مصر تتصدر إنتاج التمور عالميًا.. وتتوسع في زراعة الأصناف التصديرية | ونقيب الفلاحين يكشف التفاصيل
تاريخ النشر: 4th, July 2025 GMT
على ضوء الأهمية الاستراتيجية التي تمثلها زراعة النخيل وصناعة التمور في مصر، اجتمعت نخبة من الخبراء والمسؤولين والمختصين في ندوة نظمتها غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، لمناقشة التحديات التي تواجه القطاع، وبحث آليات تعظيم الاستفادة من موقع مصر الريادي كأكبر منتج للتمور عالميًا. ورغم وفرة الإنتاج، لا تزال التحديات قائمة، وتكمن في الفجوة الكبيرة بين الكم والجودة، وبين الإنتاج المحلي ومعدلات التصدير.
وفق ما أعلنته الدكتورة مايسة حمزة، المدير التنفيذي لغرفة الصناعات الغذائية، فإن مصر تنتج سنويًا نحو 1.87 مليون طن من التمور، وهو ما يمثل نحو 19.3% من إجمالي الإنتاج العالمي، متقدمة على السعودية التي تحتل المركز الثاني بـ1.64 مليون طن. ورغم هذا الإنتاج الهائل، لم تتجاوز قيمة صادرات مصر من التمور في 2024 حاجز 105.6 مليون دولار، وهو رقم لا يعكس حجم الإنتاج الضخم.
وأرجعت حمزة هذا التراجع إلى عدم توافق بعض الأصناف المصرية مع متطلبات الأسواق العالمية، مما يستدعي تطويرًا جذريًا في الجودة والفرز والتعبئة، وكذلك تحسين سلاسل القيمة بداية من الزراعة وحتى التصدير.
صناعة وطنية تحت المجهرأوضح الدكتور أمجد القاضي، المدير التنفيذي لمركز تكنولوجيا الصناعات الغذائية، أن إنتاج مصر الفعلي من التمور يتجاوز 2 مليون طن سنويًا، وتضم البلاد ما يقرب من 7 ملايين نخلة، منها ما يُزرع في مزرعة توشكى المصنفة كأكبر مزرعة نخيل في العالم.
كما أشار القاضي إلى وجود 142 منشأة صناعية و143 محطة تعبئة تعمل في هذا المجال، ما مكّن مصر من تصدير نحو 88 ألف طن من التمور إلى 86 دولة، رافعًا بذلك تصنيفها إلى الخامس عالميًا والثاني أفريقيًا بعد تونس.
التصنيع التحويلي.. فرص غير مستغلةيشهد قطاع التمور المصري تحولًا مهمًا نحو التصنيع التحويلي، وهو ما أكده القاضي، مشيرًا إلى بدء إنتاج دبس التمر، وسكر سائل، وزيت نوى التمر، ومسحوق التمر المجفف كبديل صحي للسكر. وأوضح أن هذه المنتجات تلقى رواجًا في الأسواق العالمية، خاصة في قطاعات أغذية الأطفال، والألبان، والتغذية المدرسية.
وأكد القاضي على أهمية ربط البحث العلمي بالصناعة من خلال ورش العمل التي يتم تنظيمها بالتعاون مع معهد تكنولوجيا الأغذية والمركز القومي للبحوث، مطالبًا بإدخال تقنيات حديثة، وتقليل الفاقد، وإنشاء مصانع قرب مناطق الإنتاج.
المواصفات والجودة.. معايير جديدة للعالميةأشار الدكتور رضا عبد الجليل، مدير الإدارة الفنية بغرفة الصناعات الغذائية، إلى أن هناك جهودًا لتحديث المواصفات القياسية الخاصة بمنتجات التمور، وتم دعوة العاملين في القطاع للمساهمة في صياغة هذه المعايير بالتعاون مع هيئة المواصفات والجودة.
