حساسية اللحم ومنتجات الألبان.. داء غامض ينتشر عالميا

نشر موقع "ساينس أليرت" تقريرًا يرصد فيه انتشار متلازمة "ألفا-غال"، وهي حساسية خطيرة للحوم الحمراء ومنتجات الألبان تسببها لدغة قرادة، وتظهر أعراضها بعد ساعات من الأكل، وتتراوح بين الحكة والانتفاخ وصولًا إلى صدمة تحسسية قد تكون مميتة.

وأفاد الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي 21"، أن بعض الأشخاص قد يصابون، بعد ساعات من تناول شريحة لحم مشوية، بحكة شديدة وألم وتورم قد يصل إلى حالة طبية طارئة.

 

وأضاف الموقع أن السبب لا يعود إلى تسمم غذائي، بل إلى رد فعل تحسسي ناجم عن لدغة قرادة سابقة ربما لم يلحظها المصاب.

وذكر التقرير أن هذا التفاعل التحسسي المتأخر يُعرف باسم "متلازمة ألفا-غال". ورغم شيوع تسميتها بـ"حساسية اللحوم الحمراء"، إلا أن هذا اللقب قد يكون مضلّلًا، إذ إن المتلازمة قد تسبب ردود فعل شديدة تجاه العديد من المنتجات، وليس اللحوم الحمراء فقط.

ما هي متلازمة ألفا-غال؟
وتعد متلازمة ألفا-غال هي حساسية ناتجة عن جزيء سكري يُدعى "ألفا-غال"، يوجد في أنسجة معظم الثدييات لكنه غير موجود في الإنسان. وعند دخول هذا الجزيء إلى الجسم عبر لدغة قرادة، يفرز الجهاز المناعي أجسامًا مضادة له، مما يؤدي لاحقًا إلى رد فعل تحسسي عند تناول أطعمة تحتوي عليه.

وغالبًا ما تُثار هذه الحساسية عند تناول اللحوم الحمراء، لكنها قد تنجم أيضًا عن التعرض لمنتجات حيوانية أخرى، مثل مشتقات الألبان، والجيلاتين (مثل الجيلي أو حلوى الدببة)، وبعض الأدوية، وحتى مستحضرات العناية الشخصية.

وأضاف الموقع أن دواء الهيبارين، المستخدم لمنع تجلط الدم أثناء العمليات الجراحية، يستخرج من أمعاء الخنازير، وقد تسبّب في تفاعل خطير لدى بعض المصابين بمتلازمة ألفا-غال.

وأشار التقرير إلى أنه يمكن التعافي من متلازمة ألفا-غال بمرور الوقت، شرط تجنب اللحوم ومسببات التحسس الأخرى لعدة سنوات، إلى جانب الوقاية من لدغات القراد، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب حرصًا شديدًا وانتباهًا للمحفزات غير الواضحة.

لماذا يتم تشخيص عدد متزايد من الأشخاص بالإصابة؟
واعتبر التقرير أن الانتشار السريع لمتلازمة ألفا-غال عالميًا يثير القلق، مشيرًا إلى أن الخبراء كانوا يعتقدون سابقًا أنها تقتصر على جنوب شرق الولايات المتحدة بسبب ارتباطها بقرادة "لون ستار" المنتشرة في تلك المنطقة.

وأفاد بأن أنواع القراد المختلفة عبر ست قارات باتت قادرة على نقل متلازمة ألفا-غال، منها قرادة الغزلان التي تنقل أيضًا مرض لايم. وتنتشر هذه القرادات في الحدائق والغابات، وتزداد أعدادها مع تزايد الغزلان والسكان، مما يرفع معدلات الإصابة بالمتلازمة.

