ذكر موقع "مودرن ديبلوماسي" الأميركي أن التوترات تصاعدت بجنوب سوريا خلال هذا الأسبوع في أعقاب تظاهر السوريين بأعداد غير مسبوقة منذ عام 2011 بمدينة السويداء، احتجاجا على تدهور الظروف المعيشية وهتافاتهم ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد، مشيرا إلى احتمال تهديد قبضته على السلطة.

وأورد الموقع في تقرير أعده الكاتب كريس فيتزجيرالد أن المحتجين رفعوا لافتات وهم يهتفون "سوريا لنا وليست لآل الأسد".

وأظهر مقطع فيديو تم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي لافتة للأسد معلقة في الساحة الرئيسية بالمدينة أضرمت فيها النيران، وأغلقت السلطات الطرق داخل السويداء وخارجها لمنع انتشار الاضطرابات.

كالنار في الهشيم

وأشار التقرير إلى أن الاحتجاجات انتشرت كالنار في الهشيم، وامتدت إلى أكثر من 52 منطقة في جنوب سوريا، والمحافظات المجاورة، درعا ودير الزور، وفي الشمال وصولا إلى حلب. ونسب إلى منظمة مراقبة حقوق الإنسان السورية "إيتانا" اندلاع 32 مظاهرة يوم السبت، بما في ذلك إدلب والرقة والحسكة ودير الزور.

وحسب الكاتب، فإن هذه الاضطرابات هي، إلى حد كبير، رد على قرار النظام خفض الدعم عن الوقود والظروف الاقتصادية السيئة بشكل عام التي تواجهها البلاد، بما في ذلك التضخم الجامح المستمر وارتفاع تكلفة المواد الغذائية وغيرها من السلع، وانهيار قيمة الليرة السورية إلى مستوى قياسي بلغ 15 ألفا و500 ليرة مقابل الدولار الواحد.

بالإضافة إلى ذلك، يقول التقرير، لا تزال سوريا تعاني أزمة إنسانية حادة، إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 15.3 مليون سوري يحتاجون إلى مساعدات إنسانية هذا العام، وذلك بسبب الصراع المحلي، وأزمات الصحة العامة، بما في ذلك أزمة المياه وتفشي الكوليرا، والنقص المستمر في الغذاء.


الأمور مختلفة هذه المرة

وقال التقرير إنه على عكس ما حدث في عام 2011، يبدو أن الأمور حاليا مختلفة، مما يسبب مشاكل للنظام. فقد اندلعت الاحتجاجات في مناطق ومدن تضم أعدادا كبيرة من العلويين والدروز، وهي المجموعات نفسها التي ظلت موالية للأسد إلى حد كبير. وقد استخدم العديد من العلويين البارزين منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن إحباطهم من النظام، ودعا البعض إلى سقوطه.

وأوضح أن ذلك كان هو الحال منذ بضعة أشهر، حيث تحدث العلويون في المناطق التي يسيطر عليها النظام في السابق عن عجزه عن حل المشاكل التي تواجهها سوريا. ويتضمن ذلك العديد من الأمثلة التي ذكرها كتاب وصحفيون بينهم علويون بالتعبير عن إحباطهم علنا على منصات التواصل الاجتماعي.

الفساد وانهيار الاقتصاد

وقال إن هذه المجتمعات دعمت الأسد في أسوأ ظروفه، لكنها كوفئت بالفساد وانهيار الاقتصاد والأزمة الإنسانية المستمرة، مضيفا أن الدعوات التي يطلقها أفراد هذه المجتمعات لإسقاط النظام تعد استثنائية ويمكن أن تشكل تغييرا حقيقيا في قواعد اللعبة بالنسبة للمعارضة، وهو ما افتقر إليه المعارضون عام 2011 وسمح للأسد بتقسيمهم وهزيمتهم وترجيح كفة الميزان لصالحه.

