لافروف: زيادة الإنفاق الدفاعي ستؤدي لانهيار الناتو..وألمانيا تعتزم مساعدة أوكرانيا في إنتاج الاسلحة
تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT
عواصم " وكالات": قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اليوم الاثنين إن موسكو تخطط لخفض إنفاقها الدفاعي وإنه يعتقد أن قرار أعضاء حلف شمال الأطلسي زيادة الإنفاق الدفاعي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار الحلف.
وأيد زعماء الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي يوم الأربعاء الماضي الزيادة الكبيرة في الإنفاق الدفاعي التي طالب بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقالوا إنهم متحدون في عزمهم على الدفاع عن بعضهم البعض ضد ما وصفوه بأنه تهديد من روسيا.
وردا على سؤال بشأن تصريحات أدلى بها وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي قال فيها إن سباق التسلح بين روسيا والغرب قد يؤدي إلى سقوط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال لافروف إنه يعتقد أن حلف شمال الأطلسي هو الذي سينهار.
وقال لافروف "بما أنه متنبئ بارع، فهو يتوقع على الأرجح أن الزيادة الكارثية في ميزانية دول حلف شمال الأطلسي، وفقا لتقديراتي، ستؤدي أيضا إلى انهيار هذا الحلف".
ونفت روسيا ما يردده الغرب عن أنها ستهاجم يوما ما دولة من دول حلف شمال الأطلسي، وهي خطوة تقول كل من روسيا والولايات المتحدة إنها قد تؤدي إلى اندلاع الحرب العالمية الثالثة. وبدأت روسيا تدخلا شاملا في أوكرانيا في 2022.
وصرح بوتين يوم الجمعة بأن روسيا تتطلع لخفض إنفاقها الدفاعي اعتبارا من العام المقبل.
ورفعت روسيا الإنفاق على الدفاع الوطني بمقدار الربع في 2025 إلى 6.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى مستوى منذ الحرب الباردة. ويمثل الإنفاق الدفاعي 32 بالمائة من إجمالي الإنفاق في الميزانية الاتحادية لعام 2025.
الكرملين: وتيرة محادثات أوكرانيا تعتمد على واشنطن وكييف
من جهة اخرى، اشار دميتري بيسكوف في تصريحات تلفزيونية إن وتيرة المحادثات لإنهاء الحرب في أوكرانيا تعتمد على موقف كييف وفعالية الوساطة الأمريكية والوضع الميداني.
وبعد خمسة أشهر من تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه، لا تلوح نهاية في الأفق للحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا في فبراير 2022، على الرغم من تعهده بإنهائها في يوم واحد خلال حملته الانتخابية في عام 2024.
ويدفع ترامب كلا الجانبين نحو محادثات لوقف إطلاق النار منذ توليه منصبه في يناير، وقال يوم الجمعة إنه يعتقد أن "شيئا ما سيحدث" بشأن تسوية الحرب.
وقال بيسكوف لقناة روسيا البيضاء 1 التلفزيونية، وهي القناة الرسمية لجارة روسيا "يعتمد الكثير بطبيعة الحال على موقف نظام كييف".
وقال إن "الأمر يعتمد على مدى فعالية جهود الوساطة التي تبذلها واشنطن"، مضيفا أن الوضع الميداني عامل آخر لا يمكن تجاهله.
ولم يذكر بيسكوف تفاصيل عما تتوقعه موسكو من واشنطن أو كييف. وتطالب موسكو أوكرانيا بالتنازل عن المزيد من الأراضي والتخلي عن الدعم العسكري الغربي، وهما شرطان ترفضهما كييف.
ورغم عدم تحديد موعد للجولة التالية من المحادثات، قال بيسكوف إن روسيا تأمل أن تتضح المواعيد "في المستقبل القريب".
وللمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، عقدت روسيا وأوكرانيا محادثات مباشرة في إسطنبول يومي 16 مايو والثاني من يونيو، نتج عنها سلسلة من عمليات تبادل الأسرى ورفات الجنود القتلى.
لكن لم يحرز الجانبان أي تقدم نحو وقف إطلاق النار. وفي وقت سابق من الاسبوع الماضي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ي إن مقترحي البلدين لاتفاق السلام اللذين طُرحا في محادثات الثاني من يونيو كانا "مذكرتي تفاهم متناقضتين تماما".
وقالت تركيا، التي استضافت الجولة السابقة من المحادثات، يوم الجمعة إنها مستعدة لاستضافة المناقشات مرة أخرى.
