيق ذلك، وسيكون الاختبار الحقيقي في صناديق الاقتراع".
أكد مرشح عمدة مدينة نيويورك، زهران ممداني، خلال فعالية أقيمت في كنيس "بني جيشورون" في مانهاتن، دعمه الصريح لحركة المقاطعة ضد "إسرائيل"، معتبرًا إياها أداة فعالة للضغط السلمي من أجل احترام القانون الدولي. pic.twitter.com/p8krE8oVpF
— مقاطعة (@Boycott4Pal) June 10, 2025
المقاربة الأمنيةوفي وقت تُهيمن فيه الخطابات الأمنية على الحملات الانتخابية، يرفض ممداني مقاربات التشديد الأمني التقليدية، ويطرح رؤية تقوم على معالجة جذور الجريمة بدل ملاحقة نتائجها.
إعلانويقول علي ميرزا، مرشح ديمقراطي سابق عن الدائرة الخامسة بنيويورك، إن ممداني "بحاجة إلى طمأنة الناخبين بأنه ليس متساهلا في قضايا السلامة العامة".
ويضيف ميرزا للجزيرة نت "يجب أن يُظهر أنه قادر على الجمع بين العدالة والصرامة، لأن شعور الناس بالأمان سيكون حاسما في هذه الانتخابات". كما يشير إلى أن حظوظ ممداني ترتفع يوما بعد يوم، لكن النتيجة ستُحسم على الأرجح في مدى فعالية حملة التصويت المبكر ما بين 14 و22 يونيو/حزيران الحالي.
ورغم أن ممداني لا يجعل من انتمائه الديني أو العرقي محورا لحملته، فإن مراقبين يرون أن تزايد الزخم الانتخابي الذي يحظى به يعتبر لحظة فارقة في مسار التمثيل السياسي للمسلمين والعرب والجنوب آسيويين في نيويورك.
ويقول المرشح الديمقراطي السابق ميرزا إن أثر حملة ممداني يتجاوز حدود نيويورك، مؤكدا أن "ترشحه يعزز حضور هذه الفئة في السياسة ليس فقط محليا، بل وطنيا وربما عالميا في حال فوزه أو حتى تحقيقه نتيجة قوية في المركز الثاني".
وأفاد رمضان، المرشح السابق لمجلس مدينة نيويورك، بأن ممداني أخبر ابنه -في لقاء شخصي مؤخرا- أن حملة رمضان عام 2013 ألهمته للانخراط في العمل السياسي وإلهام الآخرين بدوره من أجل تطبيع الوجود المسلم في المشهد السياسي كما حصل في بريطانيا.
وتراهن حملة زهران ممداني على أدوات غير تقليدية ترتكز أساسا على العمل الميداني، إذ ينشط مئات المتطوعين في أحياء نيويورك لتسجيل ناخبين جدد، وحثهم على التصويت المبكر.
كما يستثمر ممداني في المحتوى الرقمي بلغة بسيطة، وعبر رسائل مباشرة تستند إلى شهادات سكان متضررين من سياسات مجلس المدينة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات الحج الحزب الدیمقراطی مدینة نیویورک فی نیویورک
إقرأ أيضاً:
في المنفى ظلّ لفلسطين.. خالد علي مصطفى شاعر الأرض والرمز
في العام 1948، نزح آلاف الفلسطينيين من قرى حيفا (مثلث الكرمل: إجزم ويازور وعين غزال وجبع وغيرها..) إلى عارة وعرعرة وجنين، وأقاموا خيامهم بين أشجار الزيتون والمشاعات، وحين زار المنطقة وفد عراقي رفيع المستوى، قرر استضافتهم في العراق، وتولى الجيش العراقي نقلهم معه، ريثما تنتهي الحرب في فلسطين.. وطالت الحرب وصاروا لاجئين..