ورجح الكاتب أن يرد الأسد بوحشيته المعتادة، مستخدما عنف الدولة والتخويف لقمع المعارضة، قائلا: يبدو أن هذا السيناريو قد بدأ بالفعل، حيث أفادت وسائل الإعلام المحلية بتحليق عدة طائرات تابعة للنظام فوق دمشق بأحياء مضايا والمزة وكفر سوسة، وانتشار أمني كبير في العاصمة لمنع انتشار الاحتجاجات على نطاق أوسع.

الأسد هو المشكلة

وعلق الكاتب بأن الأسد هو المشكلة، إذ لا يزال نظامه "الوحشي" غير قادر أو غير راغب في حل المشاكل التي تواجهها البلاد، ويطيل أمد الصعوبات من خلال ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد السوريين، مثل منع توزيع المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب.

وتوقع أن تنتهي الاضطرابات الحالية بطريقتين: إما أن تؤجج مظالم السوريين وتمتد إلى كافة أنحاء البلاد وتتحول إلى حراك شعبي يهز النظام، أو يتم سحق المطالب المشروعة للشعب كما حدث في عام 2011، قائلا إن السوريين العاديين من جميع الطوائف والأديان يأملون في تحقق الخيار الأول وليس الثاني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: عام 2011

إقرأ أيضاً:

سوريا ما بعد الأسد.. صراعات الجيران وانقسامات المجتمع مع انهيار دولة المخابرات

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تقريرا، للصحفيين لويزا لوفلوك، وزكريا زكريا، وسلوان جرجس، قالوا فيه إنّ: "نظام بشار الأسد المخلوع كان قد حوّل سوريا إلى دولة مخابرات، بمراقبةٍ قلبت البلاد على نفسها". 

وأضاف التقرير الذي ترجمته "عربي21" أنّ: "الجيران والزملاء تبادل أخبار بعضهم البعض في كل حيّ ومكان عمل: ما قالوا، وأين ذهبوا، ومن جاء لتناول العشاء".

وتابع: "بعد أكثر من نصف قرن، انهار ذلك النظام الخانق بين عشية وضحاها في كانون الأول/ ديسمبر، مع زحف قوات الثوار نحو العاصمة دمشق. وخلّف وراءه مجتمعا منقسما، يُخيّم عليه سؤال عمّن ساهم سرا في استبداد آل الأسد".

وبحسب التقرير، كان حمدي البربري يعتني بمجموعة من الحمام الزاجل على سطح منزله في آذار/ مارس عندما سمع أول رصاصة تخترق وجهه. يتذكر أنه انحنى، ثم مرّت أخرى بسرعة، وسقط على ظهره وهو يصعد الدرج. كان يعرف من أي منزل انطلقت الرصاصات.

"شتم الجيران والده، أبو أيمن، الخباز، واصفين إياه بأنه مخبر لنظام الأسد خلال الحرب الأهلية السورية الطويلة" يردف التقرير، مبرزا أن "أبو أيمن ينفي كونه مخبرا، لكنه أقرّ في مقابلة أجريت معه مؤخرا بأنه قاد قوات الأمن من فرع المخابرات العسكرية، إلى منازل أشخاص يعرفهم، وقال إنهم هددوه. وهو وحمدي قد ماتوا أثناء الاحتجاز".

وأورد: "على بُعد بضعة أبواب من منزل البربري، كانت تسكن عائلة المغربي، الذين قالوا إنهم معروفون في المنطقة منذ فترة طويلة كمعارضين للحكومة. استذكروا موجة من الخوف أطلقها خلال الحرب موالون للأسد، ضمّت أبو أيمن وابنه الأكبر وسيم. وقالوا إن أحمد المغربي وابن عمه موسى اعتُقلا على يد القوة وتعرضا للتعذيب لاحقا".

قال أحمد، مشيرا إلى قضيته: "كان المخبر أبو أيمن. لقد آذى عائلتنا كثيرا". بينما أنكر أبو أيمن تورطه في اعتقال أحمد، وقال إنه أبلغ عن مواطنيه السوريين في مناسبة واحدة فقط. وقال أبو أيمن: "كنت دائما مؤيدا لأهل حيي".