لماذا يُلام القراد على التسبب في متلازمة ألفا-غال؟
وذكر الموقع أن هناك عدة نظريات تفسر كيف تؤدي لدغة القراد إلى متلازمة ألفا-غال، ولماذا لا تُصيب جميع من يتعرض لها. ويبدأ الأمر عندما يبحث القراد عن منطقة دافئة ومظلمة في الجسم، ثم يخترق الجلد بأسنانه المسننة عبر حركات نشر سريعة لبدء التغذي.

وأضاف أن القراد يفرز مادة تثبّت رأسه في الجلد، ثم يحقن لعابه الذي يحتوي على مخدّرات ومضادات لتجلط الدم وأحيانًا سكريات ألفا-غال، ما يتيح له التغذي دون أن يشعر به المصاب، وقد يستمر ذلك لأيام.

وتشير نظرية أخرى إلى أن الضرر الذي يلحق بالجلد أثناء تغذية القراد، بالإضافة إلى احتمال ارتجاع محتويات معدته إلى موضع اللدغة، قد يكون السبب في حدوث المتلازمة. أو ربما يكون الأمر نتيجة لتفاعل عدة عوامل مجتمعة، ولا يزال العلماء يدرسون الأسباب بدقة.

كيف يكون الشعور أثناء التفاعل التحسّسي؟
وقال الموقع إن أعراض متلازمة ألفا-غال تظهر عادة بعد شهر إلى ثلاثة أشهر من لدغة القراد، وتشمل الطفح الجلدي والتورم وآلامًا شديدة في البطن وغثيانًا حادًا، أو حتى صدمة تحسسية خطيرة، وتبدأ عادة بعد ساعتين إلى ست ساعات من تناول لحوم تحتوي على ألفا-غال.

وتابع الموقع أن الحساسية الناتجة عن متلازمة ألفا-غال قد تزداد شدة مع كل لدغة قراد إضافية أو عند التعرض المتكرر لأطعمة أو منتجات تحتوي على مادة ألفا-غال.

إذا كنت تظن أنك مصاب بمتلازمة ألفا-غال
وأوصى من يشتبه بإصابته بمتلازمة ألفا-غال بمراجعة الطبيب وطلب إجراء فحص دم بسيط للتحقق مما إذا كان الجهاز المناعي يتفاعل مع مادة ألفا-غال.

وإذا جاءت نتيجة الفحص إيجابية، فإن الإستراتيجية الأساسية للتعامل مع الحساسية تتمثل في تجنب تناول أي منتج غذائي مشتق من الثدييات، بما في ذلك الحليب والجبن، بالإضافة إلى تجنب محفزات أخرى مثل لدغات القراد.

وأشار الموقع إلى أنه في الحالات الشديدة من متلازمة ألفا-غال، قد يضطر المصابون إلى حمل حقنة أدرينالين تحسّبًا لحدوث صدمة تحسسية.

ما زالت هناك ألغاز رغم انتشار متلازمة ألفا-غال
وقال التقرير إن العلماء أحرزوا تقدما في فهم متلازمة ألفا-غال منذ توثيقها أوائل الألفينات؛ حيث ربطوها بلدغات قراد محددة، وبيّنوا أن المصابين بها قد يكونون أكثر عرضة لأمراض القلب حتى دون ظهور أعراض تحسسية.

وأضاف أن العلماء لا يزالون يدرسون كيف تؤثر لدغة القراد على الجهاز المناعي ولماذا تسبب الحساسية لدى البعض فقط، مرجحًا أن يشهد العقد المقبل تطورات مهمة في الوقاية من متلازمة ألفا-غال وتشخيصها وعلاجها.

واختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أهمية الوقاية من لدغات القراد لتجنّب الإصابة بمتلازمة ألفا-غال، من خلال ارتداء الملابس الواقية، واستخدام الطاردات، وفحص الجسم بعد التجوّل في الطبيعة، مشددًا على ضرورة الانتباه لأي أعراض تحسسية تظهر بعد تناول منتجات حيوانية، خصوصًا لدى من تعرضوا للدغات قراد سابقا.

المصدر: عربي21