ونشأ مجتمع فلسطيني في العراق، وتحديداً في البصرة وبغداد، تفاعل هذا المجتمع مع محيطه العراقي، وبرز في هذا المجتمع شخصيات سياسية واجتماعية وثقافية، وقد تناولنا في مقالات سابقة الروائي الشاعر جبرا إبراهيم جبرا والشاعر علي السرطاوي والشاعرة سلافة حجاوي..
أما الشاعر خالد علي مصطفى فقد تميّز بدوره النقدي والأكاديمي واندماجه في المشهد الثقافي العراقي من دون أن ينسى مشاعر المنفى والانتماء إلى جذوره الفلسطينية. فكان دوره رائداً في المشهدين العراقي والفلسطيني.
كان العراقيون قادة الشعر الحديث في منتصف القرن العشرين، مثل بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي ونازك الملائكة وبلند الحيدري، وقد ظهرت بعدهم تيارات حداثية جديدة في العالم العربي، أمعنت في الحداثة متخطية شعر التفعيلة والمعاني الوجدانية إلى تيار مغرق في الرمزية. كان من ضمن هذا التيار في لبنان الشاعر الفلسطيني توفيق صايغ. وفي العراق شارك الشاعر الفلسطيني خالد علي مصطفى في هذا التيار، حين وقّع مع الشعراء سامي مهدي وفاضل العزاوي وفوزي كريم "البيان الشعري" الصادر مع مجلة "شعر69"، والذي أثار بصدوره عام 1969 ضجة في الأوساط الثقافية آنذاك، وقد عاد شاعرنا لتوثيق التجربة وتفصيلها وتعميقها في كتابه النقدي اللاحق "شعراء البيان الشعري" عام 2015.
ترجمته وحياته
ولد الشاعر خالد علي مصطفى في قرية عين غزال قرب حيفا عام 1939. لجأ مع عائلته إلى العراق، حيث استقرّت في البصرة. أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية في البصرة، ثم التحق بكلية الآداب في جامعة بغداد، قسم اللغة العربية ليتخرج عام 1962. بعد ذلك، واصل دراسته العليا ونال الماجستير في الأدب العربي حول موضوع "الشعر الفلسطيني الحديث بين عامي 1948 – 1970"، ثم شهادة الدكتوراه من جامعة بغداد، ليعمل بعدها أستاذاً في الجامعة المستنصرية، حيث خرّج أجيالاً من الطلبة الذين برز بعضهم في عالم الأدب والشعر في العراق.
ويُعد مصطفى أحد أبرز الفلسطينيين الذين تفاعلوا في التيارات الأدبية والثقافية في العراق، وشكلوا جزءاً مهماً منه، من دون أن ينسوا شخصيتهم الفلسطينية، وجذورهم الوطنية، أحب بغداد فأبدع وحلم بحيفا فأوجع. حتى أطلق عليه أحد النقاد لقب "شاعر المنفى والهوية".
ومما يُحسب له، أن بعض شعراء الحداثة هربوا إليها تجنّباً للعروض والأوزان الشعرية، إلا أن مصطفى كان متقناً جيداً له، بل إنه كان يدرس مادة العروض والشعر الحديث في الجامعة.
دخل خالد علي مصطفى عالم الشعر الشعراء وبرز في الأوساط الثقافيّة مع إصداره مجموعته الشعرية الأولى "موتى على لائحة الانتظار" عام 1969، وفي العام نفسه وقّع على "البيان الشعري" وشارك في مجلة شعر69، ولمع اسمُهُ في المجتمع الثقافي العراقي، وزاد هذا الحضور وجوده في هيئة التدريس في الجامعة المستنصريّة ببغداد.
فضلاً عن أنه عمل في الصحافة الثقافيّة، كتابةً وتحريراً، وانضمّ إلى الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العراقيين وإلى نقابة الصحافيين العراقيين والاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الفلسطينيين.
توفي شاعرنا في العام 2019 في بغداد عن ثمانين عاماً.. تاركاً خلفه عدداً من المؤلفات ومدرسة شعرية اكتملت معالمها، أرادت للحداثة أن تكون ذات رسالة وطنية وقومية، وليس فقط كلمات رومانسية ووجدانية تحمل نفَساً من النرجسية.
