اليوم أصل مع المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، المحامي علي صدر الدين البيانوني، إلى الحلقة الأخيرة من رواية سيرته الذاتية وشهادته على تاريخ سورية الحديث والمعاصر، ودور الإسلاميين فيه.

عايشت معه تجربة امتدت 19 سنة ضمن القيادة الفعلية للجماعة، وخلال جلسات مطولة سرد لي رؤيته لتاريخ سورية وحاضرها بكل ما تحمله من تعقيدات وصراعات.

رغم تقدمه في العمر وضعف قدرته على الحركة والعودة إلى مدينته حلب التي نشأ وترعرع فيها، يظل البيانوني متمسكاً بشغفه الكبير تجاهها، معبراً عن سروره بالتحول السياسي الكبير الجاري في سورية منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد.

قد لا يصل السياسي الحالم دائماً إلى مراده، لا سيما في عالمنا العربي عامة، وسورية على وجه الخصوص، لكن ما جرى في سورية منذ 8 ديسمبر الماضي، حين أعلن رسمياً نهاية نظام بشار الأسد، يشكل منعطفاً تاريخياً وإنجازاً يحق للسوريين ومن بينهم البيانوني نفسه أن يفخروا به. ويأمل البيانوني أن تفتح هذه المرحلة مجالاً لتجربة ديمقراطية حقيقية تنهي عقوداً من الاستبداد وترسخ مبادئ الحرية والعدالة.

فيما يلي التفاصيل الكاملة.

19 ـ بعد تسليمي أمانة المسؤولية في عام 2010

بعد تسليم أمانة المسئولية للأخ المهندس محمد رياض الشقفة في شهر أيلول 2010، وضعت نفسي تحت تصرّفه، وبقيت قريبا من إخواني أشارك بما يُطلَب مني. ولما كان النظام الأساسي للجماعة، يمنح العضوية الحكمية في مجلس الشورى للمراقبين العامين السابقين، فقد كنت ـ وما زلت ـ أمارس مسؤوليتي عضواً في مجلس الشورى، منذ ذلك الحين.

ومع انطلاقة الثورة السورية المباركة في شهر آذار 2011، كان شأني شأن كلّ السوريين الأحرار، في تأييد الثورة السلمية، ودعمها ومساندتها. وكنت قد أيقنتُ من خلال سنوات طويلة من المراس السياسي، أن النظام السوري بتركيبته الحالية، غير قابل للإصلاح، بل هو أصلاً لا يملك أي توجّه نحو الإصلاح، لأن الإصلاح الحقيقي يعني سقوط منظومتَيْ الاستبداد والفساد، اللتين يقوم عليهما.

وأذكر أنني في بداية عام 2011، بعد أن شعرت بشيء من الفراغ، هممتُ بكتابة مذكراتي عن العمل في الجماعة، لأضع أمام إخواني، وخاصةً الأجيال الشابّة، خلاصة هذه التجربة، بكلّ نجاحاتها وإخفاقاتها، وإنجازاتها وأخطائها، لتقويمها والاستفادة منها، وبدأت بتجميع الوثائق والمستندات وفرزها وتصنيفها، تمهيداً لكتابة هذه المذكّرات.. إلاّ أنني وبعد انطلاقة الثورة السورية المباركة، وجدت أن واجب الوقت أصبح هو التفرّغ لدعم هذه الثورة السلمية، بكلّ جهدٍ ممكن، واستفراغ كل الجهود والإمكانات، لمساندتها حتى تحقيق أهدافها في الحرية والكرامة..

