سليمان منصور.. بين الريشة والطين: إبداع مقاوم يروي مآساة وأمل فلسطين
تاريخ النشر: 11th, August 2025 GMT
وكأنه على موعد مع النكبة، ففي العام 1947 الذي أصدرت فيه الأمم المتحدة قرارها بتمزيق وطنه فلسطين وتقسيمها إلى دولتين، وُلد في بيت جالا قرب بيرزيت طفلٌ للفلسطيني خليل منصور.
انطلقت أولى صرخات هذا الطفل مع دوي صفارات الحرب في فلسطين، والتي بلغت ذروتها مع الأعمال الإرهابية في المناطق التي احتلها اليهود، بقتل الآلاف من الفلسطينيين العزل وطرد ما يقرب من 800 ألف فلسطيني (أو نصف سكان فلسطين العرب)، لينتهي المطاف بهم بلا وطن أو مشردين، هم وأحفادهم الذين ما زالوا بلا دولة وفي مخيمات اللاجئين.
ومنذ هذا التاريخ، ارتبط ميلاد الفنان سليمان منصور بمأساة شعب كامل، حتى شب واستطاع أن يترجم أحزان هذا الشعب بريشته التي دأبت على رسم ابتسامة الأمل على الشفاه الحزينة، وبألوانها الزاهية المتحدية، رسَمَ العباءة والكوفية الفلسطينية والأزياء الشعبية والثوب والتطريز، واستطاع أن يزرع شعار وطنه وعلم فلسطين في قلب كل إنسان، عربيا كان أو أجنبيا.
ولم تمر سوى أشهر قليلة على ميلاد الطفل سليمان خليل منصور، حتى اكتملت أركان النكبة على كامل التراب الفلسطيني، وبعد 25 خريفا دشن لوحته الأشهر "جمل المحامل"، التي أصبحت "أيقونة" للنضال وعنوانا للمأساة الفلسطينية، وأصبحت الأيقونة تُطبع وتوزع بملايين النسخ وتُعلق على كل جدران المنازل، يقتنيها كثير من الفلسطينيين والعرب في الوطن والمنفى وبلاد المهجر.
الفنان سليمان منصور فنان تشكيلي ونحات فلسطيني، يُعد من أشهر الفنانين التشكيليين العرب في العالم، استطاع أن يؤسس أرضية جديدة للفنون الجميلة في الضفة الغربية، من خلال رسوماته ولوحاته ومنحوتاته التي عبرت عن المأساة الفلسطينية في كل أطوارها. وهو أيضا رسام كاريكاتير محترف نشر رسومه بين عامي 1981 و1993 في جريدة الفجر الأسبوعية الإنجليزية التي كانت تصدر في القدس سابقا.
إعلانترأس منصور رابطة الفنانين الفلسطينيين بين عامي 1986 و1990، وشارك في تأسيس مركز الواسطي للفنون بالقدس الشرقية عام 1994، وتولى إدارته خلال عامي 1995 و1996، وكان من المؤسسين الأوائل للأكاديمية الدولية للفنون في فلسطين عام 2004 في رام الله وعضوا بمجلس إدارتها. كما درّس الفن في العديد من الهيئات الثقافية والجامعات في كافة أنحاء الضفة الغربية، بما فيها جامعة القدس.
سافرت أعمال سليمان منصور لتُعرض في كثير من أنحاء العالم العربي والولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، وكانت له مساهمة مميزة في معرض "ربيع فلسطين" الذي استضافه معهد العالم العربي في باريس عام 1997. وفي العام التالي، وخلال بينالي القاهرة، فاز بجائزة "النيل الكبرى" تقديرا لعمله "أنا إسماعيل".
الفنان الفلسطيني سليمان منصور، وهو يخطو نحو عامه 78، تتذكره الميديا العربية والعالمية من جديد بعد أن كرمته مصر ومنحته "جائزة النيل"، أرفع جائزة مصرية تمنح للمبدعين والمثقفين العرب. وبمناسبة فوزه بجائزة النيل للإبداع، كان "للجزيرة نت" معه هذا الحوار.
في البداية قال الفنان سليمان منصور: "أود أن أشكر لجنة الجائزة على اختياري، وأعتبر هذا الاختيار شرفا كبيرا، كما أود أن أشكر مصر وشعبها العظيم لدعمهم التاريخي لقضية الشعب الفلسطيني في كل المجالات، وخاصة في المجال الثقافي".
