الجزيرة:
2025-12-01@12:31:05 GMT

اليد الميتة.. آلة يوم القيامة النووية الروسية

تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT

اليد الميتة.. آلة يوم القيامة النووية الروسية

"اليد الميتة" نظام ردع نووي أوتوماتيكي طوره الاتحاد السوفياتي إبان الحرب الباردة (1947 ـ 1991) التي امتدت عقودا بينه وبين الولايات المتحدة الأميركية. وكانت الاسم الرمزي لمبادرة ردت بها موسكو على مبادرة الدفاع الإستراتيجي الأميركية، التي أعلن عنها الرئيس الأميركي رونالد ريغان عام 1983، وكانت عبارة عن نظام دفاع صاروخي واسع النطاق.

وهدف نظام الردع السوفياتي إلى التحكم في الأسلحة النووية وإطلاق صواريخ روسية دفاعية في حال رصد هجوم نووي على أراضي الاتحاد.

سمي في الوثائق السوفياتية العسكرية بـ"بريميتر"، وأطلق عليه خبراء عسكريون أميركيون إلى جانب الإعلام الأميركي اسمي "آلة يوم القيامة" و"اليد الميتة".

أصل التسمية

ظهر مصطلح "اليد الميتة" لأول مرة بشكل بارز في الصحافة والأدبيات الغربية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الـ20، عندما بدأت مراكز الدراسات والأجهزة الاستخباراتية الأميركية تتداول تقارير عن وجود نظام سوفياتي قادر على إطلاق ضربة نووية تلقائية حتى في حال غياب القيادة السياسية والعسكرية العليا.

وأصبح هذا المصطلح الأكثر شهرة في الإعلام الغربي عند الحديث عن النظام النووي السوفياتي الانتقامي، إلا أنه لم يكن الاسم الرسمي للنظام في الوثائق العسكرية السوفياتية.

في حين وصفه خبراء أميركيون بـ"يوم القيامة" لكن الاسم الفعلي الذي أُطلقه الاتحاد على البرنامج في البداية هو "بريميتر"، وهو مصطلح تقني عسكري يعني نظام المحيط الدفاعي.

الخلفية التاريخية

نشأت فكرة تأسيس نظام "بريميتر" في مرحلة بالغة التوتر إبان الحرب الباردة (1947 ـ 1991)، وقد بلغ السباق نحو التسلح بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي ذروته آنذاك.

فمنذ نهاية أربعينيات وحتى ثمانينيات القرن الـ20، انخرط العملاقان النوويان في تطوير ترسانات نووية هائلة، مدفوعة بعقيدة الردع النووي المتبادل أو ما يعرف بنظرية التدمير المتبادل "ماد".

إعلان

وهي نظرية تفترض أن أي استخدام للسلاح النووي من الطرفين سيؤدي إلى دمار شامل، وهو ما يمنعهما من بدء الهجوم.

لكن مع تطور تكنولوجيا الأسلحة الموجهة بدقة وأنظمة الإنذار المبكر، أظهرت القيادة السوفياتية مخاوف من إمكانية تنفيذ الولايات المتحدة ضربة نووية شاملة.

ودفعت هذه الفرضية الاتحاد السوفياتي إلى البحث عن آلية تضمن الرد حتى في حال تدمير مراكز القيادة.

وفي 30 أغسطس/آب 1974، وبموجب قرار حكومي سري للاتحاد السوفياتي، كُلف مكتب التصميم "يوجنو" في دنيبروبتروفسك (التي أصبحت في حدود أوكرانيا لاحقا) بتطوير النظام، وهو المكتب المسؤول عن صناعة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

وبدأت التجارب العملية عام 1979، ونفذ أول إطلاق مزود بجهاز إرسال بنجاح في 26 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه.

وأكدت التجارب نجاح تفاعل جميع مكونات نظام "بريمتر"، وكذلك قدرة الرأس الحربية على الحفاظ على المسار المحدد، وكانت قمة المسار على ارتفاع 4 آلاف متر بمدى 4500 كيلومتر.

وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني 1984، أُطلق صاروخ قيادة من منطقة بالقرب من بولوتسك وأرسل أمر إطلاق إلى منصة إطلاق صاروخ باليستي من طراز "آر إس 20" المعروف باسم "الشيطان" في قاعدة بايكونور الفضائية في كازاخستان.

وبعد إتمام جميع مراحل الانطلاق، سجل وصول الرأس الحربية إلى المربع المحدد في ميدان الاختبار في كورا بشبه جزيرة كامتشاتكا في أقصى شرق روسيا.

في تلك الفترة بلغ التوتر بين موسكو وواشنطن أشده وشكل نشر الولايات المتحدة صواريخ "بيرشينغ 2" في ألمانيا الغربية عام 1983 تهديدا وجوديا، إذ كانت قادرة على الوصول إلى موسكو في دقائق.

وفي العام نفسه أجرى حلف شمال الأطلسي (الناتو) مناورة عسكرية واسعة سميت "آبل آرتشر" فسرها الاتحاد السوفياتي على أنها تمهيد لهجوم نووي قد يشعل فتيل حرب عالمية ثالثة.

