أكدت مصادر إعلامية أمريكية وإسرائيلية أن الولايات المتحدة منحت إسرائيل الضوء الأخضر لشن "عمليات عسكرية قوية" في قطاع غزة، مع تصاعد المخاوف من اتجاه تل أبيب إلى ضم أو احتلال أجزاء من القطاع بشكل غير محدد المدة، في خطوة تنذر بتفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية في المنطقة.

ونقلت إذاعة “إن بي آر” الأمريكية عن مسئول سياسي إسرائيلي قوله إن حكومة الاحتلال أبلغت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الساعات الماضية أنها تعتزم تصفية جميع قيادات حركة حماس الموجودين خارج غزة، في ما وصفه مراقبون بأنه تصعيد خطير يهدد بجر المنطقة إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار.

وأوضح المسئول الإسرائيلي: "في الساعات الأخيرة، أرسلنا رسالة إلى الرئيس ترامب نبلغه فيها بأن جميع قادة حماس خارج غزة سيتم القضاء عليهم قريبًا"، وهو ما اعتبره محللون بمثابة إعلان نية لتوسيع رقعة الاستهداف إلى دول مجاورة أو ساحات خارجية، ما يعكس مخاطر تحول النزاع في غزة إلى مواجهة إقليمية مفتوحة.

 في السياق ذاته، أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن الحكومة الإسرائيلية ناقشت في اجتماعاتها الأخيرة إمكانية فرض سيطرة دائمة على مناطق واسعة من قطاع غزة، في ظل الدعم الأمريكي غير المسبوق الذي تلقته تل أبيب، ما قد يقوض أي فرصة قريبة لإحياء عملية السلام ويعيد شبح التهجير والنزوح الجماعي للفلسطينيين.

ردود عربية غاضبة

أثارت هذه التصريحات موجة إدانات واسعة في الأوساط العربية، حيث حذرت جهات سياسية ودبلوماسية من خطورة أي خطوة لضم أجزاء من غزة أو إطالة أمد الاحتلال، معتبرةً أنها انتهاك صارخ للقانون الدولي والقرارات الأممية، وتدمير ممنهج لحل الدولتين.

ودعت أطراف عربية وإسلامية إلى تحرك دولي عاجل للضغط على إسرائيل لوقف التصعيد العسكري في غزة وتفادي المزيد من الكوارث الإنسانية، محذرة من أن استمرار هذا النهج قد يجر المنطقة إلى دوامة جديدة من العنف، ويُشعل صراعًا إقليميًا واسع النطاق.

الوضع الإنساني يتدهور

يأتي هذا التصعيد وسط كارثة إنسانية متفاقمة في قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف قاسية بسبب الحصار المستمر منذ أكثر من 17 عامًا، ونقص حاد في الغذاء والدواء والكهرباء، في وقت تتواصل فيه العمليات العسكرية التي أودت بحياة الآلاف وأدت إلى تهجير جماعي للأسر الفلسطينية.

وحذرت منظمات إنسانية من أن أي ضم للأراضي سيؤدي إلى مضاعفة المعاناة الإنسانية ويعرض المدنيين لخطر الإبادة الجماعية، في ظل الانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية والبنية التحتية في القطاع.

وتشير تصريحات المسئول الإسرائيلي إلى مرحلة جديدة وخطيرة من النزاع، تستخدم فيها القوة العسكرية كأداة لإعادة رسم الخارطة السياسية في غزة، بدعم أمريكي واضح، ما يثير تساؤلات حول مستقبل القضية الفلسطينية، ودور المجتمع الدولي في حماية المدنيين، وإلزام إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية.

طباعة شارك غزة الاحتلال إسرائيل تل أبيب ترامب

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة الاحتلال إسرائيل تل أبيب ترامب تل أبیب

إقرأ أيضاً:

ثمن الإبادة والتجويع.. كيف غيّرت غزة مسار العلاقات الدولية مع إسرائيل؟

الثورة / متابعات

أحدثت حرب الإبادة الجماعية، التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ قرابة عامين، تغيرًا ملحوظًا في الموقف الدولي تجاه كيان الاحتلال، سواء على المستوى الشعبي أو في تقديرات كثير من الأنظمة التي لم تكن تبرح موضع الدفاع عن إسرائيل حتى وقت قريب.