أعتقد أن هدف إسرائيل من كل ممارساتها الإجرامية في غزة هو إشعار الناس باليأس والإحباط وكسر روح المقاومة لديهم، وهنا تكون الهزيمة التي توصلهم إلى السيطرة التامة على الناس وكسر إرادتهم، وعلى الأغلب تهجيرهم. وأرى أن إسرائيل تسعى لهذا، لأن أي شعور بالأمل عند الفلسطينيين يجعلهم يقاومون ويصمدون ويتمسكون بالأرض.
بعض الفنانين ينتجون لوحات فنية تعكس ممارسات الإسرائيليين من مشاهد قتل وتشويه وعذاب، وهذا يصب في جهد الإسرائيليين لقتل أي شعور بالأمل. وأنا، كمراقب لما يجري في غزة مثل أي شخص في العالم، أتأثر بالصور القادمة من هناك. في بداية الأمر رسمت بعضها، ولكن ما إن انتهيت من اللوحة حتى شعرت باليأس والإحباط والذعر، وليس هذا ما أصبو إليه في أعمالي الفنية، لذا أنجزت بعض الأعمال الرمزية التي لا تعكس الذعر في غزة.
وأعتقد أنه بعد أن يمر بعض الوقت، تختمر الأفكار وتخرج أعمال أفضل، فالفن انفعال ذاتي، ولكنه في النهاية يحتاج إلى وقت حتى ينصهر في بوتقة الزمن. وأفضل القصص واللوحات التي خلدت فظائع الحرب العالمية الثانية لم تكتب أثناء الحرب، بل كتبت أو رسمت بعد انتهاء الحرب وليس خلالها.
هل تفضل أن ينظر إليك "كفنان فلسطيني مقاوم" أم "كفنان إنساني يحمل رسالة عالمية"؟أفضّل أن يُنظر إلي كفنان فلسطيني، لأن هذه هي الحقيقة، ولقد أثبتت الأحداث أن قضية فلسطين قضية عالمية تهم كل الناس الذين يهمّهم العدل ويكرهون الظلم والتنمر. فيكفيني أن أكون فنانا فلسطينيا وفقط، لأنني بذلك أكون فنانا إنسانيا يحمل رسالة عالمية.
خلال فترة الاحتلال وقبل عام 1994 كان نشاطنا الفني مراقبا، نُمنع من الرسم بألوان معينة مثل ألوان العلم الفلسطيني، ونُمنع من تأسيس كليات للفنون، كما نُمنع من تأسيس متاحف لأنها كانت معرضة للمصادرة.
بعد عام 1994 أصبح العمل الفني أكثر حرية وأمنا، ولكن من ناحية أخرى أصبح التواصل مع أجزاء الوطن صعبا، فمثلا فنانو منطقة جنين ليس من السهل أن يشركوا زملاءهم في رام الله في معارضهم، وهذا ينطبق على كل المناطق. بل كان من الصعب أيضا عقد اجتماعات عامة لتنظيم العمل الفني النقابي، كما أصبح نقل الأعمال الفنية صعبا ليس فقط داخليا، ولكن أيضا عند الشحن للخارج، وخاصة عند استرداد اللوحات من الخارج.
يمكن للفن أن يخلق فضاء حرا، ولكن ضمن منطقة محدودة. كما لا يوجد سوق فني جاد، وإنما عدد قليل من المقتنين. كما أن عدد الوظائف التي تدعم الفنانين قليل جدا، لذا فإن الفنان يضطر للعمل في مجالات لا علاقة لها بالفن، ويتوجه غالبية الخريجين إلى تدريس الفن في المدارس.
كثير من الفنانين الفلسطينيين عاشوا في المنافي.. هل ترى في المنفى حافزا أم عبئا؟العيش في المنفى يساعد الفنان على الخروج من سطوة الاحتلال وأفعاله وردود الفعل على هذه الحالة، ويساعد الفنان في تطوير أعماله والاستفادة من التجارب الفنية التي تقع من حوله. وأحيانا، كمن يراقب الأمر عن بعد، فإن عمله الفني وتوجهه السياسي يكون أشمل وأشد، كما في أعمال ناجي العلي على سبيل المثال.
