في كل مهنة، كما في كل مباراة، هناك من يملك كل الأدوات، لكنه يقف في منتصف الساحة بلا حيلة.. يمتلك الكاميرا لكنه لا يرى، يملك القلم لكنه لا يكتب، يرفع صوته لكنه لا يُسمَع.. وهناك آخرون، لا يملكون إلا نفَسًا شريفًا، وموهبةً تقاوم قسوة الطريق، ومع ذلك يصنعون الفرق، لأن الفارق لم يكن يومًا في "الشغلانة"، بل في الروح التي تسكن صاحبها.

مؤمن الجندي يكتب: حسين أبو كف مؤمن الجندي يكتب: عبور المستحيل

كم من لاعب دخل الملعب مرتديًا أفخر الحذاء، محاطًا بأفضل الأجهزة، تُغطيه عدسات العالم، وتُذيع صوره شاشات ضخمة، لكنه يضل الطريق عند أول لمسة.. وكم من هاوٍ في ساحة ترابية، صنع من الطين مرمى، ومن الحلم خطة لعب، وأقنعك أنه يولد من جديد كلما لمس الكرة.

الفارق ليس في الضوء، بل في ما إذا كنتَ قادرًا على إشعاله من داخلك، أو إن كنتَ تحتاج كل الوقت لمن يُشعله لك.

في كأس العالم للأندية، حيث تلتقي نخبة الأندية من كل القارات، وتُعرض المواهب أمام أعين الكرة الأرضية، ظهر لاعب النادي الأهلي محمد مجدي "أفشة"، لا كما تمنينا، بل كما لم نتوقع.

صورة واحدة كانت كافية لتسرق كل الأضواء.. صورة لا تحكي عن هدف، ولا تمريرة سحرية، بل عن لحظة غريبة في مباراة بالميراس البرازيلي، لاعب يقف في موقف تسلل فاضح، أمتارًا أمام الخط، رافعًا يده بطلب الكرة بكل ثقة، وكأنه لم يقرأ يومًا في قانون اللعبة، أو كأن التسلل اختُرع بعد لحظات من تلك اللقطة.

كأنك تنظر إلى طفل صغير في أول مباراة له، لا إلى لاعب يحمل أرقامًا وإنجازات وأحلام جماهير بحجم قارة.

الصورة انتشرت لا لأنها مضحكة، بل لأنها مؤلمة..
تكشف كيف يمكن للحظة أن تفضح تأخر الموهبة، أو غياب التركيز، أو ربما الغرور الذي يُغلق النوافذ على التعلم.. نعم فأفشة موهوب لكنه لم يطور هذه الموهبة مع الأسف.


أفشة -الذي أحبه بالمناسبة- ليس وحده.. هو مجرد عنوان لحالة أكبر في كل مجال: حين تصعد إلى القمة دون أن تتقن الطريق، حين تصل إلى الميكروفون ولا تعرف ماذا تقول، حين يُفتح لك باب البطولة، فتضيع في تفاصيل المشهد، لأنك لم تُجهز ذاتك بما يكفي.

نعم، قد توصلك العلاقات، والفرص، والظروف، لكن وحدها الموهبة، إذا نضجت، تبقيك في المقدمة.. ووحده الإخلاص للّحظة، والوعي بالموقف، واحترام تفاصيل المهنة، يصنع منك محترفًا، لا صورةً في ترندٍ عابر.

في النهاية، المشكلة ليست أن تُخطئ، فكلنا نخطئ.. لكن أن تبدو كأنك لا تنتمي إلى المكان، أن تقف متسللًا لا في الملعب فقط، بل في الوعي والانتباه والمستوى.

فيا كل من امتلك الأدوات.. تعلّم قبل أن تتكلم، تمرّن قبل أن تتصدر، وتواضع قبل أن تُكشَف صورتك لا كما أردت، بل كما صنعتها يدك في غفلة عن الموهبة.

فأحيانًا، لقطة واحدة، كفيلة بأن تُختزل فيها سيرة كاملة.

للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الأهلي وبالميراس صورة أفشة كاس العالم للاندية مؤمن الجندی

إقرأ أيضاً:

الكرة المصرية تواصل الانهيار بعد فضيحة مباراة الأردن

واصلت الكرة المصرية مسلسل الانهيار بعد سلسلة من النتائج السلبية والكارثية على مدار سنوات متتالية ومن كارثة إلى أخرى في ظل انهيار تام وتراجع شديد يضرب المنظومة الكروية المصرية ويلقي بظلاله على نتائج المنتخبات.

المنتخب ودع كأس العرب وسط خيبة أمل نتيجة العروض الباهتة والخروج من الدور الأول دون أي انتصار عقب الهزيمة بثلاثية أمام الأردن، والتعادل مع الكويت والإمارات.

ثلاثية الأردن لم تكن مجرد نتائج مخيبة، بل كانت فضيحة كروية مكتملة، كشفت ما هو أبعد من مستوى لاعبين أو أداء جهاز فني، لتصل إلى عمق منظومة تنهار يومًا بعد يوم بينما ويتمسك فيها المسؤولون على التعامل معها دون تفكير او نضج.

ولن يكن سقوط منتخب كأس العرب الأخير في ظل عشوائية تضرب اختيارات الكرة المصرية وتسيطر على المشهد من بطولة لأخرى، كما أن المشاركات الأخيرة للمنتخبات المصرية الأزمات المستمرة داخل منظومة الكرة تحت قيادة هاني أبوريدة.

وفشلت جميع المنتخبات من الفئات العمرية المختلفة، من الناشئين إلى الكبار، في تحقيق أي نتائج تذكر، وغادرت البطولات بأداء ضعيف يكشف غياب التخطيط والإعداد السليم.

في مونديال الناشئين تحت 17 عامًا، توقف منتخب أحمد الكاس عند دور الـ32 بعد هزيمة 3‑1 أمام سويسرا، بعد أداء متذبذب في دور المجموعات شمل تعادلًا مع فنزويلا، وهزيمة أمام إنجلترا، وفوزًا على هايتي.

أما منتخب الشباب تحت 20 عامًا بقيادة أسامة نبيه، فخرج من بطولة تشيلي في دور المجموعات، وسط مشاهد فنية وإدارية مخيبة للآمال.

وخسر منتخب وائل رياض خسر فرصة التأهل لكأس أمم إفريقيا للمحليين بعد الخسارة 3‑1 أمام جنوب إفريقيا، عقب التعادل 1‑1 في القاهرة،  في امتداد لفشل إداري وفني شامل يضرب كل المنتخبات دون استثناء.

وفجرت تصريحات حلمي طولان المدير الفني للمنتخب الثاني  عاصفة داخل اتحاد الكرة  قائلاً: "لم يتم إيقاف الدوري المصري بسبب نادي بيراميدز والكل يعلم مستوى لاعبي بيراميدز، حضرنا إلى البطولة من دون 7 لاعبين أساسيين واضطررت لضم لاعبين جدد، هذه مسؤولية من؟".

وأضاف: "15 منتخبا في كأس العرب تم إيقاف الدوري في بلادهم من أجل المشاركة في البطولة، أنا أتحمل المسؤولية كاملة ولا أتنصل من المسؤولية، بعض المسؤولين يروا أن كأس العرب بطولة ودية وليست رسمية، وهذا أثر في التعامل مع منتخب مصر المشارك في البطولة".

وواصل: "الأردن سجل 3 أهداف من 3 فرص، ونحن أهدرنا 7 فرص ولم نسجل وهذه هي كرة القدم، اللاعبون قدموا كل ما لديهم في حدود الإمكانيات، أشكر شخصين فقط ساندوا هذا المنتخب ودعموه، هاني أبو ريدة رئيس اتحاد الكرة، والإعلامي مدحت شلبي".

وشدد "هذا المنتخب ولد يتيما بفعل فاعل، لا أبحث عن الحجج والأعذار، ولكن ما أقوله حقيقة، منتخب مصر المشارك في البطولة العربية لم يجد من يدعمه بحق، وقبل أن نأتي قالوا إن المباريات ودية وليست رسمية".