وفي السياق ذاته، أوضح محمد عبد الفتاح، أخصائي فني بالهيئة، أن المواصفة المصرية للتمر المجدول (رقم 8733 لسنة 2023) تعد الأولى من نوعها عالميًا، وتم اتخاذ خطوات جادة لاعتمادها كمواصفة دولية من قبل هيئة الكودكس العالمية.
التغليف والتسويق.. حلقة مفقودةشدد الدكتور خالد ناجي، خبير التعبئة والتغليف، على أن التغليف هو أحد أهم عوامل نجاح تسويق التمور في الأسواق الخارجية. وأوضح أن سوق التغليف عالميًا يتجاوز 1500 مليار دولار سنويًا، بينما لا تزال مصر تعتمد على معدات قديمة وتقنيات تقليدية، رغم امتلاكها صناعة تغليف تقدر بنحو 8 مليارات جنيه. ودعا ناجي إلى التوسع في استخدام العبوات الذكية، وتحديث خطوط الإنتاج لتلبية متطلبات الأسواق الدولية.
سلامة الغذاء.. البوابة إلى الأسواقأكدت الدكتورة سمر شعراوي، القائم بأعمال الرقابة على محطات التعبئة بالهيئة العامة لسلامة الغذاء، أن سلامة الغذاء أصبحت شرطًا أساسيًا للنفاذ إلى الأسواق وليس مجرد ترف. وكشفت عن جهود الهيئة في تأهيل الموردين ومحطات التعبئة لتواكب اشتراطات السلامة العالمية، خصوصًا في ما يتعلق بعمليات الغسيل والتجفيف والتخزين باستخدام مياه معالجة ودرجات حرارة مناسبة.
دور البحث العلمي والتقنيات الحديثةتحدث الدكتور أشرف شروبة، أستاذ الصناعات الغذائية، عن تقنية الأوزون، وأهميتها في القضاء على الحشرات والجراثيم دون أن تترك أثرًا كيميائيًا، مؤكدًا نجاح استخدامها في حفظ التمور وغيرها من المنتجات الغذائية. كما أشار الدكتور مصطفى عسوس، مدير المعمل المركزي للنخيل، إلى ضرورة تحسين العمليات التصنيعية من الفرز والتعبئة وحتى التخزين.
مشروع النخيل.. رؤية رئاسية وطموح وطنيفي إطار رؤية تنموية شاملة يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي للنهوض بالقطاع الزراعي، تشهد مصر تحولًا نوعيًا في زراعة النخيل، لا سيما من حيث التركيز على الأصناف عالية الجودة التي تحمل قيمة اقتصادية مرتفعة، سواء للاستهلاك المحلي أو للتصدير، ومع ما تملكه البلاد من مخزون ضخم من أشجار النخيل، فإن المساعي الحالية تتركز على تعزيز الجودة والتنوع، مما يعكس توجهًا استراتيجيًا للنهوض بهذه "الزراعة الذهبية".
أصناف جديدة تعزز القدرة التصديريةقال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن مصر تمتلك أعدادًا ضخمة من أشجار النخيل، لكنها بدأت في الآونة الأخيرة بالتحول إلى زراعة أصناف عالية الجودة مثل "البرحي" و"المجدول"، والتي تُعد من أجود أنواع التمور المطلوبة عالميًا، وأوضح أن هذه الأصناف تحقق عائدًا اقتصاديًا مرتفعًا، وهي تتماشى مع توجيهات الرئيس بزراعة مليون نخلة، مشيرًا إلى أن هذا المشروع يشكل قفزة نوعية في مسار الزراعة التخصصية والتصديرية.
مصر الأولى عالميًا في إنتاج التمورأبوصدام أكد أن مصر تتصدر بالفعل المرتبة الأولى عالميًا في إنتاج التمور من حيث الكمية، لكنها الآن تسير بخطى ثابتة نحو الصدارة في الجودة والتصدير أيضًا، خاصة بعد التوسع في زراعة الأصناف ذات الجدوى الاقتصادية العالية. وأشار إلى أن التمور المصرية باتت مطلوبة في أسواق كثيرة، ما يعزز من فرص دخولها ضمن قوائم التصدير الدائمة للدولة.
