أسطورة يهودية تتحوّل إلى سلاح نفسي.. وحكومة نتنياهو تتاجر بـ«الشرعية اليهودية»

- تفسير الصورة الرسمية التي روجها جيش الاحتلال مع بدء العمليات العسكرية ضد طهران

- عقيدة لاهوتية يتبناها أكثر من 60 مليون أمريكي ينتظرون المعركة الكبرى قبل مجيء المسيّا

في العمليات العسكرية عمومًا، لا يتم اختيار الأسماء عشوائيًا، كونها تؤدي أدوارًا استراتيجية، على صعيد التنظيم لتسهيل التنسيق الميداني، والدعاية لبث الرسائل، والتضليل، لإرباك العدو، وفي الحالة الإسرائيلية، يظهر العنصر الرابع: الرمز المقدس، الذي يجرى استثماره لتبرير العنف، وتحويله من ممارسة سياسية إلى فعل إيماني!

اختارت إسرائيل لعمليتها العسكرية ضد إيران اسمًا رمزيًا «الأسد الصاعد»، ورغم الطابع الفني أو التعبوي، إلا أن جذوره تمتد في العمق الديني والثقافي اليهودي، حيث يحمل دلالات توراتية تعود لما يُعرف بـ«أسد يهوذا»، الذي يعبر عن «قوة وسيادة قبيلة يهوذا»، إحدى قبائل بني إسرائيل التاريخية.

يُشير «الأسد الصاعد»، إلى أن الاختيار ليس مجرد اسم بلاغي لعملية عسكرية، بل خطاب متكامل يستند إلى رواية دينية تُضفي على العمل العسكري هالة من «القداسة»، وفي سفر التكوين (أحد أسفار العهد القديم)، يبارك يعقوب ابنه يهوذا بوصفه «جرو أسد»، ويعده بالسيادة والقيادة.

الإشارة التوراتية تحولت، لاحقًا، إلى رمز سياسي في الوجدان الصهيوني، ويتعزز هذا الرمز في الأدبيات اليهودية باعتباره تعبيرًا عن «قوة دفاعية مقدسة»، وتمجيدًا للتفوق والسيطرة، وهو ما تسعى إسرائيل لتصديره في عمليتها، الحالية، ضد إيران.

ويتماهى التوظيف الرمزي لـ«أسد يهوذا»، مع رواية إسرائيل لنفسها كقوة تواجه «تهديدات وجودية»، في مقدمتها البرنامج النووي الإيراني، رغم أنها، وبحسب معظم التقديرات الدولية، تملك ترسانة نووية غير معلنة، تهدد عموم منطقة الشرق الأوسط!

تتعدى دلالة «الأسد الصاعد» الميدان العسكري لتتحول إلى أداة لتوجيه الرأي العام والتأثير النفسي فيه، بهدف صناعة حالة اصطفاف داخلي للعملية، وتقديمها خارجيًا في صورة «الرد الشرعي»، وهذه الاستراتيجية تعد أسلوبا متكررًا في التسميات العسكرية الإسرائيلية.

إسرائيل سبق أن استخدمت أسماء دينية وتاريخية في عملياتها كـ«عامود السحاب» و«السور الواقي»، ما يكشف عن أن اختياراتها تحاول إعطاء الشرعية الأخلاقية والسياسية عبر المصطلحات التوراتية، غير أن ما يميز «الأسد الصاعد» هو مركزية البعد الديني فيه، بحيث لا تُفهم العملية إلا من خلال ربطها بالرمز.

وتمزج إسرائيل بين الرموز الدينية والمفردات الإعلامية، ما يعطي العمل العسكري بُعدًا روحيًا، وفي ظل قيادة يمينية متطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، يزداد حضور هذه الرمزية في الخطاب السياسي الإسرائيلي، الذي لم يعد يكتفي بتبرير «الحرب» بل يسعى لمنحها «قدسية».

نتنياهو و«المسيّا»

في خطابه المتكرر، لا يكلّ نتنياهو عن استدعاء صورة «المسيّا» أي المخلّص التوراتي المنتظر، ليرسم ملامح دوره في المخيلة اليهودية المعاصرة، وكأنه رجل القدر الذي كُتب له أن يقود «شعب إسرائيل» في لحظة مفصلية من تاريخهم، علما بأن التفسير الشعبي للمسيّا في العقيدة اليهودية يختلف عن المفهوم المسيحي.

