جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-03@16:43:12 GMT

عن أيّ تاريخٍ نُحدّث أبناءنا؟

تاريخ النشر: 26th, July 2025 GMT

عن أيّ تاريخٍ نُحدّث أبناءنا؟

 

د. إبراهيم بن سالم السيابي

في لحظة صمتٍ لم تدم طويلًا، سألني طفلي وهو يتابع معي الأخبار: لماذا يموت الأطفال في غزة جوعًا؟ لم أستطع أن أجيبه، كنت قد أنهيت لتوي درسًا معه عن الفتوحات الإسلامية ومواقف القادة العظام، وكان لا يزال متأثرًا بحكاية المعتصم حين سيّر جيشًا لنصرة امرأة واحدة، لكنه بدا مرتبكًا، عاجزًا عن التوفيق بين أمجاد الماضي وصمت الحاضر.

هذه الفجوة المؤلمة بين ما ندرّسه لأبنائنا وبين ما يشاهدونه بأعينهم لا يمكن تجاهلها. إننا نُكثر من الحديث عن التاريخ، ونبني في أذهان طلابنا صورةً مثالية لماضينا، ثم نتركهم يواجهون واقعًا يناقض تمامًا تلك الصورة، ففي يومٍ واحد، يموت 100 إنسان جوعًا في غزة، منهم 80 طفلًا، بحسب بيانات صادرة عن الأمم المتحدة. وذلك بخلاف من يُقتلون تحت القصف الممنهج، في واحدة من أسوأ حروب الإبادة التي يشهدها العصر الحديث، وعلى مرأى ومسمع من العالم كله، ولا يتحرك في عالمنا العربي شيء يشبه ما قرأناه في كتبنا، كيف نُقنع أبناءنا أن تلك البطولات ليست مجرد أساطير، وأن النخوة والعدل ليست كلمات منسية في صفحات بعيدة؟

ليست المشكلة في التاريخ ذاته، بل في الطريقة التي نتعامل بها معه، فنحن ندرّس التاريخ وكأنه وسيلةٌ للتفاخر، لا أداةٌ للتفكر، نحفظ الأسماء ونحتفي بالوقائع، لكننا نغفل المعنى، نُشيد بالقادة الذين نصروا المظلومين، بينما نعجز اليوم عن إرسال علبة حليب أو رغيف خبز لطفل محاصر، نملأ عقول أبنائنا بصور المجد، ولا نُدرّب قلوبهم على الإحساس بالمسؤولية تجاه الإنسان.

 

وقد قيل: "التاريخ لا يُكتَب بالحبر، بل بالموقف".

وهو قول يكاد يختصر كل ما نعانيه اليوم، فما جدوى الحروف إن لم تدفعنا إلى الوقوف؟ وما نفع الدروس إن لم توقظ فينا ضميرًا؟

ما نحتاجه ليس إلغاء مادة التاريخ، بل إعادة النظر في الغاية من تدريسها، هل نريد من أبنائنا أن يكونوا حفّاظًا لأحداث مضت؟ أم أن يكونوا حملةً لقيمٍ لا تموت؟ إن لم يكن للتاريخ أثرٌ في بناء الضمير، فما جدواه؟ وإن لم يُلهِمنا العدل، والرحمة، ونصرة المظلوم، فهل بقي منه غير الحبر والورق؟

في غزة، يُعيد التاريخ نفسه، لا في مشهد البطولة، بل في مشهد الخذلان. يموت الناس تحت الحصار، وتُقصف البيوت، ويُدفن الأطفال تحت الركام، بينما تنشغل الأمة بتفاصيل لا تنقذ حياة ولا تحرّر أرضًا، فأطفال غزة لا يحتاجون إلى مديحٍ في الكتب، بل إلى حياةٍ تحفظ كرامتهم، والطلاب في مدارسنا لا يحتاجون إلى سرد الانتصارات القديمة، بل إلى من يُريهم كيف تُصنع المواقف في الزمن الصعب.

