طالبة عمانية تبتكر أكياس صديقة للبيئة من المواد الطبيعية
تاريخ النشر: 17th, June 2025 GMT
تمكنت طالبة من جامعة نزوى من ابتكار أكياس صديقة للبيئة مصنعة من مواد طبيعية محلية قابلة للتحلل الحيوي قادرة على التحلل في غضون 7 أيام والتحول إلى سماد عضوي داعم للتربة دون أي تأثيرات ضارة ، ويهدف هذا الابتكار إلى الحد من التلوث البيئي، ويمنح المستهلكين الفرصة لاستخدام حلول أكثر استدامة في حياتهم اليومية.
وقالت الطالبة الغالية بنت ناصر بن علي الكلبانية مبتكرة المشروع : تتميز الأكياس المبتكرة بقدرتها على التحلل الكامل خلال سبعة أيام فقط ثم تحويلها إلى سماد عضوي، مع الحفاظ على متانة الاستخدام، كما أنها مصنوعة بالكامل من مواد طبيعية من البيئة العمانية، وقابلة لإعادة الاستخدام، وتُسهم هذه الأكياس في دعم الزراعة من خلال مكوناتها العضوية ، مشيرة بأن المشروع يستند إلى إعادة تدوير مواد طبيعية محلية كانت ستُهدر لولا هذا الابتكار .. موضحة: أن الخطوة المقبلة تتمثل في تحويل الابتكار إلى منتج عملي قابل للتسويق والتصنيع التجاري، بما يسهم في دعم الاقتصاد المحلي وتقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة.
وأضافت : أن المشروع نال عدة جوائز محلية أبرزها المركز الأول في مسابقة نادي الابتكار العلمي بجامعة نزوى، والمركز الأول في أفضل ابتكار طلابي موجه للجامعات والكليات العسكرية لعام 2024، بالإضافة إلى حصوله على المركز الأول في مسابقة "مبتكر" ضمن مهرجان عمان للابتكار لعام 2024.
وأوضحت الكلبانية إلى أن الابتكار مر بعدة مراحل علمية بدءًا من البحث والدراسة، ثم التجارب المخبرية لإختبار التركيبات الطبيعية المثلى، تلاها تقييم الخصائص الفيزيائية والكيميائية، ثم إنتاج النماذج الأولية .. مشيرة إلى أن العمل جارٍ حاليًا على تطوير المنتج تمهيدًا للإطلاق التجاري.
وأضافت: المشروع حظي بدعم أكاديمي من جامعة نزوى من خلال توفير المختبرات والإشراف العلمي والاستشارات المتخصصة، إلى جانب إتاحة الفرصة للمشاركة في الفعاليات العلمية لنشر فكرة الابتكار، ويُعد نموذجاً ملهماً لتحويل مشاريع التخرج والابتكارات الطلابية إلى منتجات قابلة للتطبيق التجاري، وذلك في ظل الدور المحوري والأساسي الذي تلعبه الحاضنات العلمية لدعم الأفكار وتحويلها إلى شركات ناشئة، مشيرة بأنه رغم هذا الدعم إلا أن المشروع واجه العديد من التحديات أبرزها محدودية الموارد المالية اللازمة لتحويل الفكرة إلى منتج تجاري، وتحديات فنية متعلقة بإنتاج تركيبة تحقق الكفاءة البيئية والعملية في آنٍ واحد ، مؤكدة أهمية الحاضنات العلمية في تحويل المشاريع الطلابية إلى شركات ناشئة، من خلال تقديم الدعم الفني والتقني والقانوني والمالي، وتسهيل الوصول إلى المستثمرين والمؤسسات المعنية .