ومع طول أمد الحرب، وتفاقم الأزمة الإنسانية، حتى تعددت أشكالها بين قصف وتجويع وحصار، لم تجد الأنظمة الغربية بُدًّا من أن تُغير خطابها -بل ومواقفها- تجاه الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، حتى لو لم تُؤدّ تلك المواقف إلى الإسهام في وقف هذه الحرب.

ويمثل هذا التطور الذي وصفه رئيس شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة أمجد الشوا بأنه “إنذار حقيقي للمجتمع الدولي”، تحركًا لم يقتصر تأثيره على الشارع الشعبي، بل امتد ليطال أروقة صنع القرار في العواصم الأوروبية والأمريكية.

الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة: الولايات المتحدة باتت اليوم لا تقنع أحدا، لا الأوروبيين ولا الأمم المتحدة، فطريقة الإدارة الأمريكية في التعامل مع ملف غزة يجعلها شريكا حقيقيا فيما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي.

تصنيف عالمي لمجاعة غزة

وفي تحذير جديد من عواقب كارثية للمجاعة في القطاع، قال مرصد عالمي للجوع إن السيناريو الأسوأ لحدوث مجاعة يلوح في الأفق حاليًّا في القطاع.

وأكد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في العالم، أن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن انتشار الجوع وسوء التغذية والأمراض تسهم في ارتفاع الوفيات المرتبطة بالجوع.

ويضيف التحذير أن أحدث البيانات تشير إلى أن استهلاك الغذاء بلغ حد المجاعة لدى المواطنين في أنحاء قطاع غزة، وأن سوء التغذية الحاد يتركز في مدينة غزة.

الخبير بالشأن الإسرائيلي بلال الشوبكي: الأرضية الجماهيرية التي يستند إليها ترمب بدأت تتضايق من الصور التي تأتي من قطاع غزة، وتعتبر أن الولايات المتحدة تُستنزف ليس فقط ماديا إنما أخلاقيا كونها شريكة فيما.

ويكشف الوضع الراهن عن إستراتيجية تجويع ممنهجة بدأت منذ اللحظات الأولى للعدوان، كما يوضح الشوا الذي يشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي قام بحساب السعرات الحرارية والكميات التي تدخل إلى القطاع، ونفذ تدميرًا ممنهجًا للبنى الاقتصادية والاجتماعية لزيادة اعتمادية السكان على المساعدات.

ووصف هذه السياسة خبراء إسرائيليون أنفسهم بأنها الأكثر منهجية وتنظيمًا منذ الحرب العالمية الثانية، وقد تركت آثارًا عميقة على النخب الإسرائيلية ذاتها.

وفي هذا السياق، يشهد المجتمع الإسرائيلي حراكًا متزايدًا ضد سياسات حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية؛ حيث يؤكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى أن أكاديميين وفنانين وأدباء إسرائيليين بدأوا يشاهدون كيف تغرق إسرائيل في وحل أخلاقي سيرافقها لعشرات السنوات.

وتجسد هذا الحراك في بيانات من 5 جامعات إسرائيلية ومطالبات بحل مشكلة قطاع غزة، مما يعكس قلقًا متزايدًا من انهيار الصورة الدولية لإسرائيل التي كانت تعتبر نفسها ضحية وممثلة للهولوكوست اليهودي.

عقوبات أوروبية

وبينما يتصاعد الضغط الداخلي الإسرائيلي، تشهد الساحة الأوروبية تحركات جدية نحو فرض عقوبات على إسرائيل، كما يوضح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف الدكتور حسني عبيدي أن أوروبا بدأت تقود حملة داخل الاتحاد الأوروبي لتعليق الاتفاقيات التجارية والتعاون العلمي مع إسرائيل.

ويحمل هذا التهديد بالعقوبات الأوروبية تأثيرًا مضاعفًا على إسرائيل، نظرًا لأن البحث العلمي والتطوير الإسرائيلي مبني بالكامل على العلاقة العلمية مع الاتحاد الأوروبي، كما يشرح مصطفى، حيث إن التلويح بقطع هذا التعاون يعني انهيار عملية البحث العلمي والتطوير في إسرائيل نهائيًّا، مما يفسر الحراك الأكاديمي الإسرائيلي المتزايد ضد سياسات الحكومة.

