جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-10@17:08:10 GMT

المتعة السوداء

تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT

المتعة السوداء

 

 

 

أنيسة الهوتية

 

المُتعُ ألوانٌ، وفي حياة كل إنسان لون معين من المُتعة التي يستلذُ بها، وبحسب رغباته النفسية التي يستطيع أو لا يستطيع مقاومتها، وبدرجة وعيه الاجتماعي والديني، وبنسبة ما يحب أن يمنحه من طاقة لروحه وعقله، ونضارة وشفافية لقلبه، يختار لون المتعة التي يفصلها بيديه تفصيلا تاما على مقياسه الذي يبتغيه.

والنصيب الأعلى في العضويات يعود إلى "المتعة الحمراء"؛ فيفوق فيها مجمل عضويات بقية الألوان. وهنا تشتغل الشهوة، والتمرد، والمتعة المتخاطفة من أبواب الأخلاق، والقيم، والمبادئ، وأحيانا المتخطية للإنسانية. إنها نوعٌ من اللذة الخاطفة التي تترك بَعدها روحًا خاوية وعقلًا فارغًا وراءها، فيدمنها الجسد والنفس الأمارة بالسوء ويصبحان عبيدًا لها، ويقدمان لها القرابين بين كل ركوع وسجود على تلك السجادة الحمراء.

وتقابلها "المتعة الخضراء"، وهنا يشتغل الانسجام في حدود المُباح وعدم تخطِّي كل محذور ومحظور. ويستمتع فيها الإنسان الأخضر بتفاصيله الصغيرة، في محيطه الصغير، ضحكة صديق، كتاب جميل، عمل خيري، فنجان قهوة، لحظة هدوء، رائحة الخبز، لحن هادئ. وحين يأتي إلى المتعة الجسدية فإن الأخضر اليانع لا يقبلها إلا في حدود الشرع. ولأنه إنسان أخضر، فإنه يتبع منطق الكون بنظام تام.

ثم "المتعة البيضاء"، أو "المتعة الغيمية"؛ وهي الأرقى، والأنقى، والأطهر؛ حيث تكمن منطقة الراحة فيها في العطاء المستمر، أن يشعر الإنسان بقمة السعادة حين يعطي لقمته لفم جائع، وأن يترك أثر سعادة في قلب حزين، وأن يسعد عينًا تمنت حتى قبل أن ينطق لسانه، ويجبر خاطرًا، ويبحث عن الشقوق في الأرواح فيخيطها، ويعيد المتخبطين إلى الصراط المستقيم… وهذه المتعة البيضاء نسبة الأعضاء قلة قليلة، إلا أنهم هم من يخدمون البقية باستمرار؛ فإنهم كالملائكة في الأرض على هيئة بشر. لا يملون العبادة، والتسبيح والذِكر.

والمؤلم أن نسبة العضويات تكاد تزيد عن الخضراء والبيضاء في "المتعة السوداء" والتي تأتي مباشرة بعد الحمراء. إنها تحتوي الموجوعين، والمتألمين، والذين لا زالوا يعانون من صدمات الطفولة والزمن، هذه المتعة تبتلعهم كثُقب أسود، لا يقوون على الخروج منها، فيها سحر أسود يحول الألم إلى مأوى داخلي، والجرح إلى هوية، والحزن إلى وطنّ.

وضحايا المتعة السوداء، لا يتقبلون التشافي! ليس لأنهم لا يمتلكون الأدوات؛ بل لأنهم يخشون السعادة ويظنون بأنها خدعة. فيتشبثون بجراحهم، وإن شفيت يرجعون لنبشها مرارًا وتكرارًا حتى تنزف من جديد! وهنا نتأكد أن المشكلة ليست في الصدمات مهما بلغت قسوتها: تحرش في الطفولة أو في الشباب، خذلان، جوع، يتم، ظلم، قهر، خيانة، غدر، تسلُّط، طلاق…إلخ.

المشكلة في قرار الإنسان وعدم استعداده للتخلي عن هذه الصدمات، ووضع حد لسلطة الماضي عليه، الذي جعله متقوقعا في كهف البكاء والألم، أو جعله نِسرًا أسودًا وضع عشه على مدخل ذلك الكهف يستعد للحظة الانقضاض رغبة في الانتقام.

والعجيب أن هناك من يتم انتشاله واحتضانه وتشافيه… ثم، يعود إلى تلك الحاوية الكهفية، بحثًا عن جراحه القديمة، حتى يشعر بالأمان حين يجدها! والسعادة السوداء بالتقليب فيها، وإعادة تشغيلها والبكاء والنواح عليها، حتى ينسلخ منه التشافي مرة أخرى ويقع هو ضحية السجن في ذلك الكهف، والوقوع في أحضان الاكتئاب الذي يبدأ في تناول وجبته الدسمة مع كل قطرة دمع تساقطت منه، ومع كل حرقة قلب أوجعته، ومع كل فكرة سوداء حفرت في راسه مثل السوس.