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
«كشَّافة التكنولوجيا» ومشهد جديد في منظومات الابتكار
جمعينا نتذكر الأنشطة الكشفية التي كانت أهم مصادر التعلم بالممارسة، ولا تخلو ذكريات أيام المدرسة منها. ومع التطورات الهائلة في العلوم والمعرفة تعود الطريقة الكشفية؛ لتلهم العملية الابتكارية أيضاً، وتتموضع بين أهم الفاعلين في منظومات الابتكار. إذ يؤدي «كشّافة التكنولوجيا» دوراً رئيسياً في تقليص الفارق الزمني بين التقدم التكنولوجي، ومجالات تطبيقه، واكتساب القيمة الاقتصادية. فهل نجحت الأنشطة الكشفية في عبور نطاق تأثيرها الذي اقتصر على المرحلة المدرسية سابقاً، لتأخذ أدواراً لا تقل أهمية في نقل التكنولوجيا، وتحفيز الابتكار؟
في الواقع تُثبت لنا منظومات الابتكار باستمرار بأنها جزء أصيل من حياة الإنسان، والاقتصاد، وبذلك هي تتأثر وتستفيد من جميع التجارب الإنسانية. ففي بيئة تتزايد فيها التعقيدات التكنولوجية، وعولمة البحث، والتطوير، والابتكار، تتزايد كذلك أهمية إزالة الحدود بين مختلف المهارات، والمعارف، وتمكين الاستفادة من الخبرات العديدة والمتنوعة التي لم يظن أحد يوماً بأنها قد تحمل إسهامات قيَّمة في الابتكار. إذن دعونا نتوقف هنا عند أهم المهارات المرتبطة بالأنشطة الكشفية، والتي تسهم بشكل مباشر في دعم وتمكين منظومات الابتكار. فمنتسبو الكشافة يطورون مهاراتهم عن طريق التعلم التطبيقي الذاتي، والكشَّاف يتحدى قدراته وينميها باستمرار، وهي مهارة أساسية لجميع الفاعلين في الابتكار. وإذا تأملنا واقع التحديات التي تواجه العملية الابتكارية نجد أن الصعوبة الحقيقية تكمن في نقل التكنولوجيا من الجهات المنتجة للمعرفة، والتقنيات إلى الصناعة، والمؤسسات الإنتاجية؛ ولذلك سعت منظومات الابتكار إلى هيكلة وسطاء المعرفة لدعم النقل الفعال للتكنولوجيا، فظهرت أشكال مختلفة من مكاتب نقل التكنولوجيا، وكذلك تُطلق المؤسسات البحثية مسارات الزمالة الصناعية؛ لضمان الانتقال السلس للمعرفة بين القطاعين الأكاديمي والصناعة، ولكن الأثر الفعلي لتطبيق هذه الحلول أظهر فجوات عديدة.
ومن أجل فهم ومعالجة هذه المعضلة لا بد أولاً من الإشارة إلى النقطة الحاسمة التي أدت إلى عدم كفاءة وسطاء المعرفة التقليديين، وأسهمت بالتالي في التقليل من العوائد التقنية، والاقتصادية، والتجارية، والاجتماعية المتوقعة من نقل التكنولوجيا؛ حيث تتطلب ترجمة الابتكارات إلى منتجات أو خدمات ناجحة تجاريًا درجة متوازنة من الجاهزية المشتركة بين التكنولوجيا من جهة، والقدرة الاستيعابية للسوق من جهة أخرى. وتحديد هذه الجاهزية توجب مستويات عالية من رأس المال المهاري، والاجتماعي اللذين يمثلان محددات بالغة الأهمية لنجاح عملية نقل التكنولوجيا، مع الأخذ في الاعتبار أن دور وسطاء المعرفة يجب ألا يقتصر على تحقيق استفادة الطرف المتلقي وحسب، وإنما يتجاوز ذلك إلى الإلمام بمتطلبات جميع الجهات المستفيدة، ثم توجيه منتجي المعرفة لإعادة صناعة المعرفة المطلوبة، وهذه العملية تعرف رسمياً باسم التدفق العكسي للمعرفة. ولكن تحقيق هذه الميزة غير متاحة لدى مكاتب نقل التكنولوجيا بحكم طبيعة مهامها التي تعمل بشكل خطي في التشبيك بين القطاعات الأكاديمية والبحثية والقطاع الصناعي.