وارتفعت حينها مخاوف موسكو من وقوع ضربة نووية مفاجئة قد تدمر مراكز السيطرة العسكرية وتترك البلاد عاجزة عن الرد.

وفي السياق ذاته قرر الاتحاد السوفياتي تطوير نظام تحكم آلي للرد الانتقامي التلقائي، وكان مشروعا سريا للغاية، ووُضعت خطة لبناء منظومة تظل قادرة على الرد النووي حتى في حالة تدمير القيادة، وهذا يجعل الهجوم على موسكو أشبه بانتحار.

دخل نظام "بريمتر" الخدمة التجريبية في يناير/كانون الثاني 1985، وحدثه السوفيات مرات عدة، واستخدم فيه صواريخ باليستية حديثة عابرة للقارات، ودخل الخدمة القتالية رسميا عام 1989.

ظل النظام طي الكتمان عقودا، ولم يكشف عنه إلا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991، حين بدأت تظهر شهادات من ضباط عسكريين وصناع قرار شاركوا في تطويره.

وفي عام 1993 أكد خبير أميركي مختص في الشؤون العسكرية الروسية في مقابلة صحفية، أن الاتحاد السوفياتي طور أنظمة "يوم القيامة" في أوائل الثمانينات، وأنها على أهبة الاستعداد لإطلاق صواريخ باتجاه الولايات المتحدة في حال هجومها على موسكو.

ومع الشكوك الغربية حول وجوده الفعلي، اعترفت شخصيات روسية رفيعة في سنوات لاحقة بأن نظام "بريميتر" أنشئ بالفعل، ويعتبر بحسب بعض الروايات جزءا من "العقيدة النووية الروسية".

إعلان

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد وقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 على وثيقة محدثة تسمح باستخدام بلاده السلاح النووي للدفاع والرد على تهديدات الغرب، معتبرا أن توسيع احتمال استخدامه هو رد "ضروري للغاية".

قدرات الردع النووي

يتكون نظام "المحيط" من مراكز تحكم ثابتة ومتحركة، تقيم باستمرار عوامل مثل النشاط الزلزالي ومستويات الإشعاع والضغط الجوي ودرجة الحرارة.

كما أنه يراقب الموجات الهوائية بشكل منتظم ويرصد الترددات العسكرية ويسجل الاتصالات.

وفي حال رصد النظام مؤشرات عن هجوم يرسل طلبا إلى هيئة الأركان العامة للجيش الروسي، وإذا تلقى جوابا منها يبقى رهن إشارة تعليماتها، أما في حال عدم تلقيه ردا فإنه يفترض أن القيادات العسكرية قد قتلت ويتصل مباشرة بنظام التحكم التابع لقوات الصواريخ الإستراتيجية "كازبيك".

ويوفر النظام المحدث بالذكاء الاصطناعي ردعا فعالا ضد الضربات الاستباقية، ويطلق صاروخا قياديا يحمل رسالة مشفرة، مضمونها إرسال أوامر إطلاق إلى منصات وقواعد الصواريخ الباليستية ومراكز القيادة النووية.

وعقب استقبال الوحدات الأوامر تطلق مئات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات من نوع "إم سي بي أمز"، وهي صواريخ "فويفودا آر إس 20″ و"آر إس 24″ و"يارس".

وبإمكان هذه الصواريخ أن تحمل ما بين 1200 و1250 رأسا نووية قادرة على ضرب أهداف عدة في بلدان مختلفة في وقت واحد.

ويضم النظام أيضا صواريخ "سارمات" التي تستطيع اختراق أنظمة الدفاع الأميركية، ويعمل على مرحلتين، فبعد أن يطلق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات بشكل دفاعي في المرحلة الأولى، يطلق قنابل حرارية نووية ضد الدولة المعتدية على روسيا في المرحلة الثانية.

روسيا تملك ترسانة صواريخ نووية متنوعة (أسوشيتد برس)عودة التصعيد

وعاد الحديث عن "اليد الميتة" في منتصف يوليو/تموز 2025 عندما منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب روسيا مهلة 50 يوما لإيقاف عملياتها العسكرية في أوكرانيا.

وتوعد بفرض عقوبات اقتصادية قاسية وتتمثل في فرض عقوبات جمركية بنسبة 100% على واردات بلاده من روسيا، وكذلك على مشتريات النفط منها.

وبعد أسبوعين قلص ترامب المهلة إلى 10 أيام فقط، وقال إنه لم يتلق أي رد من الكرملين.

وجاء الرد الروسي في إجابة شديدة اللهجة من رئيس روسيا السابق بين 2008 و2012 ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف، في تصريح نشره على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، قال فيه "دعه يتذكر أفلامه المفضلة عن (الموتى السائرون)، ولا ينس مدى خطورة اليد الميتة"، في إشارة إلى نظام الردع النووي الانتقامي الروسي.

وفي الأول من أغسطس/آب 2025 أمر ترامب بنشر غواصتين نوويتين في مناطق قرب روسيا، وقال إنه لم يعد يرى فائدة من الحديث مع بوتين، وأبدى غضبه من تماطل كييف في التوصل إلى اتفاق وقف لإطلاق النار ووقف الحرب التي اندلعت شراراتها في 24 فبراير/شباط 2022.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات الصواریخ البالیستیة الاتحاد السوفیاتی الولایات المتحدة یوم القیامة فی حال

إقرأ أيضاً:

رئيس اللجنة العسكرية لـ"الناتو": ندرس إجراءات "أكثر عدوانية" للرد على روسيا

لندن- الوكالات

كشفت صحيفة فاينانشيال تايمز يوم الاثنين، أن حلف شمال الأطلسي "ناتو" يدرس اتخاذ إجراءات وصفت بأنها "أكثر عدوانية" للرد على الهجمات الإلكترونية وانتهاكات المجال الجوي التي يعتقد أن مصدرها روسيا.

ونقلت الصحيفة عن رئيس اللجنة العسكرية لحلف الناتو جوزيبي كافو دراغوني قوله، إن التحالف العسكري الغربي يدرس تكثيف استجابته للحرب الهجينة من موسكو.

وقال دراغوني لفاينانشال تايمز: "نحن ندرس كل شيء.. في مجال الأمن السيبراني، نميل إلى رد الفعل". وتابع: "نفكر في اتخاذ إجراءات أكثر عدوانية أو استباقية بدلا من رد الفعل".

وتابع دراغوني: "الضربة الاستباقية يمكن اعتبارها إجراء دفاعيا"، لكنه أضاف: "إنها أبعد عن طريقة تفكيرنا وسلوكنا المعتاد".

وأردف: "أن نكون أكثر عدوانية مقارنة بعدوانية الطرف المقابل قد يكون خيارا. المسائل هي الإطار القانوني، الإطار القضائي، من سيقوم بذلك؟".

وتعرضت أوروبا للعديد من حوادث الحرب الهجينة، بعضها ينسب إلى روسيا وأخرى غير واضحة، من قطع الكابلات في بحر البلطيق إلى الهجمات الإلكترونية في أنحاء القارة، وفق الصحيفة.

وحقق الناتو نجاحا من خلال مهمة "رصد البلطيق"، التي قامت فيها السفن والطائرات والطائرات البحرية بدون طيار بدوريات في بحر البلطيق، مما أوقف تكرار العديد من حوادث قطع الكابلات في 2023 و2024 بواسطة سفن مرتبطة بأسطول الظل الروسي المصمم للتحايل على العقوبات الغربية.

وأضاف دراغوني: "منذ بداية مهمة رصد البلطيق، لم يحدث شيء. هذا يعني أن هذا الردع يعمل".

ووفق الصحيفة، قال دبلوماسي من البلطيق: "إذا كل ما نفعله هو الاستمرار في التفاعل فقط، فإننا ندعو روسيا للاستمرار في المحاولة وإيذائنا، خصوصا عندما تكون الحرب الهجينة غير متناظرة — تكلفهم القليل وتكلفنا الكثير. نحتاج إلى محاولة أن نكون أكثر ابتكارا."

واعترف دراغوني أن إحدى المشكلات هي أن الناتو وأعضاؤه لديهم "حدود أكثر بكثير من الطرف المقابل بسبب الأخلاقيات، بسبب القانون، بسبب الولاية القضائية. إنها مسألة. لا أريد أن أقول إنها موقع خاسر، لكنها موقع أصعب من موقع الطرف المقابل".

وقال رئيس اللجنة العسكرية للناتو، إن الاختبار الحاسم هو ردع العدوان المستقبلي. وأضاف دراغوني: "كيف يتم تحقيق الردع من خلال الانتقام، من خلال الضربة الاستباقية هذا شيء علينا تحليله بعمق، لأن هناك احتمالا في المستقبل لزيادة الضغط على ذلك".

مقالات مشابهة

  • راجمة الصواريخ «ردع 300».. وزير الإنتاج الحربي يعلن عن المنتجات العسكرية الجديدة في «إيديكس 2025»
  • الخارجية الروسية: تصريحات الناتو بشأن ضربات محتملة ضد روسيا غير "مسؤولة"
  • راجمة الصواريخ المجنزرة ردع 300.. المنتجات العسكرية الجديدة بإيديكس 2025
  • رئيس اللجنة العسكرية لـ"الناتو": ندرس إجراءات "أكثر عدوانية" للرد على روسيا
  • رئيس اللجنة العسكرية للناتو يهدد روسيا.. ندرس كل شي
  • الدفاع الروسية: استهدفنا بضربة مكثفة ليلية مواقع للصناعة العسكرية والطاقة في أوكرانيا
  • رئيس المحطات النووية يشارك في مؤتمر العلماء الشباب بمدينة سوتشي- روسيا
  • أوكرانيا: روسيا أطلقت عشرات الصواريخ وأكثر من 500 طائرة مسيرة ليلا
  • مشاركة رئيس هيئة المحطات النووية في مؤتمر العلماء الشباب بمدينة سوتشي – روسيا
  • رئيس هيئة المحطات النووية يشارك في مؤتمر العلماء الشباب بمدينة سوتشي – روسيا