وفي السياق، قال الكرملين اليوم الاثنين إنه يتعين على مؤيدي مشروع قانون صاغه السناتور الأمريكي لينزي جراهام الذي من شأنه فرض عقوبات جديدة صارمة على روسيا وشركائها التجاريين سؤال أنفسهم حيال تأثيره على الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق سلام بشأن أوكرانيا.
كان دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين يرد على سؤال بعد تصريح جراهام في مقابلة مع شبكة إيه.بي.سي نيوز بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغه بأن مشروع قانون العقوبات قد يطرح للتصويت.
وقال بيسكوف إن روسيا على علم بموقف جراهام وإنها تعتبره "معاديا لروسيا بشكل متأصل".
وحال اعتماده، فإن مشروع القانون من شأنه أن يفرض رسوما جمركية بنسبة 500 بالمائة على الدول التي تشتري السلع الروسية مثل النفط، الذي تشتريه الصين والهند بكميات كبيرة.
ألمانيا وأوكرانيا تعتزمان تعزيز التعاون في مجال صناعة الأسلحة
من جهة ثانية، تعتزم ألمانيا وأوكرانيا تعزيز التعاون في قطاع التسلح، وخلال لقائه بنظيره الأوكراني أندريه سيبيها، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول في العاصمة الأوكرانية كييف اليوم الاثنين:"تعاوننا في مجال التسلح هو ورقة رابحة حقيقية". وأضاف الوزير المنتمي إلى حزب المستشار فريدريش ميرتس، المسيحي الديمقراطي، أن هذا التعاون "استمرار منطقي لتوريداتنا من العتاد، وبإمكاننا على الجانبين أن نستفيد منه. من خلال إبداعكم وخبرتكم سنصبح نحن أيضا أفضل".
يذكر أن الوزير الألماني يرافقه خلال زيارته الحالية لأوكرانيا ممثلون رفيعو المستوى لشركات تسلح ألمانية. وبحسب وزارة الخارجية الألمانية، فإن من المقرر أن تعقد على هامش الزيارة محادثات بين ممثلين عن القطاع الاقتصادي في كلا البلدين ومسؤولين أوكرانيين.
وقال: "أعتقد أن من مصلحة الطرفين أن نوثق تعاوننا في هذا الشأن". وأعرب عن أمله في أن يدعم زيلينسكي هذا التوجه.
وأعلن فاديفول عن العزم على إقامة المزيد من المشاريع المشتركة الجديدة في صناعة التسلح "حتى تتمكن أوكرانيا من إنتاج مزيد من الأسلحة وبوتيرة أسرع للدفاع عن نفسها". وأكد أن احتياجات أوكرانيا في هذا المجال هائلة، وأن البلدين دخلا مرحلة جديدة من التعاون، مشيرا إلى أنه بعد أن كانت المساعدات تتركز في البداية على توريد الأسلحة، بات من الضروري الآن تعزيز انخراط الشركات الألمانية في أوكرانيا. وقال: "هناك استعداد لذلك، لكن لا بد من تجاوز بعض العقبات، مثل العقبات البيروقراطية، ومشكلات أخرى في التعاون".
من جانبه، حذر سيبيها من أن القوات الروسية اليوم تختلف عما كانت عليه عام 2022 وقال: "إنهم يكتسبون الخبرة، ويستخدمون تقنيات جديدة في ساحة المعركة"، وأضاف أنهم يختبرون نماذج أولية. واعتبر الوزير الأوكراني أن ذلك يشكل خطرا لا على أوكرانيا فحسب، بل على "الأمن عبر الأطلسي" أيضا. وأكد على الحاجة إلى توافر أنظمة دفاع جوي جديدة لحماية المدن التي تواجه حاليا تهديدات متزايدة.
روسيا تسيطر على أول قرية في دنيبروبيتروفسك الأوكرانية
الى ذلك، قالت وسائل إعلام روسية رسمية ومدونون يتابعون الحرب اليوم الاثنين إن القوات الروسية سيطرت على أول قرية في منطقة دنيبروبيتروفسك بوسط شرق أوكرانيا بعد أن سيطرت روسيا على 950 كيلومترا مربعا في شهرين.
ولم يرد تأكيد بعد من مصادر أوكرانية أو من وزارة الدفاع الروسية.