أذكر أننا عندما عقدنا مع مجموعة من القوى الوطنية، (المؤتمر الوطني لدعم الثورة) في بروكسل في بلجيكا، بتاريخ 3 حزيران 2011، وقبيل إلقائي كلمتي في المؤتمر، وصلتني اتصالات هاتفية عديدة من سورية، وعندما رددت عليها كان على الهاتف هناك أخ صديق من سورية، يبلغني بأنني مدعوّ لزيارة سورية، والاجتماع مع رئيس الجمهورية مباشرة، للبحث في أوضاع البلد، وأنهم سينقلونني مباشرة من المطار إلى القصر الجمهوري، فأجبت مستغرباً: وهل يجتمع الرئيس مع المجرمين؟.ولا أخفي أنني كنتُ في بداية الثورة، مشفقاً على الثورة والثوار، ومتحفّظاً في حديثي عنها أمام وسائل الإعلام، لأنني كنت أدركُ مدى بطش النظام، واستعدادَه لتدمير سورية فوق رؤوس أبنائها، في سبيل بقائه متسلطاً على رقابهم، ولم أكن متأكّداً في الوقت نفسه، من مدى قدرة الشعب السوري على الثبات والصمود، وتقديم التضحيات.. إلاّ أنه بعد انتشار الثورة في كلّ المحافظات والمدن والبلدات، وبعد ظهور البطولات الرائعة من الثوار، والتضحيات الكبيرة، من الشباب والشيوخ والنساء والأطفال.. لم يعدْ أمامي، وأمامَ كلّ مواطن حرّ، إلا بذل الغالي والنفيس لنصرة أهلنا الثائرين، وتقديم العون الممكن لهم بكلّ أشكاله، عملاً بقوله تعالى: وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة.. وكنت أحضّ إخواني على ذلك في كلّ مناسبة أو لقاء. وكنت أعمل منذ انطلاقة الثورة، على مشروع التسديد والمقاربة والتحشيد والتجميع، في إطار وطنيّ جامع، وأشجّع الجميع على ذلك.

وفي تلك الفترة، بعد انطلاق الثورة، دعاني فضيلة الأخ المراقب العام، مع مجموعة من الإخوة، للالتحاق بقيادة الجماعة، لتوسيع دائرتها، استجابة لمتطلّبات دعم الثورة، فاستجبنا للدعوة، ولبّيْنا النداء، وأخذنا مواقعنا في القيادة، وكنتُ حينها النائبَ الأول للمراقب العام، مسؤولاً عن الدائرة السياسية.

وعندما اتخذت قيادة الجماعة قراراً عهدت فيه إلى الإخوة في كل محافظة بدعم الثورة في محافظتهم، سارعتُ مع إخواني في محافظة حلب، إلى دعوة الناشطين في المحافظة، من الإخوان وغيرهم، لتشكيل (اللجنة المركزية لدعم الثورة في محافظة حلب)، التي اختارني الإخوة رئيساً لها، وقمنا بما نستطيع في تقديم الدعم والعون والمساندة، بكل أشكالها، إلى فصائل الثورة في المحافظة، دون تمييز بين فصيل وآخر، ودخلتُ مع مجموعة من الإخوة إلى الداخل السوريّ عدة مرات، وتجوّلنا في المدينة والريف، والتقينا بأعدادٍ كبيرة من الثوار والضباط والمقاتلين والمدنيّين، نشدّ من أزرهم، ونؤكّد على دعمهم. ولا أخفي أننا كنا نعود من كلّ جولة، بمعنوياتٍ عالية، وتفاؤل كبير، لما نجده عند أهلنا من صمود وثبات، واستعداد كبير لبذل الغالي والنفيس، وتقديم التضحيات.

وأذكر أننا عندما عقدنا مع مجموعة من القوى الوطنية، (المؤتمر الوطني لدعم الثورة) في بروكسل في بلجيكا، بتاريخ 3 حزيران 2011، وقبيل إلقائي كلمتي في المؤتمر، وصلتني اتصالات هاتفية عديدة من سورية، وعندما رددت عليها كان على الهاتف هناك أخ صديق من سورية، يبلغني بأنني مدعوّ لزيارة سورية، والاجتماع مع رئيس الجمهورية مباشرة، للبحث في أوضاع البلد، وأنهم سينقلونني مباشرة من المطار إلى القصر الجمهوري، فأجبت مستغرباً: وهل يجتمع الرئيس مع المجرمين؟.