وفي وقت سابق، قررت هولندا منع وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش من دخول أراضيها.

وكان وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب قد أعلن في وقت سابق، في رسالة وجهها إلى البرلمان الهولندي، أن الوزيرين لن يتمكنا من دخول هولندا بسبب تحريضهما على العنف ضد الفلسطينيين ودعوتهما إلى توسيع المستوطنات غير الشرعية، ودعواتهما كذلك إلى التطهير العرقي في قطاع غزة.

بعد سنوات من الولاء الأعمى لتل أبيب… هولندا توجّه أقسى صفعة دبلوماسية للاحتلال الإسرائيلي وتدرجها ضمن قائمة التهديدات لأمنها القومي!

وعلى الصعيد السياسي، يشهد ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية تطورات مهمة، بدءًا من الموقف الفرنسي وصولًا إلى التصريحات البريطانية الأخيرة.

فقد أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن بلاده ستعترف رسميا بالدولة الفلسطينية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، وهو نفس القرار الذي أعلن عنه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي ربطه بشرط عدم اتخاذ الحكومة الإسرائيلية خطوات جوهرية لإنهاء الوضع “المروع” في غزة.

بَيد أن النائبة السابقة في البرلمان البريطاني كلوديا ويب تنتقد بشدة ربط الاعتراف بشروط، معتبرة أن الدولة الفلسطينية حق لا يمكن إنكاره وليس وسيلة للمقايضة والمساومة مع إسرائيل.

نائبة سابقة في البرلمان البريطاني: إسرائيل تجوع أهالي غزة بشكل متعمد، والساسة في العالم بإمكانهم أن يوقفوا إسرائيل ويعاقبوها إذا أرادوا.

تنامي الضغوط الشعبية

وتأتي هذه التطورات في ظل تنامي الضغوط الشعبية في الدول الأوروبية، حيث تشير ويب إلى أن الشعب البريطاني يخرج في مظاهرات كل يوم وفي كل عطلة نهاية أسبوع دفاعًا عن فلسطين، لأن الناس لم يعودوا يتحملون رؤية هذه الفظائع تحدث أمام أعينهم يوميًّا.

وهو نفس الضغط الشعبي الذي يلاحظه عبيدي في جميع أنحاء أوروبا، لافتًا إلى أنه بدأ يؤثر على قرارات المفوضية الأوروبية وحكومات القارة.

ورغم هذه التطورات الإيجابية، يبقى التحدي الأكبر في تحويل هذه المواقف إلى إجراءات فعلية على الأرض؛ حيث يؤكد الشوا أن الشعب الفلسطيني لن يفقد الأمل مهما حدث.

ولكنه يشدد على ضرورة أن تتحول هذه المواقف إلى إجراءات وتدابير حقيقية وليس فقط ربطها ببعض الأمور الإنسانية، مطالبًا بمسار سياسي حقيقي لوقف العدوان وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • حمدان: مستعدون لإدخال أطعمة وأدوية لأسرى الاحتلال مقابل فتحه ممرات إنسانية دائمة لإغاثة شعبنا
  • يديعوت أحرنوت: ترامب منح نتنياهو الضوء الأخضر لاحتلال غزة
  • داروين نونيز يمنح الضوء الأخضر للانتقال إلى روشن والهلال الأقرب لضمه
  • ترامب: يجب على إسرائيل إطعام الناس في غزة
  • ثمن الإبادة والتجويع.. كيف غيّرت غزة مسار العلاقات الدولية مع إسرائيل؟
  • واشنطن بوست تكذب مزاعم ترامب بتخصيص 60 مليون دولار كمساعدات إنسانية إلى غزة
  • قصف بلا نتيجة.. هل فشلت واشنطن وتل أبيب في كبح إيران؟
  • مظاهرات حاشدة في تل أبيب.. واشنطن تتبنى استراتيجية «الكل أو لا شيء» لإنهاء حرب غزة
  • المحيطات تزداد عتمة.. ما تأثير ذلك على النظم البحرية؟