ووسط جهود لدفع محادثات السلام بين موسكو وكييف، تحتدم الحرب مع سيطرة القوات الروسية على جزء من منطقة سومي الأوكرانية تبلغ مساحته 200 كيلومتر مربع ودخول منطقة دنيبروبيتروفسك الشهر الماضي.
وتظهر خريطة ديب ستيت الأوكرانية أن روسيا تسيطر الآن على 113588 كيلومترا مربعا من الأراضي الأوكرانية، بزيادة 943 كيلومترا مربعا خلال شهرين حتى 28 يونيو.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن المسؤول الموالي لروسيا فلاديمير روجوف قوله إن القوات الروسية سيطرت على قرية داتشنوي داخل منطقة دنيبروبيتروفسك.
وقالت روسيا إنها مستعدة للسلام لكن يجب على أوكرانيا الانسحاب من كامل المناطق الأربع التي تسيطر موسكو على أغلبها ويقول الرئيس فلاديمير بوتين إنها أصبحت الآن جزءا من روسيا.
وتقول أوكرانيا وداعموها الأوروبيون إن هذه الشروط تعادل الاستسلام وإن روسيا ليست مهتمة بالسلام وإنهم لن يقبلوا أبدا بسيطرة روسيا على خمس مساحة أوكرانيا.
وتشمل المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية شبه جزيرة القرم وأكثر من 99 بالمئة من منطقة لوجانسك وأكثر من 70 بالمائة من مناطق دونيتسك وزابوريجيا وخيرسون، وجميعها في الشرق أو الجنوب الشرقي، وأجزاء من مناطق خاركيف وسومي ودنيبروبيتروفسك.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حلف شمال الأطلسی الإنفاق الدفاعی القوات الروسیة الیوم الاثنین أوکرانیا فی روسیا على
إقرأ أيضاً:
الناتو يتحصن خلف جدار المسيّرات في مواجهة روسيا
في عام 2023 أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما يفرض إدراج مهارات تصميم الطائرات المسيّرة وكيفية استخدامها في المناهج الدراسية، في حين أعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد ذلك بعام فقط عن مساعيه لتأسيس جدار من المسيّرات يمتد من النرويج إلى بولندا.
وبغض النظر عن الأهداف العقائدية والعسكرية بعيدة المدى لقرار الكرملين، فإن تقدير الخبراء لخبايا المرسوم يشير إلى ترابط وثيق بين مجريات الحرب الدائرة في أوكرانيا وإستراتيجية موسكو نحو توسيع استخدامها الطائرات المسيرة التكتيكية في الحروب المقبلة، اعتمادا على جيل جديد يكون ملما بهذه التكنولوجيا.
في المقابل، وعلى مستوى الناتو، تتحدث تقارير صحفية منذ نحو عام عن مشاورات بشأن التأسيس لجدار مراقبة مكون من طائرات بدون طيار، يمتد من النرويج إلى بولندا.
وحسب ما نشرته صحيفة "نيوزويك" الأميركية سيكون هذا الجدار جاهزا لرصد أدنى توغل معادٍ، أو ما يُسمى بـ"أساليب الحروب غير التقليدية" في منطقة نفوذ الحلف، والردع والدفاع باستخدام أحدث التقنيات في أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتكون مدعومة من شبكة مكونة من أجهزة الاستشعار.
وتعد مثل هذه الخطة الطموحة، التي تقودها ألمانيا إلى جانب 6 دول من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إحدى أوسع عمليات نشر أنظمة المراقبة الذاتية ومكافحة الطائرات بدون طيار في التاريخ الحديث، ويصفها القادة بأنها رادع إستراتيجي واستجابة للتطور المتسارع للحرب الحديثة.
ولفهم أكثر حول استخدامات "جدار الطائرات المسيرة"، فإنه سيكون وفق تحليل نيوزويك بمثابة شبكة دائمة للإنذار المبكر والاستطلاع على طول الجناح الشرقي لحلف الناتو، خاصة في المناطق المعرضة للخطر على الحدود مع روسيا.
وبخلاف أهميته الإستراتيجية، فإن الصحيفة الأميركية تنظر أيضا إلى هذا الجدار كجهد فعلي ورمزي لتعزيز دفاعات أوروبا، وفرض السيطرة الإقليمية على تقنيات المراقبة ومواجهة صراعات المنطقة الرمادية التي ميزت إستراتيجيات روسيا الأخيرة في أوكرانيا وأماكن أخرى.