أنا في نظر القانون مجرمٌ، محكومٌ عليه بالإعدام، بموجب القانون رقم (49) لعام 1980، فقال لي لقد صدر قانون بالعفو منذ أيام، قلت: ولكن القانون نصّ على يعفى عن الجرائم المرتكبة قبل 30 أيار 2011، ونحن الآن في 3 من حزيران، وأنا ما زلت مصرّاً على انتمائي للجماعة، وما زلت مجرما في نظر القانون، فسألني هل تريد أن أجيبهم بأنك تشترط إلغاء هذا القانون؟. قلت: فات أوان مثل هذا الشرط، بعد أن تم إطلاق النار على المتظاهرين السلميين، ودُمّرت الأبنية على ساكنيها، واستشهد الآلاف من المدنيين. أطالب الآن بوقف عمليات القتل، وسحب الجيش من الشوارع، ومحاكمة المجرمين الذين قتلوا الأبرياء من المدنيين.. وعندئذ أفكّرُ في تلبية الدعوة. وقلت: لوكان بشار الأسد يريد حلاًّ حقيقياً، لوجد الطريق إليه واضحا. وانتهت المكالمة.

وخلال وجودي في القيادة، مسئولاً عن الدائرة السياسية، شاركت إخواني في إصدار وثيقة (عهد وميثاق) التي تقدمت بها الجماعة، إلى المجتمع السوري، وكلّ القوى الوطنية بتاريخ 25/3/2012.

وعندما بدأت مشاورات تشكيل (الإئتلاف الوطني للثورة وقوى المعارضة) في عام 2012، دعيت للمشاركة في هذه المشاورات، كشخصية وطنية مستقلة، وبعد تشاور وحوار، مع المراقب العام والإخوة في القيادة، شاركت في تأسيس هذا الائتلاف، بتاريخ 4/11/2012، وكنت عضواً في الهيئة السياسية فيه. لكن بعد أقلّ من سنتين، شعرت بعدم الجدوى من الاستمرار في هذا الائتلاف، للأسباب التي أشرت إليها في كتاب الاستقالة التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة الكرام في الهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فقد كنت حريصاً منذ أن شاركت في تأسيس الائتلاف الوطني، أن يبقى هذا الائتلافُ معبّراً عن الثورة السورية ومبادئها، ساعياً إلى تحقيق أهدافها، بعيداً عن الرؤى الشخصية، والصراعات الفئوية، والأجندات الحزبية، والتدخّلات الخارجية.. وكنت أحاولُ أن أؤدّيَ دوري في خدمة الثورة ومبادئها وأهدافها، متعاوناً مع نخبة وطنية طيبة، ما زلت أحمل لها كلّ عرفان وتقدير.

لا أخفي أنني كنتُ في بداية الثورة، مشفقاً على الثورة والثوار، ومتحفّظاً في حديثي عنها أمام وسائل الإعلام، لأنني كنت أدركُ مدى بطش النظام، واستعدادَه لتدمير سورية فوق رؤوس أبنائها، في سبيل بقائه متسلطاً على رقابهمورغم أن الائتلافَ خلالَ مسيرته، والمحطّات التي مرّ بها، تعرّض  لمحاولاتٍ كثيرة لحرفه عن مهامّه الأساسية، في تمثيل الثورة وخدمة مشروعها، كما تعرّض لضغوطٍ كثيرة حاول من خلالها البعضُ أن يمليَ عليه إراداتٍ  خارجية، لحرفه عن خطه الوطني الثوريّ.. إلاّ أني كنت  أشعرُ أنه بالتعاون مع النخبة الطيبة من منتسبيه، يمكننا أن نشكلَ سدّا في وجه تلك المحاولات، وهذا ما كان يدفعني إلى المثابرة والمواظبة، حرصاً على متابعة العمل لخدمة الثورة من خلال موقع انتُدِبتُ له، على أمل أن يتعاون كلّ المخلصين والشرفاء، على إعادته إلى مساره الوطنيّ الذي أراده له مؤسّسوه.