نخيل التمر.. زراعة وصناعة واعدةواعتبر نقيب الفلاحين أن زراعة النخيل في مصر ليست مجرد نشاط زراعي، بل هي صناعة متكاملة ذات مستقبل واعد، خاصة أن شجرة النخيل تتكيف مع طبيعة البيئة المصرية الجافة، ولا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، كما أنها تتحمل ملوحة التربة، مما يجعلها الخيار الأمثل للزراعة في معظم أنحاء البلاد.
مشروع زراعة النخيل.. خطوة اقتصادية نحو الاكتفاء وزيادة التصديروأوضح أبوصدام أن مصر كانت تستورد سابقًا بعض الأصناف الممتازة من التمور، لكن الوضع تغير الآن، حيث أصبحت البلاد تمتلك هذه الأصناف وتزرعها بنجاح. وأضاف أن هذا التوجه يقلل الاعتماد على الاستيراد ويوفر العملة الصعبة، بل ويساهم في إدخال عملات أجنبية من خلال التصدير، مما يعزز مكانة مصر الاقتصادية في الشرق الأوسط.
الفجوة التصديرية ومستقبل السوق العالميفي ختام الندوة، لفت المهندس خالد الهجان، عضو المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، إلى أن الطلب العالمي على التمور مرشح للارتفاع إلى 16 مليون طن بحلول عام 2040، ما يتطلب زراعة نحو 100 مليون نخلة جديدة لتغطية الفجوة.
ومن جهته، أشار تميم الضوي، نائب مدير المجلس التصديري للصناعات الغذائية، إلى أن قطاع التمور يسير على نهج قطاع الفراولة المجمدة، الذي حقق قفزة تصديرية من 40 إلى 360 مليون دولار خلال أقل من 10 سنوات، مشددًا على ضرورة تنظيم القطاع داخليًا والانطلاق بقوة نحو الأسواق الخارجية.
من الواحة إلى العالمصناعة التمور في مصر تقف اليوم على أعتاب تحول كبير، يتجاوز حدود الكم إلى الجودة، ومن الإنتاج المحلي إلى التصدير العالمي. ومع وجود إرادة سياسية، ودعم مؤسسي، وتعاون بين البحث العلمي والقطاع الخاص، تبقى الفرصة سانحة لتحويل "ذهب الصحراء" إلى رافد اقتصادي حقيقي يعزز الناتج القومي، ويدفع مصر إلى موقع متقدم ضمن كبار مصدّري التمور عالميًا. لكن النجاح مرهون بمدى قدرتنا على تحديث الصناعة، وتطوير سلاسل الإمداد، وفتح أسواق جديدة، عبر بوابة الجودة والمواصفات والابتكار.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التمور مصر التصدير الإنتاج الصناعات الغذائیة زراعة النخیل التمور فی من التمور ملیون طن عالمی ا إلى أن
إقرأ أيضاً:
بدء موسم التبسيل في شمال الشرقية.. وبدية تحتضن 70330 نخلة مبسلي
إبراء- العُمانية
تشهد ولايات محافظة شمال الشرقية موسم "التبسيل لإنتاج الفاغور"، في تكاتف مجتمعي عرف به العُمانيون منذ القدم كما يوفر دخلًا اقتصاديًّا لمزارعي المحافظة التي تعد من أكثر المحافظات إنتاجًا للمبسلي في سلطنة عُمان.
وتتصدر ولاية بدية ولايات محافظة شمال الشرقية في عدد "نخلة المبسلي" بـ70330 نخلة، حيث تنتج كل نخلة حوالي 125 كجم من ثمار "المبسلي"، لتحقق إجمالي الإنتاج بـ8787 طنًّا من الثمار سنويًّا، ينتج منها حوالي 2197 طنًّا من البسور المجففة سنويًّا، حيث تتواصل أعمال التبسيل لإنتاج الفاغور وسط تلاحم اجتماعي بين أبناء المجتمع المحلي في قرى "الظاهر"، و"جاحس"، و"المنترب"، و"الحوية"، وغيرها من القرى.
