يمانيون | تحليل
في تطور غير مسبوق منذ قيام كيان الاحتلال، تتسارع المؤشرات التي تعكس انهيار البنية النفسية والاجتماعية لهذا الكيان، بالتوازي مع تآكل قدراته الأمنية والسيادية.. فمنذ اللحظة الأولى التي بدأ فيها العدوان على إيران، لم يكن إغلاق مطار “بن غوريون” مجرّد إجراء وقائي كما حاولت حكومة العدو تصويره، بل كان بمثابة اعتراف مبكر بأن ما هو قادم يتجاوز قدرة الكيان على الصمود.

وقد شكّلت هذه الخطوة بداية سلسلة من الأحداث الكاشفة، التي بدأت بانسحاب طائرات من الأجواء إلى خارج فلسطين المحتلة، ثم سرعان ما تطورت إلى ما يشبه حالة “طوارئ مفتوحة”، انعكست على الشارع الصهيوني بهلع غير مسبوق.

هذا الهلع لم يبقَ حبيس القنوات الرسمية أو الجبهات العسكرية، بل تدحرج ككرة ثلج إلى قلب المجتمع الاستيطاني، وتجلّى بشكل صريح في ظاهرة الفرار الجماعي عبر البحر.. وهذا السلوك، الذي رصدته صحيفة “هآرتس”، لا يمكن قراءته كتحرك فردي أو فوضوي، بل كمؤشر حاسم على سقوط منظومة الردع الداخلية التي طالما تغنّى بها العدو، وعلى رأسها “الغرف المحصّنة”.

 الهروب يتحوّل من السماء إلى البحر
لم تمر خمسة أيام على الرد الإيراني حتى بدأت تتهاوى الثقة بـ”القبة الحديدية” و”التحصينات”، بعدما ظهرت مشاهد صادمة لانهيار مبانٍ بالكامل فوق رؤوس من احتموا بها، لتتبدّد بذلك “أسطورة الأمان الداخلي” التي رُوّج لها طيلة العقود الماضية.

وبالتوازي مع انسداد أفق المغادرة الجوية بسبب قرار إغلاق المطارات، اختار كثير من المستوطنين، من طبقات ميسورة ومرتبكة نفسيًا، التوجه إلى البحر كمنفذ أخير للفرار من دائرة الاستهداف.. ومن موانئ “هرتسيليا”، و”حيفا”، و”عسقلان”، انطلقت يخوت صغيرة محمّلة بالمغتصبين إلى قبرص، رغم كلفة باهظة وصلت إلى عشرة آلاف دولار للفرد الواحد.

وهذا الانتقال من “الغرفة المحصّنة” إلى “قارب النجاة” لا يعكس فقط تحولًا في التكتيك، بل انكسارًا تامًا في الوعي الصهيوني الذي اعتقد طويلاً أنه بمنأى عن معادلات الردع المباشر.

حظر السفر يُحوّل المواطنين إلى رهائن
وفي ظل هذا المشهد المتفجّر، دخلت حكومة الاحتلال على الخط بطريقة تعكس مزيدًا من التخبط، حيث أعلنت وزيرة النقل قرارًا بحظر مغادرة حاملي الجنسية “الإسرائيلية”، ما كشف عن فشل مركّب في احتواء الانهيار الداخلي، ودفع وسائل إعلام عبرية لانتقاد القرار بوصفه “احتجازًا جماعيًا لشعب فقد الثقة بقيادته”.

هذه الخطوة، التي هدفت لمنع “نزيف الهروب”، شكّلت في الواقع اعترافًا رسميًا بأن المستوطن لم يعد يؤمن بـ”دولة الحماية”، بل بات يتعامل معها ككيان فقد القدرة على احتواء مواطنيه، أو حتى تأمين الحدود التي وعدهم بها كحلٍ تاريخي لمآسي الشتات.

الإعلام المرتبك… مرآة للانهيار المؤسسي
وبينما تهرّب الحكومة من الإجابة عن أسئلة الفشل، بدا الإعلام العبري عاجزًا عن هندسة رواية يمكنها ترميم المعنويات المنهارة.. فالرواية الرسمية حول “استيعاب الضربة الإيرانية” لم تصمد أمام مشاهد القصف المتكرر والانفجارات الموثّقة في تل أبيب والنقب، وتحوّل الإعلام إلى ساحة من التناقضات والانتقادات المتبادلة، تعكس حجم التآكل في وعي الدولة العميقة.

هذا التخبّط لم ينعكس فقط في الشاشات، بل في تصريحات قيادات الاحتياط، الذين بدؤوا يتحدثون علنًا عن فقدان الثقة بالقيادة السياسية والعسكرية، محذّرين من أن الانفجار الداخلي أصبح مسألة وقت، في حال استمر التصعيد الخارجي وتراجعت فرص الهروب.