إلا أنه في الآونة الأخيرة، بدأت أشعرُ أن الطوفانَ أصبح أقوى من السدّ، وأن النزعة الشخصية والقرارات الفردية غير المدروسة، بدأت تطغى، بعيداً عن روح ثورتنا وتطلّعات شعبنا، وأصبحنا في كلّ يوم نفاجَأ بموقف، أو نسمع تصريحاً، ثم لا يلبثُ أن يتمّ سحبه أو تصحيحه أو التنصّل منه.

ولقد فوجئت ـ كما فوجئ كثيرٌ غيري ـ بأن الائتلاف ممثّلاً برئيسه، يوجّه رسالة تهنئة للثورة المضادّة في مصر الشقيقة، ويبارك للانقلابيّين نجاحَهم في الانقضاض على ثورة الشعب المصريّ، التي كانت إحدى الثورات الملهمة لثورة الشعب السوري.

هذه التهنئة لا تختلف كثيراً ـ في نظري ـ عن تهنئة المجرم بشار الأسد بفوزه المزعوم في انتخابات الدم المزيّفة في سورية، وتُخرج الائتلافَ عن نهجه الثوريّ الوطني الذي اختطّه له المؤسّسون.

إن استشعاري لثقل الأمانة، وجسامة المسئولية أمام الله أولاً، ثم أمام شعبنا في سورية الجريحة ثانياً، يضطرني إلى تقديم استقالتي من الائتلاف الوطني، الذي لم يعد ـ في رأيي ـ يعبّر عن آمال شعبنا وتطلّعاته في تحقيق أهداف ثورته المجيدة.

متمنّياً لكم جميعاً الخير والتوفيق لما فيه خير شعبنا وأمتنا.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لندن في العاشر من حزيران 2014    علي صدر الدين البيانوني

وفي عام 2014 أعاد إخواني في مجلس الشورى، انتخابي رئيسا للمجلس، واستمررت في هذا الموقع إلى حين انتهاء دورة المجلس في عام 2018 . وكنت خلال هذه السنوات أسعى إلى تفعيل دور مجلس الشورى، من خلال تفعيل مكتب المجلس.

وما زلت أعيش هموم الجماعة والشعب السوري، وأبذل جهدي وطاقتي في تقديم المشورة والعون والمساندة،. وأشارك في كل ما أدعى إليه من جهود إيجابية وبناءة.

وأخيراً.. إن كان لي أن أختم هذه الترجمة الموجزة، فإنني أتوجه إلى أبناء شعبنا السوريّ الحر الأبي؛ بأن ثورة أهلنا في سورية، كانت ثورة الضرورة، وأننا جميعاً لم نخرجْ أشَرا ولا بطرا، وأننا لا نريد علوّاً في الأرض ولا فسادا. وأنّ وطنية الثورة لا تتعارضُ مع إسلاميتها، كما أن إسلامية الثورة لا تتعارض مع وطنيتها.. وأريد أن أؤكّدَ أن التوحّد والتوافق، لا يعني التطابق في كل شيء، فالهمّ الكبيرُ يجمعُنا، والهدفُ الكبيرُ يوحّدنا، ودولة العدل والحرية والمساواة ينبغي أن تظلّلنا..

لقد كشفت هذه الثورة المباركة، أهمية أرض الشام، وشعب الشام، وحجم المؤامرة الدولية على الشام؛ وانكشافُ كلّ هذا لا ينبغي أن يورثنا ضعفاً ولا يأساً ولا قنوطاً، بل يجب أن يزيدنا أملاً وعملاً وتوكّلاً على الله وإعداداً وإحكاماً، وثقةً بوعد الله لعباده الصالحين.

