قرأت بكل سرور وتقدير القرار الوزاري الصادر في العام الماضي من وزارة الشئون البلدية والقروية والإسكان بتاريخ 8/8/1445هـ المتعلق باعتماد الدليل الفني لإنشاء وترميم المقابر والذي يهدف إلى الارتقاء بالخدمات المقدمة في المقابر عن طريق تحديد وتوضيح جميع الخطوات والإجراءات المطلوبة لإنشاء وترميم المقابر وفق اشتراطات ومتطلبات كود البناء السعودي والمعايير الفنية والمواصفات المعتمدة، وهو في رأيي الشخصي قرار صائب وينظم وضع المقابر بشكل احترافي وراقِ تُشكر عليه الوزارة وعلى حرصها واهتمامها بحرمة الموتى وسلامة الأهالي عند الزيارات وتسهيل إجراءات الدفن لموتاهم، ولكن المشكلة يا معالي الأمين تكمن في عدة نقاط أهمها:
مساحة المقابر المحدودة التي لم تتغير منذ سنوات وعدم وجود خُطَطْ توسعة لها مع تزايد أعداد سكان الأحياء وأعداد الموتى والضغط الذي صاحب مشاريع إزالة الأحياء العشوائية على الأحياء المُنظمة وعدم توفر قبور جاهزة للدفن في بعض المقابر بسبب امتلاء القبور وتحويل بعض سكان الأحياء لمقابر بعيدة عن مساكنهم لدفن موتاهم ممَّا يُصعِّبُ عليهم لاحقاً زيارة قبور موتاهم والدعاء لهم بصفة دورية،
وكذلك المتطوعين بالدعاء للموتى، كما أمر بها المصطفى عليه الصلاة في قوله ” كنتُ نهيتُكم عن زيارَةِ القبورِ ألا فزورُوها، فإِنَّها تُرِقُّ القلْبَ، و تُدْمِعُ العينَ، وتُذَكِّرُ الآخرةَ، ولا تقولوا هُجْرًا” (الألباني-صحيح الجامع)، ناهيك عن عدم توفر مواقف سيارات كافية في بعض المقابر والتزاحم الذي يُصاحب حالات الدفن من أهالي الأموات وأقاربهم حول المقابر.
إن الفرصة الذهبية المتوفرة الآن يا معالي الأمين بعد مشروع إزالة بعض الأحياء والأراضي البيضاء المحيطة بالمقابر كمقبرة الفيصلية ومقبرة أمَّنا حواء ومقبرة الأسد والتي أصبح عليها ضغط كبير بسبب طلبات الدفن وغيرها من مقابر مدينة جدة، فرصة نادرة للتفكير جدياً في استغلال جزء من هذه الأراضي في توسعة وتطوير المقابر في الأحياء وزيادة السعة الاستيعابية لها والمساحات الخضراء فيها وتوسعة الممرات التي أصبحت ضيقة عند مرور الجنائز،
مع وضع شاشات في المداخل للاستفسار عن بيانات القبور وأصحابها وسهولة الاستدلال عليها عند الحاجة، مع توفير مواقف سيارات كافية لمرتادي المقابر، والتخطيط لإنشاء مقابر جديدة في بعض الأحياء التي لا تتوفر بها مقابر لتخفيف الضغط على المقابر الأخرى، أسوة بأمانة منطقة الرياض التي بدأت في عام 2023م تنفيذ برامج لتطوير المقابر وإنشاء مقابر جديدة تشمل ترقيم القبور والبحث الإلكتروني لمواقع القبور ووسائل نقل خاصة لكبار السن وذوي الإعاقة ومظلات مجهزة للمشيعين أثناء الدفن وشاشات إلكترونية توضح أسماء الموتى للمشيعين أثناء الدفن وتنظيم وتوسعة الممرات ومواقف للسيارات وزيادة المساحات الخضراء وتحديث أسطول ومركبات إكرام الموتى وتوفير وسائل حديثة لتخفيف حرارة الطقس.
