العقوبات الأوروبية تصل الصين.. وبكين ترد: تمس مصالحنا المشروعة
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
أعلنت الصين، الأربعاء، أنها قدمت احتجاجات رسمية إلى الاتحاد الأوروبي، بعد إدراج مصرفين صينيين ضمن الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا، في إطار ردّ التكتل على استمرار الحرب في أوكرانيا.
وذكرت وزارة التجارة الصينية في بيان أن وزير التجارة وانغ وينتاو أعرب عن احتجاج بلاده خلال محادثات أجراها الثلاثاء مع المفوض التجاري الأوروبي ماروس سيفكوفيتش، دون أن تسمي المصرفين المعنيين.
وشدد البيان على أن بكين ترفض بشدة استهداف مؤسساتها المالية في سياق العقوبات الغربية على موسكو، مؤكدة أن إدراج المصرفين الصينيين “يمس المصالح الاقتصادية المشروعة للصين ويقوّض الثقة المتبادلة مع بروكسل”.
وتُعد هذه الخطوة أحدث مؤشر على تصاعد التوتر التجاري بين بكين وبروكسل، في وقت تتزايد فيه الخلافات بشأن العلاقة الصينية الروسية، والدعم الصناعي الصيني، والممارسات التجارية التي تصفها أوروبا بأنها “غير عادلة”.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أقرّ حزمة جديدة من العقوبات تستهدف شركات ومؤسسات تتهمها بدعم موسكو في الالتفاف على القيود الغربية، لتشمل كيانات من دول ثالثة، من بينها الصين، وهو ما تنظر إليه بكين كتصعيد غير مبرر يهدد المصالح المتبادلة.
ومن المتوقع أن تتسع دائرة الخلاف بين الطرفين، خاصة في ظل الضغط الأمريكي على الحلفاء الأوروبيين لمراقبة العلاقة الاقتصادية بين بكين وموسكو، وسط تساؤلات متزايدة حول مدى التزام الصين بالحياد في الأزمة الأوكرانية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي الاقتصاد العالمي الصين الصين وأمريكا الصين والاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية
إقرأ أيضاً:
هل تنجح أوروبا في شراكتها الاقتصادية مع الصين دون خسارة علاقتها مع أميركا؟
قالت وكالة بلومبيرغ إن الرسوم الجمركية التي يهدد بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد دفعت عددًا من الدول الأوروبية إلى مراجعة نهجها الاستثماري حيال الصين، مع تزايد التوجه نحو المشاريع الإنتاجية العالية القيمة، ولا سيما مصانع السيارات الكهربائية والبطاريات، بدلًا من صفقات شراء الأصول التقليدية كبنى الموانئ وشبكات الطاقة.
وفي الوقت ذاته، أكدت صحيفة فايننشال تايمز أن القمة الأوروبية الصينية المزمع عقدها غدا، والتي تأتي في إطار إحياء مرور 50 عامًا على العلاقات بين الطرفين، تتزامن مع تباين واسع في وجهات النظر، بخاصة حول ملف دعم بكين لروسيا، ومدى تناغم المواقف الأوروبية مع سياسة واشنطن في فرض العقوبات.
الصين تغير إستراتيجيتها الاستثماريةوذكرت بلومبيرغ أن الصين قد غيرت إستراتيجيتها في القارة الأوروبية، فبدلًا من شراء الأصول القائمة، باتت تركز على إنشاء مصانع جديدة (استثمارات خضراء ميدانية).
وأوضحت الوكالة أن شركات مثل "كالب"، و"سي إيه تي إل"، و"بي واي دي"، أصبحت تمثل واجهة هذا التوجه الجديد، حيث تدعم الحكومات المحلية هذه الشركات عبر منح مباشرة وتسهيلات ضريبية.
فعلى سبيل المثال، قالت بلومبيرغ إن شركة "كالب" الصينية بدأت في مايو/أيار الماضي بناء مصنع لبطاريات الليثيوم في مدينة سينيس البرتغالية بتكلفة تبلغ 2.2 مليار دولار، ومن المتوقع أن يوفر 1800 وظيفة مباشرة.
ووصفت الوكالة هذا المشروع بأنه نموذج للتحول النوعي في الاستثمارات الصينية داخل أوروبا.
وفي المجر، أفادت بلومبيرغ بأن شركة "سي إيه تي إل" تبني مصنعًا عملاقًا في مدينة ديبريسن، يخدم شركات تصنيع أوروبية كبرى مثل مرسيدس، وأودي، وبي إم دبليو. كما أكدت أن شركة "بي واي دي" -أكبر شركة سيارات كهربائية في الصين- قررت إنشاء مصنعها الأوروبي الأول في مدينة سيغيد المجرية، إلى جانب نقل مقرها الإقليمي بالكامل إلى هنغاريا.
إعلانأما في سلوفاكيا، فذكرت بلومبيرغ أن شركة "جيلي"، المالكة لشركة "فولفو"، تشيد مصنعًا بقيمة 1.2 مليار يورو (1.41 مليار دولار)، بينما عقدت شركة "غوشن هاي-تك" الصينية شراكة مع "إينو بات" السلوفاكية لبناء منشأة مشتركة لإنتاج البطاريات.