ووفقا للتقرير ذاته، فإنه: "في الأشهر التي تلت سقوط الأسد، تكرّرت حالات التوتر، كالتي بين هاتين العائلتين مرّات عدّة، بجميع أنحاء البلاد، إذ عبر من تمّ الإبلاغ عن شكاواهم ضد من زُعم أنهم خانوهم. تُشكل هذه الخلافات تحديا كبيرا للحكومة السورية الجديدة، التي تواجه أيضا انقسامات، حيث دعت السلطات الجديدة إلى التعافي والوحدة الوطنية، لكنها لم تُقدّم سوى اقتراحات قليلة حول كيفية تحقيق ذلك".

وأضاف: "تعيش عائلتا البربري والمغربي في حي التضامن بدمشق، الذي صُوّر في دعاية نظام الأسد كنموذج للوئام الاجتماعي. لكن على مدار الحرب، اختفى آلاف من سكان التضامن، بعضهم في السجون، والبعض الآخر في قبور ضحلة بين المنازل. غالبا ما كان الضحايا والجناة جيرانا".

ولفت إلى أنه: "في المدارس، قدّم المعلمون بلاغات بعد أن أفصح الأطفال عما سمعوه في منازلهم. في الأسابيع التي تلت سقوط الأسد، يتذكر السكان أن أحد الطلاب، عاد لمواجهة مديرة مدرسته، مُحمّلا إياها مسؤولية اختفاء والديه. وقالت امرأة أخرى إن أصدقاء زوجها المنفصل عنها أبلغوا السلطات بتعاطفها مع المعارضة".

ونقلا عن أبو أيمن البربري، تابع التقرير أنه: "بعد أن حاولت مجموعة من سكان حي مجاور ابتزازه للحصول على المال، ساعد قوات الأمن في تحديد هوية المسؤولين، وقاد القوات ليلا إلى منازلهم"، متابعا بأنه: "انضم لمجموعة محلية موالية للحكومة، تُعرف باسم قوات الدفاع الوطني، كانت تقوم بدوريات في المنطقة".

وتابع التقرير بأنّ: "أحمد المغربي قال إنه احتُجز بعد وقت قصير من رؤية شقيقته وهي تُهين صورة للرئيس. وأضاف أن ابن عمه موسى أُلقي القبض عليه بعد عدة أشهر، بعد اشتباك مع جاره في الطابق العلوي، الذي كان أيضا قد انضم إلى قوات الدفاع الوطني. سحبه ضباط بملابس مدنية من شاحنته، تاركين أطفاله الصغار وحدهم في المقعد الخلفي". 

واسترسل: "في فرع فلسطين، قال موسى، إن السجانين أطفأوا السجائر في أطرافه وجرحوها بالزجاج المكسور، وعلّقوا أحمد من معصميه حتى انكسرا. وعندما سُمح لأفراد عائلة المغربي أخيرا بزيارة السجن، قالوا إنهم لم يتعرفوا على الشابين إلا عندما نادوا بأسمائهم".

"قال إنه مع تقدم قوات الثوار نحو العاصمة السورية في 7 كانون الأول/ ديسمبر، ومع شروق شمس صباح الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، وقف موسى وأحمد المغربي مذهولين في الشارع بينما مزّقت الحشود ملصقات الأسد من الجدران. اختفت نقطة تفتيش قوات الدفاع الوطني، وانتهى معها الرعب الذي أثارته. سمح موسى لأطفاله باللعب في الخارج لأول مرة منذ سنوات" وفقا للتقرير نفسه الذي ترجمته "عربي21".


وتابع: "اندلعت التوترات في الزقاق بعد ثلاثة أيام، بينما كان حمدي وإخوته يُجهّزون خبز اليوم داخل المخبز، حسبما أفاد أفراد العائلة. قال حمدي إن حوالي اثني عشر رجلا ملثما وصلوا مُسلحين، وسحبوا قمصان الرجال فوق رؤوسهم وأجبروهم على الوقوف على الحائط بينما أطلق المارة صرخات عدائية".

