من الناتو لإشبيلية.. إسبانيا تدعم التنمية وتعارض المزيد من التسليح
تاريخ النشر: 1st, July 2025 GMT
مدريد- تفردت إسبانيا خلال قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) الأخيرة بالحصول على استثناء يتيح لها عدم الالتزام بالوصول إلى نسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي في الإنفاق الدفاعي، وهو المطلب الذي باتت تروج له بعض الدول الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة.
وبدلا من ذلك التزمت مدريد بما تم الاتفاق عليه سابقا، وهو رفع الإنفاق الدفاعي تدريجيا إلى 2.
وأكد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز خلال القمة -التي استضافتها مدينة لاهاي الهولندية يومي 24 و25 يونيو/حزيران الماضي- أن النسبة التي ستلتزم بها بلاده تفي بالحدود المطلوبة للدفاع، واصفا هذا المسار بأنه "واقعي ومتوازن ويحمي النموذج الاجتماعي للدولة".
وشدد سانشيز على أن التركيز يجب أن يكون على تعزيز الكفاءة الدفاعية وليس فقط رفع النسبة المالية للإنفاق.
وفي مقابل هذا الموقف، أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن استيائه، معتبرا أن إسبانيا "لا تفي بما يطلب منها"، واصفا إياها بأنها "دافع ضعيف للغاية".
وقال ترامب في تصريحات للصحفيين "إما أنهم كانوا مفاوضين بارعين، أو أنهم لم يتصرفوا بشكل صحيح".
من جهته، أوضح وزير الاقتصاد الإسباني كارلوس كويربو في مقابلة مع قناة "سي إن إن" أن بلاده مستعدة للمساهمة بحصتها في الإنفاق الدفاعي ضمن حدود لا تضر بالنمو الاقتصادي ولا تمس بنية الدولة الاجتماعية، مؤكدا أن الأولوية يجب أن تكون لتحقيق نمو أخضر وشامل، محذرا من أن الإفراط في التسلح قد يشكل عبئا على الاقتصاد الوطني.
وترى دولوريس روبيو أستاذة العلاقات الدولية في جامعة "كومبلوتنسيه" بمدريد أن الموقف الإسباني ينبع من مفاضلة واضحة بين التزامات الناتو وخيارات الاتحاد الأوروبي، مرجحة أن مدريد باتت تميل أكثر إلى تعزيز شراكاتها داخل الاتحاد، خاصة أنها من بين أقل الدول الأوروبية انشغالا بالملف الأمني.
إعلانوتوضح روبيو -في حديثها للجزيرة نت- أن بيانات "اليورو باروميتر" تكشف أن 20% فقط من الإسبان يعتبرون الأمن من أولوياتهم مقارنة بمتوسط أوروبي يبلغ 36%.
كما أظهرت البيانات أن 72% من الإسبان يثقون بقدرة الاتحاد الأوروبي على حماية المواطنين في الأزمات، وهي نسبة تتفوق على المتوسط الأوروبي البالغ 66%.
وأكدت روبيو أن الحكومة الإسبانية تضع أولوياتها في مجالات مثل التعليم والبحث العلمي، وهو ما ينعكس على توجهها نحو خطاب سياسي أقل عسكرة مقارنة ببقية الحكومات الأوروبية.
وانتقدت روبيو ما اعتبرتها "ضغوطا أميركية متكررة" لزيادة الإنفاق العسكري، وأشارت إلى أنها تتجاهل الحقائق الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بكل دولة.
وأضافت "ليس من المنطقي قياس الالتزام بالتحالفات العسكرية بحجم الإنفاق فقط"، مشددة على أن الإنفاق الدفاعي يجب أن يفهم كاستثمار إستراتيجي لا كأداة سياسية للضغط أو إرضاء ما وصفته بـ"المجمع الصناعي العسكري الأميركي".
التنمية بديل التسلحوفي سياق متصل، استضافت مدينة إشبيلية جنوبي إسبانيا قمة "التمويل من أجل التنمية" التي تعقد مرة كل 10 سنوات بإشراف الأمم المتحدة، وشكلت هذه القمة فرصة لتأكيد الموقف الإسباني الرافض لزيادة الإنفاق العسكري على حساب أولويات التنمية.
ودعت القمة إلى اعتماد ما أطلق عليه "التزام إشبيلية"، وهو إطار عمل يهدف إلى إصلاح نظام التمويل الدولي بما يخدم النمو الأخضر والتنمية العادلة، ويهدف لحشد نحو 4 تريليونات دولار سنويا بحلول عام 2030 من خلال أكثر من 130 مبادرة عملية.
وفي كلمته الافتتاحية، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من الاتجاه المتزايد نحو تحويل موازنات التنمية لصالح التسلح، مطالبا بعدم تقليص الإنفاق على الصحة والتعليم والمساعدات الخارجية لصالح الدفاع، مؤكدا أن كل دولة مسؤولة عن تمويل أمنها دون المساس بمخصصات التنمية.