أسأل الله الرحمة لشهدائنا الأبرار، والفرج للأسرى، والمعتقلين، والمفقودين، والنازحين والمهجّرين، والشفاء للجرحى والمصابين، وأسأل الله أن يعينيهم ويحفظهم ويرعاهم. وأدعو السوريين كلّ السوريين، للتعاون والتكافل والتناصر، ومساعدة الضعيف وحمل الكلّ من الثكالى والأرامل واليتامى والمساكين.. وأدعو الله سبحانه وتعالى أن ينصرنا بجميل وعده (وكان حقا علينا نصر المؤمنين)

20 ـ  وفي الختام:

 وفي ختام هذه الترجمة الموجزة، التي سطّرتها بناء على رغبة بعض الإخوة الكرام، أسجّل اعتزازي بجماعة الإخوان المسلمين، التي انتسبت إليها، بتشجيعٍ من والدي رحمه الله، ونشأت في ظلالها، منذ نعومة أظفاري، وعشت فيها مع إخوة أحبة كرام، أكثر من خمسة وستين عاماً، هي معظم سنوات عمري التي تجاوزت الثمانين.. وشهدتُ إنجازاتها ونجاحاتها، كما شهدتُ تعثّراتها وإخفاقاتها، وعاصرتُ مِحَنَها وابتلاءاتها.. فلم يزدني ذلك إلاّ اقتناعاً بسلامة منهجها وصحة طريقها، وثباتاً على نهجها ومبادئها، وحباً بقادتها وأبنائها، الذين أحببتهم في الله، وأحبّوني، وأسأل الله عز وجل أن يثبّتني وإياهم على الحق، حتى نلقاه وهو راضٍ عنا. وأن يجمعنا في مستقرّ رحمته، تحت ظلّ عرشه، يومَ لا ظلّ إلاّ ظلّه. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

أبو أنس علي صدر الدين البيانوني


إقرأ أيضا: مراقب إخوان سوريا الأسبق علي البيانوني يروي سيرته لـ "عربي21".. هذه بدايتي

إقرأ أيضا: مراقب إخوان سوريا الأسبق علي البيانوني يروي تفاصيل تجربته في سجون الأسد

إقرأ أيضا: علي صدر الدين البيانوني يروي شهادته.. من سجون الأسد إلى مفاوضات الطليعة

إقأ أيضا: علي صدر الدين البيانوني يروي كواليس توحيد اخوان سورية ومعركة حماة الكبرى

إقرأ أيضا: البيانوني: هذا ما جرى حين جلس "الإخوان" وجهاً لوجه مع مخابرات الأسد

إقرأ أيضا: البيانوني يروي لـ"عربي21" شهادة مرحلة مفصلية في تاريخ الإخوان بسوريا

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير سورية تاريخ سورية تاريخ اخوان شهادة أفكار سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البیانونی یروی مع مجموعة من مجلس الشورى بشار الأسد الثورة فی إقرأ أیضا أننی کنت من سوریة فی سوریة من خلال فی عام ما زلت

إقرأ أيضاً:

عضو رابطة علماء اليمن العلامة الحسين السراجي لـ “الثورة “: لا تكتمل فرحة العيد إلا بمواساة المحتاجين وأسر الشهداء والجرحى

 

العديد من الأسر أضربت عن إحياء كماليات العيد تضامناً مع أهل غزة

حوار/ أسماء البزاز

 

فضيلة الحسين بن أحمد بن قاسم السراجي -عضو رابطة علماء اليمن يتحدث لـ”الثورة” عن جماليات العيد اليمنية المنطلقة من الهوية الإيمانية وعن أساسيات مبادئ الإحسان والتكافل إلى المحتاجين وأسر الشهداء والمرابطين والجرحى، وأهمية صلة الأرحام وعدم قطيعتها تحت أي ظرف من الأسباب خاصة في الأيام العيدية المباركة، مشيرا إلى عدد من السلوكيات الدينية والأخلاقية التي ينبغي التحلي بها في المنتزهات والحدائق العامة..