وفي تقديرها تعكس المبادرة في نهاية المطاف، تحولا متزايدا في إستراتيجية الدفاع الأوروبية نحو الاعتماد على الذات، في وقت يبدو فيه التزام الولايات المتحدة تجاه الناتو أقل يقينا، لا سيما مع ضغوط الرئيس دونالد ترامب على الأعضاء الأوروبيين لزيادة إنفاقهم الدفاعي.
إعلان أوكرانيا وخطط مستقبليةيأتي ذلك في وقت تتحول فيه أوروبا إلى ورشة تصنيع مكثف لـ"الطائرات المسيرة"، فأوكرانيا تحولت خلال سنوات قليلة إلى أكبر الدول المصنعة للطائرات المسيرة، بطاقة إنتاج تصل إلى 4.5 ملايين طائرة مسيرة في 2025 ومع خطط مستقبلية لتصنيع 10 ملايين طائرة مسيرة سنويا، وفق وزارة الدفاع الأوكرانية.
ويلخص فياتشيسلاف، أحد أعضاء مجموعة "فيلد هورنست" المطورة للطائرات المسيرة الأوكرانية، هذا التحول في تكتيكات الحروب، عندما دعا إلى إعادة النظر في أدوار الأسلحة التقليدية بما في ذلك الدبابات -على سبيل المثال- التي يمكن نسفها على الأرض بمسيّرات منخفضة التكلفة.
وحتى الآن تعكس الحرب الروسية في أوكرانيا وحتى النزاع بين إسرائيل وإيران، تلك التقديرات بقوة على أرض الواقع، حيث أعادت تعريف دور "الدرون" كأسلحة العصر الأولى في الحروب، كما فتحت الباب على مصرعية نحو التصنيع المكثف لهذ التقنية الفعالة وعالية الدقة في الاستخدامات الهجومية والدفاعية معا.
ثورة عسكرية
قبل اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في 2022 كانت هناك أرقام ذات دلالات عن حرب ناغورنو كارباخ التي تعد من بين أكثر الحروب استخداما للطائرات المسيرة، التي كانت سببا في تدمير 45% من إجمالي عدد المدرعات والمركبات وقطع المدفعية وبطاريات الدفاع الجوي.
لكن ما حصل في عملية "شبكة العنكبوت" مطلع يونيو/حزيران 2025، قد يدفع مستقبلا إلى مراجعات أوسع نطاقا لأسلحة الحروب التقليدية، بعد أن نجحت 117 طائرة مسيرة مشاركة في العملية بضرب 4 مطارات وقواعد جوية في عمق روسيا، وإلحاق أضرار مدمرة بـ41 طائرة عسكرية روسية وهي رابضة بالمدارج، حسب هيئة الأركان الأوكرانية.
ويرى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية "إيفري" أن استخدام الطائرات المسيرة في أوكرانيا، بذلك الحجم من الأساطيل المشاركة وانتشارها الواسع في عمليات كلا الطرفين المتحاربين، يهيئ الظروف لـ"ثورة عسكرية" حقيقية.
وتشير إحصائيات المنصة الأميركية "بيانات ومواقع وأحداث النزاعات المسلحة" إلى بعض ملامح هذه الثورة، مع امتلاك 48 جيشا في العالم مسيرات حربية في عام 2024، مقابل 4 جيوش فقط قبل عام 2014. وفي عام 2023 مثلا تم استخدام الطائرات المسيرة في 34 نزاعا عسكريا، ما يعكس سباقا دوليا متسارعا لامتلاك هذا السلاح.
ولأهمية هذا الاستخدام المتزايد، يعتقد المعهد الفرنسي في ورقة تحليلية له أنه لا يمكن اختزال الطائرات المسيّرة كمجرد ابتكار تقني أو كمجموعة أجهزة ذات خصوصية محددة، بل إنها في تقديره تعادل التحول إلى استخدام المحركات والآليات في القرن الماضي. كما أنها تجسّد -حسب تحليله- إحدى مظاهر "الحرب التشاركية" داخل "قتال متعدد النيران والجبهات".
ومن أجل اللحاق بالركب تحولت روسيا -التي دفعت في حربها مع أوكرانيا بطائرات درون إيرانية الصنع "شاهد" وفق ما أثبتته تقارير ميدانية- إلى تصنيع مكثف لطائراتها المسيّرة الخاصة، معتمدة على اقتصاد الحرب، في مسعى للحد من التفوق الأوكراني في هذا المجال.