من جهته، جدد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز خلال فعالية "المواطن العالمي الآن" -التي أقيمت على هامش القمة- التزام بلاده بتخصيص 0.7% من ناتجها المحلي الإجمالي للمساعدات الإنمائية، داعيا الدول الأخرى إلى القيام بالمثل.
كما دعا سانشيز إلى خطوات عملية لتعزيز الثقة في النظام الدولي، مقترحا آليات جديدة للتمويل، مثل فرض ضرائب بيئية على الرحلات الجوية الخاصة.
ويأتي هذا ضمن خطة التعافي الإسبانية المعروفة بـ"إسبانيا تستطيع"، والتي خصص لها 69.5 مليار يورو من أموال الاتحاد الأوروبي بين عامي 2021 و2027 بهدف دعم التحول الأخضر والرقمنة والتماسك الاجتماعي، وهو ما يعكس توجها حكوميا واضحا نحو تنمية شاملة ومستدامة بدلا من زيادة التسلح العسكري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإنفاق الدفاعی
إقرأ أيضاً:
مجموعة التنسيق العربية تدعم التنمية المستدامة في 90 دولة بتمويلات تقدر بـ19.6 مليار دولار خلال 2024
ساهمت مجموعة التنسيق العربية (ACG)، ثاني أكبر مجموعة تمويل تنموي في العالم، بمبلغ إجمالي قدره 19.6 مليار دولار أمريكي لتمويل نحو 650 عملية في أكثر من 90 دولة خلال عام 2024.
وقد خُصص هذا التمويل الكبير لتطوير البنية التحتية الحيوية، ومعالجة التحديات العالمية مثل تغيّر المناخ والأمن الغذائي، ودعم التجارة الدولية.
واجتمع رؤساء مؤسسات المجموعة اليوم في فيينا في الاجتماع السنوي العشرين، الذي استضافه صندوق أوبك للتنمية الدولية (صندوق أوبك).
وقبيل انعقاد المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية (FFD4)، المزمع عقده في الفترة من 30 يونيو إلى 3 يوليو 2025 في إسبانيا، جدّدت المجموعة التزامها بتكثيف المساعدة المالية لدعم التنمية المستدامة.
والجدير بالذكر أن القطاعات الثلاثة والتي كانت أكثر استفادة من تمويل المجموعة في العام الماضي هي: الطاقة (29٪)، الزراعة (20٪)، والقطاع المالي (16٪). وذهب أكثر من 45٪ من إجمالي التمويل إلى تعزيز التجارة العالمية، بما في ذلك ضمان حركة المنتجات الحيوية ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وفي عام 2024، خُصص حوالي 20٪ من التزامات المجموعة لدعم قارة أفريقيا، تماشيًا مع تعهد بقيمة 50 مليار دولار أمريكي قدمته المجموعة في نوفمبر 2023. وخلال اجتماعهم في فيينا اليوم، جدد رؤساء المؤسسات دعمهم المتزايد للمجتمعات الأكثر هشاشة في أفريقيا، من خلال تمويل أمن الطاقة وأيضاً التحول في مجال الطاقة، والأمن الغذائي، وتعزيز التكامل بين المنطقتين العربية والأفريقية، ومبادرات تمكين المرأة والشباب، ودعم القطاع الخاص.
وستحتفل مجموعة التنسيق العربية بذكرى مرور 50 عامًا على تأسيسها في أكتوبر 2025، ما يُشكل محطة بارزة في مسيرتها لتعزيز التنمية المستدامة على مستوى العالم. وستكون هذه المناسبة فرصة لاستعراض إرث المجموعة المتميز وإنجازاتها وتحدياتها، بالإضافة إلى تجديد التزامها بالتنمية العالمية، وتوثيق إنجازاتها على مدار خمسة عقود، وتحفيز التزام جديد نحو تطوير حلول تنموية فاعلة في جميع أنحاء العالم.
مجموعة التنسيق العربية
مجموعة التنسيق العربية هي تحالف استراتيجي يوفر استجابة منسقة لتمويل التنمية ساهمت منذ إنشائها في عام 1975، في تنمية الاقتصادات والمجتمعات من أجل مستقبل أفضل، حيث قدمت أكثر من 13000 قرض تنمية لأكثر من 160 دولة حول العالم. تتكون مجموعة التنسيق العربية من عشرة صناديق تنمية، وهي ثاني أكبر تجمع لمؤسسات تمويل التنمية في العالم وتعمل في جميع أنحاء العالم لدعم الدول النامية وخلق تأثير إيجابي دائم. تضم المجموعة صندوق أبو ظبي للتنمية، والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وبرنامج الخليج العربي للتنمية، وصندوق النقد العربي، والبنك الإسلامي للتنمية، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، وصندوق أوبك للتنمية الدولية، وصندوق قطر للتنمية، والصندوق السعودي للتنمية.