وأردف: "الدوري المصري لم يتوقف لأن كأس العرب اعتبروها بطولة ودية وأن الدوري أهم من المنتخب وهذا قيل من أحد المسؤولين، هناك بعض الأمور من الضروري أن تحسم في كرة القدم المصرية، المسؤول عن الإهانة التي تعرض لها منتخب مصر في كأس العرب هو شخص واحد فقط والكل يعرفه، وهو الذي في يده قرار إيقاف الدوري أم عدم إيقافه، لكنه رفض إيقاف الدوري وضحى بسمعة منتخب مصر وسمعة الكرة المصرية".

واختتم طولان: "كُلفت بهذه المهمة في ظروف صعبة جدا ولا يقبل أي شخص أن يتولى هذه المسؤولية في 3 شهور فقط لتكوين وإعداد المنتخب والمشاركة في كأس العرب، ولذلك قبلت بهذه المهمة بعدما كُلفت بها بدون مقابل".

هذه التصريحات فضحت الخلافات بين اتحاد الكرة ورابطة الأندية والخلافات الداخلية التي تسيطر على العلاقات بين هاني أبو ريدة رئيس الاتحاد وأحمد دياب رئيس الرابطة.

وعلمت "الوفد" أن اتحاد الكرة سوف يصدر قرارًا بإقالة الجهاز الفني للمنتخب بقيادة حلمي طولان ليكون كبش فداء لوداع البطولة  على الرغم من ان المنظومة بالكامل تشترك في هذا الأمر لانها لا تملك رؤية أو طريقًا أو مشروعًا.

وما يزيد من العبث في المنتخب الثاني وعدم رد فعل من اتحاد الكرة هو ملف  “اللاعبين الرافضين للانضمام”، وهذا الأمر الذي كشفه مسؤولون داخل المنتخب علنًا دون تفاصيل، قبل أن يتضح تدريجيًا أن عددًا من اللاعبين اعتذروا أو تهربوا من الانضمام، وبعضهم رفض بشكل مباشر، وفي مقدمتهم أحمد حجازي وعبد الله السعيد، إضافة إلى أسماء أخرى، وهذا مؤشر على انهيار الرابط بين اللاعب وقميص المنتخب، في وقت لم يعد اللاعب يرى في المنتخب قيمة تساوي ما يراه في التزاماته مع الأندية، أو حتى في حساباته الشخصية.

ومن جانبه، قال الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، إن خروج منتخب مصر المبكر من كأس العرب جاء نتيجة نقص التركيز.

وأوضح أن أداء المنتخب غير مقبول، مطالبًا اتحاد الكرة بالتحرك وشرح أسباب التراجع، مع التأكيد على أهمية وجود منتخب بديل جاهز دائمًا للمنافسات، وتجنب المهاترات في هذا التوقيت الحرج.

مقالات مشابهة

  • مهارة مدرب المغرب بترويض الكرة بطريقة فنية في مباراة سوريا تثير تفاعلا
  • اتحاد الكرة يعلن موعد ولينك سحب تذاكر مونديال 2026
  • ميسي يكتب صفحة جديدة في MLS.. أول لاعب يتوج بالأفضل لعامين متتاليين
  • نجوم الكرة يقدمون واجب العزاء في والدة وائل القباني.. صور
  • ميسي يكتب صفحة جديدة في التاريخ.. الأرجنتيني يحصد جائزة أفضل لاعب بالدوري الأمريكي للمرة الثانية تواليًا
  • اتحاد الكرة يعلن موعد مواجهة الأهلي والمصرية للاتصالات في كأس مصر
  • الكرة المصرية تواصل الانهيار بعد فضيحة مباراة الأردن
  • اتحاد الكرة يخطر بيراميدز بموعد مباراة مسار في كأس مصر
  • بركات: بعض لاعبي الكرة المصرية مستمرون حتى الآن بماضيهم فقط دون إضافات تذكر
  • شريف سليمان يكتب: الكرة المصرية في سكرات الموت