إعلانوأفاد تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" في أغسطس/آب 2023، استنادا إلى وثائق مسربة، بأن هدف روسيا هو إنتاج 6 آلاف طائرة مسيرة عام 2025 داخل حدودها وفي مصانعها الخاصة، في صفقة مع إيران قد تكلّف موسكو نحو مليار دولار.
وعلى الرغم من أن أوكرانيا لا تملك القدرات الإنتاجية ذاتها مقارنة بروسيا، لكن يمكنها التعويل على الابتكار وتطوير نماذجها الخاصة، التي أثبتت فعاليتها في عملية "شبكة العنكبوت"، كما يمكنها الاستفادة من الأسراب التي أطلقتها موسكو على أراضيها وإعادة استخدامها أو تدويرها.
وحتى الآن تميل كفة الفعالية إلى أوكرانيا، حيث تشير التقارير العسكرية إلى أن طائرات الدرون الأوكرانية كانت مسؤولة عن 70% من عمليات التدمير التي لحقت الأهداف والمنشآت الروسية.
وعلاوة على ذلك، فإن كييف تنتظر في المستقبل القريب دعما قويا من شركات التصنيع الفرنسية، وهو ما أعلن عنه مؤخرا وزير القوات المسلحة الفرنسي سيباستيان ليكورنو، حيث تخطط باريس لتصنيع طائرات بدون طيار على الأراضي الأوكرانية.
شراكة رابح رابححددت فرنسا شراكة مع أوكرانيا تقوم على قاعدة "رابح-رابح" عبر مشروع تصنيع طائرات من دون طيار على الأراضي الأوكرانية، حيث ستتولى شركة صناعة السيارات الفرنسية العملاقة "رينو" إطلاق هذا المشروع بالتعاون مع شركة تصنيع عسكري فرنسية.
وحسب محطة "فرانس إنفو"، فإنه من المتوقع أن تنطلق الشركتان قريبا في تجهيز خطوط الإنتاج على بعد عشرات أو مئات الكيلومترات من الجبهة، وهو ما يفترض أن يمنح دفعة قوية وهامشا أوسع لرد الفعل والمبادرة لدى الجيش الأوكراني في نزاعه مع روسيا، كما سيتيح لفرنسا تدارك النقص في هذا القطاع.
ووفقا لجان بول بيروش، الجنرال المتقاعد والمدير العام السابق لهيئة الأركان العسكرية للاتحاد الأوروبي، فإن فرنسا لم تكن حتى الآن مستعدة بشكل كافٍ لهذا التحول في أساليب الحرب، مقارنة بالولايات المتحدة والصين، على الرغم من أن الطائرات المسيّرة كانت قيد المناقشة منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وفي حديثه مع محطة "إل سي إي" الفرنسية اعترف بوجود تأخر كبير في تطوير هذه الطائرات، وهو ما ذهب إليه أيضا وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو، الذي أقر بوجود نقص كبير في إمدادات الطائرات المسيرة إلى الجيش الفرنسي.
فرنسا تلحق بالركبويمتلك الجيش الفرنسي قرابة 3000 طائرة مسيرة، وهو الهدف الذي حددته وزارة الدفاع لبلوغه في 2025، بعد أن كان في حدود ألفي طائرة في الربع الأول من عام 2024، وهو رقم لا يمكن مقارنته مع ترسانة أوكرانيا التي تعد أكثر من 4.5 ملايين طائرة مسيرة في 2025.
لكن على الرغم من أن أوكرانيا تحرز تقدما ملحوظا نحو الاكتفاء الذاتي في تصنيع الطائرات المسيرة، فإن الاعتماد على المكونات الأجنبية في التصنيع مثل المحركات وأجهزة التحكم في الطيران يشكّل تحديا مستمرا في تأمين كامل مراحل التصنيع محليا.
وتقوم فكرة التعاون الآن -كما لخصها الوزير الفرنسي- على التزويد المستمر والمكثف لأوكرانيا بالدرون، وفي الوقت نفسه تخصيص جزء من التصنيع الموجه للجيش الفرنسي، إلى جانب الاستفادة المباشرة من التدريب التكتيكي والاستخدام العملياتي للطائرات من دون طيار على أرض المعركة مع روسيا.
أما بخصوص جهات التصنيع، فإن الخيار الفرنسي هو أن يكون بشكل كامل بأيادي أوكرانية، والهدف من ذلك هو الاستفادة القصوى من خبرات الأوكرانيين المتقدمة في التصميم وفي "تطوير العقيدة ذات الصلة".