هل ترى أن هناك مدرسة تشكيلية فلسطينية متميزة، أم أن الفن الفلسطيني لا يزال جزءا من تيار عربي أوسع؟الفن الفلسطيني لا يشكل سوى رافد صغير في الفن العربي ككل، فنحن شعب عددنا قليل نسبيا، ونعيش ملهاة البحث عن الأمان ولقمة العيش والتواصل بين أجزائه المتنوعة والمقطعة، ونعيش مناخا لا يعكس سوى الحصار والرقابة المشددة، فلا يوجد لدينا سوى شبه سوق فني وثلاثة معارض، ولا يوجد نقد فني ولا دعم من الدولة.
سمح لنا الاحتلال مؤخرا بتأسيس كليات فنون فقط، وكل جهد نقوم به لتطوير الحركة الفنية يواجِه الفشلَ في نهاية المطاف بسبب قلة الموارد المالية. وفي ظل هذه الظروف، أعتقد أن الفنانين الفلسطينيين أبطال، لأنهم استطاعوا أن يؤكدوا وجودهم على الساحة الفنية العربية.
الفن الفلسطيني جزء من الفن العربي الواسع، ولكن له خصوصيته من خلال تركيزه على القضية الوطنية ورموزها، وعلى الهوية الوطنية ورموزها، وعلى رأسها الأزياء الشعبية والثوب والتطريز. كل هذه الأمور تعطي خصوصية معينة، وليست بالضرورة خصوصية جيدة فنيا، لكنها تظل خصوصية.
التراث الفلسطيني حاضر بقوة في أعمالك: الثوب، المفتاح، الكوفية، البيت القروي.. ما الذي يعنيه لك التراث؟اهتمامي بالتراث كان بسبب اهتمامي بموضوع الهوية، وهو الأمر الذي شغل الحركة الفنية الفلسطينية بعد النكبة، وردا على المحاولات الصهيونية المكثفة لإنكار وجود الشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل ومؤيديها من حكومات الغرب، خاصة في السبعينيات ولغاية اليوم.
واستفاد الفنانون الفلسطينيون في بحثهم عن عناصر بصرية جديدة من فنون المنطقة القديمة، كالفن الكنعاني، تأكيدا على الهوية. وذهبوا ثانيا إلى الفنون الإسلامية، وخاصة الخط العربي والزخارف النباتية والهندسية. وثالثا، اعتصامهم بالتراث أغنى هذه المصادر. ورابعا، المشهد الطبيعي، ويشمل العمارة الشعبية والمناطق الزراعية وأثر الفلاحين فيها بما تحويه من أشجار مختلفة كالزيتون والبرتقال، ونباتات كالصبر، وأزهار برية، وطيور مثل طائر الشمس الفلسطيني، والحيوانات مثل الحصان والحمار والماعز والقط والكلب، وأحيانا الذئب، وهكذا.
قضيت فترة الطفولة والمراهقة في مدرسة داخلية في بيت لحم، ومثل كل الأطفال لم أستفد من حصص الفن في شيء، حتى ساق لي القدر أستاذا ألمانيا انتبه إلى موهبتي، وصار يساعدني ويوفر لي كل ما يلزم لتطوير هذه الموهبة. وكانت البداية عندما حفزني للمشاركة في مسابقة فنية لأطفال العالم من خلال الأمم المتحدة، وكانت المفاجأة أن فزت بالجائزة الأولى، وطبعت لوحتي على غلاف كتالوج المسابقة، وحصلت على مكافأة بقيمة 200 دولار.
كانت هذه الجائزة نقطة تحول كبيرة في حياتي وفي توجهي نحو الفن، والتحول الثاني كان مع هزيمة 1967، إذ رغم فداحة هذه الحرب على المستوى القومي العربي، فإنها منعتني من السفر إلى الولايات المتحدة للدراسة وربما للهجرة، فالتحقت بكلية الفنون في القدس الغربية، وبدأت حياتي تأخذ منحى آخر لم أخطط له كثيرا. وأستطيع القول إن بقائي في فلسطين أثر كثيرا في توجهي الفني وخياراتي الثقافية والسياسية وحياتي بمجملها.