ويبلغ عدد نخيل "المبسلي" في ولاية إبراء 15597 نخلة، وهو ما يحقق إنتاجًا كليًّا بمقدار 382 طنًّا سنويًّا من "المبسلي"، وتُشكل إنتاج 163 طنًّا سنويًّا من إنتاج البسور المجفف، فقد شهدت قرى "اليحمدي"، و"قفيفة" والحائمة"، وعدد من القرى بكل من "السفالة والعلاية"، أعمال التبسيل وإنتاج الفاغور.
كما تتواصل أعمال "التبسيل لإنتاج الفاغور في ولايات القابل، والمضيبي، وسناو، وهي من الولايات التي تشتهر بزراعة "نخلة المبسلي" بين ولايات محافظة شمال الشرقية؛ حيث يبلغ عدد نخيل "المبسلي" في ولاية القابل، حوالي 39313 نخلة، وفي ولاية المضيبي 9125 نخلة، وفي ولاية سناو 1201 نخلة ويبلغ الإنتاج الكلي من نخلة المبسلي بالولايات الثلاث 2165 طنًّا سنويًّا، منها 542 طنًّا يتحول إلى البسور المجففة؛ حيث تنتج ولاية القابل 415 طنًّا، وولاية المضيبي 95.5 طن، وولاية سناو 30.8 طن سنويا.
وقال المزارع سليمان بن سعيد الحبسي من ولاية المضيبي، "التبسيل لإنتاج الفاغور والبسور المحفف" يمر بأكثر من مرحلة وفي أكثر من يوم، حيث يشتمل اليوم الأول لعملية "التبسيل" بدءًا من عملية "جداد النخلة" وصولًا إلى إنتاج "الفاغور" في مكان مخصص لطبخ "البسور" يسمى محليا بـ"التركبة".
ومن جهته، استرسل المزارع صالح بن خلفان السيابي في الحديث عن مراحل "التبسيل" قائلًا: تبدأ أولى مراحل التبسيل بجد عذوق نخلة المبسلي وبعد فصل البسر عنها، يبدأ نقلها لمكان الطبخ والمعروف محلياً بـ"التركبة" حيث يعتمد في عملية الطبخ على أخشاب الأشجار، ثم تتم المرحلة الأخيرة وهي تجفيف الفاغور ليتحول إلى بسور لتهيئتها لمرحلة الإنتاج الاقتصادي وبدء تسويقها في الأسواق المحلية والعالمية.
ومن جانبه، قال المزارع محمد بن بدر الحجري وهو أحد المهتمين بموسم إنتاج "الفاغور": "بدأ الموسم في معظم قرى ولاية بدية التي تشتهر بزراعة نخلة "المبسلي"، بالطرق المتعارف عليها قديمًا التي تربت عليها الأجيال جيلا بعد جيل، إذ تشكل لحمة مجتمعية يجتمع خلالها الكبار والصغار".
وتشير إحصاءات وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه لعام 2024 إلى تصدر محافظة شمال الشرقية محافظات سلطنة عُمان بـ136112 نخلة مبسلي، ويقدر متوسط إنتاج النخلة الواحدة بـ85 كجم، فيما يبلغ الإنتاج الكلي لنخلة المبسلي من هذا العدد 11620 طنًّا سنويًّا، منها 2905 أطنان سنويًّا من إنتاج البسور المجفف، ويبلغ الإنتاج الكلي للمبسلي في سلطنة عُمان 29135 طنًّا، والإنتاج الكلي من البسور المجففة 7284 طنًّا، وبعائد اقتصادي يصل إلى حوالي 2.9 مليون ريال عُماني.