ومن هنا بدأ البحث عن المهارات المثالية لوسطاء المعرفة بعيداً عن الهياكل المؤسسية الرسمية. وإذا أسقطنا متطلبات النقل الفعال للتكنولوجيا على سياقات التجارب الحياتية المختلفة نجد أن مهارات الكشافة تتطابق مع هذه المتطلبات؛ فالهدف العملي من نقل التكنولوجيا هو التسويق للابتكارات، وإيصالها إلى الجهات المستفيدة، ثم تحليل مستوى جاهزية الطلب على هذه الابتكارات، وإيصال الفرص إلى الجهات المنتجة. وهذه الأدوار تضمن فعالية نقل التكنولوجيا من خلال اعتماد مقاييس النتائج، ومعايير المرونة والتكيف في مرحلة ما قبل إنتاج التكنولوجيا وما بعدها. وهذا أمر لافت للنظر؛ لأنه حتى في غياب وحدات نقل التكنولوجيا داخل الجامعات، والمؤسسات البحثية، والابتكارية نجحت الجهود الابتكارية في استحداث قنوات أخرى لنقل المعرفة إلى الصناعة، مثل توظيف خريجي الكليات العلمية المشاركين في المشاريع البحثية، أو إيفاد الباحثين من ذوي الخبرة العالية إلى الشركات التكنولوجية، والقطاع الصناعي.
وهنا يأتي دور كشافة التكنولوجيا الذين يمثلون شريحة المبتكرين الشباب، والذين يمكنهم تحقيق فوائد التدفق العكسي للمعرفة الناتجة عن التفاعل بين جانب العرض والطلب، وبذلك تكتسب هذه العملية دوراً معززاً لاستمرار بناء المعرفة، والتقنيات الجديدة. وقد بادرت العديد من الدول ذات التصنيف العالي في مؤشر الابتكار العالمي - مثل ألمانيا وسنغافورة - إلى إدماج كشافة التكنولوجيا ضمن الفاعلين في منظومات الابتكار، وذلك ضمن عملية أطلق عليها اسم «رادار التكنولوجيا». وتمكنت هذه الدول من تحقيق نتائج ملموسة في تعزيز الابتكارات الموجهة لحل تحديات الصناعة. ولا يُشترط أن يضم كشَّافة التكنولوجيا أفراداً قد انتسبوا فعلياً للنشاط الكشفي أثناء فترة التعليم المدرسي، وإنما القصد تأسيس جيل جديد من وسطاء المعرفة بحيث يمتلك المهارات الحياتية المعقدة للكشافة، والتي تتضمن قدرات التواصل، والاعتماد على النفس، واتخاذ القرار المناسب دون الحاجة إلى التوجيه المستمر، والتكيف مع التغييرات، والإصرار الإيجابي في مواصلة المحاولات لتحقيق الأهداف والمهام المتوقعة. وفي المجمل يتحلى كشافة التكنولوجيا بنفس سمات ومهارات الكشافة، ولكن في سياق التحديد المبكر للتقنيات، والاتجاهات التكنولوجية التي تحل التحديات القائمة في القطاع الصناعي، ثم تقدير المخاطر، وتعريف الفرص الاستراتيجية، وإمكانات الاستثمار في مخرجات الابتكارات.
تتطلب الأهمية المتزايدة لتوظيف المعرفة العلمية، والابتكارات التكنولوجية في الإنتاج والاقتصاد استحداث أدوات جديدة لبناء علاقات أوثق بين الأوساط الأكاديمية، والصناعة. وتأتي الاستعانة بكشَّافة التكنولوجيا في مقدمة هذه الأدوات التي تمنح أدواراً مركزية للمبتكرين الناشئين الذين يمتلكون مهارات الكشافة، بالإضافة إلى تفوقهم العلمي والتقني، وهذا بحد ذاته يمنح المرونة للجهات المنتجة للتقنيات في استقطاب هؤلاء الكشَّافة، والاستفادة من مهارات كامنة، ولكن في ذات الوقت مصيرية لإنجاح عملية نقل التكنولوجيا، وتتطلب الاستعانة بكشافة التكنولوجيا إتاحة مجموعة من الحوافز؛ مثل المشاركة في مشروعات تطويرية، أو تقاسم المنافع من المخرجات الابتكارية. كما أن وجود كشافة التكنولوجيا في المشهد الابتكاري سوف يسهم في تأصيل مهارات العمل الكشفي ضمن أدوار الفاعلين في منظومات الابتكار، والتجسير بين منتسبي الأنشطة الكشفية في المراحل التعليمية المبكرة، وبين اختيار التخصصات العلمية والهندسية في المستقبل، وخلق توقعات واقعية لأدوار غير تقليدية في نقل المعرفة، وريادة الأعمال العلمية والتكنولوجية.
د. جميلة الهنائية باحثة في سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار.