إضراب المعتقلين في مصر حق مشروع أم انتحار ممنوع؟!
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
حال المعتقلين السياسيين في مصر، حال صعب، لا يخفى على كل حقوقي منصف، ولا راصد ومتتبع للمعاملة الجائرة من نظام، لا هدف له سوى الانتقام والتشفي، والحرمان من كل حق مشروع، لا يصل السجين السياسي في مصر، إلى معشار حقوق السجين الجنائي، عتي الإجرام، فالسيسي ونظامه لا يتعامل معهم كأفراد زج بهم في السجن، فتطبق عليهم لوائح السجون، أو حتى أقل الحقوق.
فمنذ سنوات، هناك مسجونون تم حرمانهم من التريض، والخروج من الزنزانة، لم ير الشمس، ولم تره، وحرموا من الكشف على المريض، ولو كان يعاني من أخطر الأمراض، وقد تحول العالم كله، في وقت كورونا إلى تخفيف عدد المساجين من السجون، حتى رأيت بنفسي في تركيا، شركة سرق رواتب العاملين فيها اثنان من العمال الأجانب، وتم إثبات التهمة عليهما، وقررت وزارة الداخلية، عدم إيداعهم في السجن، نظرا لوباء كورونا، وتم تخفيف أعداد السجون، في العالم كله، بينما في مصر، لم تخفف، بل زادت، وزاد التنكيل بالناس، واتخذوا الوباء سببا لذلك، مع صمت العالم كله، وإغلاق العالم.
كل هذا الإجراءات والتنكيل، دفع المعتقلين السياسيين في مصر، في سجن بدر3 لاتخاذ قرار بالإضراب عن الطعام حتى لو أدى ذلك لموتهم، بل رصدت حالات محاولة انتحار من سجناء، وقد خرجت رسالة من الدكتور محمد البلتاجي، والدكتور عبد الرحمن البر، تصور هذه الأوضاع، ويعلنان خلال رسالتيهما دخولهما مع البقية التي معهم في إضراب عن الطعام، نظرا لما يمارس معهم من التعنت والظلم.
المضرب عن الطعام ليس منتحرا، وإن كان المطلوب منه ألا يصل بإضرابه حتى يموت، بل هو مناضل، أراد أن يعيش عيشة كريمة، فليس جرمه أن طالب الحرية له ولأمته، بل هو شرف له ولكل من ينتسب إليه، بما يضحي ويقدم، وإن وصل به إضرابه عن الطعام للموت، وقد اجتهد ألا يصل إلى ذلك، فلا نملك أن نجعله منتحرا.وهناك شريحة من الناس، بدل الوقوف بجانب المظلوم، راحت تثير الشكوك والبلبلة، حول مشروعية ما قام به المسجونون، وكأن ما قام به السجان موضع شك في الحرمة والبعض من الله وشرعه، ولم يسمع لهذه الحناجر صوتا ينصف المظلوم، أو يتعاون معهم، بل راحت تنظر وتتقعر بالكلام على آخر ما يمكن أن يمتلكه المسجون السياسي في ظل نظام مجرم باطلش، لا يخشى خالقا، ولا يرحم مخلوقا، فراحوا يشككون في شرعية مثل هذا الإجراء، وكأن المسجون ليس له إلا أن يتلقى الضربات من السجان، فيصمت، ويكتفي بالصمت، فربما لو دعا على الظالم، لخرج له شيوخ المدخلية، والسلفية المخابراتية، بعدم جواز الدعاء على الحاكم الظالم وأعوانه، وليس عليه سوى أن يتجرع مرارة الظلم في صمت، أو يلفظ أنفاسه الأخيرة، موصوما منهم بأنه تلقى جزاء عادلا لرفضه الحاكم، وعدم الرضا بحكمه، الذي جاء عبر الدبابة، وقتل الناس.
من أعجب ما تسمع في هذه الحالات من مثل هذه الأصوات، أن الإضراب عن الطعام وسيلة لم يمارسها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تمارس في عهد الخلفاء الراشدين!! وكأن الظلم الذي يمارس على المسجون، قد مارسه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته حاشاهم، فهو يبحث عن رد فعل المظلوم، ومدى مشروعيته، ولا يبحث عن مدى جرم ما يقوم به الظالم، يتحدث عن ظلم استفاضت النصوص الشرعية قرآنا وسنة وصحابة وتابعين، ومذاهب مختلفة، بجرم ما يفعل مع المسجون، وراح يناقش ويجادل في وسيلة لم يرد نص بمنعها.