تأتي هذه الخطوة وفق تقارير أوروبية، في أعقاب مناقشات جرت في الخامس من يونيو/حزيران ببروكسل بين وزيري الدفاع الأوكراني والفرنسي بشأن التصنيع المشترك للأسلحة، لتلبية احتياجات الدفاع الأوكرانية، وأيضا عقب الاجتماع الثامن والعشرين في "رامشتاين" بألمانيا مقر حلف شمال الأطلسي، بين أوكرانيا والدول الشريكة من أجل الاتفاق على آلية لإنتاج الأسلحة.
إعلانلا تعد الشراكة الفرنسية الأوكرانية الأولى من نوعها داخل أوروبا، فقد أسست فنلندا أيضا منشأة لتصنيع الطائرات المسيرة بالتعاون مع شركاء أوكرانيين لإنتاج طائرات مسيرة موجهة لأوكرانيا والاتحاد الأوروبي، وقد وضعت خططا لبدء الإنتاج المكثف العام الجاري 2025.
كما أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية عبر موقعها على الإنترنت توقيع عقود مع هولندا بقيمة إجمالية تفوق 675 مليون يورو، من أجل إنتاج 600 ألف طائرة مسيرة للقوات المسلحة الأوكرانية، في إطار مبادرة "خط الطائرات المسيرة"، ومن المقرر أن تبدأ عمليات التسليم العام الجاري 2025.
وحسب معلومات الوزارة، تعد هذه العقود جزءا من حزمة مساعدات هولندية تشمل كذلك تسليم 100 نظام رادار إضافي لكشف الطائرات المسيرة، ومعدات لإجلاء الجرحى.
من جهتها، كشفت الحكومة البريطانية عبر موقعها عن استثمارات قياسية بقيمة 350 مليون جنيه إسترليني (حوالي 480 مليون دولار أميركي) هذا العام لزيادة إمدادات الطائرات المسيرة إلى أوكرانيا، من هدفها البالغ 10 آلاف طائرة في عام 2024 إلى 100 ألف طائرة في عام 2025.
كما خصصت حكومة النرويج قرابة 644 مليون دولار أميركي لتمويل إنتاج طائرات من دون طيار من مصنعين أوكرانيين وأوروبيين، حسب ما ورد في بيان لها نشرته على موقعها الرسمي.
وتهدف هذه الخطوة -كما صرح بذلك رئيس الوزراء يوناس غار ستوره- إلى تعزيز قدرات أوكرانيا في حماية البنية التحتية الحيوية واستخدام الطائرات بدون طيار في الخطوط الأمامية، وفي عمليات المراقبة وباقي العمليات اللازمة.
سلاح الفقراء
بالعودة إلى حجم التصنيع الدولي للطائرات المسيرة، تكشف بيانات نشرتها صحيفة "لوموند" عن رقم معاملات في حدود 4.3 مليارات دولار لسوق الطائرات المسيرة في العالم عام 2024، مقابل توقعات بأن يرتفع الرقم إلى 5.2 مليارات دولار في العام 2025، وإلى قرابة 14 مليون دولار في عام 2033.
وتتصدر الصين دول العالم من حيث حجم الصادرات من الطائرات المسيرة في عام 2023 بقيمة 1.830 مليار دولار، متقدمة على هونغ كونغ التي تأتي في المركز الثاني بمبيعات تعادل 408 ملايين دولار، ثم تركيا بـ231 مليون دولار، وبعدها الولايات المتحدة الأميركية رابعة بـ212 مليون دولار.
أما بالنسبة للدول الموردة للطائرات المسيرة فتأتي أوكرانيا في المرتبة الأولى بواردات قيمتها 464 مليون دولار في عام 2023، في حين تحل الولايات المتحدة في المركز الثاني بـ423 مليون دولار، ثم هولندا ثالثة بـ223 مليون دولار، وبعدها ألمانيا رابعة بـ211 مليون دولار.
وعلى العموم، توفر هذه الطائرات قدرات جوية متقدمة متاحة لجميع الدول بما في ذلك الفقيرة، في وقت كانت فيه تلك القدرات في السابق حكرا على القوى العسكرية الكبرى.
واليوم وبسعر قد لا يتجاوز 130 دولارا يمكن شراء طائرة مسيرة صينية الصنع مستوحاة من طائرة "بلاك هورنت" الأميركية مع نفس الأداء والفاعلية، لتصبح بذلك هذه التقنية "سلاحا للفقراء" بامتياز.