غير أن هذا التوظيف الديني ليس جديدًا على السياق الصهيوني، بل هو امتداد مباشر لتراث طويل من القراءة التوراتية للأحداث السياسية، والتي غالبًا ما توظف رموزًا من كتب الأنبياء وأسفار التكوين لإضفاء طابع قدسي على قرارات السلطة.

منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، صعّد نتنياهو من نبرة «الرسالة الإلهية» في خطابه السياسي. تحدّث مرارًا عن «الضوء في نهاية النفق»، وعن «معركة بين النور والظلام»، وهي استعارات مأخوذة حرفيًا من أدبيات يهودية توراتية وأخرى تعود إلى جماعات مهدت في العهد القديم لمفاهيم الصراع بين الخير والشر.

وفي لحظات الهزيمة أو الارتباك الداخلي، يلجأ نتنياهو إلى هذه اللغة لمنح قراراته العسكرية والسياسية غطاءً غيبيًا، وكأنها تنفيذ لوعد إلهي لا مجرد حسابات ميدانية أو تفاوضية. واليهود لا يؤمنون بأن المسيح قد جاء بعد، بل ينتظرون قائدًا أرضيًا (ملكًا من نسل داود) يعيد بناء الهيكل المزعوم ويجمع شتات اليهود.

يعتقدون أيضا أنه سيقودهم إلى نصر نهائي على «أعداء الرب»، وهذا التصور تم استثماره سياسياً في الفكر الصهيوني العلماني منذ مؤسس الدولة دافيد بن جوريون، لكنه بلغ ذروته الخطابية على يد نتنياهو، الذي لم يخف إعجابه بالنبوءات التوراتية واستخدامه لها كجزء من تبرير الحرب والسيطرة.

في الأوساط اليمينية والدينية داخل إسرائيل، يلقى هذا الخطاب صدىً كبيرًا. فأنصار الصهيونية الدينية يرون في الحرب الجارية تنفيذًا لتكليف إلهي، وقد أطلق بعض الحاخامات فتاوى تدعو لتوسيع المعركة نحو لبنان والضفة الغربية، بل والدفع باتجاه «تطهير» غزة كاملة من أهلها.

يعتبرون أن هذا جزء من المعركة الكبرى التي ستسبق مجيء المسيّا، وهذه الأفكار تجد دعمًا ضمنيًا من قوى ضغط قوية في الولايات المتحدة، الذين يرون في تقوية إسرائيل وتسليحها تمهيدًا لـ«المجيء الثاني للمسيح»، وهي عقيدة لاهوتية يتبناها أكثر من 60 مليون أمريكي.

في هذا الإطار، يروج نتنياهو أنه أكثر من مجرد رئيس وزراء، وأنه «أداة» في يد العناية الإلهية كما يصوّره جمهوره، رجل «قدر» يقود إسرائيل نحو مرحلة «الخلاص»، حتى وإن كانت سياساته على الأرض تُفضي إلى كوارث إنسانية ودمار شامل في غزة والضفة.

من هنا نفهم لماذا، رغم فشله في تحقيق أهداف الحرب ميدانيًا، لا تزال قاعدته الشعبية متماسكة في أوساط المستوطنين والمتدينين، وعلى المستوى الجيوسياسي، فإن هذا التوظيف لفكرة المسيّا يبرر تصعيدًا بلا سقف، لأنه يفترض معركة «وجودية» لا سياسية.

وحين يُقدَّم الصراع على غزة أو مع إيران كصراع بين «الحق الإلهي» و«قوى الظلام»، فإن أي محاولة للتهدئة أو التفاوض تصبح خيانة للرؤية اللاهوتية، وقد انعكس هذا بوضوح في تصعيد الحملات المشبوهة ضد مصر، كونها تسعى لتهدئة الجبهة وتخفيف المعاناة الإنسانية على الشعب الفلسطيني.

رسائل مباشرة

سياسيًا، يحمل اسم «الأسد الصاعد» رسائل مباشرة إلى الداخل الإسرائيلي، مفادها أن المعركة ضد إيران ليست مجرد عملية دفاعية، بل امتداد لمعركة «الهوية»، وأن إسرائيل تمثل «وريثة مملكة داود» التي واجهت «أعداء الرب» في الماضي.