إن التلاحم الأسري والمجتمعي والحرص على تشييع الجنائز رغبة في كسب الأجر والثواب وجبراً ومواساةً لأهالي الموتى وتعزيةً لهم، الذي نحظى به في هذه البلد الطاهرة وهذا المجتمع الطيب، هو من أهم ما يُميِّزنا كمسلمين في المثل الذي ضربه لنا المصطفى عليه الصلاة والسلام في حديث “مثل المُؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمَثل الجَسَدْ، إذا اشتكى مِنهُ عُضو تَداعى لهُ سَائر الجَسَد بالسَّهرِ والحُمَّى”،
بل وحثَّ أيضاً عليه أفضل الصلاة والسلام على صلاة الجنائز وتشييعها في الحديث الذي قال فيه “من اتبع جنازة مُسلم إيمانًا واحتسابًا، وكان مَعَهُ حَتى يُصلى عَليها، ويَفرغ مِن دَفنها، فإنه يرجع مِن الأجر بقيراطين، كُل قيراط مِثل أحُد، ومن صَلَّى عَليها، ثمَّ رجَعَ قبل أن تُدفَن، فإنه يَرجعُ بقيراط” (رواه البخاري)، ومعنى “قيراط مثل أحُد” أي قدر جبل من الأجر مثل جبل أحُد وهو فضل كبير وخير عظيم يحرص عليه كثيراً من الناس، فما بالكم يا معالي الأمين كيف سيستفيد الكثير من المسلمين من هذا الأجر العظيم بعد توسعة وترميم وتنظيم مقابر جدة التي هي في أمس الحاجة الآن لاستغلال الأراضي البيضاء المحيطة بها ويكون معاليكم سبباً في تنفيذ هذا المشروع الخالص لوجه الله الكريم.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: معالی الأمین
إقرأ أيضاً:
شلل في تل أبيب.. الحريديم ضد التجنيد وعائلات الأسرى ترفض توسعة الحرب
تشهد إسرائيل في هذه الأثناء شللاً في عدد من الشوارع والمفترقات الرئيسية، نتيجة اندلاع مظاهرات متزامنة لكن متباينة في أهدافها، تعكس حجم التوتر الداخلي والانقسام المتزايد حول الحرب على غزة والخدمة العسكرية.
الحريديم: لا للتجنيد الإجباريفي مناطق متفرقة، خرج المئات من أبناء الطائفة الحريدية (اليهود المتدينين المتشددين) في مظاهرات صاخبة رفضًا لقرارات قضائية وعسكرية تطالب بفرض التجنيد الإجباري على طلاب المدارس الدينية، حيث يرى الحريديم أن الدراسة الدينية تعادل الخدمة الوطنية، وأن اعتقال المتهربين من التجنيد يمثل اضطهادًا دينيًا.
المحتجون سدوا الطرق وأحرقوا الإطارات، وسط اشتباكات متفرقة مع الشرطة، في مشهد يتكرر كثيرًا داخل المجتمع الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، خاصة مع تصاعد الجدل حول المساواة في "تحمّل أعباء الدولة".
عائلات المختطفين: توسعة الحرب تهدد حياة أبنائنافي مفترقات أخرى، نظمت مظاهرات منفصلة لعائلات الإسرائيليين الأسرى في غزة، الذين يطالبون الحكومة بوقف العدوان علي غزة والحرب علي القطاع فورا، ورفض قرار الاحتلال الكامل للقطاع، معتبرين أن أي توسع عسكري يعني المزيد من المخاطرة بحياة أبنائهم.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بـ"العودة إلى طاولة المفاوضات"، و"وقف المغامرات العسكرية"، في إشارة مباشرة إلى سياسات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، التي يرون أنها تتجاهل مصير المختطفين لصالح حسابات سياسية وشخصية.
الداخل الإسرائيلي يغليالمفارقة في المشهد أن كلا الحراكين – الحريديم وعائلات المختطفين – يعبّران عن رفض من داخل المجتمع الإسرائيلي لسياسات حكومة نتنياهو، سواء في ملف التجنيد أو إدارة الحرب.
وتؤشر هذه التحركات إلى تصاعد الغضب الشعبي والانقسام الداخلي، في وقت تدفع فيه إسرائيل نحو تصعيد عسكري غير مسبوق في غزة، وسط ضغوط دولية متزايدة لوقف القتال.
ومن المتوقع أن الوضع مرشح لمزيد من التوتر خلال الساعات المقبلة، خاصة مع تهديد الحريديم بتصعيد احتجاجاتهم، واستعداد عائلات المختطفين لتنظيم اعتصام مفتوح أمام مقر الحكومة في القدس.