بداية فضيلة العلامة ما هي أبرز العادات والسلوكيات التي يجب أن يحييها المسلمون في هذه الأيام العيدية المباركة؟

الحمد والشكر والتكبير والتهليل ﴿ لَن يَنالَ اللَّهَ لُحومُها وَلا دِماؤُها وَلكِن يَنالُهُ التَّقوى مِنكُم كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُم لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُم وَبَشِّرِ المُحسِنينَ ﴾ فـالله أكبر الله أكبر ولله الحمد، والحمد لله على ما هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام والله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً .فما أجمل وأروع الحمد والشكر والثناء على الله سبحانه ورعاية نعمه فرعاية النعم سبب لدوامها .وكذلك الزيارات والتواصل وتجاوز الضغائن والمحن والعداوات وليكن العيد في مواساة الأسر النازحة الفقيرة . في تفقد الأسر البائسة. في مسح رؤوس اليتامى ومواساتهم، في زيارة عوائل الشهداء والمرابطين ومواساتهم، في توزيع اللحم على هذه الأسر المحتاجة، في توزيع الجعالة عليهم وعلى الأرامل، في مشاركتهم البهجة والسعادة وإدخال السرور إلى قلوبهم، في زيارة المرضى والجرحى، في التكافل الاجتماعي الشرعي والإنساني، في إطعام المحرومين والمنكوبين، في الصبر والثبات.

بين فرحة العيد وغصة غزة

معاناة غزة الحاضرة في قلوب اليمنيين في هذه المناسبة كيف تقرأون تلك المفارقات بين فرحة العيد وغصة معاناة أهلنا في غزة؟

غزة حاضرة مع اليمنيين في قلوبهم ومناسباتهم ولم تغب عنا القضية الفلسطينية على الإطلاق. غزة جرحنا وآلامنا ووجعنا وقد شهدت وسمعت الكثير ممن أضربوا عن فرائحية العيد تضامناً مع غزة وحصار أبنائها وجوعهم. واليمنيون أكثر العرب والمسلمين استشعاراً لوجع غزة وقياماً بالواجب الديني والأخوي والإنساني كما قال النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ((من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)). فهذا هو الإسلام. هذا هو الدين. هذه هي القيم. هذه هي العروبة. هذه هي الأخوة. هذه هي الإنسانية. فنحن نعيش آلام غزة منذ اليوم الأول للعدوان عليها ونستشعر كل وجع فيها، فالمسلمون الحقيقيون كما ذكرهم النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ((مثل المسلمين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)).

وكيف لا نعيش نكبة غزة وجوعها ودمارها والله سبحانه يقول ﴿إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ﴾.

قطيعة الأرحام

مقاطعة الأرحام والأقارب بذريعة تجنب المشاكل أو نتاج لمشاحنات سابقة.. هل هذه الأسباب مبرر للقطيعة؟

لا والله فلا مبرر للقطيعة إطلاقاً. العيد تصافٍ، وتلاقي العيد رحمة وصلة العيد حب وتسامح العيد تقوى وأبرز مظاهر التقوى ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾ كيف تكون القطيعة والقاطع يقرأ قول ربه سبحانه ﴿فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلَّيتُم أَن تُفسِدوا فِي الأَرضِ وَتُقَطِّعوا أَرحامَكُم﴾

وفي التاريخ اليمني صور موحشة للقطيعة والوحشة والعداوة على أمور أبرزها المواريث وأدناها خلافات الأبناء. وما يحدث غريب على دين الله ومرفوض من الشريعة المطهرة وكل ما يخالف الشريعة وبال على صاحبه. وقاطع رحمه لا ارتباط له بكتاب الله. قاطع رحمه لا دين له. قاطع رحمه عدو الله ورسوله. قاطع رحمه وليه الشيطان. المواريث ليست مبرراً فأنصفوا الأرحام. المشاكل ليست مبرراً للقطيعة. خلافات الأبناء والنساء ليست مبرراً. توافه يصنع منها القاطعون مبرراً. المؤمنون بعضهم أولياء بعض وهذه هي الحقيقة التي لا مناص منها.