هذه الرسائل لا تقتصر على الداخل، بل تتعداها إلى الإقليم والعالم، حيث تسعى إسرائيل لإضفاء شرعية دينية - تاريخية على تدخلاتها في الشأن الإيراني، مستندة إلى استراتيجية إسرائيلية مزعومة، تعتمد في الوقت نفسه على حكاية توراتية ترسّخ صورة القوة العادلة لا المعتدية.

يمكن الوقوف على ذلك من خلال الصورة الترويجية الرسمية التي نشرها الجيش الإسرائيلي (أسد شامخ أمام شمس مشعة في خلفية ذهبية، وإلى جواره مقاتلة حربية من طراز F-35 مطلية بتمويه إسرائيلي) هذا التصميم لا يُقصد به التجميل، بل هو إنتاج رمزي مدروس.

يحاول جيش الاحتلال من خلال الصورة الترويجية الإيحاء بأنه يجمع بين القوة العضلية المجازية (الأسد) والتفوق التكنولوجي الحقيقي المقاتلة الـF-35) )، لتقديم صورة مزدوجة، مفادها أن «إسرائيل الحديثة القوية»، مجرد امتداد لـ«إسرائيل القديمة المقدسة»!

تسمية «الأسد الصاعد» في هذا السياق، جزء من مستوى الحرب النفسية الإسرائيلية، فحين يُطلق على العملية اسم مستمد من أسطورة دينية، فإن الرسالة الموجهة إلى الخصم (إيران) هي أنكم تواجهون «شعبًا مختارًا»، يشن حربًا باسم وعد إلهي قديم، لا باسم مصالحة جيوسياسية.

عملية الخداع الإعلامي والسياسي التي سبقت العملية لعبت دورًا حاسمًا في نجاحها، إذ روّجت إسرائيل لروايات متضاربة عن نواياها، ما أربك منظومة الإنذار المبكر الإيرانية، وهنا، يتحقق أحد أهداف الرمزية: جعل العدو غير قادر على التنبؤ.

وعندما تكون صورة العملية مرتبطة بأسد توراتي، فإن أي رد فعل إيراني سيُقرأ ضمن رواية إسرائيلية رمزية لا عسكرية فقط، ما يزيد من تعقيد المعركة ويحوّلها إلى صراع هوية، حتى عندما جاء ردّ إيران على العملية عبر هجمات صاروخية انتقاميّة محدودةـ فالرمزية لم تختفِ.

في الثقافات اليهودية، «أسد يهوذا» لا يُمثل فقط القوة، بل هو رمز القيادة المسيانية، أي أن المسيح المنتظر، بحسب العقيدة اليهودية، سيأتي من نسل قبيلة يهوذا، ويُشبّه بالأسد الذي لا يُهزم، خاصة أن تيارات يهودية متشددة، تتعامل مع الصراع الحالي مع إيران كمقدمة «لخلاص إسرائيل النهائي».

«أسد يهوذا» يستخدم أيضًا في الثقافة الشعبية العالمية، لكنه غالبًا يُفصل عن جذوره الدينية، ففي حركة «الراستافاري» (حركة دينية وضعية نشأت في جامايكا وتقدّس الإمبراطور الإثيوبي هيلاسيلاسي)، يُستخدم الرمز نفسه كدلالة على النضال والتحرر.

وتنتشر «أسد يهوذا» على الملابس والمجوهرات واللافتات، لكنها تفتقر إلى الحمولة التوراتية التي يحملها في السياق الإسرائيلي الحالي، ويُستعمل الرمز تجاريًا وفنيًا في شعارات أندية رياضية كـ«تشيلسي» أو «منتخب إنجلترا»، أو حتى في شركات عالمية مثل «Peugeot» و«MGM Studios».

لكن هذه الاستخدامات لا علاقة لها بالرؤية الدينية، بل تعتمد على جاذبية الأسد كرمز للقوة العامة. إسرائيل، على العكس، تستدعي الأسد من نصّه المقدّس، وتُعيد إنتاجه في صورة عسكرية، حتى في العملات التذكارية داخل إسرائيل، يظهر «أسد يهوذا» محفورًا في القطع المعدنية.

يُعرض «أسد يهوذا» في المتاحف ومحال الهدايا، كأنه شاهد على استمرارية السلالة والسيادة. هذا التوظيف الثقافي يعكس تحويل الرمز من كائن أسطوري إلى جزء من الهوية اليهودية السياسية المعاصرة، لكنّ هذا الاستخدام لا يخلو من تداعيات.

