27 يونيو، 2025

بغداد/المسلة:

شرعت حكومة إقليم كوردستان فعلياً بخطوة طال ترقبها، حين أعلنت نيتها توزيع الرواتب بالاعتماد على الإيرادات المحلية مع استقطاع يصل إلى 30%، متجاوزة بذلك الانتظار المرهق لوصول مستحقات من بغداد لم تعد في الحسبان، و هذا يعني المزيد من الاستقلال المالي والسياسي عن بغداد.

وأوضحت مصادر قريبة من مجلس وزراء الإقليم أن الجلسة المرتقبة ستكرّس لمناقشة تفصيلية لموضوع الرواتب، حيث من المقرر أن يقدم رئيس الحكومة مسرور بارزاني رؤيته الجديدة التي تقوم على قاعدة “الاستغناء الاضطراري” عن التمويل الاتحادي.

ويؤدي قرار الاعتماد على الإيرادات المحلية إلى تعزيز فكرة الانفكاك الاقتصادي التي تشكل قاعدة ضرورية لأي مشروع استقلال سياسي مستقبلي.

ويسهم هذا التوجه في ترسيخ مبدأ الإدارة الذاتية المالية، مما يعزز أدوات الحوكمة الداخلية ويقلل الحاجة إلى التنسيق مع بغداد في ملفات حساسة.

ويفرض الواقع الجديد على الإقليم تطوير مؤسساته المالية والضريبية لبلوغ درجة من الاكتفاء النسبي، وهو أمر طالما سعت إليه القيادات الكردية.

وتفتح هذه الأزمة نافذة لإعادة رسم العلاقة مع الحكومة الاتحادية بما يتجاوز الرواتب، نحو نقاش أوسع عن الحقوق الدستورية والإيرادات السيادية. و

يعني استمرار هذا الوضع تعزيزاً لحالة “الاستقلال الواقعي” ولو دون إعلان، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق دائم يعيد الثقة بين الجانبين.

وأرسل بارزاني في وقت سابق رسالة إلى السلطات الاتحادية في بغداد طالب فيها بإيجاد مخرج قانوني وعاجل لمعضلة الرواتب، لكن المخرجات الرسمية لاجتماع الرئاسات الأربع لم تتضمّن أي وعد تنفيذي أو إجراء عملي، ما دفع الإقليم إلى البحث عن بدائل داخلية ولو على حساب جيب الموظف.

وأثارت الخطوة حالة من القلق في أوساط الموظفين، خصوصاً أنها تمثل عودة جديدة لسياسات الاستقطاع التي عاشها الإقليم خلال الأعوام 2014، 2018، و2020، حين لجأت الحكومة لخفض الرواتب بنسب تراوحت بين 15% و50% خلال أزمات مشابهة.

وأكدت تقارير وزارة المالية في الإقليم أن مجموع الإيرادات العامة للأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 بلغ قرابة (2.7 تريليون) دينار، بواقع شهري يقارب (690 مليار دينار)، لكنه رقم لا يغطي حاجة الرواتب المقدّرة بأكثر من (900 مليار) دينار شهريًا، وهو ما فرض معادلة الاستقطاع.

وشدد مراقبون على أن الإيرادات غير النفطية، التي تضم الضرائب والرسوم والجباية المحلية، لم تتجاوز (300 مليار دينار) شهريًا، بينما سجّلت واردات النفط رغم انخفاض التصدير أكثر من (390 مليار دينار) شهرياً، دون أن تُعالج العجز الواضح في الرواتب.

وغرد الصحفي الكردي سامان كاوه قائلاً: “موظفونا ينهارون بين مطرقة الاستقطاع وسندان الغموض.. لا نعرف من هو المسؤول ولا من يحمل مفتاح الحل”، في إشارة إلى التخبط القانوني والفراغ الدستوري الذي خلفته استقالة أعضاء المحكمة الاتحادية.

وتفاقمت الأزمة بعدما امتنعت وزيرة المالية الاتحادية طيف سامي عن إرسال الرواتب، دون إصدار أي قرار ولائي من المحكمة العليا، ما جعل تعليق التمويل واقعًا غير قابل للطعن، وترك الإقليم معلقًا بين المركز والقانون بلا شبكة حماية.

وغابت حتى الآن أي ضمانات حول مدى استمرار الاستقطاع أو إمكانات تغطيته لاحقًا، وسط تأكيدات من داخل الإقليم أن هذه السياسة ليست توفيرًا ولا إدخارًا كما حدث سابقًا، بل تكيّف اضطراري مع انقطاع الدعم الخارجي.

وغرد الناشط السياسي هاوكار جلال بالقول: “كوردستان تعود إلى نقطة الصفر.. حين كنا ننتظر الرواتب من مواردنا ونحاسب بلا مركز ولا دستور”.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

أمريكا تشيد بجهود العراق في حماية السفارات

25 يونيو، 2025

بغداد/المسلة: أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، الأربعاء، عن إشادتها بالدور الفعال للحكومة العراقية في حماية السفارات والبعثات الدبلوماسية، معربةً عن تقديرها للجهود الأمنية العراقية ومهنيتها العالية في تأمين الحماية اللازمة.

وذكر بيان لمستشارية الأمن القومي، أن “مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي استقبل القائم بالأعمال الأمريكي في بغداد ستيفن فاجن لاستعراض الأوضاع والتطورات الإقليمية والترحيب بالتهدئة الأخيرة في المنطقة”.

وأشاد فاجن، “بدور الحكومة العراقية وبالإجراءات المتخذة من قبل الأجهزة الأمنية لحماية السفارات والبعثات الدبلوماسية ، مثمنا دور الأجهزة الأمنية العراقية ومهنيتها العالية

وكما أشاد فاجن، “بدور الحكومة العراقية في إعادة مواطنيها من مخيم الهول وإعادة تأهيلهم رغم الظروف التي تمر بها المنطقة”.

ومن جانبه أكد الأعرجي أن “الحكومة العراقية تؤمن بالحوار وحل المشاكل العالقة من خلال الحوار والدبلوماسية ، معربا عن ترحيب الحكومة العراقية بوقف اطلاق النار ، لعودة الاستقرار في المنطقة والعالم”.

وأشار الأعرجي، إلى أن “العراق لديه علاقات جيدة ومتوازنة مع جميع الدول ولديه مشتركات مع دول الجوار، معربا عن أمله بإرساء السلام وو قف الحرب ورفع الحصار عن غزة”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • ضبط 131 معاملة مزورة وإيقاف هدر مالي قرابة 2.5 مليار دينار في الأنبار
  • الحكيم: الانتخابات هي المسار الآمن للعراق
  • معبر الإقليم.. معاناة و روتين لا يشبه المنافذ العراقية
  • استقطاع 3% من رواتب موظفي ومتقاعدي الإقليم وفقًا لقرارات وزارة المالية الاتحادية
  • العراق و الصراع: دبلوماسية النأي تتحدى زوابع الحرب
  • استقطاع 3% من الرواتب على طاولة وفد من المالية الاتحادية في أربيل
  • أمريكا تشيد بجهود العراق في حماية السفارات
  • ائتلاف المالكي:لايمكن إرسال الأموال إلى حكومة مسرور دون الحصول على إيرادات الإقليم
  • المالية النيابية:أزمة رواتب الإقليم سببها حكومة البارزاني