ومن يتق شعائر الله

كيف يمكن أن نحيي شعائر الله في هذه المناسبة العظيمة؟

– التبسم وإدخال السرور على الأهل للابتسامة في هذا الدين شأن عظيم وأجرها كأجر الصدقة وهي مطلوبة في سائر الأوقات ، إلا أن التبسم والبشاشة في وجوه الإخوة وعدم العبوس يكون أدعى في العيد الذي فيه يتجلى الفرح بكل أشكاله ، وهذا مما حث عليه النبي الأكرم صلوات الله عليه وعلى آله ((تبسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقةٌ))، ومن الجميل إدخال السرور على أهل البيت وصلة الرحم وتفقد الأقارب في أيام العيد لتعم السعادة ويسود الفرح في هذا اليوم العظيم الذي جعله عيداً للمسلمين .وليكن العيد مناسبة الشعيرة العظيمة التي تؤلف المسلمين وتجمع شملهم .وقد شرع الله لنا من الأعياد ما يفرحنا دون بطر ، وما يحدد شخصيتنا دون تقليد ، وما يشيع في حياتنا السعادة والاستقرار .وجاء الإسلام وفي الناس عادات وتقاليد ، فكان شأنه من تلك العادات والتقاليد أن أقر منها الصالح الذي يسمو بالإنسانية ويرقى بها ، ويعطيها القوة والصلاح ، ورفض ما عدا ذلك .وللعيد صولات وجولات في تجسيد الإخاء وقيم المحبة والتسامح فالشعيرة المباركة تجمع المسلمين من كل الأرض على اختلاف مسمياتهم وألوانهم وأعراقهم وألوانهم ومناطقهم ودولهم في صعيد واحد يعبدون إلهاً واحداً ويحيون شعيرة واحدة ويرددون : لبيك اللهم لبيك .

الشهداء والمرابطون

أين أبناء الشهداء والأسرى والمفقودين من هذه المناسبة وما واجبنا تجاههم؟

– لن يكتمل عيد ما لم يكن لذوي الفضل والحق مكانة في عيدنا ومناسباتنا. هؤلاء الذين بذلوا وضحوا وقدموا فلذات أكبادهم وخيرة أبنائهم في سبيل الله. هم أهل العطاء والتضحية. لن ننساهم فلهم مكانة وقدر وقيمة: نزاورهم ونمسح على قلوبهم ورؤوسهم. نزاور روضات الشهداء ونستلهم قيم العطاء. ننظر في حقيقة أشجع رجالات اليمن والدين والعروبة وحجم تضحياتهم. نتأمل القيمة الروحية التي عاشوها. نقدم الإجلال والتقدير لهم. نعاهدهم المضي على دربهم وسبيلهم. ثم نتوجه نحو بيوتهم ونتفقد آباءهم وأمهاتهم فنستلهم منهم الرضا واليقين والثبات. نحتضن أبناءهم ونشعرهم بالحب والحنان فهم ثمرات القرابين التي قُدمت لله سبحانه وابتغاء مرضاته.

شهداؤنا رموز العطاء وأسرانا لم ولن يغيبوا عن بالنا فهم ثروة البلاد التي تم تغييبها فنتذكر معاناتهم وندعوا لهم بالفرج والخلاص بانتظار عودتهم ونتعامل مع ذويهم كما نتعامل مع ذوي الشهداء. مقودينا جرح وألم نؤكد أننا على العهد حتى يعودوا لأحضان وطنهم وأسرهم ولا يمكن أن نكون مع ذويهم إلا كما نحن مع ذوي الشهداء والأسرى.