تداعيات إقليمية

ربط العمل العسكري بالرموز الدينية قد يؤدي إلى تأجيج صراع حضاري، لا صراع سياسي فقط، وهو ما يزيد من حساسية القضية بالنسبة لدول الجوار، وهناك من يرى في التسمية محاولة إسرائيلية لفرض رواية لاهوتية على واقع جيوسياسي متشابك، ما يُعيد للأذهان خطاب «الحروب الصليبية» بصيغة يهودية حديثة.

وفكرة «المسيّا»، كما يُروج لها نتنياهو ليست مجرد استعارة دينية، بل أداة تعبئة سياسية لها تأثير عميق على مسار الحرب وصياغة السياسات، وتجاهل هذا البعد يؤدي إلى قراءة قاصرة للمشهد، فليس الصراع في فلسطين اليوم مجرد مواجهة عسكرية، لكنه في نظر أطراف تجسيد لنبوءة توراتية، حتى لو كان الثمن خرابًا إقليميًا يمتد لعقود.

القوى المحركة خلف هذا الخطاب ليست فقط داخلية. فهناك تحالف وثيق بين نتنياهو والتيار التوراتي - القومي الذي يتقاطع مع مصالح شركات السلاح الكبرى، وجماعات الضغط الصهيوني في واشنطن، وبعض دوائر النفط والأمن السيبراني التي تستفيد من استدامة التوتر في الشرق الأوسط.

هذا التحالف يرى في الحرب وسيلة لـ«تسييل» النبوءات، أي تحويل النصوص التوراتية إلى وقائع جيوسياسية تخدم مشاريع السيطرة، لكن لهذا المسار كلفة باهظة. فاستمرار الخطاب التوراتي يؤدي إلى تآكل ما تبقى من الشرعية الدولية لإسرائيل.

هكذا يتحول «الأسد الصاعد» من اسم عملية إلى مشروع أيديولوجي، تتداخل فيه عناصر التاريخ والدين والدعاية والاستراتيجية. وكلما طال أمد الصراع بين إسرائيل وإيران، فإن هذه الرموز ستزداد تغوّلًا، وستُستعمل لا فقط كسلاح نفسي، بل كأساس لشرعنة صراع طويل، لا تُقاس نتائجه بالميدان فحسب، بل بالهوية.

اقرأ أيضاًإيران: إذا هوجمت المباني السكنية لن يكون هناك نقطة أمان واحدة في إسرائيل

هل يهيمن المحافظون على حساب الإصلاحيين؟.. مصير النظام الإيراني بعد ضربة «منتصف الليل»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: واشنطن الأمن السيبراني الصراع في فلسطين صياغة السياسات الأسد الصاعد المسيح المنتظر الشرعية الدولية لإسرائيل مسار الحرب الأسد الصاعد المسی ا

إقرأ أيضاً:

هل خدع نتنياهو ترامب في الحرب ضد إيران؟

سبق العملية ضدّ إيران كلام علني متكرر من ترامب يدعو لإعطاء فرصة للدبلوماسية، معرباً عن أمله في التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران. اعلان

عندما أعلنت إسرائيل شنّ هجمات نوعية، فجر الجمعة، داخل العمق الإيراني، لم يتأخر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إعلان أن إدارته كانت على علم مسبق بالضربة. لكن خلف هذا التصريح المقتضب، بدأت الأسئلة تتكاثر: هل كانت أمريكا تدرك فعلا حجم الضربة؟ وهل تم تضليل ترامب من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محاولة لجرّ واشنطن إلى مواجهة أوسع مع طهران؟.

مؤشرات أولية

حتى مساء الخميس الذي سبق الضربة، كانت إدارة ترامب - حسب مصادر أميركية - تحاول ثني إسرائيل عن المضي قدماً في تنفيذ الهجوم. المعلومات تشير إلى أن واشنطن كانت تسعى، إن لم يكن لإلغاء الضربة، فعلى الأقل لتأجيلها بضع ساعات حفاظاً على سلامة قواتها المنتشرة في الشرق الأوسط، مع إرسال إشارات واضحة بأن الولايات المتحدة ليست شريكاً في العملية.

وقد رافق هذا التوجه، كلامٌ علني متكرر من ترامب يدعو لإعطاء فرصة للدبلوماسية، معرباً عن أمله في التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران.