هذا التحول، كيف استثمرته لتصبح فنان الشعب الذي تحتضن رسوماته كل جدار في أرض فلسطين وفي بلاد المنفى؟كان التحول نتيجة ممارسات ظالمة ضد شعب فلسطين، ممارسات عشتها ورأيتها بعيني، ومن خلال النشاط الفني وزيارتي للكثير من المعارض بداية السبعينيات من القرن العشرين، ربطتني صداقة قوية بعدد من الفنانين التشكيليين، منهم: نبيل عناني، وفيرا تماري، وبشير السنوار، وعصام بدر، وكامل المغني، وأسسنا رابطة الفنانين التشكيليين في الأرض المحتلة، وكانت هذه نقطة محورية أخرى ساهمت في بلورة أسلوبي وتوجهي الفني.
عقدنا العديد من المعارض الفنية، وكنا نلتقي بالجمهور المتعطش للفن، وأشعرتنا هذه اللقاءات والنقاشات بأهمية الفن في تعبئة الناس، وهذا الشعور قادنا إلى التفكير في الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الشعب الفلسطيني، خاصة في الريف والمخيمات.
ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف، طبعنا أعمالنا الفنية في ملصقات (بوسترات) يسهل حملها وتوزيعها في كل مكان، وكانت هذه محطة أخرى في مشواري الفني، إذ أدت إلى تعريف واسع بالفنانين وإنتاجهم الفني.
وكانت لوحة "جمل المحامل" من أول الأعمال التي طبعت وانتشرت بشكل واسع، وحولنا هذا النشاط إلى شخصيات ثقافية معروفة ومحبوبة، ولكن من ناحية أخرى لفتت انتباه سلطات الاحتلال إلينا وإلى نشاطنا الفني، وبدأت سلسلة من ردود الفعل كمصادرة البوسترات، ثم مصادرة أعمال فنية، واعتقال فنانين، وإصدار قوانين مختلفة تحرم العرض الحر، بل حتى تمنع استعمال ألوان العلم الفلسطيني (الأحمر والأخضر والأبيض والأسود). وكانت الصحف المحلية وبعض الصحف الأجنبية تنقل أخبار هذه الممارسات، الأمر الذي أدى إلى حملة تضامن من فناني دول كثيرة في العالم.
هذا الاهتمام الواسع، بالإضافة إلى شعورنا بمحبة وتقدير الجمهور الفلسطيني لنا، جعلنا نتعامل مع إنتاجنا الفني بجدية واحترام كبيرين.
يقول الفنان التشكيلي والنحات الفلسطيني سليمان منصور: حاولت عام 1971 رسم الحمال في أزقة القدس، حيث كان الحمال جزءا من مشهد القدس القديمة. وفي عام 1973 تطورت لوحة الحمال إلى شخص يحمل القدس على ظهره، وبوسطها قبة الصخرة. حذفت كل المؤثرات البصرية التي قد تشوش على الفكرة، وأصبح الحمال يسير في فراغ تام والقدس على ظهره.
في البداية، شعرت أن اللوحة التي أنجزتها مجرد عمل فني جميل وقوي، وظننت أنها ستمر كأي لوحة سبقتها أو لحقت بها، ولم أحلم أن يكون لها كل هذا الصدى والاهتمام فلسطينيا وعربيا. ومع مرور الوقت، أصبحت رسمة الحمال موضوع نقاش بين الفنانين والصحفيين وحتى السياسيين، وبدأت رموزها تتضح لي شيئا فشيئا، وترسخت قيمتها بمرور السنين.
هل كان "الجمل" في اللوحة رمزا لفلسطين وحدها، أم لحامل القضية الفلسطينية أينما كان؟"الجمل" يمثل في رأيي كل إنسان فلسطيني، وكل امرأة فلسطينية؛ فهو -أو هي- يحمل هم القضية، خاصة إذا كان مهاجرا يحمل ذكريات أرضه وأهله وهموم الوطن صباح مساء. أما الذي يعيش في الداخل الفلسطيني، حيث الأرض محتلة، فهو مهدد بالتهجير وقطع الرزق والسجن والاضطهاد.
إعلانولعل السر في انتشار "جمل المحامل" حتى أصبح على جدران كل بيت فلسطيني في الداخل أو الشتات أو المنفى، يرجع -في اعتقادي- إلى أنه يمثل كل أبناء الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجدهم.
لماذا اتجهت للعمل في الصحافة؟ ألم تخش أن تتآكل موهبتك الفنية في ظل العمل اليومي؟مع بداية الثمانينيات، اتجهت للعمل في مجال الصحافة الأجنبية، خصوصا في الرسوم المرافقة للمقالات. حينها أدركت قدرة الفن على التأثير في القارئ الأجنبي أحيانا بشكل أسرع وأعمق مما تتركه المقالات السياسية الطويلة والمكررة.
ترسخ لديّ إيمان قوي بأن الفن -سواء كان أدبا أو موسيقى أو سينما أو فنا تشكيليا- قادر على مخاطبة قلوب البشر بعمق أكبر من الخطب والمقالات السياسية، وأن أثره يمكن أن يستمر ويؤثر في النفس الإنسانية لفترات طويلة، بشرط أن يحترم الفنان جمهوره. فالفن الحقيقي لا يكذب أبدا، والفن الصادق، كالمعدن النفيس، لا يفقد بريقه ولا يمكن تزييفه.
في مواجهة العنف انتبهتَ مبكرا لموضوع الهوية والدفاع عن الأرض، متى اكتشفت أن الفن يمكن أن يكون وسيلة مقاومة؟خلال الانتفاضة الأولى، كان شعوري مثل غيري من الفنانين بالعجز عن المنافسة في مواجهة طوفان الصور الفوتوغرافية التي تتابع الحدث لحظة بلحظة وتغرق الميديا العربية والعالمية بسيل من الصور الفورية.
كنت أرى الانتفاضة وهي تشتد وتقوى في مواجهة آلة العنف والقتل وتكسير العظام، ورأيت الانتفاضة تحمل معها فلسفتها في الاعتماد على الذات، وكانت الدعوة قوية إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية. شعرت حينها بضرورة الدخول في تجارب فنية جديدة لم تكن لدينا الشجاعة للقيام بها سابقا.
وتجاوبا مع استدعاءات انتفاضة الحجارة عام 1987، أسستُ بالاشتراك مع أصدقائي الفنانين فيرا تماري وتيسير بركات ونبيل عناني مجموعة "نحو التجريب والإبداع"، وهي مبادرة أطلقت ردا على أحداث الانتفاضة الأولى (1987 – 1993).
ومن خلال مقاطعة الألوان والأدوات التقليدية التي كانت إسرائيلية في معظمها، أو مستوردة عن طريق تجار إسرائيليين، كان لا بد من البحث عن مواد خام محلية، وبهذا العمل ربطنا الفن وصناعته بالأرض والنضال.
استخدمنا مواد طبيعية مثل القهوة والحنة والطين، واستطاعت مجموعتنا الفنية أن توثق مرحلة هامة من تاريخ الفن الفلسطيني، حيث لم يعد الفن مجرد تعبير عن السياسة، بل أصبح الإنتاج الفني بحد ذاته فعلا سياسيا.
كانت هذه التجربة ضرورية للربط بين الفن الفلسطيني ما بعد النكبة وبين الفن الفلسطيني المعاصر، وكفنان رأيت أن الفن الفلسطيني في مفترق طرق، وأن الفرصة باتت مواتية لأن أعتمد على نفسي في التجريب والاكتشاف. واستطعت -من خلال مجموعة من الأعمال استخدمت فيها الطين مادةً فنية عبر صب طبقات من الطين وتشكيل تركيبات تصويرية داخل إطار خشبي- إنتاج سلسلة من الأعمال بدأتها عام 1996 بعنوان "أنا إسماعيل".
عدم عرض أعمالي في الخارج نابع من عدم فهم منظمي المعارض للتعامل المحترم مع العمل الفني ومع الفنان. كثير من أعمالي وأعمال زملائي فُقدت في معارض بالخارج ولم تعد للفنان، وإذا عادت تكون بحالة سيئة. ومؤخرا قلّ إنتاجي كثيرا بسبب المرض، ولا يوجد ما يكفي لعمل معارض في الخارج، بالإضافة إلى أن أولادي يريدون الاحتفاظ بما أنجزته الآن، وهم ليسوا في حاجة لبيع شيء من أعمالي في الوقت الحالي.
كيف ترى الحركة الفنية التشكيلية بين عرب 48؟ هل هناك أصوات فنية متميزة بينهم؟ وإلى أين يتجهون؟الحركة الفنية في مناطق عرب 48 متأثرة جدا بالفن الغربي والإسرائيلي، ويوجد عدد منهم على مستوى فني عظيم.