المشاغبات لا تتم مع المسجونين، بل تتم مع ذويهم، من أهل المعتقل، والتخويف بأن المضرب عن الطعام لو مات، سيكون منتحرا، فيخسر بذلك دنياه وأخراه، وكأن الظالم الذي مارس الظلم على المسجون، حتى وصل به لهذه المرحلة، قد ربح الدنيا والآخرة، وضمنها له صاحب هذا الصوت، الذي لا يمت للدين وفهمه الصحيح بصلة.
ليس مطلوبا ـ ورسالتي لأهالي المعتقلين ـ ممن يستخدم وسيلة لا نص فيها، أن يأتي بدليل، بل المطلوب ممن يحرم أن يأتي هو بالدليل على التحريم، فالأصل في الأشياء الإباحة، وهذا من أمور المعاملات التي تحكمها هذه القاعدة، فما بالنا عند تفشي الظلم، ولم يعد في يد المسجون، ولا من خارج السجن، سوى هذه الوسيلة، التي قد تجدي، وقد لا تجدي، لكنها تظل آخر الداء الكي، كما يقال.
الخطاب الديني أو السياسي، الذي لا يعنى إلا بالتفتيش عن حال المظلوم، ليس لمساندته، بل لإثنائه عن مطالبته بحقوقه، ويصمت عن الظالم، وقرع آذانه ليل نهار بحكمه في الدنيا والآخرة، هو خطاب لا يمت للدين، ولا للإنسانية بصلة، وإن استدل المتحدث بنصوص من الآيات والأحاديث، يحرفها عن مواضعها، وينحرف بها عن مقاصدها وأهدافها.المضرب عن الطعام ليس منتحرا، وإن كان المطلوب منه ألا يصل بإضرابه حتى يموت، بل هو مناضل، أراد أن يعيش عيشة كريمة، فليس جرمه أن طالب الحرية له ولأمته، بل هو شرف له ولكل من ينتسب إليه، بما يضحي ويقدم، وإن وصل به إضرابه عن الطعام للموت، وقد اجتهد ألا يصل إلى ذلك، فلا نملك أن نجعله منتحرا.
أما بعض حالات الانتحار التي رصدت مؤخرا، فإن الحالة النفسية التي يضغط بها الظلمة، هي المسؤولة عن هذا الفعل، فالمسجون الانفرادي، لسنوات طويلة، لا صلاة جماعة ولا جمعة، ولا صيام ولا قيام مع أحد، ولا زيارات، المراد منها وصول المسجون للجنون، وهو ما وصل ببعضهم لمحاولة الانتحار، وهي حالة يصل صاحبها لعدم المسؤولية الشرعية، وتكون المسؤولية التامة على عاتق الظالم، فهو المجرم الحقيقي، فلا تسألوا عمن يحاول الانتحار وحكمه، بل اسألوا عمن ينحر هؤلاء المسجونين، ويريد أن يصل بهم لهذه الدرجة، لا يموتون فيستريحون، ولا يعيشون في أقل درجات الراحة.
الخطاب الديني أو السياسي، الذي لا يعنى إلا بالتفتيش عن حال المظلوم، ليس لمساندته، بل لإثنائه عن مطالبته بحقوقه، ويصمت عن الظالم، وقرع آذانه ليل نهار بحكمه في الدنيا والآخرة، هو خطاب لا يمت للدين، ولا للإنسانية بصلة، وإن استدل المتحدث بنصوص من الآيات والأحاديث، يحرفها عن مواضعها، وينحرف بها عن مقاصدها وأهدافها.
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء مصر السجون إضراب مصر معتقلون إضراب سجون رأي قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عن الطعام ألا یصل فی مصر لا یصل
إقرأ أيضاً:
حراك المعتقلين في مصر ينتقل من الإضراب إلى محاولات الهروب من السجون
وثقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان محاولة هروب معتقلين اثنين من سجن "أبوزعبل 2"، سيئ السمعة، بمحافظة الدقهلية شمال شرق العاصمة المصرية، في واقعة هي الأولى لمعتقلين سياسيين من داخل السجون المصرية منذ موجة الاعتقالات التي طالت الإسلاميين منتصف العام 2013.