وأضاف: "صرخ أحدهم: والدك متورط في القتل. تذكر حمدي صراخه: أرجوكم، إذا كنتم ستتهمونه، فعليكم بتقديم دليل. كان يسمع زوجته تبكي وتتوسل إلى الرجال أن يرحموهم. في النهاية، رضوا".

وأورد: "في أول خطاب له كرئيس جديد لسوريا، خاطب أحمد الشرع، الأمة، قائلا إن العدالة الحقيقية تأتي من: تحقيق السلم الأهلي وملاحقة المجرمين الملطخين بالدماء السورية، سواء ممن اختبأوا داخل البلاد أو فروا خارجها".

وتابع: "أنشأت الحكومة مراكز مصالحة، حيث سلم الجنود السابقون وعناصر المخابرات، وهم قلقون وشاحبو الوجوه، أسلحتهم رسميا، مقابل بطاقات هوية مدنية. لكن العملية كانت اختيارية، وتجاوزها عدد متزايد من الموالين لنظام الأسد بالرحيل إلى مناطق أخرى من البلاد".

واسترسل: "في التضامن، صُدم العديد من السكان عندما انتشرت أنباء عن عودة فادي صقر، الرئيس السابق لقوات الدفاع الوطني، لفترة وجيزة حرا طليقا، بعد مصالحته رسميا مع السلطات الجديدة. وقال البعض إنه عاد لحضور اجتماع محلي؛ زعم آخرون، أنه زار موقع مجزرة اتُهمت قوات الدفاع الوطني بارتكابها. توافد السكان للاحتجاج بالمئات". 

"في أنحاء حي التضامن، أفاد سكان أن بعض المخبرين المعروفين والموالين للنظام حاولوا التفاوض مع جيرانهم. سلّم أحد الرجال شقته لمقاتلين من المعارضة عادوا مع سقوط الأسد. وقال إن العائلة التي حمّلها موسى مسؤولية سجنه حضرت لمنزله لتقدم له سيارة باهظة الثمن. وأضافوا أن عائلة المغربي عانت من ضائقة مالية بسبب الاعتقالات، حيث دفعوا أكثر من 200 ألف دولار رشاوى مقابل معلومات عن مكان موسى ونيل حريته" وفقا للتقرير.


وأبرز: "بعد إخلاء السجون وإطلاق سراح نزلائها الناجين، نشر الصحفيون الاستقصائيون قصصا تصف ما كُشف عنه في الملفات المُخزّنة هناك: أي العائلات لديها مُخبرون بينهم والتفاصيل التي أبلغوا عنها والتي شقت طريقها إلى تقارير الاستخبارات".

إلى ذلك، أجّجت مواقع التواصل الاجتماعي الشعور المتزايد بانعدام الأمن بين الموالين السابقين للأسد، بمن فيهم المُخبرون، مع تدفق مستمر من التقارير حول هجمات لجان الأمن الأهلية ضد أشخاص تربطهم صلات حقيقية أو مُتصوّرة بنظامه السابق.

مقالات مشابهة

  • سوريا ما بعد الأسد.. صراعات الجيران وانقسامات المجتمع مع انهيار دولة المخابرات
  • سوريا.. الاتحاد الأوروبي يعلن رفع العقوبات ومصير تلك المفروضة على نظام الأسد
  • الاتحاد الأوروبي يوافق على رفع كل العقوبات المفروضة على سوريا
  • الاتحاد الأوروبي يعلن رفع العقوبات عن سوريا
  • في السجون والبحار.. كم عدد الذين اختفوا خلال الحرب السورية؟
  • تعميم جديد بشأن السوريين المتوجهين إلى سوريا عبر مطار بيروت!
  • سوريا.. ضبط 4 ملايين حبة كبتاغون مخدرة في اللاذقية
  • مباحثات بين سوريا ولبنان لإنهاء معاناة الموقوفين السوريين في سجن رومية
  • كم يبلغ عدد المفقودين في سوريا بعد تشكيل هيئة مختصة بملفهم؟
  • الشرع يحرر سوريا مرتين