فهل نُحدّث أبناءنا عن التاريخ، أم نبدأ بمساءلة الحاضر؟ هل نروي لهم ما فعله الأجداد، أم نُريهم ما ينبغي أن نفعله نحن؟ لقد أصبح السؤال عن التاريخ، في هذا الزمن، سؤالًا عن الأخلاق أولًا، وعن موقعنا من الكرامة الإنسانية، فالتاريخ الذي لا يوقظ فينا هذه الأسئلة ليس تاريخًا حيًّا، بل سردية منزوعة الروح.

غزة اليوم امتحانٌ قاسٍ لكل ما نُدرّسه لأبنائنا، فإن لم نربط بين الدرس والواقع، بين المعنى والموقف، سنكون كمن يزرع في الأرض حجارة لا ثمارًا، فالتاريخ لا يعيش في السطور، بل في الضمير.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هالاند يدخل التاريخ بهدفه رقم 100 في البريميرليج

واصل النرويجي إيرلينج هالاند، مهاجم مانشستر سيتي، صناعة الأرقام القياسية، بعدما دوّن إنجازًا جديدًا خلال مواجهة فريقه أمام فولهام، التي أقيمت مساء اليوم الثلاثاء على ملعب كرافين كوتاج ضمن الجولة الرابعة عشرة من الدوري الإنجليزي الممتاز.

هالاند.. أسرع من يسجّل 100 هدف في تاريخ الدوري الإنجليزي


افتتح هالاند التسجيل لمانشستر سيتي في الدقيقة 17، ليصل إلى الهدف رقم 100 في البريميرليج بعد خوض 111 مباراة فقط، محققًا رقمًا تاريخيًا غير مسبوق.

الدوري السعودي يعود لملاحقة محمد صلاح .. صفقة الـ500 مليون تعود للحياةقائمة بيراميدز في مواجهة كهرباء الإسماعيلية فى الدوري المصري


وتفوّق النجم النرويجي بذلك على أساطير المسابقة، أبرزهم:

آلان شيرار الذي احتاج إلى 125 مباراة للوصول إلى 100 هدف.هاري كين الذي وصل إلى نفس الرقم بعد 142 مباراة.


شهدت المدرجات حضور والد هالاند لمتابعة إنجاز ابنه عن قرب، كما تواجد المصري عمر مرموش على مقاعد بدلاء مانشستر سيتي، بينما اعتمد الفريق على تشكيل هجومي قوي بقيادة هدّافه المتألق.


يُعدّ وصول هالاند إلى 100 هدف بهذه السرعة إنجازًا يُضاف إلى مسيرته المبهرة منذ انضمامه إلى مانشستر سيتي. ويؤكد هذا الرقم قدرته على مواصلة تحطيم الأرقام القياسية وتثبيت أقدامه كأحد أبرز المهاجمين في تاريخ الدوري الإنجليزي.

بهذا الهدف، يكتب هالاند صفحة جديدة في سجله الذهبي، ويُثبت أن رحلته مع الأرقام القياسية ما زالت في بدايتها.

طباعة شارك هالاند البريميرليج مانشستر سيتي الدوري الإنجليزي

مقالات مشابهة

  • عُمره 2000 عام.. أول كمبيوتر في التاريخ يذهل العلماء
  • هالاند يدخل التاريخ بهدفه رقم 100 في البريميرليج
  • “حشد”: اجلاء حمير من غزة بينما يموت الأطفال يعكس انحطاطاً أخلاقياً وسياسياً
  • ليست المرة الأولى.. مجهولون يسرقون آلاف الإطلاقات من الجيش الألماني
  • تاريخ المواجهات.. المنتخب السعودي يكتسح عمان قبل مباراة اليوم
  • قبل لقاء اليوم .. تاريخ مواجهات مصر والكويت
  • وعد بابوي بحَراك ديبلوماسي والبابا لاوون يشهد على وطن لن يموت ولن يستسلم
  • تاريخ مواجهات تونس وسوريا قبل صدام اليوم في كأس العرب 2025
  • مدحت العدل يكشف شغفه بكتابة سيرة أم كلثوم: "الفنان لا يموت"
  • سجل أبطال كأس العرب عبر التاريخ