وبحسب بيانات نشرها معهد "ميركس" الألماني بالتعاون مع مجموعة "روديام"، أوردتها بلومبيرغ، فإن حجم الاستثمار الصيني في أوروبا ارتفع مجددًا إلى نحو 10 مليارات يورو (11.73 مليار دولار) في عام 2024، بعد 7 سنوات متتالية من التراجع.
ولكن التقرير أوضح أن هذا الرقم لا يزال يمثل خُمس ما أنفقته الشركات الصينية في عام 2016، وذلك يعكس طبيعة التحول النوعي لا الكمي.
حجم الاستثمار الصيني في أوروبا ارتفع إلى نحو 10 مليارات يورو في عام 2024، بعد 7 سنوات متتالية من التراجع
الرسوم الأميركية تختبر المصالح الأوروبيةوقالت بلومبيرغ إن الضغوط التجارية التي تفرضها إدارة ترامب دفعت الشركات الصينية إلى تعزيز إستراتيجيات "التوطين الصناعي" داخل أوروبا.
ونقلت الوكالة عن ألكسندر مولر، الشريك في شركة "رولاند بيرغر" للاستشارات، قوله إن "الرسوم الجمركية قد تعكس الوضع بالكامل… الشركات الصينية تنظر إلى أوروبا كميدان توسع بديل بعد الانغلاق الأميركي".
لكن بلومبيرغ لفتت في الوقت نفسه إلى أن هذه الدينامية ليست خالية من التعقيد، إذ تصطدم الاستثمارات الصينية برقابة أمنية متزايدة في بعض الدول، خاصة في شمال أوروبا وشرقها.
ففي السويد مثلًا، أُلغي مشروع لشركة "بي تي إل" الصينية لبناء أكبر مصنع لإنتاج "أنودات" البطاريات بسبب شروط فرضتها الحكومة السويدية تحدّ من السيطرة الصينية، بحسب ما ذكرت بلومبيرغ.
كما نقلت الوكالة عن مسؤولين أوروبيين تحذيرهم من مخاطر اقتراب منشآت صينية من بنى تحتية عسكرية، كما هو الحال في بولندا حيث تدير شركة صينية ميناء قرب قاعدة لحلف الناتو في بحر البلطيق.
الصين ليست موضع ثقة مطلقةبالمقابل، قالت فايننشال تايمز إن الاتحاد الأوروبي ماضٍ منذ عام 2022 في تطبيق سياسة تقليل الاعتماد المفرط على الصين، وهي ما تُعرف بـ"خفض المخاطر".
وأشارت الصحيفة إلى أن التوتر السياسي مع بكين تعمّق على خلفية دعم الصين لموسكو، لا سيما في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا ورفض بكين أي ضغوط أوروبية للفصل بين الشراكة الاقتصادية والدعم الإستراتيجي لروسيا.
وأكدت الصحيفة أن وزير الخارجية الصيني وانغ يي أبلغ مسؤولين أوروبيين أن بلاده "لا ترغب في رؤية روسيا تخسر الحرب"، نظرًا لما قد ينجم عن ذلك من اضطرابات في جوارها الجيوسياسي.
وشددت فايننشال تايمز على أن أوروبا لا تزال منقسمة في مواقفها تجاه الصين، ففي حين تطالب رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين" بعقوبات أكثر صرامة على بكين بسبب دعمها غير المباشر لموسكو، فإن دولًا مثل المجر وصربيا وإسبانيا لا تزال تسعى لتوسيع التعاون مع الصين في مجالات الطاقة والتكنولوجيا.
إستراتيجية أوروبية متوازنةوتقول فايننشال تايمز إن أوروبا تحاول الوصول إلى معادلة توازن دقيقة، تقوم على 3 محاور:
الاستفادة من رأس المال والخبرة الصينية في تطوير مشاريع إستراتيجية، خصوصًا في قطاع الطاقة النظيفة والمركبات الكهربائية. الحفاظ على الحلف مع الولايات المتحدة، خاصة في مجال العقوبات والملفات الأمنية المرتبطة بالناتو. عدم الانزلاق إلى التبعية الاقتصادية لبكين، مع دعم التنافس العادل وضمان الاستقلال الإستراتيجي. إعلانوأكدت الصحيفة أن هذه الإستراتيجية تواجه اختبارات صعبة، أبرزها كيفية التعامل مع الصين من دون تقويض المصالح الأوروبية في أوكرانيا، أو التفريط بالضمانات الأمنية الأميركية.
ومن المنتظر أن تحمل القمة الأوروبية الصينية المرتقبة مؤشرات حاسمة بشأن مستقبل العلاقة بين الجانبين.
ويتوقع مراقبون أن ترسم القمة ملامح النهج الأوروبي المقبل، فهل ستنجح بروكسل في الحفاظ على شراكتها الاقتصادية مع الصين من دون الإخلال بعلاقاتها الأمنية مع واشنطن؟ أم إن التوترات المتزايدة ستُقوّض هذا التوازن وتدفع أوروبا نحو اصطفاف صريح في أحد المعسكرين؟