صعدة تتلف أكثر من 17 طناً من الحشيش القادم من مناطق العدوان في أكبر عملية ضبط للعام
تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT
يمانيون |
في خطوة أمنية وقضائية حاسمة، أتلفت النيابة العامة بمحافظة صعدة، اليوم السبت، أكثر من 17 طناً من مادة الحشيش المخدر، تم ضبطها في مئات العمليات النوعية خلال العام القضائي الماضي، وذلك في إطار جهود مكافحة المخدرات ومواجهة المخططات الإجرامية القادمة من مناطق سيطرة العدوان.
وأكد رئيس نيابة الاستئناف بالمحافظة القاضي إبراهيم جاحز، خلال عملية الإتلاف التي جرت بحضور رئيس محكمة الاستئناف القاضي سليمان الشميري، أن الكمية المتلفة – والبالغة 17 طناً و310 كيلوغرامات – تم ضبطها في 489 عملية، خلال الفترة من 12 جمادى الأولى حتى 26 ذو الحجة 1446هـ، وكانت مهربة من مناطق العدوان ومتجهة إلى إحدى دول الجوار، في مسار تهريب منظم تم التصدي له بكفاءة من قبل الأجهزة الأمنية.
وأشار القاضي جاحز إلى أن تلك الكميات تمثل جزءاً من الاستهداف الممنهج للشعب اليمني، وأن المتورطين في تهريبها سيكونون عرضة للملاحقة القضائية دون أي تهاون، باعتبارهم من المفسدين في الأرض، وفقاً لأحكام القانون.
من جانبه، ثمّن القاضي الشميري الدور البطولي للأجهزة الأمنية في حماية المجتمع من هذا الخطر الداهم، مؤكداً أن القضاء لن يتردد في إصدار الأحكام الرادعة بحق المتورطين في هذه الجرائم التي تستهدف النسيج الاجتماعي والأمن العام.
كما شدد مدير أمن محافظة صعدة العقيد طارق الكربي، على استمرار الحملة الأمنية لتعقب شبكات التهريب والمتاجرين بالمخدرات، وملاحقتهم أينما وجدوا، حتى يتم تقديمهم للعدالة وإنزال العقوبات القانونية بحقهم.
وتزامنت عملية الإتلاف مع اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، ما يعكس التزام الجهات الرسمية في المحافظة بالمشاركة الفاعلة في التصدي لهذه الآفة الخطيرة، التي تُستخدم كسلاح ناعم ضمن الحرب المركبة على اليمن.
وحضر المناسبة عدد من القضاة وأعضاء النيابة والقيادات الأمنية، في تأكيد جماعي على وحدة الموقف القضائي والأمني في مواجهة المخدرات وتجفيف منابعها.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
الحشيش.. فى ميزان القانون والشرع
كرم الإسلام الإنسان وأعلى من شأنه، وجعل حفظ النفس والعقل من الضروريات الخمس التي يقوم عليها الدين، وقد أكد القرآن الكريم هذا المعنى في قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة: 195)، وقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (النساء: 29)، وفي ظل الجدل الأخير الذي أثارته فتوى الدكتورة سعاد صالح حول عدم التحريم المطلق للحشيش، تتجدد الدعوات لدور أوضح وأكثر فاعلية للمؤسسات الإسلامية في التصدي لانتشار المخدرات، وبيان حرمتها شرعًا، والتأكيد على خطورتها على الإنسان والمجتمع.
تصريح فقهي يُثير الجدل
في إعلان ترويجي لحلقة بودكاست «السر»، كانت قد صرّحت الدكتورة سعاد صالح بما اعتُبر تفسيرًا غير تقليدي لحكم تعاطي الحشيش، قائلة إن تأثيره على العقل لا يوازي تأثير الخمر — كلام أثار جدلًا واسعًا تصدر التريند على منصات التواصل ووسائل الإعلام.
وعلى ذلك ردت دار الإفتاء المصرية بسرعة ببيان أكدت فيه «حرمة مخدر الحشيش شرعًا» مبنية على أدلة فقهية وطبية تربط بين المخدرات وإضرار العقل والنفس، وأن الإجماع الفقهي يحمّل الحشيش حكم التحريم لكونه مفترًا.