هؤلاء هم أتعس البشر على وجه الأرض، حين أنهم يرون الألوان وهمًا، والحضن الحنون سجنًا، والكلمة الطيبة احتيالًا، والمجموعة الشمسية منفى، والثقب الأسود وطنًا لهم. للأسف!!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الحق في الدواء: منظومة التتبع الدوائي خطوة تاريخية لمواجهة السوق السوداء والتهريب

كتب- أحمد جمعة:

ثمّن المركز المصري للحق في الدواء، الخطوة التاريخية التي أقدمت عليها هيئة الدواء المصرية بالإعلان عن بدء مشروع طموح يهدف إلى مراقبة سوق توزيع الأدوية في مصر، من خلال منظومة "التتبع الدوائي"، التي ستتواكب مع اعتماد مصر "المستوى الثالث" في صناعة الأدوية من منظمة الصحة العالمية، بعد خضوع المصانع للتفتيش لمدة ثلاث سنوات.

وأوضح المركز في بيان، أن منظومة التتبع الدوائي ستُسهم في القضاء على الأدوية المقلدة أو المهرَّبة، ومواجهة الاحتكارات والسوق السوداء، حيث ستشارك في تنفيذها شركات الإنتاج والتوزيع، إضافة إلى الصيدليات الخاصة، بما يتيح معرفة الأصناف المتوفرة في الأسواق، وتحديد الأصناف الناقصة للعمل على تغطيتها.

ويهدف المشروع أيضًا إلى ضمان عدم احتكار الأدوية الاستراتيجية، ومنع التلاعب بها أو استخدامها في السوق السوداء.

وفي وقت سابق اليوم، أعلن الدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء المصرية، أن الهيئة بدأت أولى خطوات تطبيق منظومة التتبع الدوائي، على أن يتم تفعيل مرحلتها الأولى في نوفمبر المقبل، ضمن خطة طويلة المدى تهدف إلى ضبط سوق الدواء، ومكافحة التهريب والغش، وتحقيق الشفافية في سلاسل الإمداد الدوائي.

وأضاف الغمراوي، خلال مؤتمر صحفي عُقد اليوم الخميس، أن الهيئة ستُصدر خلال الأيام المقبلة قرارًا رسميًا يتضمن الإجراءات المطلوبة من المصنّعين، والمخازن، والصيدليات، على أن يُنشر القرار في الجريدة الرسمية، تمهيدًا لتطبيق المنظومة بشكل تدريجي على مراحل.

وأكد أن هذه المنظومة تمثل "رحلة طويلة" ستمتد ما بين 3 إلى 5 سنوات حتى تُطبق بشكل كامل على كل عبوات الدواء في السوق المصري، مشيرًا إلى أن القرار المنشور في الجريدة الرسمية يمثل الخطوة الأولى الرسمية لانطلاق المنظومة.

وأوضح رئيس الهيئة أن التتبع الدوائي سيُتيح إمكانية متابعة كل عبوة دواء من لحظة الإنتاج حتى وصولها إلى يد المريض، مما يعزز من قدرة الدولة على مواجهة أي مخالفات، وضمان توافر الأدوية بشكل منظم وآمن.

اقرأ أيضا:

ننشر تنسيق 66 جامعة خاصة وأهلية لطلاب الثانوية والشهادات المعادلة 2025

الجيزة: صرف تعويضات عاجلة وتوفير سكن بديل لأسرة ضحايا عقار البراجيل المنهار

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

هيئة الدواء المصرية سوق توزيع الأدوية في مصر السوق السوداء الصيدليات الخاصة منظومة التتبع الدوائي

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة 3,596 صيدلية مغلقة.. هيئة الدواء تكشف نتائج مبادرة سحب الأدوية منتهية الصلاحية أخبار متى يتم تطبيق منظومة التتبع الدوائي وأهميتها؟.. رئيس هيئة الدواء يكشف التفاصيل أخبار

مقالات مشابهة

  • الخضيري: استنشاق أدخنة الحبة السوداء تؤدي للوفاة
  • ضبط 2 طن دقيق مدعم قبل بيعه بالسوق السوداء بالدقهلية
  • الدقهلية: ضبط 2 طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء وتحرير 77 مخالفة تموينية
  • في حملات لشرطة التموين.. ضبط 4 أطنان دقيق قبل بيعها بالسوق السوداء
  • طريقة احتساب مجموع الأيام التي يكون فيها مستفيد حساب المواطن خارج المملكة
  • ضبط 5 طن دقيق قبل بيعهم بالسوق السوداء
  • امام وخطيب المسجد الحرام: حقيقة البر هو الكمال المطلوب من الشيء والمنافع التي فيها والخير
  • بلدان تحلو فيها تمضية العمر
  • الحق في الدواء: منظومة التتبع الدوائي خطوة تاريخية لمواجهة السوق السوداء والتهريب