مرحلة “الهروب الكبير” بدأت.. والكيان على حافة التفكك
كل ما جرى خلال الأسبوع الأخير من إغلاق مطارات، ومنع سفر، وهروب بحري، وفقدان الثقة بالجيش، وانهيار مؤسسات الدولة، لا يعبّر عن مجرد “أزمة طارئة”، بل عن دخول كيان الاحتلال في مرحلة الهروب الكبير التي لطالما حذّر منها المنظّرون الصهاينة أنفسهم منذ عقود، حين قال أحدهم: “نحن لا نسقط في الحرب، نحن نسقط حين نبدأ بالفرار”.

وقد بدأ هذا الفرار فعلًا، لا فقط من المواجهة، بل من الفكرة ذاتها..فكرة “الوطن القومي الآمن”، التي لم تعد تقنع أحدًا حتى من أبنائها، في ظل عالم يتغيّر، ومحور مقاومة يثبت كل يوم أنه ليس فقط قادرًا على الرد، بل على كسر غرور الاحتلال وسحق منظومته من الداخل إلى العمق.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

السكان يتزاحمون للفرار من طهران بسبب الضربات الإسرائيلية

فر عدد كبير من سكان طهران من العاصمة الإيرانية التي تعرضت إلى ضربات إسرائيلية، ما تسبب في اختناقات مرورية على الطريق الرئيسي المؤدي إلى الشمال، بحسب صور نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الاثنين.
وأظهرت صور التقطت من على جسر فوق طريق سريع، صفًا طويلًا من السيارات المنتظرة على الطريق السريع عند المخرج الشمالي لطهران، مع غياب شبه تام لأي مركبة في الاتجاه المعاكس.
أخبار متعلقة استمرار تبادل الأسرى.. موسكو تسلم كييف جثامين 1245 أوكرانيًاجوتيريش يدين الهجوم الإسرائيلي على مبنى التليفزيون الإيرانيوأُغلق المجال الجوي حتى إشعار آخر، ما جعل الطريق البري السبيل الوحيد للخروج من العاصمة التي تعرضت لقصف مكثف.
ودعت إسرائيل سكان طهران إلى الابتعاد عن جميع المنشآت العسكرية، لكن قوات الأمن منتشرة في كل مكان في المدينة، حتى في المناطق السكنية.زحام طريق طهران شالوسويتركز الازدحام المروري على الطريق السريع الذي يربط طهران بمدينة شالوس الواقعة على بحر قزوين، بحسب مقاطع فيديو نشرتها قناة إيران إنترناشيونال، وهي محطة تليفزيونية ناطقة بالفارسية مقرها في الخارج، وصور نشرها مدونون ايرانيون معروفون.
تقع شالوس في محافظة مازندران على بعد 150 كيلومترًا شمال العاصمة، وحتى في الأوقات العادية، يستغرق الوصول إليها 3 ساعات بالسيارة عبر الجبال، وهي مدينة تستقطب سكان طهران بفضل مناخها المعتدل.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } سكان يحاولون الفرار من طهران واختناقات مرورية - أ ف ب
كما نُشرت مقاطع فيديو على الانترنت تُظهر صفوفًا طويلة تنتظر أمام محطات الوقود.تبادل الهجمات الصاروخيةوباشرت إسرائيل حليفة الولايات المتحدة الجمعة حملة من الضربات الجوية على نطاق غير مسبوق ضد إيران استهدفت فيها مواقع عسكرية ونووية، وغايتها المعلنة منع البلاد من امتلاك قنبلة ذرية.
وفي إيران، قالت السلطات إن الضربات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 224 شخصًا بينهم قادة عسكريون كبار وعلماء نوويون ومدنيون.
وردت إيران بإطلاق دفعات من الصواريخ على إسرائيل أدت منذ الجمعة إلى مقتل 24 شخصًا، وفق بيانات رسمية.

مقالات مشابهة

  • ‏SPIDER-MAN : BRAND NEW DAY يدخل مرحلة ما قبل الإنتاج في المملكة المتحدة
  • السكان يتزاحمون للفرار من طهران بسبب الضربات الإسرائيلية
  • معهد ستوكهولم يحذّر: العالم يدخل مرحلة جديدة من سباق التسلح النووي
  • الصواريخ الإيرانية تواصل دك قلب الكيان الإسرائيلي
  • انهيار الدبلوماسية يدفع إيران الى القنبلة النووية
  • الصواريخ الإيرانية تدمر ملجأ صممه الاحتلال لحماية المستوطنين 
  • الحرس الثوري : عملياتنا ضد الكيان الصهيوني ستستمر حتى زواله
  • «كأن الله ينتقم لأهل غزة».. مصطفى بكري: المدن الإسرائيلية تحترق والرعب يدفع الآلاف نحو الهروب
  • عدوان الاحتلال يدخل يومه الـ140 على مدينة طولكرم ومخيميها