الثانوية العامة واحدة من أكثر المراحل التعليمية ضغطاً نفسياً وعاطفياً على الطلاب وأسرهم. لقد خرجت هذه المرحلة الدراسية من معناها الطبيعي كجسر للعبور إلى المستقبل، لتتحول إلى معركة مصير، وكأنها الحكم النهائي على قيمة الإنسان وفرصه في الحياة.

في هذا السياق المضطرب، يُقاس النجاح بعدد الدرجات، لا بالمهارات أو الميول.

وتُختزل أحلام الطالب في مسار واحد، غالباً ما يفرضه المجتمع، وتُعلّق عليه آمال الأهل، ليصبح الطالب أداة لتحقيق طموحات لم يخترها، وأحلام لم تكن له.

يُزرع في أذهان الطلاب أن مستقبله مرهون بكلية بعينها، وأن الفشل في دخول "كليات القمة" هو بمثابة نهاية الطريق. وعندما يحدث الإخفاق – وهو أمر وارد وطبيعي – يبدأ التصدع النفسي، ويتسلل الحزن، ويُصاب بالإحباط، وقد تتشكل أزمات نفسية تلازمه لسنوات، لا لشيء سوى أنه لم يحقق ما رسمه له الآخرون، لا ما أراده هو.

الطالب يحلم – هذا طبيعي – يتطلع إلى أن يكون طبيباً أو مهندساً أو إعلامياً، لكنه كثيرًا ما يصطدم بصخرة التنسيق، فتتبعثر الأحلام، ويبدأ شعور بالخذلان الداخلي. تداهمه الأسئلة: ماذا لو لم أصل؟ ماذا لو خذلت ثقتهم؟ وتتحول لحظة النتيجة إلى لحظة حزن، وكأن العالم انتهى. لكن الحقيقة أن الحلم لم يمت، بل تغير شكله.

إن النجاح ليس محصوراً في كلية بعينها. فكم من طالب لم يدخل كلية "القمة"، لكنه صنع لنفسه قمة حقيقية، أقرب إلى ذاته، وأكثر توافقًا مع قدراته وشغفه. وكم من خريجي الكليات العليا يعيشون في دوائر الملل، بلا شغف، ولا تميز، لأنهم دخلوا تخصصًا لم يكن خيارهم.

المطلوب هنا هو إعادة تعريف مفهوم النجاح، لا سيما في نظر الأسرة، وعلى الأهل أن يدركوا أن دعم الأبناء لا يكون فقط بالتحفيز نحو كليات معينة، بل في الوقوف إلى جانبهم حين تتغير المسارات، وفي احتضانهم حين يتعرضون للخذلان، وفي الإيمان بهم حتى لو ساروا في طريق غير تقليدي.

الحياة لا تبدأ بنتيجة الثانوية، ولا تنتهي عندها. إنها مجرد محطة من محطات كثيرة. وأحيانًا، يكون الطريق الذي لم نختره أولًا، هو الذي يقودنا إلى ما نريد لاحقاً، لو سرناه بإرادتنا وبقلب ممتلئ بالإصرار.

دعونا نعيد لأبنائنا حقهم في الحلم. لا أن نجبرهم على طريق واحد، بل بفتح نوافذ متعددة أمامهم. فالمستقبل ليس اختباراً من ورقة واحدة، بل رحلة مليئة بالاختيارات، وكل اختيار قد يكون بداية جديدة لقمة حقيقية، لا وهمية.

فالطريق إلى القمة ليس دائماً من بوابة الثانوية العامة، وعلى المجتمع أن يكفّ عن صناعة الوهم. لا توجد كلية اسمها "القمة"، بل هناك طالب قادر على صنع القمة حيثما وُجد.

طباعة شارك الثانوية العامة امتحانات الثانوية العامة امتحانات الثانوية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الثانوية العامة امتحانات الثانوية العامة امتحانات الثانوية الثانویة العامة

إقرأ أيضاً:

"يونيفيل": هجمات "إسرائيل" على لبنان انتهاك لقرار مجلس الأمن

بيروت - صفا

قال قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل"، الجنرال ديوداتو أباغنارا، إن الهجمات التي تشنها "إسرائيل" على لبنان تشكل "انتهاكاً دائماً وفاضحاً" لقرار مجلس الأمن 1701.

وأضاف أباغنارا في تصريحات صحفية، اليوم الأحد "أن الهجمات الجوية اليومية التي تشنها إسرائيل في الساحة اللبنانية تمثل خرقاً ثابتاً لاتفاق وقف إطلاق النار".

كما انتقد أباغنارا تمركز مواقع عسكرية إسرائيلية ثابتة بمحاذاة الخط الأزرق، واعتبرها "انتهاكا دائماً وفاضحاً" لقرار الأمم المتحدة، مؤكداً أن قواته ملزمة "بتوثيق هذه الانتهاكات ورفع التقارير بشأنها".

مقالات مشابهة

  • تعليم غزة: تأجيل عقد امتحان الثانوية العامة
  • التربية تعلن تأجيل امتحان الثانوية العامة لطلبة قطاع غزة
  • التعليم تعلن تأجيل امتحان الثانوية العامة في غزة بشكل كامل
  • خطوات تنفيذ تعليمات الرئيس بمكافحة الغش في امتحانات الثانوية العامة| خبير تربوي يكشفها
  • ثقافة «نحن» في زمن «أنا»
  • "يونيفيل": هجمات "إسرائيل" على لبنان انتهاك لقرار مجلس الأمن
  • طريق النجاح المالى
  • حسام حسن يدعم محمد صلاح: دائما رمز للإصرار والقوة
  • النواب يضعون ملف النجاح بالرخصة على طاولة وزير الداخلية
  • عبد العاطي: مصر لا يمكن أن تسمح أن يكون معبر رفح بوابة لتهجير الفلسطينيين