الأجيال الجديدة من الفنانين يحملون بالطبع شعلة المقاومة، ولكن بطريقتهم الخاصة، وهذا حقهم وواجبهم باكتشاف وسائل جديدة تتلاءم مع زمنهم. الأدوات الفنية اختلفت عند هذا الجيل، وأصبحت الكاميرا والفيديو والكمبيوتر والطباعة ثلاثية الأبعاد كلها وسائل عصرهم، وأشياء كثيرة لم يحلم بها جيلنا. كما أن تطور وسائل التواصل وثورة الإنترنت فتحت باب المعرفة عندهم على مصراعيه، وبالتالي باب المؤثرات والتأثيرات المختلفة، السيئة والجيدة. لهذا كان لا بد لفنهم أن يختلف، وهذا الاختلاف يُفسَّر أحيانا بقلة الانتماء إلى القضية، وهذا خطأ كبير في رأيي.
هل تخطط لكتابة مذكراتك أو إصدار سيرة فنية توثق هذه التجربة الفنية الفريدة؟الآن تتم عملية التدقيق اللغوي لكتاب عن سيرة حياتي منذ الطفولة حتى اليوم، ومن المتوقع أن تصدر هذه المذكرات في كتاب خلال ثلاثة أشهر.
أي لوحة أحب إلى قلبك بعد لوحة "جمل المحامل"؟سؤال محرج، فأنا مثلا أحب أجزاء من عمل معين وأكره أجزاء من أعمال أخرى، وأحب عملا معينا في فترة زمنية وأكرهه في فترات أخرى. القضية ليست بهذه السهولة كالأبيض والأسود، فمثلا: جمل المحامل كنت أكرهها في البداية لأنها وضعتني في شبه سجن فني ومنعتني من المغامرة، وهذه من مُتع العملية الفنية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات اجتماعي الفنانین الفلسطینیین الشعب الفلسطینی الفن الفلسطینی الحرکة الفنیة من الفنانین فلسطینی فی موقع الفن کانت هذه أن الفن من الفن ما الذی من خلال کثیر من الفن فی لا یوجد فی غزة
إقرأ أيضاً:
الحزن يسيطر على أحمد عيد في عزاء سيد صادق.. صور
رصدت عدسة “صدى البلد”، صورا للفنان أحمد عيد في عزاء الفنان سيد صادق ظهر الحزن على وجهه.
وتستقبل أسرة الفنان الراحل سيد صادق العزاء بمسجد الشرطة بالشيخ زايد قاعة الرزاق حيث أقيمت جنازته أمس الجمعة.
وحرص على الحضور الفنان اشرف زكي نقيب المهن التمثيلية ، ادوارد و أحمد عيد ، رامز جلال و العديد من نجوم الفن.
يذكر أن وفاة سيد صادق أعلن لؤي سيد صادق، نجل الفنان سيد صادق، وفاة والده عن عمر ناهز 80 عامًا.
وكتب لؤي، عبر حسابه على “فيس بوك”: “إنّا لله وإنّا إليهِ رَاجعُون.. توفي إلى رحمة الله الراجل العظيم والدي (سيد صادق)".
أعلن لؤي سيد صادق، نجل الفنان سيد صادق، وفاة والده عن عمر ناهز 80 عامًا.
رحل صباح أمس الجمعة الفنان سيد صادق، الذي يعد واحد من ابرز الفنانين الذين قدموا الأدوار الثانوية علي الشاشة.
سيد صادق من مواليد عام 1945، حصل على دبلوم من إحدى المدارس الثانوية. عمل منذ بداياته فى الأدوار الثانوية، وساعده تكوينه الجسماني على أداء دور الشرير، أو رجل الأعمال الخارج عن القانون.
عمل بالسينما والتلفزيون، ومن أهم أعماله السينمائية دوره في فيلم حسن ومرقص و كدة رضا والامبراطور و فوزية البرجوازية، أما التلفزيون فقدم عدد من الاعمال ومنها في مسلسل فرقة ناجي عطا الله ويتربى فى عزو والنساء قادمون و الحقيقة والسراب.
كان الفنان سيد صادق يملك محل لبيع قطع غيار السيارات بمنطقة وسط البلد، حيث لم يكن يعتمد على التمثيل بشكل اساسي.
وعن هذا الأمر قال الفنان سيد صادق: في لقاء لموقع صدى البلد : “ الحمد لله الفن قدم ليا تكريم و تقدير كبير ، لكن عملي في التجارة هو الأمان و السند طوال فتره الغياب عن الوسط الفني و الحمد لله انا عايش و مبسوط الحمد لله”.