وحصلت المنظمة العاملة من العاصمة البريطانية لندن، على معلومات موثوقة تفيد بمحاولة المعتقلين الشابين محمد عادل عبدالقادر، ومحمد حسن عبدالقادر، وهما أبناء عمومة، الهروب من سجن "ليمان أبوزعبل 2"، أمس السبت.
تأتي الواقعة في ظل اتساع إضراب نحو 35 من المعتقلين السياسيين في "سجن بدر 3"، (قطاع 2)، كليا عن الطعام، ووصول الحراك إلى سجن "وادي النطرون"، وإضراب معتقلين في عنبر "تحقيق 4"، ما يشير إلى تطور آليات المعتقلين رفضا لأوضاعهم غير القانونية.
وبحسب مصادر الشبكة، فإن محاولة الهروب جاءت نتيجة فقدان الشابين الأمل في الخروج، في ظل ما وصفاه بدوامة "التدوير الأمني" وإعادة حبسهما احتياطيا على ذمة قضايا مكررة ومتشابهة، دون إجراءات قضائية عادلة أو شفافة.
وكان المعتقلان المصريان قد عبرا في وقت سابق عن رغبتهما في التوجه إلى قطاع غزة والانضمام للمقاومة الفلسطينية.
وأكدت المصادر للشبكة أن قوات الأمن بالسجن تمكنت من إحباط محاولة الهروب، حيث سُمعت أصوات إطلاق نار داخل محيط السجن دون وقوع إصابات، ليُعاد القبض عليهما ويودعا غرف التأديب، في ظروف غير معلومة حتى الآن.
وإثر ثورة 25 يناير 2011، قامت السلطات المصرية ببناء جدران عالية وضخمة حول سجن أبوزعبل وتوسعته، وتعلية بقية الأسوار، وفرض حراسة مشددة على السجن الذي جرى اقتحامه بلوادر من قبل بلطجية وتجار مخدرات لإخراج بعض المسجونين، بحسب شهادات سابقة من بعض الأهالي لمراسل "عربي21".
وتشير المنظمة إلى أن هذه الواقعة تعكس الوضع الإنساني المتدهور داخل السجون المصرية، حيث تستمر الانتهاكات الممنهجة بحق المعتقلين السياسيين، من بينها الحبس التعسفي المطوّل، وسوء المعاملة، وانعدام الأمل في العدالة أو الإفراج.
وفي خطوة تعبر عن استمرار كسر حاجز الخوف داخل السجون المصرية، حصلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان على معلومات مؤكدة تفيد بدخول عدد من المعتقلين السياسيين بسجن أبو زعبل 2 في إضراب مفتوح عن الطعام -لم تصل بعد لعددهم الفعلي- احتجاجا على الانتهاكات الجسيمة التي يتعرضون لها داخل مقر احتجازهم.
وفي تعليقه قال الحقوقي المصري أحمد العطار إن هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها محاولة للهروب من قبل المعتقلين السياسيين منذ 2013، من داخل السجون، ولكن سبقها محاولتان، لكنهما لم تكونا من داخل السجون.
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أنه "كانت هناك محاولة هروب من خارج السجن من معتقلي قضية كتائب حلوان الذين نجحوا في الهرب أثناء ترحيلهم في آب/ أغسطس 2017، ولكنهم اعتقلوا بعد فترة، وسبقها واقعة هروب المعتقل أحمد محمد الصعيدى من مستشفى المنيل عام 2016".
مدير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أضاف: "لكن الهروب من داخل السجون لم يحدث ولم يتم رصد أية حالة، لأنه أمر صعب جدا، فهي مؤمنة تأمين عال جدا وبأسوار عالية ما يجعل محاولة هروب أي سجين سياسي أو جنائي شبه مستحيلة".
ويرى أن "محاولة الشابين المعتقلين الهروب هي محاولة للتعبير عن رفض الواقع المرير الذي يعيشونه"، مبينا أنهم "يعلمون أن محاولتهم ستبوء بالفشل ولكنهم وصلوا لمرحلة من فقدان الأمل مع التدوير والانتهاكات المستمرة، ووجهوا رسالة للداخلية والنظام بأنهم يرفضون هذا الوضع".