كذلك أصدرت جامعة الأزهر قرارًا بإحالة الدكتورة إلى التحقيق لظهورها الإعلامي دون تصريح وفق أنظمة الجامعة، بينما حذّر وزير الأوقاف من محاولة تبرير التعاطي أو تقليله.
القياس الشرعي
أكد الشيخ أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، أن الشريعة الإسلامية تضع الخمر والمخدرات في حكم واحد، باعتبار أن العلة المشتركة بينهما هي تغييب العقل.
وأوضح أن الآية الكريمة التي تنهى عن الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، تحمل في معناها كل ما يذهب العقل ويعطل وعي الإنسان.
وأضاف أن التحريم لا يقتصر على المشروبات المسكرة فحسب، بل يشمل أيضاً جميع المواد المخدرة التي تؤدي إلى فقدان الإدراك، مشيرًا إلى أن هذا يتعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية التي جعلت حفظ العقل من الضرورات الخمس التي يجب صونها وحمايتها.
كما قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن من يُحلل الخمر أو الحشيش أو يهوّن من أمر المخدرات، فقد الرشد العقلي، حتى لو ادعى الانتماء للإسلام. وأوضح أن الجاهل غير المتفقه في الدين يكون أسهل فريسة للشيطان، بينما العالم أشد خطرًا عليه، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عالم واحد أشد على الشيطان من أربعين عابدًا». وأكد أن العبادة بلا علم قد تجر إلى الضلال، وأن إباحة المحرمات أشبه بمنح سلاح قاتل لمختلّ عقلي، مشددًا على أن الحشيش والمخدرات تضعف الإدراك وتبطئ ردود الفعل، ما يجعلها خطرًا داهمًا على الفرد والمجتمع.
وأشار الجندي إلى أن تحريم الحشيش والخمر والبيرة ليس مجرد حكم فقهي، بل قاعدة قائمة على أسس شرعية وعلمية وعقلية، موضحًا أن الخمر تشمل كل ما يغيب العقل سواء كان صلبًا أو سائلًا أو غازيًا، إذ إن أصل الكلمة «خَمَر» يعني غطّى، وبالتالي فكل ما يؤدي إلى تغطية العقل محرم بنص القرآن. واعتبر أن ترويج تحليل الحشيش دليل على خلل في العقل، مبينًا أن العقل السليم يُقاس بالسلوك لا بالمؤهلات، وضرب مثالًا بأن المدخن نفسه يرفض أن يدخن ابنه، فكيف بمن يبرر أو يروج للحشيش، مؤكدًا أن ذلك جريمة دينية وأخلاقية وعقلية تستوجب المواجهة بحزم.
أكد الدكتور عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن تعاطي المخدرات قد يمنح المتعاطي شعورًا مؤقتًا بالراحة أو الهدوء، إلا أن هذا الإحساس ليس إلا خداعًا للنفس، مشيرًا إلى أن تأثير هذه المواد على الجسد يتسم بالفتور والارتخاء، لكنها في الحقيقة تلحق ضررًا بالغًا بالعقل والجسد على المدى البعيد، ما يعني المساس بأعظم نعم الله على الإنسان، وهي العقل. وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم رسم الطريق الواضح، فشرح أبواب الخير وحذر من أبواب الشر، وكل ما يُذهب العقل أو يضعف قدراته يقع تحت نفس حكم الخمر والمخدرات، ولا يجوز تبرير التعاطي بأي حال، حتى لو ادعى الشخص أنه يبقى مدركًا أو منتبهًا.
وأوضح أن الاعتقاد بعدم خطورة تناول كميات قليلة من المخدرات أو الخمر هو تصور خاطئ، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أسكر كثيره فقليله حرام»، لافتًا إلى أن هذه المواد من الخبائث التي لا تجلب إلا الشر والمفاسد. وشدد على أهمية وعي المسلم بأضرار المخدرات والخمر، مبينًا أن العقل هو وسيلة التمييز بين الخير والشر، وأساس النجاح في الدنيا والآخرة، داعيًا إلى تكثيف جهود التوعية بين الشباب لمواجهة هذه الآفة التي لا تدمر الأفراد فحسب، بل المجتمع بأسره.