ورغم موقف كاتب هذه السطور الشخصي والنقدي من الحداثة التي أغرقت في الرمزية والاستعارات، حتى نسيت الرموز الأصلية، إلا أنه لا يمكن إنكار دور شاعرنا الريادي في التيارات الأدبية العربية عموماً والفلسطينية خصوصاً، ولا يمكن تغييب التشابه مع شعراء تيار النهضة المقاوم في فلسطين، والذي قاده محمود درويش وسميح القاسم وسالم جبران..
مؤلفاته
ـ موتى على لائحة الانتظار، شعر، 1969.
ـ سفر الينابيع، شعر، 1973.
ـ البصرة ـ حيفا، شعر، 1975.
ـ الشعر الفلسطيني المعاصر، نقد، 1979.
ـ سورة الحب، شعر، 1980.
ـ الشعر الفلسطيني الحديث، نقد، 1986.
ـ شاعر من فلسطين: مطلق عبد الخالق، سيرة تحليلية، 1988.
ـ المعلقة الفلسطينية، شعر، 1989،
ـ غزل في الجحيم، شعر، 1993.
ـ من نصوص السيّاب الأدبية المترجَمة، تحرير، 2011.
نماذج من شعره
من الملاحظ غياب شعر خالد علي مصطفى عن الإنترنت لعدة أسباب، أهمها أنه قليل الاستخدام بسبب الإغراق في الرمزية، وأنه غير مُغنّى ومتداول بين رواد الإنترنت، وأنه مضى عليه أكثر من خمسين عاماً في الكتب الورقية التي لم يتم تفريغها في البرامج الالكترونية.
حكمة
من فجوةٍ في الغيمِ جاءَ هدهد
مرتعشٌ بحكمةِ الجبالِ
أخبرني أن النجوم فخ
تصطاد من حواصل الأحراش لؤلؤاً وبرتقال
وتشتري النيران من دلالة القمر
هناك نام الخلق في الحقائب
فتحتها ... لعل في بطونها مشاغب :
كانت فضاء أملساً
يسقط من أجنحة الجنادب !
شهید
لم تأخذ الأوراق من أحد،
لم تستعر حصاناً
من شفة مرخية في قدح الزبد
أنت أذنت أن تدير قهوة السهر
في من يحدقون في البذور.
كنت ترى برجك في ثمارهم
وتخسر المقامرين؛
كنت ترى عطرك في قطارهم
وتربح المسافرين.
فما الذي دعاك أن تجلس هادئاً وتبكي؟
- "أما ترونه أمامي؟"
حمّلني قنديله
وقال: "ليس للظلام أن يحجب عن وليدنا براقه!"
رأيته يمرق البطاقة،
ويحمل اللافتة الخضراء في اللافتة السوداء،
يعلم المياه كيف تصعد البئر إلى العرين،
ويمنع النواح من أن يرسل الحلوى إلى "جنين" .
سمعته يقول:
-"شرابنا، الليلة، أن نطلق في الشوارع الخيول"
أما ترونه أمامي ؟...
نسر الشتاء يحترق
نسر الربيع ينطلق
وقبلة الأطفال عش في طبق !
جرح
في البدء كانوا . في الختام كانوا.
والجرح جسر الزوبعه.
الجرح صومعه
والجرح منشار وصولجان
الجرح رمان على سبورة
والجرح في الصفوف مهرجان
الجرح حلبة
والجرح في مضمارها حصان!
كبرياء
لم أعط وجهي نجمة تغيب
أو قمراً ينام في جناح عندليب،
ولم أضع بريد الشمس في حقيبتي.
بقيت واقفاً أمام وجهي :
عيني ترى الزمان في زهرة أقحوان،
أذني تلمّ ضجة الأكوان
بهمسة مخفية في قعر أرخبيل
لكنما الظلال كاذبه
تسير فوق خيط مستحيل!
*شاعر وكاتب فلسطيني