ضوء "بين الأخضر والأصفر"

لكن يبدو أن نتنياهو قرأ الموقف الأميركي بطريقة مختلفة، وحصل من ترامب على "ضوء بين الأخضر والأصفر"؛ أي نوع من الإذن الضمني، دون التزام مباشر. واستغل رئيس الوزراء الإسرائيلي هذا الهامش الرمادي لتنفيذ ما يعتبره "حرباً وقائية" ضد منشآت إيران النووية.

Relatedالحوثيون يدخلون على الخط: هل تتسع رقعة المواجهة بين إيران وإسرائيلترامب يتوعّد إيران بـ "قوة غير مسبوقة" وطهران تُحدّد شرطاً لوقف الهجمات على إسرائيل ليلة ليست كسابقاتها.. هجمات نوعية تشعل اليوم الثالث من المواجهة بين إيران وإسرائيلانقسام داخلي

السناتور الديمقراطي جاك ريد وصف العملية بأنها "عمل أرعن"، محذراً من انزلاق نحو حرب أوسع، بينما حذر مسؤولون سابقون مثل ليون بانيتا من أن إسرائيل تفتقر للقدرات العسكرية الكافية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، ما يعني أن العملية قد لا تحقق أهدافها دون تدخل أميركي مباشر لاحق.

دونالد ترامب يلتقي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-ا-لاغو، الجمعة 26 يوليو 2024، في بالم بيتش، فلوريدا. AP Photo

حسابات نتنياهو: نسف المفاوضات

وفقاً لما تكشفه التسريبات الإعلامية، فإن أحد أهداف الضربة الإسرائيلية تمثل في تقويض الجولة السادسة من المفاوضات النووية مع إيران، التي كانت مقررة في عمّان. وقد سبقت الضربة إشارات أميركية إيجابية بشأن التقدم في تلك المحادثات، إلا أن إسرائيل - وفق التحليل السياسي - أرادت استباق أي اتفاق يعيد طهران إلى الحلبة الدبلوماسية، ويرفع عنها العقوبات تدريجياً.

وبالفعل، فإن مجرد تنفيذ الضربة أجهض إمكانية التقدم في المسار السياسي، ما يمنح نتنياهو نصراً مؤقتاً على طاولة التفاوض، بينما يترك إدارة ترامب أمام معضلة تصعيد لا تملك السيطرة عليه بالكامل.

ترامب بين ناريْن

تكرار ترامب لدعوته بضرورة عودة طهران إلى طاولة المفاوضات يوحي بأنه لا يريد التصعيد، لكن ما حدث فعلياً يُظهر رئيساً واقعاً بين ضغوط من حلفائه الجمهوريين المتشددين ومن الجناح العسكري الذي يخشى من تبعات التصعيد على القوات الأميركية في المنطقة.

الخيار الآن بين أن يفرض ترامب إرادته السياسية ويعيد توجيه المسار نحو الحل الدبلوماسي، أو أن يجد نفسه منساقاً تدريجياً نحو تورط عسكري مباشر تفرضه تطورات الميدان.

فهل خُدع ترامب؟ أم أنه خادع نفسه، حين ظن أن بمقدوره السيطرة على إسرائيل واحتواء إيران في آن واحد؟.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • عاجل | نتنياهو: إيران حاولت قتلي بعد فشلها في استهداف ترامب
  • سمير فرج: نتنياهو و5 ملايين في الملاجئ بسبب صواريخ إيران.. وهدف إسرائيل لم يتحقق
  • هتبقى ليلة تاريخية.. لبنى عسل: إيران تجهز لأكبر وأعنف هجوم صاروخي على إسرائيل
  • عاجل| من غزة إلى طهران.. كيف مهّدت الحرب على حماس الطريق لهجوم إسرائيلي أوسع على إيران؟
  • من غزة إلى طهران.. كيف مهّدت إسرائيل لهجومها على إيران؟
  • هل خدع نتنياهو ترامب في الحرب ضد إيران؟
  • نتنياهو يطلق تهديدا جديدا لإيران: ستدفع ثمناً باهظاً للغاية
  • السوداني: ضرب إسرائيل لإيران هو استهداف للعراق
  • نتنياهو: الأسد الصاعد انطلقت بعد 6 شهور من التخطيط.. وترامب لم يمنع الهجوم على إيران