آداب عامة

فضيلة العلامة في أماكن التنزه والمتنفسات العامة ما هي الآداب التي ينبغى التحلي بها؟

– وضعتم اليد على أمر هو في غاية الأهمية للحديث عنه. الذوقيات فن ينم عن الخلق الرفيع، وهو لا يقتصر على الكبار فقط بل يتعداه لزهرة الحياة لتشذيب سلوكهم وتقليم تصرفاتهم الغير اللائقة مع زرع قيم ومبادئ تتماهى مع الآداب العامة، مما ينعكس بجلاء على مهارات التواصل وأدب الحوار. مما تجدر الإشارة إليه في أداب الأماكن والذوق الذي يجب التحلي به: الالتزام الديني والسلوكي في جميع المظاهر التي يظهر بها الناس هناك. الحفاظ على الأماكن العامة والحدائق والمتنفسات ومراعاة حرمتها. الالتزام بقواعد النظافة وآدابها. ضرورة الحفاظ على نظافة المكان عند مغادرته حيث يعتبر ترك بقايا الطعام والأطباق والأكواب الورقية على الأرض انتهاكاً لقواعد الأماكن العامة والخروج عن الآداب الحميدة، ففي حالة اصطحاب الطعام من الضروري وضع العلب والأواني على طاولة أو منشفة أو قطعة قماش نظيفة، والتخلص منها في كيس بلاستيك بسلة المهملات. مراعاة مشاعر الموجودين جميعاً ومن فيه شيء من «الزقعة فليزقع» لوحده وكما جاء في الأثر ((إذا بُليتم فاستتروا)).

قوة اليمن

كلمة أخيرة لكم مع خالص التقدير؟

عيد مبارك ميمون على اليمن قيادة وشعباً وجيشاً وقوة صاروخية وأجمل التهاني لسيد هذا العز وصانعه السيد القائد عبدالملك يحفظه الله.

الشكر الجزيل لكم لإتاحة هذه الفرصة للحديث عن العيد وجمالياته.

ثم في الأخير يتساءل الكثير عن السر في كل هذه القوة التي بات اليمن يمتلكها؟ من أين أتى بكل هذه القوة؟! الهيبة التي صارت لليمن أمام العالم؟! المكانة والشهرة التي بات اليمن يتمتع بها ؟!اليمن لم يكن أحد يعرفه واليوم العالم يتحدث عن اليمن. اليمن كان مقبوراّ منذ عقود حتى أنني وجدت شباناً مصريين ذات مرة لا يعرفون اليمن ولم يسمعوا عن دولة اسمها اليمن. اليمن صار قوة مرهوبة والفضل لله سبحانه ولعزم القائد والأبطال الواثقين بالله. مددنا إليك أكف الرجاء وعمن سواك غضضنا البصر

فررنا إلى الله واعتصمنا بالله وتوجهنا إليه وتركنا البشر ولم نعول على غيره سبحانه فأغنانا عمن سواه. الطيور الأبابيل تتوارد من يمن الإيمان باتجاه الأراضي المحتلة إسناداً للمستضعفين فتنزل برداً وسلاماً على قلوبهم.

مقالات مشابهة

  • نص كلمة قائد الثورة حول مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية
  • “الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة حول مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية
  • لقاء قبلي في مأرب إعلانا للجاهزية ونصرة لغزة
  • قائد الثورة: اليمن سيستمر في موقفه المتكامل رسميًا وشعبيًا وعلى كل المستويات نصرة للشعب الفلسطيني
  • قائد الثورة: عملية الثلاثاء أربكت العدو.. وجبهة الإسناد اليمنية مستمرة حتى وقف العدوان على غزة
  • السيد القائد يدعو أبناء الشعب اليمني للخروج المليوني غدًا بالعاصمة صنعاء والمحافظات
  • عضو رابطة علماء اليمن العلامة الحسين السراجي لـ “الثورة “: لا تكتمل فرحة العيد إلا بمواساة المحتاجين وأسر الشهداء والجرحى
  • مواطنون من مختلف المحافظات:الظروف المعيشية التي خلفها العدوان والحصار زادتنا تراحماً وألفة في العيد
  • بشور لـ عربي21: أبطال الأمة يكتبون فصول النصر في غزة وفلسطين رغم الخذلان