خطر جسيم
أكد صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، أن تعاطي مخدر الحشيش يسبب أضرارًا جسيمة على الصعيدين النفسي والجسدي، لاحتوائه على مواد تُحدث هلاوس واضطرابات في الإدراك والسلوك، وتضعف الذاكرة والتركيز، وتؤدي إلى القلق والاكتئاب، فضلًا عن خلل في إدراك الزمن والمسافات، الأمر الذي يجعل السائق تحت تأثيره أكثر عرضة للحوادث بثلاثة أضعاف مقارنة بغيره.
وكشف الصندوق أن أكثر من نصف الحالات التي تتقدم للعلاج عبر الخط الساخن 16023 كانت من متعاطي الحشيش، ما يعكس حجم انتشار هذه المادة وتأثيرها.
وأوضح أن مثل هذه التصريحات التي تبرر أو تروّج لتعاطي المخدرات تتعارض مع استراتيجية الدولة القومية لمكافحة الإدمان، مؤكدًا التنسيق مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لاتخاذ إجراءات ضد أي محتوى إعلامي يروج لهذه المواد، خاصة إذا صدر عن شخصيات عامة مؤثرة.
في ميزان الصحة
تشير دراسات عالمية إلى ارتباط تعاطي الحشيش بزيادة معدلات الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية، فضلًا عن تأثيره السلبي على الذاكرة والوظائف المعرفية، خاصة بين الشباب، حيث تظهر نسبة كبيرة منهم يعانون اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والفصام واضطرابات القلق، فضلًا عن مخاطر الاعتماد والإدمان التي تصل إلى أكثر من 20% من المستخدمين المنتظمين.
وهذه الحقائق الصحية لا تقتصر على الفرد فقط، بل تمتد لتشكل خطرًا على السلامة العامة، فتعاطي الحشيش يُضعف قدرة السائقين على الانتباه وردود الفعل، ما يزيد من حوادث الطرق بشكل ملحوظ.
كما ترتبط هذه الظاهرة بتراجع التحصيل الدراسي، وانخفاض الإنتاجية، والانغلاق الاجتماعي، ما يؤثر على نسيج المجتمع ككل. لهذا، تبدو الحاجة ملحّة لإعادة النظر في توصيف الحشيش في الخطاب الإعلامي والاجتماعي، وتعزيز التوعية الصحية القانونية لتفادي التقليل من مخاطره الحقيقية التي تهدد الفرد والأسرة والمجتمع.
في قبضة القانون
وعلى المستوى القانوني في مصر، يُعتبر تعاطي الحشيش جريمة جنائية يعاقب عليها القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات، والذي ينصّ على تجريم الحيازة والتعاطي والاتجار بكل أنواع المخدرات بما فيها الحشيش، لما لها من تأثيرات خطيرة على الصحة والسلامة العامة.
كما تؤكد الجهات الأمنية والقضائية أن أي تصريحات أو أفعال تُسوّغ تعاطي المخدرات تُعد تحريضًا على مخالفة القانون وتخضع للمساءلة القانونية وفقًا للمادتين 86 و 88 من القانون نفسه، لما يترتب عليها من الإضرار بالنظام العام وتشجيع العصيان.
وتنبه دار الإفتاء المصرية إلى أن التحريض على تعاطي المخدرات أو تبريرها لا يعد فقط مخالفة شرعية، بل مخالفة قانونية تؤثر على المجتمع بشكل مباشر وتستوجب العقاب الرادع .
وفي الختام، تلك التصريحات المثيرة وما يتبعها من جدل متصاعد، تشير إلى أن الأمر يتجاوز مجرد نقاش فقهي أو صحي ليصل إلى أبعاد اجتماعية وقانونية بالغة الأهمية، فالتحذيرات الشرعية تؤكد ضرورة حفظ العقل والنفس، والدراسات الطبية تثبت أضرار الحشيش الخطيرة، بينما تحمي القوانين المصرية المجتمع بتجريم التعاطي والترويج، لهذا التوعية والحزم هما السبيل لحماية الأجيال وصحة المجتمع.